احتلت قضية الإرهاب والفكر المتطرف أذهان حيز كبير على المستوى العربي والإقليمي والدولي، وباتت تؤرق أذهان قادة العالم بل ومصدر إزعاج وقلق للعامة حتى بات الإنسان غير آمن على نفسه في مساره بالطرقات أو جلوسه في أي مكان، وسلكت الأنظمة والحكومات مسالك شتى، إلا أن الطريق الذي اتبعته المملكة اعتمد على مسارين أحدهما تعزيز التواجد الأمني لتوفير الحماية والأمن للمواطنين والأخر سياسة ومنهج الحوار لتصحيح المفاهيم وإعطاء رسالة للعالم عن صحيح الدين الحنيف عبر مبادرات حوار الأديان التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ( اليوم ) استطلعت عدداً من الآراء وكانت كالتالي: تصحيح المفاهيم بداية، ثمن السفير جعفر عبد الله شيخ أحمد، سفير جمهورية جزر القمر لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، مبادرات خادم الحرمين الشريفين للحوار سواء على المستوى الوطني داخل المملكة لتصحيح مفاهيم الشباب المغلوطة ممن ضلوا الطريق بإتباع عناصر منحرفة، أو تلك المبادرات على المستوى الخارجي لتشرح وتبين للغرب حقيقة الاسلام وحقيقة المسلمين المتدينين الملتزمين حقيقة والمنحرفين عن جادة الاسلام وذلك بكل الوسائل الحديثة ودعوتهم لمشاهدة الاسلام فى بلاده على حقيقته فضلا عن تبادل الزيارات مع رموزهم ونخبهم حتى يدرك العقلاء والحكماء والفاهمون من الغربيين أن الاسلام شيء وأن الارهاب شيء آخر، ومن ثم إخماد شرارة ظاهرة الاسلاموفوبيا حتى لايزداد مداها اتساعا في الغرب خاصة في القارة الأوروبية،ولذا تصدت له المملكة من منطلق مسؤوليتها كأكبر دولة اسلامية . اضاف جعفر أن المملكة في علاجها لقضية الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف بدأت من حيث البحث عن الجذور الحقيقية للأزمة حتى يمكن وضع يدها على البؤرة الحقيقية التي تتفجر منها هذه المشاكل، وقد كان لها ذلك عندما قامت دراساتها على أسس منهجية انتهت فيها إلى أن ما واجهته المملكة كما هو حال دول أخرى مرجعه تلك الإصوالية الثورية التي فجرتها الاتجاهات العلمانية الغربية وتأثيرها الثقافى بما انطوت عليه من قيم التمرد والنزوع نحو الفردية أكثر من كونهم نتاج التعاليم والقيم والتقاليد الاسلامية إذ أن مفهوم الفردية لا يجد تأطيرا سياسيا فى الفكر الاسلامى على امتداد التاريخ الاسلامى بل انه يعتبر مدعاة للفتنة والردة، وأن الفكر السياسى الاسلامى يرتكز أساسا على مراعاة مصلحة الامة ، وأنه من هذا المنطلق وإتباعا للمبادئ الإسلامية التي تمثل صمام أمان للحد من التطرف والفوضى فقد تصد رجال الأمن بالمملكة للمارقين حتى لايتسببوا في تشويه صورة هذا الدين العظيم وتجريد أهله من أقوى أسلحتهم ضد التطرف. تجفيف منابع الإرهاب من جانبه أكد المستشار محمد بن عبدالعزيز العقيل الملحق الثقافي السابق بسفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة، أن المملكة وهي تتصدى لظاهرتي الإرهاب والفكر المتطرف كانت عيونها على المشهد الدولي، إذ أن الغرب كان يحاول إستثمار وتوظيف أفكار هؤلاء المنحرفين لإستخدامه فزاعة ضد الإسلام والمسلمين وتقديمه على أنه دين يدعو أصحابة للقتل والتدمير، ولذلك لم تركن المملكة إلى الأسلوب الأمنى فحسب بل اعتمدت سياسة الحوار والثقيف لإعادة تصحيح المفاهيم، مشيرا إلى الدور التثقيفي الكبير الذي اضطلعت به وزارة الثقافة والإعلام جهودا كبيرة لمحاربة الفكر التكفيري المنحرف من خلال البرامج الإذاعية والتلفازية التي استضافت فيها العلماء والمشايخ وتناولوا الفكر التكفيري