يقول سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: "الناس أبناء الدنيا.. وما يلام الإنسان إذا أحب أُمه.." ويقول عبدالملك بن مروان.. "أفضل الناس من تواضع عن رفعة.. وعفا عن قُدرة.. وأنصف عن قوة.." وهناك المقولة الشهيرة أيضاً "كان الناس ورداً لا شوك فيه.. فصاروا شوكاً لا ورد فيه.." ويقول الريحاني"الناس أشباح تحركها الأغراض والأهواء، وتتقاذفها الرياح والأنواء، في بحار ٍمن الحب والبغض.." كثيرةٌ هي الأقوال التي تتعلق بالناس وأنا وأنت لسنا في معزل عن الناس لأننا بالنسبة للآخر الناس.. بعيداً عن مدى القرب أو البعد الناس.. تعيش معهم وبينهم.. وداخلهم وليس بالإمكان الهروب منهم.. لأن مغادرة الناس الذين تعرفهم تعني استبدالهم بآخرين ستتعرف عليهم مرة أخرى وهذه أصعب من الأولى.. فقديماً قال أجدادنا"وجه تعرفه ولا وجه تتعرف عليه".. بمعنى أنك خبرت من تعرفهم طيلة حياتك مع الناس وعرفت عيوبهم وكوارثهم ومشاكلهم وأعتدتهم.. البحث عن غيرهم يعني أنك ستهدر وقتك في التصادم والتعرف والاعتذار ومعرفة العيوب وما يمكن أن تتوقف عنده أو تعبر.. ومع ذلك تدفعك الحياة لمعرفة ناس جدد.. بعضهم عابر لا يترك أثرا وآخر عابر أيضاً ولكنه يترك كل الأثر.. وبعضهم يظل دون أثر.. أو تأثير.. ذهابه وبقاؤه واحد..! والسؤال الأزلي كيف ترضي الناس؟ والإجابة الثابتة هي :إن إرضاء الناس غاية لاتدرك.. أعرف واحدة كانت تصر على إرضاء كل من حولها على حساب صحتها وهدوئها وأسرتها ولاتعرف كلمة "لا"والمحصلة أنها لم تُرض أحداً.. بل كل ما كانت تفعله أغضب الناس.. وأساء إليها بدون أن تتعمد هي أن يُساء إليها.. ولم يقف أحد ليعتذر عن إساءته لها لأنه يعتقد أنها لم ترضه وهي التي اعتادت أن ترضيه.. وهو ما يعكس ما قاله أحد الفلاسفة "لن يلاحظ الناس أشياء تفعلها من أجلهم إلا بعد أن تتوقف عن فعلها" لأن الناس تبحث لديك عما تريده وينقصها وتأخذ دون شكر وعندما تتوقف تبدأ بالبحث عنك ليس حباً فيك وإنما من أجل أن تواصل العطاء لها! في الحياة الحقيقية مفتاح الفشل هو محاولة إرضاء الناس.. ولذلك من الصعب الركض خلفهم والاهتمام بهم لأنك إن أخطأت في حقهم مرة واحدة سينسون ما كنت تفعله لهم.. وستغيب تلك الصورة المثالية التي كنت تسمع ملامحها.. لأن الناس بوجهين وبعضهم بعشرة وجوه وستتعب إن تتبعت أحد هذه الوجوه.. وبالتالي لاترهق نفسك في البحث أو التقصي.. فالحياة أسهل كثيراً من أن تُشغل نفسك بالناس ولماذا تغيروا؟ أو لماذا أقبلوا؟أو لماذا تحولوا إلى حكاية؟ الحياة مكوناتها هم الناس.. المهمة عند أحدهم والتافهة عند الآخر.. والمحترمة لدي.. وغير ذلك عند شخص آخر.. المحبوبة والتي لا تُطاق.. القريبة من الناس والبعيدة.. المتحوِّلة والمتحوَّلة.. والتي تقف أمامها أو تتجاهلها.. الصورة الحقيقية.. والصورة الخلفية.. هم الناس هم نحن.. الناس تعني التيه في عالم متسع.. لايمكنك أن تتحصن بعيداً عنه.. أو تضبط حياتك منفردة بدون الناس المهمين والمزعجين والحبوبين والمحبوبين والخيرين والأشرار.. والبسطاء.. والمتكلفين.. والمهمشين.. والأثرياء.. والفقراء.. والأوفياء.. والحمقى والموجوعين.. والحزانى.. والسعداء. والمبتسمين.. وناشري الفرح.. كل هؤلاء وغيرهم هم منظومة الناس.. وحواديث ضفافهم.. التي ليس من المهم أن تتفلسف لتسمعها.. أو تتعلم لتدركها.. فالناس يعلمونك كيف تعاملهم.. فقط إن كنت ذكياً.. تعلم أن تسود نفسك أولا ً.. وتكون أنت كل الناس.. ومن ثم فكر في الناس.. ولاتجعل قضيتك الناس ذهبوا أو حضروا فالحياة خُلقت لتعيشها من أجلك وليس من أجل الناس وإرضائهم.. والتي لن تتمكن منها.. ولن تجد مكاناً تقف عليه.. إن تحولت إلى التفكير في الناس وردود فعلهم.. لأن ظلالك هي نفسك وهي أنت ولن تطل على مراكب الحياة إلا منفرداً وليس بالناس.. وعندما يهبط السحر على المدينة وقت السحر ستراه أنت دونهم.. أنت من يحدد أهمية الناس في حياته.. والتي من خلالها تكتشف قيمتك.. ولذلك ستظل أنت "أصل الحكاية" وموجه الحكاية وفيضها وهدوءها وصخبها.. وتفاصيلها.. وما عدا ذلك فهو مكمل للحكاية..!