لم تتوقع سيدة سعودية (37 عاماً) نزيلة في مركز التأهيل الشامل بمنطقة عسير منذ 22 عاماً، أن تتعرض للاعتداء الجسدي من قبل موظفتين في المركز. وعند التحقيق معهما أنكرتا الحادثة وزعمتا أن السيدة تعاني من التشنج وأنها سقطت على الأرض. وكشف شقيق السيدة أن شخصاً مجهولاً أبلغهم أن ابنتهم تعرضت للضرب وترقد في مستشفى عسير المركزي, من ثم أخذت القضية منحى آخر وتم القبض على الموظفتين المتهمتين وتم رفع يديهما عن العمل وإيقافهما داخل المركز. من جهته, أكد مدير مركز التأهيل الشامل للمعاقين بمنطقة عسير صالح الزهيري تعرض السيدة للضرب من قبل عاملتين وجهت إليهما أصابع الاتهام وهما من إحدى الجنسيات "الآسيوية". وأضاف أن السيدة تعرضت للضرب أثناء انشغال المشرفات بالمركز بمهامهن اليومية، منوهاً أن العاملتين تم توقيعهما على إقرارات تتضمن اعترافاتهما، حيث أشارتا إلى أن المعاقة لديها (تشنجات) أدت إلى سقوطها. وأكد أن إدارة المركز حجزتهما داخل المركز لضمان تواجدهما وأوقفتهما عن العمل حتى انتهاء التحقيقات، ولاسيما أن الآثار التي تعرضت لها المعاقة، تؤكد عكس أقوالهما لأن السيدة تعاني من كدمات ورضوض في أكثر من مكان في جسدها. وتمت إحالة القضية بالكامل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام (دائرة الاعتداء على النفس) لأخذ أقوال الموظفتين وتصديقها، ومعرفة أسباب اعتدائهما على الفتاة ومن شاركهما في هذا الجرم. السيدة التي تعاني من إعاقة ذهنية وجسدية لم تتمكن من النطق بالحقيقة والإفصاح عما تعرضت له، بعد إنكار العاملتين أنهما اعتدتا عليها، رغم أن الشواهد الطبية تؤكد تعرضها للعنف والاعتداء. وكان شخص مجهول أطلق على نفسه صفة "فاعل خير " اتصل على هاتف ذوي الفتاة، ليبلغهم بأن ابنتهم تعرضت للاعتداء وأنها ترقد في مستشفى عسير منذ أربعة أيام، وأن هناك من يسعى لجعل الأمر يبدو وكأنه مجرد حادث تعرضت له ابنتهم المعاقة, وأنه في حال سكوتهم فلن يتم اتهام أحد في القضية. إدارة مركز التأهيل الشامل كان لديها علم بعناوين ذوي الفتاة ولكنها لم تتصل بهم لإخبارهم بما تعرضت له ابنتهم, وبرر مدير المركز ذلك بقوله إن "بيانات وعناوين ذويها قديمة ولم تحدث منذ 6 أشهر، وأن إدارة المركز هي التي تقوم مقام ذويها". من جهته, سرد شقيق الفتاة أحمد بن فلاح الشهراني ل"الوطن" تفاصيل القصة، موضحاً أن أخته تعاني من إعاقة ذهنية وجسدية منذ الولادة، وتمت إحالتها إلى مركز التأهيل الشامل في أبها منذ 22 عام، وأنه يقوم بزيارتها هو وأسرته من فترة إلى أخرى، مؤكداً أنه قام بتحديث بياناته وأرقام الاتصال به وبأحد أشقائه، قبل 6 أشهر حيث تمت تعبئة كرت الزيارة وتسليمه للموظفين، وتتضمن جميع أرقام هواتف النقال والهواتف الثابتة. وحول قضية الاعتداء على شقيقته، أوضح الشهراني أن الاعتداء حدث الثلاثاء الماضي داخل المركز، وتم نقلها إلى مستشفى عسير المركز، وإدخالها الطوارئ وتنويمها وإجراء التحقيقات الأولية، دون أن تقوم إدارة المركز بالاتصال على الهواتف الأرضية أو هواتفهم النقالة التي تم تزويد المركز بها، مشيراً إلى أن علمه بقضية شقيقته كان عن طريق "فاعل خير"، حيث قام شخص بالاتصال على هاتفه الجوال الجمعة الماضية قائلاً له "الحق أختك بمستشفى عسير ولا راح يضيع حقها". وبين الشهراني أن حالة شقيقته الصحية زادت سوءاً، لكونها معاقة في الأساس وتحتاج للرعاية والاهتمام، إلا أنها تعرضت للاعتداء من أيدي من كانت تنتظر منهم الرعاية والحنان، منوهاً أن والدته أصرت على البقاء معها بالمستشفى ومرافقتها. وفتحت شرطة عسير ملف تحقيق للقضية, وبين المتحدث الرسمي باسم شرطة عسير العقيد عبدالله القرني ل"الوطن" أن مركز شرطة شرق أبها استقبل بلاغ تعرض الفتاة للاعتداء، وتم فتح التحقيق وتم استدعاء المشرفات في المركز وسماع أقوالهن. وأضاف أن التحقيقات أكدت وجود كدمة تحت عين الفتاة، وتم إحالة الفتاة إلى المستشفى لإجراء الكشف الطبي بشكل موسع، وتم تحويل ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لتحديد الإدانة والتوسع في القضية أكثر. ونفى الزهيري أن يكون قسم (الإناث) بالمركز قد رفع لإدارة المركز، تقريرا يؤكد تعرض الفتاة للسقوط فقط، منوهاً إلى أن التقرير الذي رفعه القسم يتضمن إشعارا بأن الفتاة سقطت مع إمكانية تعرضها للاعتداء من قبل العاملات، وأن جميع المشرفات كنّ بالمركز يؤدين عملهن الخاص بالجولات داخل المركز، مما دعا بعض العاملات لاستغلال الفرصة والاعتداء على الفتاة. وأكد الزهيري أن المركز حريص على جميع نزلائه من (معاقين ومعاقات)، وأن هناك متابعة دقيقة لجميع العاملات والمشرفات، لقياس مدى أدائهن للعمل وتقديمهن الخدمة لمن يعتبرهم في (الذمة) لأكثر من 500 نزيل ونزيلة. ولم تسجل هيئة حقوق الإنسان بمنطقة عسير أي محضر يؤكد وقوف الهيئة على حالة الفتاة، وأكد مصدر في الهيئة أن إدارة الشكاوى لم تتلق أي شكوى بخصوص الفتاة. وحصلت "الوطن" على صورة من تقرير طبي صادر من مستشفى عسير المركزي يؤكد أن المريضة تعرضت للاعتداء، وتعاني من عدة كدمات بالرأس والوجه ولزم تنويمها لمعاينتها من قبل الأطباء المتخصصين في الطب والأعصاب.