الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    السعودية وكأس العالم    صوت حياة    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    مكتبة الملك عبدالعزيز وجامعة الأميرة نورة تطلقان معرض الإبل    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    ملك البحرين: علاقاتنا بالسعودية أخوية ومميزة    حل الفصائل.. خطوة سورية على الطريق الصحيح    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريو ما يحدث في بيوتنا يوم العيد.. «النهاية كبدة»!
نشر في الرياض يوم 03 - 10 - 2014

غداً يتنفس صباح العاشر من ذي الحجة إيذاناً للأرض بأن تتلون بالأحمر، الجميع ينتظر هذه اللحظة فالكبار أمسكوا عن تمشيط وحلق شعورهم وقص أظفارهم تعبداً لله، والصغير أمضى وقتاً جميلاً مع رفيقة الجديد «خروف العيد».. آن له أن يودعه. تفز الأم من تعب يوم عرفة وصيامه على تراتيل أذان الفجر الناعسة، لتتأهب ليوم امتزجت فيه رائحة البخور بالدم.. الجميع متأهب ماعدا البنات طبعاً، حيث ما زال يوم الأضحى العيد غير المحبب للإناث؛ لرقتهن المفرطة أحياناً، وهو الأمر الذي أُبتليت فيه «أم محمد» ببناتها، ما عدا الصغرى «فطّوم».
بعد الصلاة
الجميع ذهب لصلاة العيد فالمساجد تكبر والأئمة يخطبون والجميع يبارك، ومع ذلك ما زالت «فاتن» تتوسط فراشها القطن تغط في يوم عميق مخبرة الجميع أنّ اليوم هو يوم غيبوبة، فمنظر الدم الذي انتثر فوق بجامتها وهي طفلة الأربع سنوات لم يفارق عينيها، ومحاولة والدها بأن ينحر صديقها ذا البدلة الصوفية كفيل بجعلها نباتية لمدة عشرين عاماً.. بدأت رائحة القهوة الممزوجة بالهيل تعبق المكان، ورطبات السكري الباردة تستعد لتذوب بفم المعيّدين، افترش السجاد باحة المنزل، وتوسطها «منقد» السمر، طرقات حوافر الخراف على بلاط الحوش ازدادت وكأنها أحست بالأمر، لكنها لم ترتعب كفاية، ف «محمد» قد أسرع بجرها مع قرونها لمكان الذبح، وارتدى أبوه سروالاً وفانيلةً بيضاء باليه، وعصب رأسه بالشماغ؛ استعدادا للذبح، وما هي إلاّ لحظات وصوت سن السكين يسرق الأضواء..»بسم الله والله أكبر» قالها «أبو محمد» مولياً وجه أضحيته للقبلة، لينهال النهر الأحمر بحرارة، فتُركت لدقيقة على الأرض كجريح حرب، قبل أن يبدأ بعدها رفعها لسلخها، والذي عادةً يكون بداية التوتر في العائلة.
سلخ الذبيحة
يصيح «أبو محمد»: «يا ولد هات السلسلة» ليتصادم الأولاد ببعضهم البعض باحثين عن السلسلة التي لم يروها منذ العام الفائت، يصرخ «محمد» في آخر المنزل: «يمه وين السلسة؟»، فترد بعصبية: «وأنا وش يدريني!! تلقاها ورى البيت»، تعلوها ملامح الاستغراب، فهي الملامة دائماً عن إضاعة الأغراض التي تخص زوجها.. يركض الأبناء خلف المنزل يفتشان داخل بقايا سرير متكسر، و»بانيو» استحمام كثر تسربه فخُلِعَ ليجدوا السلسلة وقد صدئت خلفه، أحضراها وهم خائفون من ردة فعل والدهم، ليتمتم «أبو محمد» باستغفار كاتماً غضبه، متذكراً أنّ اليوم عيد.
بدأ الأولاد يحملون الذبيحة إلى مكان تعليقها، ووالدهم يجر السلسة، لكن نحول أجسادهم وصغر أعمارهم حال دون صمودهم لتصطدم الذبيحة بالأرض، وتفلت السلسة المتصدية من يدي «أبو محمد»، ليرتفع لسانه بالشتائم: «ما منكم فائدة يا عيال إبليس، الواحد طولي وعرضي ما يقدر يشيل نملة»، يرددها والزبد يمتلئ بفمه، لكن وجوه أولاده الصفراء جعلته يصمت قليلاً، ليقول بعدها متنهداً: «لا الله إلا الله أعوذ بالله من إبليس»، ليعيدوا الكرة ويبذلوا قصارى جهدهم، متفادين حنق والدهم غير المبرر.