وأبانوا بالحجة والبراهين خطأ المنهج وصححوا المفاهيم الخاطئة والمغلوطة مستدلين على ذلك بما جاء في القرآن والسنة وما نقل عن السلف الصالح وأئمة المسلمين، كما عملت الدولة عبر أجهزتها الرسمية على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة وقامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف والتنظيم على جميع الأعمال الإغاثية والخيرية بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات وعدم السماح لذوي النوايا والأهداف الشريرة باستخدام الهيئات الإنسانية لأعمال غير مشروعة. مقارعة الحجة من جانبه أكد نصر الدين كشيب رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة، ، أن المملكة نجحت في معالجة قضايا التطرف والإرهاب عن طريق التعامل مع الأفكار المغلوطة عبر منهج مقارعة الحجة بالنصح الإرشاد كإستراتيجية موازية للتحرك على أرض المواجهة والتصدي لكل من يعبث بأمن وإستقرار المملكة أو يعثوا في الأرض فسادا، موضحا بأن السياسة التي انتهجتها حكومة المملكة بقيادة وتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – انطلقت من الأسس والركائز التي تقوم عليه الدعوة الاسلامية أي الحكم بما لا يخالف الدين وليس الحكم بإسم الدين ، هناك فارق كبير جدا إذ أن الأولى تعنى أننا جميعا سواء فى تنفيذ أحكام الدين الاسلامى والاجتهاد فى الدين هو أساس من أسس هذا الدين العظيم ولكنه لا يسمح لأحد أن يستقل بفرض حكم من أحكام الاسلام ولذلك فان الحكم باسم الاسلام يؤدى دائما الى أن تنفرد أى جماعة برأيها معتبرة أن ما يقولونه هو الاسلام بعينه ومن هنا جاء الارهاب بمجموعة من الناس تحدثت باسم الاسلام وفسرته تفسيرا معينا وفرضته على الآخرين، موضحا أن الجدية من كافة الجهات المعنية في المملكة للتعامل مع القضية ساهم بشكل كبير على وأد الفتنة في مهدها وإجتثاث بذور الإرهاب والتطرف قبل أن تصبح نبتة خبيثة . تصحيح الصورة وثمن كشيب دور المملكة في بذل الجهد من أجل تصحيح الصورة المغلوطة عند الأخر عن الإسلام الذي يحكمون عليه من خلال تصرفات قلة ضلت طريقها واتبعت أهواءها، ومن هنا جاءت مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لتصلح ما أفسده الأخرون وتقدم الصورة الحقيقية للإسلام المعتدل بجماليات سماحته وأن قدرة الفكر الإسلامي المتجدد الذي يستند إلى الأصالة على التصدي إلى الهجمة على الثقافة الإسلامية وذلك من خلال نشر الفكر الدينى الوسطى الرافض لكل شكل من أشكال التشدد والغلو والجمود والعنف والتقليد وهذا من باب الأولويات أي أن يكون العنوان العام في الاستجابة الاسلامية لهذا التحدى هو في ثقافة التجديد عن طريق تعليم وتخريج دعاة حضاريين يمتلكون القدرة على توصيل الفكر الإسلامي المعتدل والوسطى إلى الآخر بعيدا عن الغلو والتطرف. أضاف كشيب إن مبادرات الحوار التي تبناها خادم الحرمين لعبت دورا كبيرا في تقديم صورة واضحة المعالم عن الروح الحقيقية للدين الإسلامي بتعاليمه السمحة وقبوله للأخر كشريك في مسؤولية إعمار الأرض التي خلق الله من أجلها الإنسانية جميعا، وأن هذه هي حقيقة وجوهر تعاليم الإسلام في صفائه ونقائه وتسامحه بعيدا عن أي تحريف وتشويه، وأن المسلم الحق عليه مسئولية أن يجعل من نفسه نموذجا حيا لقيم الإسلام النبيلة وتعاليمه السامية السمحة والتأكيد على ان الإسلام هو دين السلام وقد اشتق لفظ الإسلام من الأصل نفسه الذى اشتق منه لفظ السلام، لافتا إلى أنه مما لا شك فيه أن العالم في حاجة إلى الإسلام لترسيخ أسس السلام