أبادر فأقول لكيلا يتهمني أحد بالتعصب ضد السود، بأنني من أصل أفريقي زنجي ولكنني أبيض اللون لأن دمائي اختلطت بالدماء التركية، وقد خرجت اليوم من المستشفى في باريس بعد أن مكثت فيها خمسة أيام خضعت فيها لعملية جراحية، وقد لفت نظري التفرقة بين الممرضات، فالأعمال الشاقة والتي نسمها عادة بالمهانة تقتصر على الممرضات السود وذلك مثل تنظيف الغرفة وتنظيف جسم المريض، وحلق شعره في الأماكن الحساسة والتي تعتبر عورة قبل العملية، بينما الممرضات البيض لا يقمن بهذه الأعمال، أي أن التعصب ضد السود ووسمهم بالقبح والحقارة والغباء والعبودية ما زال على أشده والذي صوره المتنبي بقوله: «إن العبيد لأنجاس مناكيد» وعبَّر عنه شاعر حديث لا أذكر اسمه بقوله: «وأنت يا زنجية الضمير» ويتضح من سياق القصيدة أنها بغي، وقبل أيام طالب عضو في الكونغرس الأميركي بعدم السماح للسود بالانجاب لأنهم السبب في كل الجرائم التي تُرتكب ضد الإنسانية، ولوي أرمسترونج الزنجي ملك الجاز المعروف بساتشمو، والذي اشترت الحكومة الأميركية شقته في نيويورك وحولتها إلى متحف وطني له أغنية يقول فيها: «لماذا أنا منبوذ هل لأنني أسود مع أن دخيلتي بيضاء»، على أن هذه النظرة الدونية للسود حديثة، فالقدامى كانوا يقرنون السواد بالخصوبة (سواد العراق) ويقرنون البياض بالعقم والموت، والقمر لأنه عقيم إذ لا إشعاع له فهو يعكس ضوء الشمس كان يطلق عليه: «حارس المقابر»، وللشاعر النوبي الأسمر أمل دنقل قصيدة مشهورة بهذا المعنى عنوانها: «ضد من» يقول فيها: في غرف العمليات كان نقاب الأطباء أبيض لون المعاطف أبيض ...... بين لونين استقبل الأصدقاء الذين يرون سريري قبراً وأرى في العيون العميقة لون الحقيقة لون تراب الوطن والعيون العميقة سوداء، ولون تراب الوطن الخصيب أسود والسرير مغطى بملاءة بيضاء، والفراعنة الذين أسسوا أول حضارة إنسانية كانوا أفارقة سود، وقد قرأت في بعض الكتب أن نوحاً عليه السلام كان أسود اللون، وللشاعر الانجليزي بليك