لا تجد العلامات التجارية العالمية في قطاع المأكولات والمشروبات على وجه التحديد صعوبات في دخول السوق السعودي عبر نظام الامتياز التجاري «الفرانشايز»، لكنّ قضايا القوى العاملة والبيئة التشريعية يعدان أبرز التحديات التي تواجه الجيل الجديد من المستثمرين السعوديين في قطاع التجزئة، والذين اتجهوا في السنوات الأخيرة للحصول على وكالات حصرية لأسماء عالمية تحت ملكية خاصة بهم في السوق المحلية، في محاولة لتجنب مخاطر إنشاء مفهوم جديد أو فكرة محلية خاصة. ورغم هذه التحديات وتحديات أخرى تتمثل في ارتفاع تكاليف الإيجار ورسوم تطبيق الأنظمة والاشتراطات الصحية وطول الإجراءات الحكومية للحصول على التراخيص النظامية، إلا أن قوة الطلب من قبل المستهلكين ذوي المداخيل المرتفعة شجع سلاسل المطاعم حول العالم على دخول المملكة بقوة أكبر وفتح مزيد من الفروع وفق أسلوب الفرانشايز الذي يسمح بمنح العلامة التجارية من الشركة الأم لمستثمرين سعوديين قادرين على إدارة مثل هذه المشاريع بأنفسهم مقابل بعض الاشتراطات للحفاظ على العلامة وعدم الإضرار بسمعتها. وفي الوقت الذي تغيب فيه الأرقام الدقيقة والإحصاءات الاقتصادية حول حجم صناعة الامتياز التجاري «الفرانشايز» في المملكة ومعدل النمو السنوي للقطاع، غير أن السوق السعودية بحسب خبراء في هذه الصناعة تعد واحدة من أكثر الأسواق أهمية بالنسبة للقطاع الغذائي، فهناك عوامل مثل ارتفاع الدخل القابل للانفاق، والنمو المتزايد لشريحة الشباب، وتدفق الوافدين، وتنوع الثقافة، كل ذلك يمثل فرصا جيدة للنمو بالنسبة للشركات العاملة في قطاع المواد الغذائية. عوامل تثير شهية الشركات العالمية ووفقاً لخوسيه لويس إسكويفل، مسؤول تطوير الامتيازات التجارية في واحدة من أكبر شركات الأغذية الأمريكية، فإن قوة الطلب من قبل المستهلكين ذوي المداخيل المرتفعة، والعادات الاجتماعية المنتشرة في المملكة وهي "تناول الطعام خارج المنزل" وقوة الاقتصاد المحلي تعتبر عوامل تثير شهية الشركات العالمية في صناعة المطاعم لدخول هذا السوق الواعد بنظام" الفرنشايز"، مشيراً إلى أن تناول الطعام في المطاعم أصبح خيار الترفيه المفضل للمستهلكين السعوديين من جميع الأعمار، وهذه الظاهرة قد تخلق فرص نمو حقيقية لمشغلي المطاعم سواء المحلية أو العالمية. وأكد خوسيه الذي التقته "الرياض" على هامش مؤتمر عقد مؤخراً في دبي وخصص لمناقشة الفرص الاستثمارية في صناعة المطاعم بالمنطقة، أن السوق السعودي يظل احد الاسواق العالمية المفضلة للشركات العالمية رغم وجود المنافسة الشديدة بين تلك الشركات العاملة في القطاع الغذائي بالسوق المحلية، موضحاً أن نمو هذه الصناعة يعود لزيادة طلب المستهلكين بالذات على الاطعمة الجيدة باسعار معقولة يدعمها بذلك توفر المواد الخام والاسعار المعقولة للطاقة. نقص العمالة المناسبة ولم يخف خوسيه تخوف الشركات العالمية من أن يتسبب نقص العمالة المناسبة وتعقدّ إجراءات حصول الشركات المحلية صاحبة الامتياز على تأشيرات عمل جديدة وكافية في زيادة مخاطر الاستثمار، مضيفاً:" قضايا القوى العاملة هي واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الشركات العاملة في