عنوان المقالة شطر من قصيدة لتركي بن حميد لها دلالات تتقاطع مع دلالات قول أبي تمام: السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب حيث قال ابن حميد: كَلّ القلم من كتبنا بالقراطيس ورْكابنا من كثر الادلاج تومي ولا خير في كثر الحكي والتماليس وقولٍ بلا فعلٍ يجي به وهومي بمعنى أن القلم يكل ويمل من الكتابة التي لا طائل منها وقد يختصر السيف الزمن فيحسم الأمور في مدة قصيرة مع استلهامنا لرؤية أبي تمام التي عبر بها في أوج النهضة الحضارية للعرب والمسلمين لكن قد يفهم منها أن القوة العلمية لا تكفي وحدها لنهوض الأمم ما لم توازيها قوة عسكرية تحميها من الأعداء ولذا فإنه عندما تغلب التتار على الدولة العباسية سنة 656ه كان مصير الكتب الإغراق في نهر دجلة حتى صارت كالجسر الذي لا يمكن عبوره كما أشارت المصادر التاريخية. وبعد مرور ثمانية قرون يبدو أنه لا خيار لنا إلا الأقلام والقراطيس التي يفرغ بها بني يعرب ما في رؤوسهم وما في نفوسهم على الرغم من مزاحمة (الكيبورد) و(تويتر) و(الإيميل) و (الواتساب) فتكاد كل القراطيس الورقية أن تتحول إلى صفحات إلكترونية ولكن هناك من يأبى ويريد أن يتأمل توقيعه الجميل على الورق الصقيل. والقراطيس لفظة فصيحة مفردها قرطاس وقد وردت في القرآن في أكثر من موضع بمعنى الصحيفة التي يكتب فيها ويتم التعبير بها عن صفة البياض أيضاً، وبمناسبة معرض الكتاب هذه الأيام ولأنه فعلاً (كلّ القلم) من الكتابة عن التسطيح الثقافي في ظل (التطنيش) من الجهات المسؤولة فسنعرض بعض المسميات القديمة التي كان يستخدمها الأجداد للأوراق التي يكتبون عليها سواء معاملاتهم أو مراسلاتهم أو قصائدهم أو مؤلفاتهم ومنها: الفَرْخ: حيث قال عبدالعزيز الهاشل: دنّوا لنا فرخ قرطاسة نكتب به لمن نشد عنا كان الغضي كابرٍ راسه آمين لا راح ما ثنى وقال عبدالكريم الأصقه: الصدر فرخ سْجلّةٍ بيد كتّاب فرخٍ جديد وبالقلم ما سعي به ومنها الكاغد قال ابن هويدي: دن الدواة وكاغدٍ يابن جدعان نبغي نورّخ وقتنا وآسفا به ومنها الطرس قال القاضي: افهم لما سطر على الطرس مختوم على النبي مني صلاة وسلام ومنها السجلّ أو السجلّة قال الهزاني: دن كتّابٍ وقرّب لي دواة وأنت عجلٍ يا نديبي ثم هات لي سجلٍّ وإبر لي راس اليراع باغيٍ من حيث لا تدري الوشاة والحقيقة أن أدوات الكتاب قديماً تستحق أن تفرد بمؤلف خاص وقد سررت حينما علمت من خلال كتاب الأستاذ مسعود المسردي الذي دوّن فيه سيرة ابن جنيدل أن من ضمن سلسلة معجم التراث جزء مخطوط يختص بأدوات الكتابة فأتمنى أن يجد من يخرجه ليستفيد منه الباحثون.