والاستقرار مطالبا بأن تكون رسالة المسجد في الألفية التى نعيشها رسالة الأصالة والمعاصرة ورسالة الحضارة الإسلامية ورسالة إسلام الحضارة والاعتدال والوسطية على هدى من العقلانية الإسلامية. عندما يتحول الفكر والاعتقاد والتصور النظري إلى الممارسة والسلوك أرجع علماء دين ومفكرون انتشار ظاهرة التطرف الديني فى المجتمع الإسلامي، إلى سوء فهم تعاليم الدين الإسلامي، والتعصب للرأي وعدم الاعتراف بالرأي الآخر، خاصة في الأمور الاجتهادية، وأشاروا إلى أن سوء الفهم والتعصب للرأي يجعلان المتطرف في الأمور الاجتهادية يقتنع بأمور مقطوعة ليس فيها إلا قولا واحدا، وأكدوا أن السبيل الأمثل للخروج من هذه المشكلة يكمن فى التعامل بالحكمة والعقلانية مع المتطرفين، بعد الفهم العميق لأسباب التطرف لديهم، ومحاربة الجهل ونشر العلم الصحيح بين أفراد المجتمع، من خلال مناهج التعليم والإعلام. دعوة للفهم بداية يرى الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية أن مشكلة التطرف يجب أن تعالج في إطار علمي لفهم جوهر ما جاءت به شريعة الإسلام من تعاليم تدعونا الى الاجتهاد فى فهم النصوص، ويقول: سوء الفهم والتعصب للرأي يجعلان المتطرف في الأمور الاجتهادية يقتنع بأمور مقطوعة ليس فيها إلا قولا واحدا، فالمتعصب يتمسك بحرفية النصوص دون تغلغل إلى فهم فحواها ومعرفة مقاصدها، أو يفسرها على هواه، ويرى الدكتور جمعة أن مواجهة ظاهرة التطرف يجب أن تكون عن طريق التعليم والقضاء على الأمية الدينية، ونشر العلم الصحيح بين أفراد المجتمع، من خلال مناهج التعليم فى مراحل التعليم المختلفة، فى الجامعات والمدارس. الجمود الفكري من جانبه يرجع الدكتور محمد سليم العوا المفكر الإسلامي، أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السابق أسباب انتشار ظاهرة التطرف الديني إلى الجمود الفكري وعدم الاجتهاد والتقليد، فضلا عن انتشار كتابات وأفكار تدعو الى تكفير المجتمع وضرورة استبداله، ويضيف العوا قائلا : إن كل هذه الأمور مجتمعة جعلت فئة من الناس لا يجيدون إلا لغة العنف وإلغاء الأخر وتكفير من لا يتفق معهم في الرأي فينطلق الواحد منهم بقلة الوعي الى ممارسة العنف والتطرف إزاء المجتمع الذى يوجد فيه. وحول رؤيته للخروج من إشكالية التطرف فى المجتمع الاسلامي، يقول الدكتور العوا : أعتقد أن الدور الأهم فى علاج هذه الاشكالية هو دور النخبة من العلماء والدعاة والمثقفين والمفكرين والأعلام، فعلى النخب أن تتحمل مسؤوليتها وتؤدي دورها في المجتمع سعيا لبعث روح الاسلام الوسطي في قيم وثقافة المجتمع وأخلاقياته السامية التي تمثل الركيزة الأهم فى علاج التطرف الديني والاهتمام بالنظم التربوية والتركيز على زرع قيم التسامح والاحترام والحوار، فيجب أن يعمل الجميع على رفع المستوى الثقافي للمجتمع وإحلال قيم الحوار محل فرض الرأي بالقوة واحترام الآخر وسيادة القانون. عاملان اثنان من جانبه يؤكد الدكتور عصام البشير الأمين العام السابق للمركز العالمي للوسطية بالكويت، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مجالس الفقه والافتاء في السودان والسعودية أن العاملين السياسي والاقتصادي يلعبان دورا أساسيا في ظهور التطرف الديني، لافتا إلى ما تعانيه الأمتان العربية والإسلامية من استبداد وقمع، وإقصاء دائم للمختلف، إضافة للفسادين المالي والإداري ونهب الثروات واحتكار الموارد، وأضاف الدكتور البشير قائلا : من المعروف أن التطرف الديني يعني عدم وجود أي فرصة للحوار وتقبل الرأى