حملت التصريحات الصحفية لمدير كرة القدم في نادي الاتحاد ناصر المحمادي التي جاءت على إثر إقالته اتهامات خطيرة في ظاهرها وأخطر منها بكثير جداً في باطنها، وذلك حينما كشف بأن رئيس النادي إبراهيم البلوي قد هدده بضربه ب"العقال" بعدما احتدم النقاش بينهما، وهو ما دفعه للرد عليه صوناً لكرامته، ما استدعى الرئيس الجديد لاتخاذ قرار إقالته من منصبه!. الخطورة تتجلى من جهة في استخدام الضرب كلغة في حوارات الاتحاديين، وهي لغة لا تليق إلا بأبناء الشوارع، لا بأبناء كيان له قيمته التاريخية ومكانته كمؤسسة وطنية كبرى، ومن جهة ثانية فإنها تكمن في الخوف من أن تكون لغة "العقال" مغلبة على لغة العقل في مرحلة الاتحاد الراهنة، وهي المرحلة التي يحتاج فيها الكيان الكبير إلى الهدوء لمعالجة جملة من الملفات التي ساهمت في زعزعة استقراره في السنوات الأخيرة. الحكمة والعدالة تتطلبان عدم الانحياز حالياً لتصريحات المحمادي إلى أن نستمع لرد البلوي وتتكشف الحقيقة كاملة، خصوصاً مع وجود شهود على الحادثة، فإذا ما ثبت أن البلوي قد قال ما قال فعليه مراجعة نفسه، لأنه في مثل هذه المواقف لا يمثل ذاته بل يمثل صفته الاعتبارية كرئيس لمؤسسة تعنى بالجوانب الرياضية والثقافية والاجتماعية، وهي الجوانب التي تحتاج إلى شخصية تكون في مستوى ما يحمله النادي من أبعاد. المشكلة في هذه الحادثة أن البعض وبمجرد أن وقف على تصريحات المحمادي طارت به ذاكرته إلى عشر سنوات خلت حينما راجت أخبار في الوسط الرياضي والإعلامي عن اعتداء ابراهيم البلوي بالعقال على المحترف البرازيلي آنذاك سيرجيو والذي هدده في حينها برفع شكوى إلى سفارة بلاده قبل أن تتم تسوية القضية التي أصبحت في يومها حديث الساحة، وهو – في ظني – ربط وإن كان مبررا لتشابه الحدثين؛ لكنه يمثل قفزاً على المنطق إذ من الواجب الاستماع للبلوي قبل إدانته فلعل لديه ما يدفع به الاتهام عن نفسه. الأهم هنا ليس في حادثة البلوي والمحمادي في حد ذاتها، بل في حتمية تجنيب الاتحاد لغة "العقال" وتغليب لغة العقل في التعاطي بين مكوناته، حيث بات من الضرورة بمكان أن يبادر إبراهيم البلوي إلى جمع كل الأطراف الاتحادية، وخصوصاً المتصارعة فيما بينها إلى طاولة حوار جادة للوقوف على نقاط الخلاف من أجل التلاقي في منتصف طريق لأجل حاضر ومستقبل العميد، دون الاستهانة بشخص أو فريق، وهو بذلك سيكون قد حقق إنجازاً بحجم بطولة. أتفهم جيداً أن لأبناء البلوي مواقف متعاكسة مع بعض الأطراف الاتحادية؛ نتيجة قضايا سابقة، وأن البعض ينفخ اليوم مع فوز "البلوي" بالرئاسة في رمادها سعياً لتسعيرها أكثر، ومنهم من يصطفون خلف أبناء البلوي أنفسهم، وهذا تصرف إن ركنوا له أو تجاوبوا معه فسيكونون وحدهم الخاسرين لأنهم اليوم من يقبض على سلطة القرار في النادي بينما الآخرون أصبحوا على المدرج لا عمل لهم غير السعي لإفشال تجربتهم الراهنة، وهو ما يستدعي منهم تفعيل "العقل" في التعاطي لا "العقال"!