مع التوجه الجديد يدخل ضمن أولويات سياسة الدولة الحكيمة بالاهتمام بالمرأة بمنحها فرص جديدة في مجتمعها، ودعمها لتكون عنصرا فاعلا يستطيع أن يسهم في الكثير من المنجزات، من خلال فتح مجالات العمل المتنوعة أمامها، تظهر أهمية إيجاد مراكز متخصصة لضيافة الأطفال، تساعد المرأة العاملة على أن تجد البيئة المناسبة والملائمة لطفلها، ومن هنا تأتي أهمية منح التراخيص لإنشاء مثل تلك المراكز، التي يجب أن تبادر إليها وزراة الشؤون الاجتماعية بالتوافق والتنسيق مع بنك التسليف، الذي لابد أيضاً أن يدعم مثل هذه المشروعات التي من شأنها زيادة فعالية المرأة في المجتمع، إلى جانب القطاع الخاص، في وقت أصبح من الضروري أن تجد الأسرة البديل لاحتواء طفلها والعناية به بعيداً عن الخادمات، فمتى نجد التوجه الكبير لتعميم فتح مراكز ضيافة للأطفال في مختلف المناطق؟ ولماذا لا نجعل هذا التوجه هدفا لدى مختلف الجهات الداعمة؟ وتساعد "مراكز ضيافة الأطفال" على راحة المرأة العاملة، حيث سيصب ذلك في زيادة إنتاجيتها، دون التفكير بطفلها، حيث أنه في حال وجود موظفات متخصصات في رياض الأطفال، فإن ذلك سينعكس على تربية الابن بشكل صحيح، إلى جانب أنها ستؤهله إلى خوض المراحل الدراسية بكل يسر وسهولة، إلاّ أنه يجب اختيار المؤهلين للعمل بها، من خلال تجريب أدائهم وتقييم مستوياتهم، فالأهم هو إفادة الصغار طوال وقت قضاء والدتهم في العمل. وزارة الشؤون الاجتماعية لم تسوق المشروع بشكلٍ كافٍ ومقنع للمستثمرين فكرة رائعة وقال "د. عبد الله الحمود" -مستشار نفسي وإداري وخبير تدريب برامج التنمية البشرية-: إن دعم هذا المشروع فكرة رائعة، خاصةً لمن تجد صعوبة كبيرة في وضع أطفالها لدى أحد أفراد الأسرة، فهو مشروع جيد ومسماه جميل؛ لأنه سيحل أزمة كبيرة لدى سيدات الأعمال، وقد تُعد هذه المراكز إعداداً جيداً ببرامج تجعل منها أماكن تربوية، مضيفاً أنه من الممكن وجود أخصائيين تربويين، وكذلك موظفات، كما أنه من الممكن أن تقدم هذه المراكز البرامج بحسب الفئات العمرية للأطفال، مؤكداً على أن ذلك يحتاج إلى وقت ليتقبلها المجتمع، خاصةً أن أي فكرة جديدة مهما كانت جيدة فإن هناك تخوفا منها، حتى يتم خوض التجربة، مشيراً إلى أنه من المهم أن تثبت هذه الأنشطة والبرامج جدواها، ويجب أن يتم الاعتماد على متخصصين عالي المستوى، مُؤكداً على أهمية منح التراخيص لهذه المراكز من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، على أن يتم تقييم العمل ومدى تأهيل الموظفين في ذلك المركز، بحيث لا يكتفى بالمؤهلات الورقية فقط، بل لابد من إجراء اختبارات بسيطة للتأكد من مدى ملائمة هذا الشخص للعمل. تدريب وتجريب وشدّد "د. الحمود" على ضرورة التدريب والتركيز على المهارات، فنحن لا ننكر وجود التدني في المستوى للمهارة لدى بعض الخريجين، فالمؤهل التعليمي يكون عاليا