الآخر، وبالتالى فان هذه الظاهرة تؤدى الى تأخر المجتمع، وبالتالى فان حل هذه الاشكالية يكمن فى الحوار والعلاج الاقتصادي، وتحقيق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع. دور المؤسسة الدينية من جانبه يرى أبو العلا ماضي الباحث الإسلامي ومدير المركز الدولي للدراسات بالقاهرة، ورئيس حزب الوسط أن ضعف المؤسسة الدينية كأحد أهم الأسباب الرئيسة في انتشار الغلو والتطرف في المجتمع الاسلامي، ويؤكد ماضي أن التطرف والعنف الداخلي والعنف الخارجي كلاهما يتأثر بالأسباب الخارجية، مشيرا إلى أن أبرز أسباب التطرف والعنف الداخلية هي الغياب الشديد للحريات السياسية بجميع أنواعها، وانتهاك حقوق الإنسان وغياب العدالة الاجتماعية وعدم مراعاة الطبقات المتوسطة والفقيرة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وحول كيفية الخروج من إشكالية التطرف الديني يقول ماضي متسائلا : «متى ينمو هذا التطرف ؟ ومتى يضمر ويضمحل؟ « ولا ينفي دور التأويل الفاسد للنصوص الشرعية، لكنه يربطه هو الآخر بمناخه الذي يفرزه، «فما دامت هناك ظروف تساعد على الاعتدال فسيكون هو الأغلب والمسيطر ويضمر الغلو والتشدد والتطرف». مطلب الاعتدال أما منتصر الزيات المحامي ، رئيس مجلس إدارة جمعية منتدى الوسطية للفكر والثقافة بمصر فيرى أن مشكلة التطرف، تعد من أكثر القضايا إثارة للجدل والاهتمام من قبل النخب الفكرية، وتابع قائلا : إن نمو هذه الظاهرة وانتقالها إلى أطوار وأشكال جديدة، ربما لم تكن موجودة من قبل، ما يدعونا إلى معرفة مفهوم «التطرف» ، فالتطرف مصطلح يضاد مصطلح «الوسطية» الذي هو من الوسط «الواقع بين طرفين»، والله تعالى وصف أمة الإسلام فى القرآن الكريم بأنها أمة وسطا ، «وكذلك جعلناكم أمة وسطًا»، ويوضح الزيات أن التوجيه القرآني كان دوما يحث على الاعتدال، فالله - سبحانه وتعالى - لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو يعلي من شأن اليُسر، وهو ينْهَى عن البخل والشح؛ لأنهما تطرف في التعامل مع المال، وهناك كثير من الأحاديث النبوية التي تشرح ذلك وتدعو إلى الرفق منها : «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»، ويرى الزيات أن التطرف يرتبط عادة بالانغلاق والتعصب للرأي، ورفض الآخر وكراهيته وازدرائه وتسفيه آرائه وأفكاره، وأن المتطرف فرداً كان أم جماعة، ينظر إلى المجتمع نظرة سلبية، فلا يؤمن بتعدد الآراء والأفكار ووجهات النظر، ويرفض الحوار مع الآخر أو التعايش معه ومع أفكاره، ولا يبدي استعداداً لتغيير آرائه وقناعاته، وقد يصل به الأمر إلى تخوين الآخرين وتكفيرهم دينياً أو سياسياً، وربما إباحة دمهم، ويرى الزيات أن ظاهرة التطرف تنشأ عادة نتيجة أربعة عوامل أساسية هي : الفقر - الجهل الأميّة - مناهج التعليم «المتشدّدة» - وجود أنظمة حكم متطرفة تمارس العنف، ويشير الزيات إلى أن خطر التطرف يزداد حين ينتقل من طور الفكر والاعتقاد والتصور النظري، إلى طور الممارسة والتطرف السلوكي، الذي يعبّر عن نفسه بأشكال مادية من أعمال قتل وتفجيرات وتصفيات واستخدام لوسائل العنف المادي المختلفة لتحقيق بعض الأهداف، وحول السبيل الأمثل للخروج من إشكالية التطرف الديني فى المجتمع الإسلامي، يقول الزيات : لابد من التوقف عند نقطتين هامتين، الأولى: عند العمل على معالجة المشكلة ضرورة التمييز بين التعامل مع التطرف في إطاره الفكري الذي يقتصر على الأفكار والقناعات والتوجهات، وبين التطرف الذي انتقل إلى دائرة الممارسة المادية السلوكية العنفية، فالأساليب