هذه الصناعة، والذي بدوره قد يساهم في الحدّ من توسع هذه الشركات عبر افتتاح فروع جديدة ". وأضاف:" الحواجز لدخول هذه الصناعة في السوق السعودية هي أساسا في الإجراءات الحكومية التي قد تستغرق وقتا طويلاً ولكن لا يعتبر هذا عائقا خطيرا عند مقارنته مع قضايا القوى العاملة وعدم القدرة في بعض الأحيان على توفير العدد الكافي من الموظفين لإدارة مثل هذه المشاريع.. نحن نواجه مع شركائنا المحليين مثل هذه القضايا ونسعى لإيجاد حلول عملية لها، لكن هذه الحلول تستغرق وقتاً طويلاً، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في زيادة التكاليف على الشريك المحلي". الاستثمار في مجالات حيوية وقال خوسيه لويس إسكويفل:" هناك إقبال من رجال الأعمال السعوديين الشباب على الاستثمار في مجالات حيوية ذات فرص نمو واعدة مثل صناعة المطاعم، ونحن نتطلع إلى الاستفادة من هذا الاتجاه المتنامي من خلال تقديم فرصة فريدة للمستثمرين تتيح لهم إقامة مشاريع تجارية خاصة بهم من خلال شراء امتياز تجاري لمجموعة من سلاسل المطاعم العالمية، ونقوم في هذا الإطار بتوفير دعمنا الكامل ونقل الخبرة والمعرفة للمستثمرين الجدد الذين قد يفتقدون إلى الخبرة اللازمة في هذا المجال". وشدد على أن الشركات العالمية القادمة إلى المنطقة تأخذ بعين الاعتبار أهمية وجود علاقة انسجام مع الشركاء المحليين، وبناء علاقات ثقة قوية معهم للتأكد من أن أنهم قادرون على مواجهة أي تحديات والمساهمة في حلها قدر الإمكان، والقدرة فيما بعد على التكيف مع العادات المحلية، والجودة، والصفات المتعلقة بالعلامة التجارية، مشيراً إلى أن تلك العوامل تجعل من الضروري تعديل بعض المفاهيم في أسلوب العلامة التجارية قبل إدخالها بنجاح في السوق السعودية. وفي السنوات الأخيرة، شهدت السوق السعودية إطلاق وافتتاح العديد من سلاسل المطاعم العالمية الشهيرة، لكن ممارسة الأعمال التجارية في السوق المحلية يعني الانضمام إلى شريك محلي، يستثمر وينفذ على الأرض، بحيث يقوم بتعديل المنتجات لتناسب الذوق المحلي، مع الاحتفاظ بعامل التجديد لكسب قدرة تنافسية داخل سوق مزدحمة بشكل متزايد. ونظام الامتياز التجاري «الفرانشايز»، هو تعاقد تجاري بين طرفين، يقوم فيه الطرف الأول « مانح حق الامتياز» الذي يتمتع بخبرة عملية، وارتفاع فى أرباحه ونسب مبيعاته السنوية بإعارة اسمه التجاري ونظم العمل وما يتضمنه من آليات للعمل والإدارة وضوابط الجودة وتصميمات المكان، وتوفير التدريب اللازم على هذه البنود، وذلك للطرف الثاني «الحاصل على حق الامتياز»، والذي يلتزم بكافة شروط مانح الحق وموافقته على آلية المتابعة مقابل التمتع باسم تجاري ذي مكانة في السوق وإمكانية البدء بمشروع مضمون النجاح برأسمال استثماري محدود نسبياً، والعمل على مستوى تنافسي عالمي نتيجة تزويده ببرامج تسويقية وإجراءات تشغيل معيارية ومختبرة مسبقا. والشركات السعودية الحاصلة على حق الامتياز التجاري لأي شركة عالمية، عليها المضي قدماً في انهاء ومتابعة الكثير من الإجراءات الحكومية، أولها توثيق عقود الامتياز التجاري من وزارة التجارة السعودية والغرف التجارية والحصول على شهادة قيد وكالة لهذه العقود، هذا