قبل الوزير الأول "عبدالمالك سلال" كان الأمين العام للحزب الحاكم "عمار سعداني" أعلن ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة باسم حزب جبهة التحرير الوطني، لكن إعلان سعداني لم يستنفر قاعات التحرير و مقرات الأحزاب الجزائرية و قيادات أركان مديريات الحملات الانتخابية للمترشحين مثلما فعل إعلان الوزير الأول عبدالمالك سلال أمس السبت ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة. إعلان سلال له طعم آخر لا يروق للكثيرين في الجزائر ويستفهم هؤلاء هل إعلان سلال يشبه إعلان سعداني أم أن "إعلان وهران" هو إعلان ينقله سلال على لسان الرئيس بوتفليقة الذي كانت آخر المعلومات التي بحوزة المحللين والعارفين تتحدث عن رئيس متعافى يتجول تحت الشمس في حديقة بيته و يتجاذب أطراف الحديث يمنة و يسرة مع المحيطين به. ويبدو أن التطورات السريعة التي أعقبت إعلان عبدالمالك سلال ترشح الرئيس بوتفليقة (77 سنة) تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الوزير الأول، و هو رئيس اللجنة الوطنية لتحضير الانتخابات، توّلى نيابة عن الرئيس بوتفليقة إطلاق ترشحه الرسمي لولاية رئاسية رابعة ويختار أكثر من ذلك أكبر تجمع للصحافة الدولية و الوطنية والمحلية التي جاءت تغطي فعاليات الندوة الإفريقية للاقتصاد الأخضر ليقذف العبارة "الخلاص" التي طالما انتظرها الموالون قبل الخصوم منذ أزيد من سنة بكاملها أربكت العمل السياسي في البلاد وخلخلت الوضع الداخلي وقادت إلى صدامات أعلى هرم السلطة في أكبر عملية لكسر العظام بين رؤوس النظام لم تشهدها البلاد منذ استقلالها إلى اليوم. وتأتي تصريحات مصالح رئاسة الجمهورية لتقطع الشك باليقين من أن إعلان عبد المالك سلال هو الأول و الأخير، ولن يعقبه إعلان آخر يسمعه الجزائريون من فم رئيسهم وهو الذي لم يخاطبهم شفويا منذ مايو 2012، وإلاّ فما معنى أن تسارع مصالح الرئاسة ساعة فقط وتؤكد لوكالة رسمية وهي (واج) أن الرئيس ترشح رسميا لولاية رئاسية رابعة وأنه أودع رسالة نية الترشح لدى الداخلية وسحب استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية، دون أن تذكر المصالح نفسها إن كان الرئيس بوتفليقة هو من أودع شخصيا رسالة نية الترشح، أم قام بذلك نيابة عنه واحد من محيطه أو واحد من وزرائه المقربين أو وزيره الأول عبدالمالك سلال نفسه. ولعل الأكيد أن إعلان عبدالمالك سلال ترشح بوتفليقة رسميا إلى الرابعة لن يزيد الساحة السياسية في الجزائر إلا غموضا لسبب بسيط وهو أن تكّفل عبد المالك سلال، وهو طرف في العملية الانتخابية على مستوى الإدارة، بإعلان ترشح بوتفليقة، معناه أن الأخير غير قادر البتة على الظهور في الشاشة لبضع دقائق فقط ليعلن بلسانه وليس لسان وزيره الأول، أنه قرر خوض الرابعة ويبتسم كما يفعل رؤساء الدول ويغادر إلى مكتبه أو بيته، لكن لا شيء من هذا حصل لأن بوتفليقة متوعك صحيا والأمر لم يعد خافيا على الداخل كما الخارج لكن المحيطين به يصرّون على الالتفاف على الرابعة باسمه فقط لشرعنة البقاء للخمس سنوات المقبلة. ولعل الأخطر في إعلان عبدالمالك سلال الترشح الرسمي للرئيس بوتفليقة أن الرجل وهو يعلن نيابة عن بوتفليقة وبالوكالة ترشّح الأخير إلى الرابعة فتح جبهات قديمة جديدة على نفسه أهمها جبهة الداعين إلى إشهار المادة 88 من الدستور التي تتحدث عن شغور منصب الرئاسة بسبب عجز أو مرض او وفاة، وجبهة المطالبين بكشف التقرير الطبي المفصل للرئيس منذ عودته الأخيرة من مستشفى فال دوغراس الباريسي كحق دستوري لجميع الجزائريين وجبهة المقاطعين والخصوم والعامة من الجزائريين الذينعدم ظهور بوتفليقة بنفسه لإعلان ترشحه يبقي الأسئلة مفتوحة يدعو جميعهم بالشفاء للرئيس بوتفليقة لكنهم يقّرون استحالة الذهاب به لخمس سنوات أخرى وهو الذي يستطيع بالكاد تحريك يديه أو الوقوف على رجليه، وجبهة الذين يرفضون أن تجرى انتخابات من حجم الرئاسيات بالوكالة ورئيس غائب عن الأنظار.ويخطئ من يعتقد أن إعلان عبد المالك سلال ترشح بوتفليقة رسميا للرئاسيات هو نهاية فترة معلقة، بل هو بداية نفق اسود لا أحد يعلم منتهاه.