المجدية في التعامل مع النوع الأول، لا تجدي بالضرورة في التعامل مع النوع الثاني، وما هو ضروري للتعامل مع الشكل الثاني قد لا يكون ضرورياً للتعامل مع الشكل الأول، الثانية : جرت العادة على مواجهة ظاهرة التطرف بأحد أسلوبين، الأول : الأسلوب الأمني البوليسي : هو المفضل لدى غالبية الأجهزة الرسمية والمؤسسات الأمنية العربية والإسلامية، والثانى: الأسلوب السياسي والفكري : ويكون عن طريق الاستيعاب، وفتح قنوات الحوار، لإقناع من يحمل فكراً متطرفاً بأن أبواب التأثير والإصلاح بالطرق السلمية بعيداً عن العنف وإراقة الدماء، متيسرة أمامه وليست مغلقة. هل يكون الاقصاء استراتيجية للبقاء؟ يقف الشارع العربي متناقضاً تجاه مفهوم التطرف، خاصة خلال محاولات إلباسه صبغة دينية، لكن يكاد يكون الإجماع كبيراً على رفضه والنفور منه، واعتباره غير مرتبط بدين أو عقيدة.. (اليوم) تجولت في الشارع العربي، وأخذت آراء بعض مواطنيه، حول حقيقة التطرف ورأيهم فيه، فكان كالتالي: الغرب والتطرف بدايةً، قالت دينا محمد حسنين، طالبة الإعلام بجامعة 6 أكتوبر، ل (اليوم) : إن المسلم المعتدل يقدم أفضل مثالاً لصورة الإسلام فى العالم، وهناك محاولات كثيرة لربط فكرة التطرف بالإسلام، لكن أغلب المتطرفين غير مسلمين، قائلة : " من قتل مروة الشربيني فى ألمانيا ؟ ومن يقتل المسلمين فى فلسطين ؟ ومن يستهدف المنقبات ويحاول إصدار قوانين تمنع النقاب ؟ هل كل هذا ليس تطرفا غربيا ضد المسلمين؟". من جانبه، قال سامر أبو زياد، مواطن فلسطيني: إن التطرف عن الصف والهدف الموحد والخروج عن مصلحة الشعوب لمصلحة خاصة بغض النظر عن الانتماء السياسي أو العسكري، مضيفاً أن التطرف فى فلسطين هدفه القضاء على الشعب دون وجود اى مصلحة فى ذلك، قائلاً : "قد يكون التطرف دينيا وأكيد هو مرفوض، لأن جميع الديانات السماوية رفضته، وقد يكون سياسيا وهو أيضاً مرفوض لانه يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان"، وأشار أبو زياد الى انهم كمناضلين يرفضون التطرف بكامل معاييره ويرجحون الورقة التى تعتمد على التمسك بالحق والوصول بالسبل المشروعة دينياً وعقائدياً للأهداف. الإقصاء والتهميش وقال الحسين قيسامي، صحفي مغربي، ل (اليوم): إن التطرف لغة غير معهودة في قاموس سلوكنا نحن المسلمين، مضيفاً أن التطرف تمليه عدة عوامل أبرزها الفقر، البطالة و الاستبداد، رسخت اللاعدالة الاجتماعية كشعور وكواقع بسبب القهر السياسي الذي سحق الفرد العربي منذ عدة قرون، والعدالة الاجتماعية هي سياسة ينبغي أن تخضع لإستراتيجية عقلانية تهدف إلى تقليص الفوارق الطبقية، وتحرص على تحقيق التوزيع العادل للثروات مع توفير الحد الأدنى لمتطلبات العيش ووضع سياسة عامة للثروة من حيث طرق اكتسابها وكيفية التصرف فيها، وإعادة توزيع الثروة بطريقة عادلة، وأشار الحسين الى أن النظام الذي يزرع الرصاص يحصد الألغام، والأنظمة العربية بها شبكة المظلات العائلية التي تحتكر خيرات البلاد وهي سبب مباشر في التطرف والاقصاء والتهميش، وسبب آخر يتعلق بسوء فهم الدين وغياب ثقافة تنير الطريق. التهديد الإسلامي من جانبها، قالت سارة تروجيني: إن مفهوم التطرف طالما ارتبط بالتهديد الإسلامى وتحديداً بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر التى لم تكن مجرد ضربة وجهت للقوة العظمى، بل غدت مفصلا تاريخيا ومنعطفا أفرز الكثير من الظواهر من بينها تشكل نمط تصوري بخصوص الاصولية الإسلامية التي يعتقد انها تهدد المصالح الغربية في المنطقة، مضيفة أن مجريات الأمور طرحت أسئلة تتعلق بحقيقة التهديد الإسلامى، والديمقراطية والإسلام، وتتابع سارة قائلة : السؤال المحوري يتعلق بما هو الجديد الذي جعل موضوع التطرف موضوع الساعة ؟ والاجابة المباشرة هي ان الاقصاء لن يكون ابدا استراتيجية للبقاء، هذا يعتبر الهدف الذي يجب ان يكون عنوان المرحلة المقبلة بين العالم الإسلامي والقوى العظمى خاصة أن شعورا قويا بالتعرض لأخطار ومهددات متعددة أصبح يساور غالبية المسلمين، فالركون الى الأفكار الجاهزة كان وراء بروز مفهوم التطرف بسبب الانطباعات التي رسخها الخطاب السياسي والإعلامي حول علاقة المسلمين بأحداث الحادى عشر من سبتمبر وما تلاها من أفعال. زرع التطرف بينما قال صالح بن حمدان، مواطن ليبي، ل (اليوم) : إن الفقر والفوضى التى حدثت داخل الدول العربية، تؤدي إلى زرع التطرف بأشكاله داخل المجتمعات العربية، مضيفاً أيضاً ان المواطن العربي بطبيعته يميل إلى التسامح مهما كانت ديانته، والغرب بعد 11 سبتمبر يحاول ربط فكرة الإرهاب والتطرف بالإسلام وتشويهه، قائلاً : "ما أخاف منه حالياً ان يتم تشويه الشارع العربي لمجرد أن من يحكموه محسوبون على التيارات الإسلامية"، وفي ذات السياق، أشار محمود عبيدات، مواطن سورى الى أن الحكومات العربية عليها دور كبير فى رسم صورة جيدة للإسلام، فهي من ناحية تنفق الملايين من أجل إنتاج محتوى إعلامي غير مجدي، مضيفاً أنه يجب ان تبث هذه الوسائل رسائل منظمة تعمل على جذب المشاهد نحو القضايا الإسلامية للتعرف على عظمة الإسلام وحقيقته التى نعلمها. هل التنمية هي البديل الأمثل لمحاربة التطرف؟ أكد العلماء أن التنمية الشاملة التي تشهدها مجتمعاتنا العربية هى التى تبعدنا عن التطرف والعنف والحروب التي طحنت العرب زمنا فقد آن الآوان أن تزول كل أنواع التطرف والعنف ، والالتفات نحو تنمية مستدامة ترقى بحاضرنا وتوفر لشعوبنا سبل العيش الكريم ، والتطلع نحو استعادة أمجادنا التليدة لقيادة هذا العالم ونشر ثقافتنا وحضارتنا بالتي هي أحسن وشدد العلماء على الدولة استكمال مسيرة التنمية دون توقف في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية والصناعية والزراعية وغيرها من المجالات التي من شأنها ايجاد فرص عمل للشباب هذا بالاضافة إلى تهيئة المناخ السياسي الجيد الذي تسوده القيم والحرية في التعبير حتى يتم التعرف على أفكار الشباب ومواجهتها. وعلينا أن نجد السبيل إلى وحدة أمتنا التي هي مصدر قوتنا الثقافية والسياسية والإقتصادية والأمنية وأن نعمل جادين على رفع لواء التقريب ونعمل على التخطيط لحل مشاكلنا ونصرة قضايانا. وحول طرح موضوع هل التنمية هي البديل الأمثل لمحاربة التطرف كان لنا التحقيق التالي: فترة حرجة في البداية يقول الدكتور حسن عباس زكى المفكر الإسلامى ووزير الإقتصاد الأسبق :نحن نعيش فى فترة من أهم مراحل حياتنا ولابد أن نعالج قضايانا بتفكير سليم وحكمة فالتقدم والتخلف قضيتان جذورهما فكرية والتكنولوجيا ليست عملا خارقا على أي شخص أو شعب إذا أتيح له تربية العقل إذ أن كثيرا منا لا يعرف كيف يفكر والتفكير وليد التربية الصحيحة وهو يخلق الابداع والفكر يحتاجه العامل والمهندس والسياسى والدكتور والأم وكل شخص فى مجال عمله .والعالم مر بثورات ثلاث هامة غيرت معالمه بدأت بالثورة الزراعية ثم الثورة الصناعية والآن نعيش ثورة المعلومات والإنترنت كما أن توازن القوى السياسية الدولية بدأ يختل بإنهيار روسيا ومن هنا أعتقد البعض أننا بدأنا عصر إنهيار التاريخ وبدأ مفكرون عالميون يكتبون عن ذلك ويبشرون بهذه الظاهرة التى يتبعها كما يظنون صراع الحضارات الكونفوشية والإسلامية والمسيحية وساعد على ذلك للأسف الإرهاب الذى ساد بعض الدول الإسلامية والخلافات بين الدول الإسلامية وعدم ترابطهم .