حين يعترض البعض على فكرة أن مدارسنا تنتج الإرهابيين.. وأن جامعاتنا تخرج الإرهابيين.. وحين يعترض البعض الآخر على أن مساجدنا وحلقات الذكر تخرج إرهابيين وحين يرفض البعض الآخر خطابنا الديني باني الفكر المتطرف..... نعم ربما في ذلك بعض الصحة فتلك المؤسسات وغيرها لا تقدم للمجتمع إرهابيين بمعنى الكلمة المباشر...، الإشكال الفعلي الذي نعيشه في مجتمعنا أن المنتج الفكري يهيئ بيئة مناسبة لزراعة ثقافة التطرف والتشدد...، بمعنى أننا نهيئ أبناءنا للاختطاف الفكري ومن ثم الجسدي..، حيث أغلقنا منافذ الاختلاف الفكري وثقافة الاستنباط والتفكير والاستنتاج..، بل وأكثرنا من قيود التضييق علينا في كافة أمور حياتنا متكئين في ذلك على باب سد الذرائع الذي وجد فيه علماؤنا كرسياً للراحة والنتيجة انه تم التضييق على مجتمعنا في الكثير من امور الحياة وتحريمها في البدء ثم بعد الجدل والنقاش يأتي الإقرار بتحليلها مع تأجيلها باعتبار أن مجتمعنا غير مهيأ! وهنا خطورة أخرى فبناء مجتمعنا فكرياً وسلوكياً أي في ثقافة التعاملات ارتكز على مؤسسات التنشئة التي يشكل فيها علماؤنا وخاصة هيئة كبار العلماء حجر الزاوية الأهم في تلك المنظومة... مما يعني معه ضرورة الابتعاد قليلاً عن باب سد الذرائع لأنه ساهم في عرقلة الكثير من التحولات الإيجابية مع إقصاء غير منطقي للمرأة والمحصلة الطبيعية لذلك نمو مخيف للفكر المتطرف والمتشدد... بجانبيه اليميني واليساري...شواهد الانتماء للقاعدة ثم داعش يقابلها أيضا شباب ملحد..! في مجتمع لا يضاهيه أي مجتمع آخر في التلقين الديني.. الشواهد في استقراء منظومة الفكر لتلك المؤسسات يؤكد أنها تساهم في نشر الفكر المتطرف بعضها بشكل عفوي وبعضها بشكل منظم... حين تصر المدارس على إقصاء كافة الأنشطة الثقافية والفنية وتضعف الرياضية إلى حد التلاشي وتبقي فقط نشاط المصلى.. ألا تساهم بذلك في أُحادية الفكر وإقصاء أي تنوع ثقافي...؟ ألا يعني ذلك أننا وبتنظيم ممنهج نصنع بيئة خصبه لصناعة الفكر المتشدد والمؤدي في النهاية للإرهاب...؟ حين نصر على منع كل أشكال الفرح والاحتفال بل ويعتبرها البعض فسقاً وفجوراً أليس في ذلك بناء لبيئة التشدد والغلو...؟ الإرهاب في مجتمعنا لم يبتدئ بالحزام الناسف بل بدأ برفض كل جديد والتشكيك فيه والبحث عن مسالبه نتيجة اتساع بوابة سد الذرائع...، نتيجة اعتقاد بعضنا أننا نحن فقط حراس الفضيلة والأخلاق..، نتيجة تكريس العنصرية بكل تنوعاتها... نتيجة إغفال تعليمنا ثقافة التعاملات والاكتفاء بالعبادات مع إغلاق أي منفذ للتعددية المذهبية.. مع أن رسولنا حث على الأخذ بالأسهل في حال الاختلاف... مع بشاعة المشهد الداعشي وخروجه عن أي منطلق إنساني، إلا أن بعض أئمة مساجدنا تحاشوا الدعاء عليهم واكتفوا بالدعاء على الرافضة....! أليس ذلك محفزاً وبقوة على صناعة الإرهاب وخلق بيئة مناسبة للفكر المتشدد والمعزز لثقافة العنف...؟ حين يرفض البعض انتقاد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أخطائها ويربط هذا النقد بالدين وليس بسلوك الأفراد..، حين نعتمد على الشكل الخارجي للإنسان في الحكم على تدينه وليس على سلوكياته وتعاملاته .. حين تكون فتاوى بعض علمائنا في الداخل مختلفة عنها في الخارج حيث زيادة التشدد والمنع والإقصاء.. ألسنا بذلك نتيح بناء قاعدة لفكر التطرف المؤدي للإرهاب...؟ حين نحرم المرأة من حقوقها الشرعية والسبب يعود لاعتقادنا أن المجتمع غير مهيأ بل ونتوقع رد الفعل السيئ منه تجاه نسائه ... أليس ذلك صناعة لفكر متشدد يهيئ أفضل مناخ للإرهاب...؟ حين نمنع رياضة الفتيات في المدارس بحجة وأخرى وحين يعتقد رجل الحسبة أن مهمته متابعة لون عباءة المرأة ولا يعنيه بيع السجائر لطفل أليس ذلك تكريسا لثقافة التطرف والإقصاء...؟؟ حالة الغلو في المنع والتشدد في الفتاوى تحريماً وفق قاعدة سد باب الذرائع وإلغاء باب الاجتهاد وقبول أحكام كافة المذاهب فنحن نصنع بيئة الإرهاب شئنا أم أبينا اعترفنا أم أنكرنا....