التقت المعارضة السورية أمس وسط انقسامات شديدة في اسطنبول للبت في إمكانية مشاركتها في مؤتمر جنيف-2 الدولي حول سورية، في وقت تخضع لضغوط شديدة من داعميها العرب والغربيين. وقبل خمسة أيام من انطلاق المؤتمر الدولي بمبادرة أميركية روسية، تعقد الجمعية العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعا مغلقا في أحد فنادق ضواحي اسطنبول. وقال أحد أعضاء الائتلاف لوكالة فرانس برس انه "على ضوء المناقشات المحتدمة في الاجتماع الاخير فان الاجتماع قد يستمر حتى غدٍ (اليوم) السبت". وكان مندوبو المعارضة المعتدلة للرئيس السوري بشار الأسد عجزوا خلال اجتماع سابق في اسطنبول قبل عشرة ايام عن اتخاذ قرار بشأن المشاركة في المؤتمر الدولي حول سوريا بسبب الانقسامات القائمة بينهم. وعشية اجتماعهم الجديد حض وزير الخارجية الاميركي جون كيري مجددا الائتلاف على المشاركة في مؤتمر جنيف-2. وقال كيري متحدثا امام الصحافيين إنه "عشية الجمعية العامة التي سيتخذ خلالها الائتلاف الوطني للمعارضة السورية قرارا في شان مشاركته في مؤتمر السلام في جنيف، تدعو الولاياتالمتحدة إلى تصويت إيجابي". وأضاف "ينبغي تمكين الشعب السوري من تحديد مستقبل بلاده، ينبغي الاستماع الى صوته". ويرفض قسم من أعضاء الائتلاف بدءا بمكونه الرئيسي المجلس الوطني السوري، الجلوس إلى الطاولة ذاتها مع ممثلي نظام دمشق. واشترط المجلس من أجل المشاركة في جنيف-2 ان يكون التفاوض على "انتقال السلطة بكل مكوناتها واجهزتها ومؤسساتها ثم رحيل" الأسد مطالبا في الوقت نفسه بوقف اطلاق نار خلال المحادثات. كما أكد الائتلاف خلال جمعيته العامة "التزامه المطلق بأن هيئة الحكم الانتقالية لا يمكن أن يشارك فيها بشار الأسد أو أي من المجرمين المسؤولين عن قتل الشعب السوري، كما لا يمكن لهم القيام بأي دور في مستقبل سوريا السياسي". غير ان مطالب المعارضة السورية لم تتحقق. وكرر النظام السوري انه لن يذهب إلى جنيف "لتسليم السلطة إلى أحد.. ولن نقبل عقد صفقات مع احد" مؤكدا انه يعود لبشار الاسد ان يقود المرحلة الانتقالية. وفي مواجهة التحفظات المتزايدة في صفوف المعارضة على هذا المؤتمر، ضاعفت الجهات الغربية والعربية الداعمة للمعارضة السورية التطمينات والضغوط لاقناعها بالذهاب الى سويسرا، حيث باتت مشاركتها في المؤتمر شرطا لا بد منه لتاكيد مصداقيتها. وفي هذا السياق أكد مؤتمر أصدقاء سوريا المنعقد في باريس أن لا مستقبل" للأسد في سوريا. غير ان رئيس الائتلاف أحمد الجربا لم يخف "قلق" الائتلاف و"شكوكه" و"مخاوفه" بشان ما سيفضي اليه مؤتمر جنيف-2. ونقلت وسائل إعلام بريطانية ان واشنطن ولندن هددتا المعارضة السورية مباشرة بقطع مساعداتهما لها اذا لم تشارك في المؤتمر الدولي. وقال مسؤول في الائتلاف لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) وصحيفة الغاريان طالبا عدم كشف اسمه "ابلغونا بوضوح شديد انهم سيوقفون دعمهم لنا واننا سنخسر مصداقيتنا لدى المجموعة الدولية اذا لم نشارك في المؤتمر". ونفت واشنطن ولندن ان تكونا وجهتا مثل هذا التهديد إلا أن معارضة الداخل تذرعت بذلك لتعلن عدم ذهابها الى سويسرا. وقال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس ان "الائتلاف لا خيار لديه وبالتالي سوف يرسل على الارجح وفدا الى سويسرا لكنه راى ان "هناك احتمالات عالية بان يتفكك جراء هذا القرار". وسيسعى المؤتمر الدولي الذي ينطلق في مونترو قبل الانتقال الى جنيف لايجاد حل سياسي يمكن ان يضع حدا للنزاع المستمر في سوريا منذ 2011 والذي اسفر عن اكثر من 130 الف قتيل وملايين اللاجئين والنازحين. من جهته أعرب وزير الخارجية السوري عن اعتقاد دمشق بأن مؤتمر "جنيف-2" من شأنه "أن يؤسس للحوار بين السوريين من دون أي تدخل خارجي مع احترام سيادة سوريا"، مجدداً تأكيد حضور دمشق للمؤتمر، رغم محاولات عرقلته، وعدم وضوح موقف الإئتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة بشأن المشاركة به. وأكد أن دمشق ستواصل جهدها لإنجاح المؤتمر لتأمين تطلعات الشعب السوري، في ما يتعلق بمكافحة "الإرهاب"، معتبراً أن على المؤتمر إطلاق حوار بين السوريين بما يضمن سيادة بلادهم. أما وزير الخارجية الروسي فقال إن ما يثير "قلقنا هو أنه في حين أعلنت الحكومة السورية موافقتها على المشاركة في المؤتمر وشكّلت وفدها، لم تُقدم المعارضة، وبخاصة الائتلاف الوطني، على خطوات مماثلة بعد". وأكّد لافروف على "ضرورة مشاركة هيئة التنسيق الوطنية والمنظمات الكردية في "جنيف-2"، واعتبر أن " لا مسوغات لاستبعاد المعارضة الداخلية من هذا المؤتمر"، مشيراً إلى ان "الائتلاف الوطني وغيره من فصائل المعارضة لم تتلق دعوات رسمية لحضور جنيف-2 بعد". وشدد على أن الوضع الإنساني في سوريا موضوع حساس للغاية، غير أنه اعتبر أنه "لا يجوز استغلاله لتبرير التدخل في سوريا.. وكذريعة لإحباط "جنيف-2".