ثم بدأ التكتل يطفو على سطح الأرض فأوروبا أصبحت موحدة إقتصاديا وامريكا الشمالية والجنوبية كذلك إلى حد كبير والصين وروسيا وبعض الدول الآسيوية ثم بدأ شرخ فى إقتصاديات النمور الآسيوية وما حدث من إنهيار فى إقتصادياتها بمشاركات غربية غير منظورة وساعد على ذلك بعض أخطاء إقتصادية في النظم المصرفية والمالية والإنتمائية . ولا شك أن التنمية في جميع جوانبها الإقتصادية والاجتماعية والحياتية سبيل أساس لمحاربة التطرف.لأن التطرف وليد اللاتنمية، والفكر المتطرف لا ينمو إلا في البيئات الفقيرة أو المهمشة. معالجة فكرية وأوضح الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية وعميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر السابق أن معتقدات الناس لا صلة لها مباشرة بأمور إقتصادية أو سياسية فيما يتعلق بالتشدد والمغالاة والمفاهيم المغلوطة وهذه أمور فكرية والفكر يعالج بفكر. والمعالجة تكون بتكثيف المنابع والروافد فعندنا فى مصر عشرات الشيوخ غير مؤهلين وليسوا متخصصين ويتصدرون المشهد، ووزارة الأوقاف تفتح لهم مساجدها. للأسف، جماعات التطرف الفكرى تمتلك قنوات فضائية تدخل إلى البيوت لتقديم ثقافة مغلفة بشعارات وأوصاف تنطلى على العوام وتقدم على أنها الإسلام ويتم تجنيد الأبرياء ليكونوا تابعين للشيوخ ومبادئ الجماعات والفرق والطرق ثم يقف الأزهر والأوقاف والتعقيدات الإدارية وسوق أنتقاء قيادات فى الماضى والحاضر عاجزا فى مقام العجز حتى عن أنشاء قناة فضائية واحدة فى أستهانة لا مثيل ولا نظير لها. وها هى فتاوى الفتنة سائدة تحت سمع وبصر الجميع حتى وصل الأمر الى التكفير وأستحلال الدماء والأعراض.. محاربة الأرهاب وأشار الدكتور عبد العزيز عبد الله رئيس منظمة الشعوب والبرلمانات العربية قائلا:عندما نتحدث عن التنمية وأثرها على محاربة التطرف نقول: إن التنمية بمفهومها الشامل يجب أن يتم التخصص فى التنمية وهي التنمية الثقافية فى الدين والسياسية والإقتصاد والرياضة وغيرها، داعياً لتدريس التنمية بهذا الشكل حتى يمكن القضاء على التطرف . مؤكداالتطرف بداية سببه الرئيسي هو الجهل .. والفراغ والانشغال بما لا يفيد .. وعدم العلم بحقيقة الدين والاوامر والنواهي .. فالمعرفة والتعليم هي سبب كبير جدا لمحاربة التطرف .. كما ان التنمية في كل جوانبها (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ) تساعد على بناء افراد مجتمع ناضجين فكريا لا تستهويهم اي افكار متطرفة . يعلمون ما هو المطلوب منهم في هذه الحياة .. ولا ينساقون وراء اي صوت عالي .. واعتقد ان محارية التطرف بالعنف هو من اسوء الحلول التي يشتاق اليها المتطرف لكي يكون عنده من الدوافع ما يجعله يفعل كل ما هو ضار بالمجتمع. المواطن العربى وقد أكد اللواء أحمد عاصم خبير المرور والإعلام المرورى :أن العمل والانتاج فى أطار من الأستقرار وفتح أبواب الرخاء والسعادة وجذب الأستثمار وتحقيق التنمية فى كافة المحافظات المصرية والتصدى بإيجابية ومن شأنه أن يحقق الهدوء والأسرة المصرية للعمل والإبداع عن قناعة والازدهار لمشاكل البطالة وإيجاد فرص للعمل والأرتقاء بالفرد وتنمية الدخل القومى كل هذا من شأنه أن يتصدى وبقوة لكل الأفكار والآراء المتطرفة والتنمية لا أعنى بها مصر فقط ولكن الماء للعرب