النقد إحدى وسائل تصحيح المسار والبحث عن الأفضل، وكثيرا ما رأينا آراء نقدية أدت في النهاية إلى إسعاد المتضررين أو الغيورين على المصلحة العامة، وتحقيق ما يطلبونه أو جزء منه. هذه آلية تعامل لاتزال تأتي أكلها وستبقى طالما صلحت النوايا والتوجهات وأخلص العاملون في أداء كل ما يطلب منهم القيام به مهما اختلفت الجهات أو نوعية الأعمال التي يقومون بها. على الطرف الآخر، نرى أمواج نقد هادرة تفتقد قدرا كبيرا من المعرفة والمهنية، ولعلي هنا أحصر الكلام في كل من ينتقد بلا معرفة بتداعيات وظروف ما يتحدث عنه، ومن هنا تأتي الملامة على أشخاص أو جهات لا ذنب لها وغيرها هو المتسبب. هناك من ينتقد معتمدا على ما شاهده في قناة، أو قرأ عنه في مطبوعة، وهناك من ينتقد معتمدا على مقولة (سمعت) أو ( يقولون). نرى أحدهم يغرد أو يكتب مقالة منتقدا مشروعا أو قصورا في الأداء وتأتي وراءه قوافل من الذين تنطبق عليهن مقولة (مدرعمين) أو يسيرون بلا رؤية واضحة، ويكتبون مؤيدين ومناصرين، كل ذلك لأجل النقد أو لأجل أنهم يعرفون فلانا أو يتابعونه ولا يرضون أن يقال عنه شيء يمس سلوكه أو العمل الذي يقوم به أو الفكر الذي يتبناه. عندما ننتقد لابد لنا قبل كل شيء أن نكون محيطين بالملابسات والظروف المحيطة بالموضوع محل الانتقاد أو الشخص الذي نتحدث عنه. فخلال العديد من الاجتماعات التي شاركت فيها ومن بينها مجلس منطقة الرياض، وعندما نناقش طلب افتتاح أحد المرافق الخدمية في المنطقة نجد أن المشكلة ليست في وزارة أو مصلحة بعينها وإنما هناك جهات ارتباط أخرى لها علاقة قوية ومباشرة وإن إقامة المشروع الخدمي يحتاج إلى مكاتبات واعتمادات معينة قد يطول الانتهاء منها ومع ذلك تبقى الملامة والنقد الجارح موجها إلى الوزارة أو الجهة المعنية بحكم الاختصاص. الكمال مطلب نسعى إلى تحقيقه في كل شيء ولكنه في كثير من الحالات يبقى صعب المنال، ومع ذلك تجدنا ننتقد ونطالب بتحقيقه. سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ تطرق في خطبته يوم الجمعة الماضي إلى نقاط مهمة في كيف يمكن أن يكون النقد، وكيف أنه لن يستطيع أحد أن يقول إني رأيت الكمال. فلا بد من التقصير لأن عقول البشر لا تدرك جميع الأشياء، لكن المؤمن ينظر للمحاسن والسلبيات فلا يُغلّب جانب السلبيات. ويمضي سماحة المفتي فيقول " بعض المغردين هداهم الله يغرد بأشياء بعيدة عن الحقيقة... وينظر إلى قضية واحدة أو موقف واحد سيئ فهذا كله من الخطأ " بارك الله في سماحة المفتي وسدد على طريق الخير خطاه فقد وضع يده على الجرح ووصف له العلاج الناجع.