لكن المهارة ضعيفة، مضيفاً أن هناك فرقا بين الضمان والمضمون، فالضمان هذه الشهادة والمضمون هو الفعل، فأحياناً نجد أن الضمان عال والمضمون متدن، مضيفاً أن التجريب هو جوهر الحياة وأي حياة بلا تجريب هي أقرب للفشل من النجاح؛ لأننا نتعلم في المعاهد والجامعات، وأغلب ما يتم تعلمه هو نظري، مبيناً أنه حينما نتوجه للعمل لا نقدم الكفاءة العالية بسبب المهارة العملية، فلدينا أفكار نظرية ولدينا معلومات، لكن في أرض الواقع الأمر يختلف، فوجود الدورات لابد أن يكون إلزاميا في مثل مراكز ضيافة الطفل، بحيث لابد أن تؤهل الموظفات حتى في التعامل مع الصغار، وفي التعامل مع أولياء الأمور، وحتى في التعامل بينهم وبين بعض، مشيراً إلى أن التدريب مهم جدا، لكن يجب أن نعتمد على التدريب الانتقائي، فهناك تدريب يحتاج إلى تدريب. وأضاف أن هناك من يدرب، لكن تدريبه غير كاف، حتى أصبح لدينا فوضى في مجالات كثيرة، ناصحاً بأن يتم الاعتماد في التدريب على متخصصين وبمعايير واضحة؛ لأننا نفتقر للمعايير الثابتة والصارمة على الجميع، كذلك لابد من وجود مقاييس معلومة وجودة معقولة تمنحنا استمرارا وتطورا مع مرور الوقت. راحة الأم وأوضحت "مضاوي الحسون" -عضو مجلس سيدات الأعمال الدولي وعضو مجلس الغرف التجارية السعودية- أن فكرة إنشاء مراكز ضيافة للأطفال أكثر من ممتازة، خاصةً حينما تكون المرأة عاملة فإنها ستشعر بالاطمئنان أكثر من وجود أطفالها لدى المربية، مضيفاً أنه لابد من اشتراط أن تكون الموظفات سعوديات ومتعلمات حتى تشعر الأم بالراحة أكثر بوجود أطفالها لدى امرأة متعلمة واعية، مُشددةً على ضرورة أن يتم التوجه إلى تعميم مثل هذه المراكز، خاصةً مع التوجه الجديد في دعم عمل المرأة، فاستبدال الأم بأم أخرى أفضل من استبدال الأم بمربية، مع ضرورة أن يتم التركيز على تدريب موظفات مركز الضيافة، بحيث يتم دعمها بدورات مدروسة لكيفية التعامل مع الطفل، وأن لا يترك الأمر مفتوحا، مؤكدةً على أهمية توافر عدة شروط أهمها أن تكون الموظفة في مركز الضيافة محترفة في عملها حتى ينجح مثل هذا المشروع. وأشارت إلى أن دور وزارة الشؤون الاجتماعية في دعم مثل هذه المشروعات عقيم، فليس هناك فكر خلاق في صندوقها لإحياء مثل هذه المراكز، وليس هناك أي جهد من قبلها، فعلى الرغم من دعمها بميزانية ضخمة إلاّ أننا لا نجد أبداً مشروعات ملموسة تساعد على الوعي وتدعم تنمية تطوير الأسرة والمرأة -حسب قولها-، موضحةً أن سيدات الأعمال ورجال الأعمال كثيرا ما حاولوا دعم أفكار جديدة تخدم المجتمع إلاّ أنهم يقابلون بالكثير من الجمود والمعوقات. تجربة ناجحة وأكدت "مها السديري" -مديرة الإدارة النسائية بأمانة الأحساء- على أن هذه الفكرة طبقت في الأحساء، عبر أول امرأة سعودية أنشأت أول مركز ضيافة للأطفال في الأحساء، حيث تم استخراج لها رخصة إنشاء مركز ضيافة