إلى جانب الإجراءات الحكومية الأخرى المتعلقة بتطبيق الأنظمة والاشتراطات الصحية، والأخرى المتعلقة بوزارة العمل، والتي تشترط توفير الكثير من المتطلبات والمستندات الرسمية. التحدي الأكبر ومع كل هذا يبقى التحدي الأكبر لجميع الشركات العاملة في هذا المجال هو قدرتها الحصول على عدد كافٍ من تأشيرات العمل لتغطية احتياجها من العاملين وفتح اول فروعها العالمية في السوق المحلية، هذا الى جانب تسجيل العلامة التجارية العالمية تحت اسم الشركة السعودية صاحبة الامتياز، والذي لا يزال هو الآخر عائقاً وتحدياً كبيراً أمام الشركات المحلية، فمشاريع "الفرنشايز" لا زالت تسجل في معظمها باسم مانح الامتياز، رغم ضرورة وأهمية أن يسجل كنشاط مستقل باسم الحاصل على الامتياز التجاري، وفي أحيان أخرى يكون المشروع داخل السوق السعودية باسم الشركة العالمية لعدم سهولة التسجيل. ورغم أن وجود تشريعات تنظم أطر العمل لنظام الامتياز التجاري سيساعد كثيرا في ضخ استثمارات جديدة، إلا أن السوق السعودية لا تزال تفتقد إلى إقرار نظام خاص بالامتياز التجاري، في الوقت الذي تردد فيه الجهات الحكومية ذات العلاقة أكثر من مرة بأن هذا النظام يدرس على اعلى مستوى، لكن لا نتائج واضحة حتى الآن حول موعد صدور هذا القانون. وفي ذات السياق، أثبتت التجارب نجاح أسلوب العمل بنظام منح حقوق الامتياز التجاري في خلق فرص أعمال ناجحة قادرة على المنافسة في السوق الدولية لما تتمتع به من مواصفات قياسية ترقى به للعالمية بحسب سامي البدر احد المستثمرين السعوديين في صناعة المطاعم بنظام «الفرانشايز»، والذي أكد أن السوق المحلية أصبحت واحدة من أفضل الأسواق التي تستوعب العلامات التجارية العالمية. وأكد البدر ل"الرياض" ، أن الخبرة الحديثة لبعض المستثمرين في مجال الامتيازات التجارية وطرق إدارتها والتسويق لها أهم التحديات التي تضاف إلى تحديات أخرى تتمثل في الإجراءات الحكومية وتعقدها في بعض الأحيان، مشدداً على أن قطاع المطاعم يعدّ من أكثر قطاعات التجزئة نجاحاً وقدرةً على جني الأرباح، نتيجة ارتباطه بالحياة اليومية للمستهلكين. فرص هائلة للشركات العالمية وأضاف:" تتوافر في السوق السعودية فرص هائلة للشركات العالمية العاملة في قطاع الأغذية، ونتوقع أن نرى مزيدا من التوسع العالمي في هذا السوق الواعد، حيث تخطط الكثير من الشركات على أن يكون لها موطئ قدم في السوق السعودي عبر ابرام اتفاقيات شراكة استراتيجية مع مستثمرين محليين قادرين على إدارة مثل هذه العلامات وتحديد وإدارة استراتيجيات التوزيع، والتسعير، والترويج الذي يختلف من سوق لآخر وطبقاً لاحتياجات السوق المستهدفة. ومع ذلك، يرى البدر أن بعض القيود والإجراءات التي تفرضها الجهات الرسمية الحكومية يجب العمل على إزالتها، مضيفاً:" البيئة التشريعية ليست مستعدة لدعم الامتياز التجاري. ولا يوجد قانون خاص يحدد العلاقة بين صاحب الامتياز ومانح الامتياز كما هو الحال في الولاياتالمتحدة وأوروبا، الى جانب النقص في الخدمات الاستشارية الخاصة بمفهوم الامتياز التجاري، والتي يمكن أن تساعد وتطور العلامات التجارية المحلية وتزويد المشتثمرين بالمشورة القانونية والمالية.