ظهر للسطح كتاب يسلط الضوء على أهمية صحة السياسيين العقلية والبدنية عند اتخاذ القرارات، هو للسياسي الطبيب البريطاني (دافيد أوين)، بعنوان (مرض من كان في السلطة ). وقصة الأمراض عجيبة فلولا المغناج يوجينيا وولي عهدها مع مرض زوجها نابليون الثالث، لربما لم تنفجر حرب 1870 بين ألمانيا بسمارك وفرنسا ولما مات 170 ألفا من الأنام، وربما انقلبت محاور التاريخ على نحو مختلف، فالأقدار العجيبة تفعل، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ..ودفيد أوين كان قد عني منذ تخرجه من كلية الطب في عام 1962م بهذا الموضوع وكان محط اهتمامه؛ فبعد أربع سنوات فقط من ممارسته مهنة الطب وإجرائه بعض البحوث عن كيمياء الدماغ اختير نائباً في البرلمان البريطاني عن حزب العمال، مرشحاً من دائرته في منطقة بلايموث سوتون شمال غرب الجزيرة البريطانية. ولفترة وجيزة حاول أوين الجمع بين العمل البرلماني وبحوثه في مجال الطب، ولكنه في عام 1968م قرر ترك مهنة الطب التي لم يعد إليها مطلقاً. بعدها عمل أوين وزيراً للصحة، ثم وزيراً للخارجية ورئيساً للحزب الديمقراطي الاجتماعي، ثم مديراً لجامعة ليفربول وعضواً في مجلس اللوردات. وفي السنوات الست التي قضاها في مهنة الطب تعرف أوين إلى عدد من الأطباء الذين كانوا يعالجون كبار السياسيين، ولاحظ على الفور الضريبة التي يفرضها العمل السياسي على الشخصيات العامة. وهكذا بدأ يهتم بالعلاقة بين الصحة والسلطة، وهو الاهتمام الذي بلغ ذروته عندما اكتشف ما ألهكه أن يصدر كتابا بعنوان (متلازمة هوبريس). وتتركز الفكرة التي يدور حولها هذا الكتاب في أن تولي السلطة يتسبب في تغيرات في الحالة العقلية والسلوكية للشخص، وأن هذه التغيرات ليست مجرد تغيرات في السمات الشخصية للفرد، بل هي حالة مرضية أطلق عليها المؤلف اسم (متلازمة هوبريس)، ومن ثم يصل الكتاب إلى نتيجة مؤداها أن المرض العقلي ينبغي إعادة تعريفه ليشمل هذه الحالة. وفي هذا الكتاب الذي أصدره بعنوان (المرض في السلطة) ينظر المؤلف في حالات معينة ساهمت فيها الإصابة بأمراض معينة، في تشكيل عديد من القرارات الكبيرة لبعض قادة العالم في القرن العشرين. ويتناول الكتاب بالشرح حالات أربعة سياسيين عانوا من أمراض أوهنت قدراتهم على اتخاذ القرار السليم في ظروف الأزمات، وهؤلاء السياسيون هم رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، الذي عانى من إصابة المسالك المرارية أثناء أزمة السويس في عام 1956م، والرئيس الأمريكي جون كنيدي الذي أصيب بمرض الغدة الدرقية خلال أزمة خليج الخنازير في عام 1961م، وشاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي أصيب بسرطان الدم في السنوات الأخيرة من حكمه، والرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، الذي كان يصارع سرطان البروستات في الفترة بين عامي 1981م و1995م.