للأطفال، مضيفةً أنه تم توجيه الشكر لصاحبة المبادرة والتي أنشأت المركز وفق اشتراطات محددة، مبينةً أن المرأة السعودية تحتاج لأن تكون مطمئنة لوجود أطفالها في مركز جيد، مع ضرورة أن تكون العاملات في المركز جميعهن مواطنات، لافتةً إلى أن وزارة الشؤون البلدية لديها اشتراطات لإنشاء هذا العمل، ومن ضمن أهم الشروط أن يكون جميع العاملات سعوديات الجنسية وحاصلات على شهادة جامعية ضمن تخصص الطفل، بل حتى المستخدمات لابد أن يعرفن القراءة والكتابة، ذاكرةً أن مثل هذه المراكز تخدم المرأة العاملة أكثر من خدمة المرأة التي في المنزل. وأضافت أن قبول الأطفال في مركز الضيافة مفتوح وليس له شروط، لكن يحدد سن الحضانة من الرضع حتى (10) أعوام، والاستضافة تكون إمّا بالساعة أو باليوم أو بالأسبوع، وقد حقق هذا المركز نجاحاً كبيراً وأثمر مع الأسر. تغير جذري وأشارت "مها السديري" إلى أنه من الأجدى تعميم فكرة مراكز الضيافة للأطفال لما لها من أثر كبير وبالغ في حياة المرأة، مضيفةً أنه سيكون هناك تغير جذري في حياة المرأة خاصةً المرأة العاملة فيما لو تم دعم مثل هذه المشروعات، مؤكدةً على أنه سيساهم في تقليل مشاكل الخادمات، فهناك معرفة بمن يتعامل مع الطفل، كذلك هناك رعاية كبيرة للطفل، كما أنه سيساهم في تقديم برامج جيدة في وقت الحضانة، مما سيؤثر على سلوكيات الطفل وشخصيته بشكل كبير، داعيةً الأمانات إلى دعم مثل هذه المشروعات الجيدة، وعدم وضع العراقيل أمامها من أي جهة حكومية، فالمرأة التي أنشأت هذا المركز بقيت ستة أشهر وهي تحاول استخراج رخصة من البلدية، لكن للأسف تم تعليق الموضوع لعدم وجود الجرأة بالموافقة، مبينةً أن الخوف والتردد هو من يواجه مثل هذه المشروعات، لافتةً إلى أن روح التعاون بين الجهات الحكومية غير موجود، فحينما يكون لدى المواطن معاملة بين أربع جهات حكومية فإننا لانجد هناك تعاون بين الجهات الأربع لتخليص معاملته، فتمر الشهور وهي معلقة. تقديم الدعم وشدّدت "مها السديري" على ضرورة أن يتم دعم استخراج التراخيص لمركز ضيافة الأطفال، وعلى كل الجهات المتعلقة بهذا المركز أن لا تتأخر في تقديم الدعم؛ لأنه فتح مجال عمل خاصة للفتيات الحاصلات على تخصص رياض أطفال، لكنهن لا يجدن فرصة عمل تحتضهن، مضيفةً أنه من المهم أن يكون لبنك التسليف دور في دعم مشروع مراكز الضيافة للأطفال، متسائلةً: لماذا لا يكون للجهات الحكومية دعم لمثل هذه المشروعات بدلاً من الاعتماد على الجهات الخاصة؟ التي لها دور كبير وجميل في الدعم من قبل سيدات ورجال أعمال، فعلى سبيل المثال "باب رزق" في عبداللطيف جميل و"جنا" هما دائماً من يقدمون الدعم، متسائلةً: لماذا لا يكون لبنك التسليف دور في دعم مراكز ضيافة الأطفال بشكل سريع ومدروس؟ مراكز ضيافة الأطفال تضمن عدم انشغال تفكير الأمهات بفلذات أكبادهن د. عبد الله الحمود مضاوي الحسون