دفن يوم الثلاثاء الفائت المؤرخ المغربي البارز "محمد بنعزوز حكيم" بمدينة تطوان شمال المغرب، وقد توفي بنعزوز عن عمر يناهز 90 عاما، بحسب وكالة الأنباء المغربية. ويعتبر حكيم الذي ولد عام 1924، من أبرز المتخصصين في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، وخصوصا تاريخ الشمال المغربي، وتاريخ العلاقات المغربية الإسبانية، وكان يحتفظ بوثائق ومخطوطات وكتب نادرة عن تاريخ المغرب والأندلس، واشتهر الراحل بكتاباته باللغة الاسبانية، فكان أول كاتب مغربي ينشر كتابا باللغة الإسبانية بعنوان "رحلة في أندلسيا" وهو في سن ال 18من عمره، كما نشر أكثر من 190 كتابا باللغة الإسبانية، وأصدر 65 كتابا آخر باللغة العربية، بالإضافة إلى أكثر من 300 بحث تاريخي، حول تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية في العديد من الجرائد والمجلات والدوريات العربية والإسبانية. كما شارك حكيم في أكثر من 100 مؤتمر وملتقى دولي وقدم لنحو 250 محاضرة في المغرب وخارجه حول الدراسة التاريخية في المنطقة المتوسطية، وتمكن من تكوين أرشيف قديم من الوثائق، حافظ وعمل عليه من ناحية الترتيب والتوظيف. وسبق للراحل أن عمل مترجما رسميا في الديوان الملكي للملكين الراحلين محمد الخامس (توفي سنة 1961) والحسن الثاني (توفي سنة 1999)، وكان المؤرخ المغربي قد طالب العاهل الإسباني السابق خوان كارلوس، في الذكرى 500 لسقوط الأندلس (1992) ، بالاعتذار عن طرد المسلمين من الأندلس، وعن: "ما اقترفه أجداده القدماء، حين أصدروا أول أمر ملكي منذ 500 سنة، أمهلوا بموجبه المسلمين في الأندلس شهرين لاتخاذ قرار، ليس لعدم اتخاذه من نتيجة سوى التعرض للتنكيل ومن بعده الموت بحد السيف والسكين: الارتداد عن الدين الإسلامي واعتناق للمسيحية، أو مغادرة الأندلس". كما صدر له سنة 2009 كتاب "أطلس مأساة الأندلس من سنة 1483 إلى سنة 1609"، بمناسبة مرور 400 سنة على طرد آخر فوج من المسلمين الأندلسيين الذين يعرفون بالموريسكيين، والذين استقر أغلبهم بشمال المغرب. وطالب فيه العاهل الاسباني بإعادة كتابة تاريخ ما حدث في الأندلس منذ سقوطها والتأمل في تداعيات ما لحق بالمسلمين الأسبان هناك: "وعائلتي بالذات منهم.. إنها عائلة غادرت اسبانيا عام 1486 هربا من تنكيل القوات المسيحية التي سريعا ما سيطرت على مملكة غرناطة ذلك العام، لتنهي من بعده الواقع الطبيعي للأندلس الضائعة"؛ وفق تعبيره. وتطرق محمد بنعزوز حكيم في محاضرة بالعاصمة المغربية الرباط (شمال)، قبل خمس سنوات، عن "مأساة الموريسكيين بمناسبة مرور 400 سنة على طرد الموريسكيين من بلدهم الأصلي الأندلس"، إلى إعادة كتابة تاريخ المغرب، وأعلن لأول مرة أنه حصل على حقائق تاريخية طال البحث عنها أكثر من 50 سنة تتعلق بالمأساة الأندلسية. وقال إنه حصل على ما بين 60 و70 صكا سريا للغاية لم ينشر منها أي شيء، "وهي صكوك تكذب كل ما كتب عن مأساة الأندلس، وهي وثائق كان الفاتيكان حريصا على سريتها، وكانت مدفونة بأوامر من جميع البابوات، بل منهم من قال إنها يجب أن تمحى بالمرة لأنها تدين الكنيسة التي كان على رأسها ست أو سبع بابوات" بحسب المؤرخ المغربي الراحل.