الكتابة عن لاعب بحجم الأسباني انييستا ليست بالأمر السهل إطلاقاً لأن الكاتب يدرك جيداً بأن المساحة التي سيمنحها له مهما بلغت لن تصف للقراء حجمه وقيمته التي يستحقها، عندما يقول المدرب الإيطالي فابيو كابيلو: "اتمنى لو يرجع الزمن للوراء للعب بجانب انييستا، كم هو جميل تبادل الكرة معه، انه لاعب فنان"، ويصفه الأسطورة الفرنسية زيدان ب "القلب النابض لبرشلونة"، ويمتدحه الأرجنتيني ميسي بقوله: "انا محظوظ للغاية لأنني العب وأتدرب بجانب انييستا يومياً"، فأنت بلا شك أمام نجم عالمي كبير فرض اسمه على الجميع وأجبر خصومه على الإشادة به. اندريس انييستا أو "الرسام" كما يحلو لعشاقه مناداته به الذي ولد في فوينتيالبيا الأسبانية عام 1984م يُعد ثروة كبيرة في أي كتيبة يلعب لها، والمهاجم المحظوظ هو من يلعب أمامه لأنه سيجد نفسه في مواجهة حراس المرمى دائماً بفضل تمريراته الذهبية والساحرة التي تجمع بين الدقة والذكاء. انخرط انييستا في صفوف الباسيتي وعمره لم يتجاوز الثمانية أعوام، إذ لعب للفريق فترة ثم انتقل لأكاديمية لاماسيا، ولم يكن انتقاله إلى هنالك عادياً بالنسبة له كونه اعتبر تلك المحطة صعبة عليه وتطرق لها قبل فترة بقوله: " كانت تجربة إنتقالي إلى لاماسيا في سن ال 12 عامًا اقسى تجاربي الشخصية ولكني سرعان ما تأقلمت مع الاجواء"، وانتقل اللاعب الأسباني الذي لم يتجاوز طوله ال 1.70 إلى برشلونة (B) ولعب له لأول مرة عام 2001م لمدة ثلاثة مواسم شارك خلالها في 54 مباراة وسجل خمسة أهداف، وشهد موسم 2002-2003م حدثاً مهماً في مسيرة أنييستا الذي فرضه اسمه على البرشلونيين بفضل أدائه مع المنتخب الوطني الشاب والفريق الرديف إذ تحقق حلمه وشارك في دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه بعد أن منحه المدرب الهولندي فان غال الثقة وأشركه في مباراة كلوب روج البلجيكي. بدأت قصة انييستا مع الإبداع والإمتاع لكنها لم تخل من الصعاب والمشاكل بسبب قناعات بعض المدربين، إلا أن حضر المدرب الهولندي ريكارد الذي منحه فرصة اللعب والمشاركة وأعطاه ثقة كبيرة خصوصاً في موسم 2004-2005م إذ لعب في 37 مباراة دورية من أصل 38، وسجل انييستا أول أهدافه بقميص البرشا في شباك بلد الوليد موسم 2003م، بعدها شق انييستا طريقه نحو النجومية وبات أحد الأركان الأساسية في الفريق الكاتالوني. انييستا الذي يحظى بشعبية كبيرة في أسبانيا ويجد قبولاً من الجماهير الرياضية بمختلف ميولها خصوصاً بعد قيادته منتخب بلاده لتحقيق كأس العالم 2010م سجل لبرشلونة 55 هدفاً منذ ألتحاقه به عام 2000م، كما سجل للأسبان 11 هدفاً، وتمكن "الرسام" من التتويج بإنجازات كبيرة سواءاً على صعيد برشلونة أو منتخب بلاده، لكن بلا شك فإن أثمن تلك الإنجازات هو رفعه كأس العالم 2010م لاسيما وأنه سجل هدف الإنتصار على المنتخب الهولندي في المباراة النهائية، وهو أغلى هدف سجله في حياته حد وصفه والذي قال عنه: "قبل التسديد كان علي انتظار انخفاض الكرة قليلاً ولو لم أنتظر لما سجلت، لقد تركت الجاذبية تقوم بعملها وسجلت، الفضل في ذلك يعود إلى نيوتن، لقد أعدت مشاهدة اللقطة بعدها مرات عديدة وكانت إيجابية بكل معنى الكلمة". وإذا ما أستعرضنا إنجازات انييستا ال21 مع برشلونة نجد أنه توج بلقب كأس العالم للأندية مرتين (2009-2011م)، وفي ذات العامين توج بكأس السوبر الأوروبي، كما حصد مع البرشا دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات (2006-2009-2011م)، محلياً توج انييستا مع برشلونة بلقب الدوري الأسباني ست مرات أعوام (2005-2006-2009-2010-2011—013م)، وفاز بكأس السوبر الأسباني ست مرات أيضاً في ذات الأعوام التي نال فيها لقب الدوري، وكان لانييستا نصيب من كأس الملك إذ حصده مرتين (2009-2012م). انييستا الذي يحلم بالإعتزال في برشلونة ساهم مع منتخب بلاده في التتويج بخمس بطولات ثلاث منها على صعيد المنتخب الأول هي كأس العالم (2010) وكأس أوروبا مرتين (2008-2012م)، بالإضافة إلى كأس أوروبا تحت 17 عام (2001م) وكأس أوروبا تحت 19 عام (2002م). ولم يسعف التوفيق انييستا في التتويج بجائزة أفضل لاعب في العالم المقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم بالرغم من وصوله إلى منصة التتويج بالجائزة ثلاث مرات أعوام (2010-2011-2012م) إذ خسرها أمام زميله في الفريق الأرجنتيني ميسي، لكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أنصفه عندما منحه ثلاث جوائز في عام واحد (2012م) هي أفضل لاعب في أوروبا، وأفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا، وأفضل لاعب في كأس الأمم الأوروبية، وجاء حصد انييستا لهذه الجوائز عطفاً على قيادته منتخبه للقب كأس أوروبا وبرشلونة لألقاب كأس العالم للأندية ودوري أبطال أوروبا والدوري الأسباني وكأس السوبر وكأس الملك في ذات العام. "هذا لاعب تتمنى سواءاً كنت برشلونياً او لم تكن كذلك الا تتقدم به السنوات وأن يتوقف عامل الزمن" بهذه الكلمات وصف المعلق الإماراتي علي سعيد الكعبي خلال تعليقه على احدى مباريات برشلونة وهو محق في ذلك فأمثال أنييستا نستمتع بحضورهم داخل المستطيل الأخضر حتى لو كان يلعب أمام فريقك المفضل، صحيح أن الموسم الماضي لم يكن جيداً بالنسبة للساحر الأسباني إلا أن الجماهير الأسبانية تعقد عليه آمالاً عريضة في قيادة الماتدور نحو الاحتفاظ باللقب والتتويج بكأس العالم للمرة الثانية على التوالي وهو الأمر الذي عجزت عنه المنتخبات العالمية منذ عام 1962م (بعد أن توج البرازيل بكأس العالم مرتين متتاليتين 1958-1962م) إذ لم يتمكن أي منتخب من المحافظة على لقبه منذ ذلك التاريخ.