قال لي أحدهم:» الشيء الوحيد الذي يُبقي الإنسان شريفًا هو الكتابة بصدق، من لم يفعل ذلك فليس سوى قطعة من الحثالة!». الروائي (سامراغو) أيضًا أخبرنا بأن الكتابة بصدق هي الطريقة الوحيدة والفعّالة كي نخبر العالم، الناس، والكون بأننا نعيش في هذا العالم المشؤوم، وبأن التفاؤل هو شكل من أشكال البلاهة وينم عن انعدام فضيع في الإحساس وأن استخدام الأبجديات بما لا يخدم الإنسانية يشبه بكاء المجرمين -واضح ومشاهد لكنه غير صادق!!-». دون الاستغراق في صناعة مقدمات، اذهب الآن وافتح علامة تبويب جديدة، ضع في محرك البحث « تكوين: الكتابة، والكتابة عن الكتابة « ابدأ في الدخول؛ لتجد الكثير من النور، الكثير من السلام، الكثير من الشرف، والكثير من الكثير، فهناك (شارلوت برونتي) يحك فروة رأسه، (أغاثا كريستي) تفكر كيف تصنع لغزًا لعملها البوليسي القادم، و(إيمان مرسال) تلتفت نحو المجاز بوجهها الحزين، و(دينو منجستو) يقدم خمس نصائح كتابية قائلًا فيها: 1- كن كريماً مع شخصيّاتك، اقتلهم، انقذهم، حطّم قلوبهم، ثم عالجهم. املأهم بالحياة، بالتاريخ، بالأشياء، وبالأشخاص الذين يحبونهم، وما إن تفعل ذلك، وبمجرد أن تتشقق جراحهم، عرِّهم، اكتشف كيف يبدون، كيف يقفون، يتحدثون، يتحركون، عندما لا يبقى لديهم شيء. والآن، أعد تركيبهم، املأهم مرة أخرى بالحياة، ولكن هذه المرة، اترك مكانا كافيا للقارئ لكي يعصر قلبه ومخيّلته في داخله. 2- آمن بأن يوم كتابةٍ جيّد يمكن أن يتحقّق في صمتٍ تام، بساعات تنقضي وأنت تحدّق في شاشة فارغة، أو تصرخ على كلمة أو فقرة، وتعرف بأنّ ليس هناك ما تضيفه أو تغيّره في تلك اللحظة. الإصغاء هو شريك الكتابة الذي يتمّ – عادة – إهماله والتقليل من قيمته، وعندما لا تنقر على لوحة المفاتيح، تأتيك فرصة للجلوس في مكانٍ غير مريح، أحيانًا في صمتٍ مؤلم مع الشخصيات والعالم الذي كابدت من أجل خلقه. حتى عندما لا تكتب كلمة واحدة، فقد ظهرت للعمل، وأكّدت حقيقة بسطة: أنك تهتم، ولديك صبر للتحمل. 3- لا تفكر كيف تبدو أصوات شخصياتك، بل كيف ترى. أنظر إلى العالم من أعينهم ادرس الاستثنائي والعادي من منظورهم الخاص. سِر حول الحيّ معهم، تجوّل في الغرف التي يعيشون فيها، اكتشف أيّ الأشياء على طاولة غرفة الطعام سوف يحدّقون بها أكثر من غيرها، ثم اعرف السبب. 4- كلما كبرتُ، كلما ازدادت حياتي امتلاءً وتعقيدًا، مع العائلة والأصدقاء والطلبة، وفوق كل شيءٍ؛ مع الأطفال. لقد تعلمتُ الآن ألا أكون متطلبًا مع ظروف العمل. تعلمت ألا أنتظر الصمت الكليّ، الأمر الذي في الغالبية العظمى من الأيام، لن يأتي أبدًا. وعليه، تخلَّ عن الأمل بأن تجد الجوّ الملائم، أو الضوء الذي يبهجك أكثر من أي لونٍ آخر. اهجر الرغبة، ارتدِ قناعًا لو لزم الأمر، اكتب بين الزحام، في الأزقة، في المقاعد الخلفية للسيارات الممتلئة. اسرق وقتًا من العالم المزدحم، حتى لو كان دقائق قليلة، أو ساعة مباركة. اجعل من التعب والإرهاب العاطفي ذريعة لحريّات مفرطة مع اللغة، ومع مخيّلتك. 5- وفي حال كان بالإمكان أن تنسى، تذكّر بأن العالم لا يحتاج إلى كتابك. العالم سوف يستمرُّ على نحوٍ جيّدٍ من دونه. هناك الكثير من الروايات والقصائد والقصص والمقالات الرائعة، تكفي لحيوات كثيرة من القراءات المدهشة. لذا، اكتب من حاجة، من حرمانٍ شخصي، اكتب لأنك – وربما أنت فقط – تحتاج قراءة تلك الكلمات. موقع تكوين يريد أن يعيد «قصة الخلق» بوجهها الإنساني بأدوات متاحة للجميع، بأدوات لا تتعدى الكلمات والضمائر ولفظة «كن». كانت بداية المشروع في يوليو 2013، ومنذ ذلك الحين والمشروع يعمل في برنامجين مختلفين ومتكاملين، هما: * برنامج (نوافذ)، ويهدف إلى بناء قاعدة بيانات متخصصة في الكتابة الإبداعية، من أجل أن يوفر للباحث والكاتب العربي كل ما كتب في هذا المجال، تحت فضاءٍ واحد، وتنقسم جهود الموقع من أجل القيام بهذه المهمة الجسيمة إلى ثلاثة أنشطة: الترجمة، التجميع والتحرير، والكتابة. * برنامج (تشكيل)، ويهدف إلى تقديم ورش عمل ودورات تدريبية متخصّصة في الكتابة الإبداعية، من أجل دعم وتمكين الكاتب المبتدئ في مشروعه الأدبي، وزيادة لياقته الكتابية، وتطوير فنيّاته. ويعمل هذا البرنامج على توفير ورش عمل ودورات في كتابة القصة والرواية والشعر والسيناريو وغيرها. حين تتصفح الموقع وتضغط على أيقونة (من نحن) ستقرأ: ما نرمي إلى تحقيقه من خلال تكوين، هو أن نجعل ارتحال الكاتب داخل نصّه أمراً أيسر، بحيث يعرف كيف يستجلبُ الإلهام عندما يتعذر، وكيف يكتشف أخطاءه الكتابية، وكيف يسبك نصه فنيًا، وأمورًا أخرى كثيرة، هي في نهاية المطاف تصبّ في صالح الأدب، ومن ثمّ في صالح الإنسان. والآن أصبح واضحاً لديك، أن الغرض من تدشين تكوين هو في النهاية إلهامك أنت. نعم، أنت؛ لأن ما تكتبهُ، ما ستكتبه، يمكن أن يجعل العالم مكانا أجمل؛ وهذا هدفنا من الأمر برمّته. نحن نعوّل عليك، أيها الكاتب، وإذا كنت مستعدًا للعملِ دونما مقابل، باستثناء المتعة الخالصة للمنحِ والخلق، وإذا كنت مهتما بترميم النقص الشاسع في المكتبة العربية، والثقافة العربية، فيما يتعلق بالكتابة الإبداعية، وإذا كنت تملك الوقتَ والرغبة الكافيين للالتزام، وإذا كنت مستعدًا للبحث والسعي والنبش ومطاردة الأجوبة، فهذا هو العمل المناسب لك. بالمناسبة: موقع تكوين قائم على فريق ثقافي تطوّعي، والمقابل الوحيد الذي ستحصل عليه (أنت) سأحصل عليه (أنا) هو المتعة وشعورنا بأن ما كتبوه ما ستكتبه.. ينقذنا جميعًا!.