والأسرة العربية فيجب السعى والتفكير بجدية والسوق العربية المشتركة لتحقيق التنمية فى كافة جوانبها فى كل الدول العربية والارتقاء بالمواطن العربى بما يجعله قوىا صامدا أمام كافة التحديات الداخلية والخارجية وهذا ما يخشى منه الأعداء ويعملون على الحيلولة بينه وبين المواطن العربى فيفرقون بين البلد والآخر لأنهم يعملون تمام العلم أن قوة العرب فى وحدتهم وتعاونهم فى القوة العربية لا يستهان بها ويجب أن نسعى جميعا كعرب إلى تحقيقها بما يرفع ويرتقى بكيان المواطن العربى . أسلوب العمل وأوضح الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق قائلا :التنمية كلمة شاملة للزيادة فى كل مرافق الحياة تنمية فى الزراعة والإقتصاد وإذا قصد بالتنمية أن يتجه كل إنسان إلى عمله ينتج ويجود بالأداء ويبتكر فى أسلوب العمل وينهض بواجبه بهمة ونشاط سيكون هى البديل عن التطرف لأنه من المعروف لأن التطرف ينشأ من الفراغ فالإنسان العاطل الذى لا يعمل يفكر دائما فى كسب المال أو قضاء مصلحة أو قضاء شهوة وإذا لم يتسير له ذلك فيلجأ إلى أكراه الطرف الآخر باجباره على أخذ ما يريد،.فإذا ما تركنا بعض أفراد من الشعب لا عمل لهم فكروا فى الشر اللهم إلا إذا كان لهم عقل رشيد وفكر واسع وأفق بعيد وكرامة يخشون عليها وشرف يحفظون عليه.. ومن هنا تكون التنمية الفكرية والدين والعلاقات الإجتماعية هى الركيزة لمنع الإنسان إلى التطرف . الطريق الأشمل وترى الدكتورة إلهام شاهين أستاذعلم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر: أنها ليست مع هذا الرأى رغم أن التنمية شيءٌ هام جدا للتحضر والحياة لتضييق رقعة التطرف لكن ليس بديلا بشكل أساسى لمحاربة التطرف وبالتوبة الصحيحة والتربية الدينية على الطريق الأمثل والسليم دون النظر إلى أى انتماءات أو أفكار أخرى .فالتطرف ليس بالأساس الضرورى أساسه الفقر أو التخلف الحضارى رغم ذلك هناك تطرف لأننا رأينا مثالا حىا جماعة طالبان ومؤسسها (أسامة بن لادن) من أكبر أثرياء العالم .ولابد توجيه الفكر المتطرف عن طريق الجهل الدينى منذ الصغر وعلى المؤسسات الدينية الرسمية المعترف بها البديل الأمثل والطريق الأشمل لمواجهة التطرف. خلفية تاريخية قال الدكتور سيف بن سالم الهادى ويعمل رئيس قسم البرامج الدينية بالهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون بسلطنة عمان :التنمية هي جزء من الحل وليس كل الحل لأن التطرف في غالبه منهج انبنت عليه نفوس وآمنت بفحواه ونتائجه، ويعتبره البعض واجب الإسلام الذي يدعو إليه، ويعتبره آخرون أقصر الطرق إلى الجنان، ولا يخفى عليك أن لهذا خلفية تاريخية وعقدية. خير الأمور وقالت أحلام مهدى صالح الأمين العام لمنظمة أحلام الخيرية لتمكين المرأة ورعاية الطفل بالسودان(دار فور):التنمية هى البديل للتطرف لأنها لتنمى البشر قبل الموارد وعندما ينمى البشر تجعلهم مندمجين داخل المجتمع يدعون للإصلاح وللتجمع وبالتجمع تحل المشاكل .والدول العربية ينقصها الالتفاف حول بعض فالتنمية تستطيع أن تنقلب على المشاكل .وبالتنمية تحارب الفكر وتجعل الأستقرار أحد أولياتها لذلك نهتم بتنمية الموارد البشرية بالتدريب ورفع الطاقات البشرية .والتطرف من وجهة نظرى يعنى الخروج عن المألوف ودائما خير الأمور الوسط فنجعل أنفسنا وسطاء فى كل شيء حتى تطور مجتمعاتنا وتهتم بها وخاصة الشباب والأجيال الناشئة لأنهم دائما وقود لكل حرب .فالدول العربية فى حاجة للتنمية وأستغلال الموارد والأستقلال السليم والأهتمام بالريف وإنسان الريف.