إيقاظ الأخوات
من جهة أخرى، وتحت الستائر الحريرية والتكييف البارد تغط «فاتن» و»حنان» بنوم عميق، لتنتهي هذه الراحة بإغلاق التكييف، وفتح الستائر، وصراخ طفلة تبلغ من العمر عشر سنوات: «أمي تقول قوموا قامت عليكم القيامة».. ف»فطّوم» الابنة الصغرى مختلفة كثيراً عن أخواتها، بل أحياناً كثيرة يشكون أنّها أنثى، فطريقة حلق شعرها، وأسلوب لبسها، ونحولها، كل ذلك يجعلها تميل لأن تكون صبيا أشعث أنهكه اللعب بالشارع، وبحكم أنّ البنات تفرق عنهم السنين كثيراً، تميل إلى أخوتها الذكور الأقرب لها.. لم يدم الأمر طويلاً حتى استيقظت «حنان»، لكن «فطّوم» لم تتوقف عن الصراخ الأمر؛ مما جعل «فاتن» تباغتها بضربة على وجهها وتطردها خارج الغرفة، الضربة كانت موجعة، الأمر الذي جعل الصغيرة يزداد عنادها لتطرق الباب بقوة، وكأن المنزل احترق وتريد إنقاذ أخواتها.. تنادي الأم بصوت عالٍ: «فطّوم خليهم وتعالي شيلي الصاج»، لتنزل مسرعة وتدحرجه على رخام البيت الذي أثار جنون والدتها، لتصيح بها: «ارفعيه يا مال الصلاح، شطبتي الرخام»!
تنظيف «الكرش»
بعدما انتهى الأب من السلخ وتقطيع الأضحية أوكل لابنيه «خالد» و»فطّوم» المهمة التي يهرب منها الجميع: غسل «الكرش» و»المصارين»، فبحكم صغر سنهما لا يمكنهما الاعتراض، فهذه المهمة هي الأولى من نوعها لهم، لكنهم عاجزون كلياً عن تأديتها، لتبدأ الأفكار بمداعبة مخيلتهم الخصبة، فتقترح «فطّوم» بأن يتم غسلها في الغسالة بالملحق الخارجي، ليوافقها «خالد» الرأي، حيث وضعوا «الكرش» في الغسالة، وأشغلوها، وأضافت «فطّوم» لمستها السحرية بإضافة قليل من الصابون؛ لتتأكد تمام من نظافتها، ليتساءل خالد متعجباً: «ينظف الكرش بالصابون؟»، «أصلاً محد ما كلها» ردت عليه «فطّوم» وتعلو وجهها ضحكة خبيثة!وبعد الانتهاء يأتى دور «المصران»، والتي لم يحتاروا كثيراً في طريقة تنظيفها، ليصلوها بخرطوم المياه، ووضعوه على الضغط العالي، لتنفجر «المصارين» في كل مكان، وتلون الجدران ببقاياها، ورغم أنّ الصدمة أذهلتهم، إلاّ أنّ ضحكات الأطفال الشريرة بدأت تتعالى، حيث أنّ وجوههم قد امتلأت بالفضلات!!
«كشنة» الكبدة
فاحت رائحة البصل و»الكشنة» وانتشرت في الخارج، ف»أبو محمد» مصر تماماً أنّه من يحمس الكبدة هذه المرة وليس زوجته، مقنعاً إياها أنّه تعلم طريقة حمسها كثيراً في كشتاته مع أصدقائه، في حين لم تقنع «أم محمد»، فهي تعرف زوجها جيداً، لا يجيد الطبخ أبداً، لكن تحاشياً لعصبيته قطعت كل شيء له وجهزته، حتى البهارات أخرجتها وقاستها له.. بدأ بحمس البصل ووضع فوقها الكبدة والفلفل الملون بأنواعه الأربعة، يحركها تارة من هنا، وأخرى من هناك، ليبدأ بسرد القصص الملحمية له في البر ل»محمد»، وكيف تعطل الجيب لأيام، وأصوات الذئاب وعيونها تحوم حولهم بالليل، لتبدأ رائحة الاحتراق تخنق المكان!
فطور «نواشف»
في معمعة ركض الجميع للمشاركة، تصيح الأم ساخرةً: «الكبدة يا رجال.. استوت وتقطعت من الاستواء»، لتبدأ مرحلة التخبط ورفع «الصاج» من النار، فلا وجود ل»منشفة» أو «بيز» تقيه من حرارة الحديد، الجميع ينظر للأب بغضب، فمتعة العيد انتهت على يده، حيث أنّ عدم وجود «الكبدة» يعني عدم وجود عيد الأضحى.. اجتمع الأطفال بعدها يلملمون بقاياها التي لم تحترق بعد، لكنها تصلبت من زيادة الحمس، وبسرعة بدؤوا يلفظونها، فهو لم يضف عليها حتى الملح!، ليعود «أبو محمد» محاولاً لملمة فعلته بكلمات تشجيعية مبتسماً: «يا لله ما كتبت، باقي لنا اللحم»، وهو ينظر إلى زوجته، التي رفعت حاجباً وخفضت آخر، وهي تخبره بلغة العيون أنّ الويل له ينتظره، وتذهب إلى المطبخ وتبدأ بالعمل على مرقة لحم صباحية تخفف من كسر خواطر صغارها، الذين لم ينتظروا والديهم ليذهبوا ثلاثتهم إلى بيت عمهم من أجل تناول الكبدة، فمرقه اللحم التي أضيفت لها «الكلاوي» و»الكرشة» الملفوفة مع «المصارين» امتلأت بالفقاقيع الصابونية، ليفطر «أبو محمد» وباقي أبنائه على «نواشف» كأي يوم من أيام السنة!
تقطيع اللحم وتوزيعه من أصعب المهمات التي يشارك فيها الرجل
ذبح الأضاحي وتوزيعها مسؤولية شاقة على الموكل «أرشيف الرياض»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.