مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    الأمن.. ظلال وارفة    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون العمرة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    من «خط البلدة» إلى «المترو»    أهلا بالعالم    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    كرة القدم قبل القبيلة؟!    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    النائب العام يستقبل نظيره التركي    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    استثمار و(استحمار) !    وسومها في خشومها    وانقلب السحر على الساحر!    منتخبنا كان عظيماً !    الضحكة الساخرة.. أحشفاً وسوء كيلة !    الأخضر يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة العراق في خليجي 26    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    إحباط تهريب (140) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    آل الشيخ: المملكة تؤكد الريادة بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن حكومة وشعبا    موارد وتنمية جازان تحتفي بالموظفين والموظفات المتميزين لعام 2024م    "التطوع البلدي بالطائف" تحقق 403 مبادرة وعائدًا اقتصاديًا بلغ أكثر من 3مليون ريال    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ د.الخثلان: آثم كل من تطاول على أعراض الناس في «مواقع التواصل الاجتماعي»
عضو هيئة كبار العلماء محذراً من انتشار «الفتوى الشاذة».. وفُتيا طالب العلم المبتدىء
نشر في الرياض يوم 11 - 12 - 2013

حثَّ الشيخ «د.سعد بن تركي بن محمد الخثلان» -عضو هيئة كبار العلماء- الدعاة بالإفادة من وسائل التقنية الحديثة كالقنوات الفضائية والانترنت؛ لأنها تختصر الكثير من الجهد والوقت أمام المتلقين، داعياً طلاب العلم المبتدئين ألاّ يخوضوا في الفتوى حتى يتأهلوا، مؤكداً على أن من أسباب انتشار «الفتوى الشاذة» هي حب بعض الإعلاميين للإثارة.
وانتقد في حواره ل»الرياض» ما يوجد في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي من تجريح وسب وقذف، مُشدداً على ضرورة تفعيل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية للحد من هذا العبث الذي لا يليق بالمجتمع الإسلامي، ذاكراً أنه ينبغي التعامل مع النوازل والقضايا المعاصرة من الناحية الشرعية عبر مؤسسات الاجتهاد الجماعي؛ لأن اجتهاد الجماعة أقرب للتوفيق من الاجتهاد الفردي، خاصةً في وقتنا الحاضر الذي تعقدت فيه بعض المسائل وأصبحت بحاجة إلى متخصصين يصورونها للفقهاء.
وشدّد على أن المحافظة على ما لدينا من محاسن مطلوب، لكن التغيير إلى الأفضل يُعد هدفاً نسعى إليه، مبيناً أن الجانب الأقوى لتغيير المجتمع إلى الأفضل هو السعي إلى بناء الأجيال، عبر غرس القيم والمبادىء الفاضلة في نفوسهم، والمحافظة على الثوابت من شرعنا المطهر، ثم بغرس ثقافة الانضباط والجدية في العمل، داعياً إلى تنظيم الرقية في المملكة، وأن يعهد تنظيمها إلى وزارة الشؤون الإسلامية أو هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيما يلي نص الحوار:
تلميذ ابن باز
* حدثنا عن بداية مشواركم الدراسي حتى انضمامكم إلى هيئة كبار العلماء؟، وكيف تلقيت خبر الانضمام للهيئة؟
- من باب التحدث بنعمة الله فإن من فضل الله تعالى علي أن رزقني التفوق في جميع مراحل الدراسة، وكنت الأول على زملائي في جميع مراحل التعليم، حتى في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وقد
من وضع «هاشتاق» باسم شخص معين ثم يكتب فيه «الصالح والطالح» يتحمل وزره إلى يوم الدين
حفظت القرآن الكريم في الصغر، وتتلمذت على بعض العلماء الكبار، وأفدت من دروسهم، ومن أبرزهم سماحة شيخنا «عبدالعزيز بن باز» -رحمه الله-، أما انضمامي لهيئة كبار العلماء فهو تكليف ومسؤولية عظيمة قبل أن يكون تشريفاً، وكان في تاريخ 3/3/1434ه، وقد سبقه رؤيا رأيتها وأخرى رآها غيري وكان تأويلها هو ما تحقق.
واجب الدعوة
* كيف ترى دور الدعاة على الساحة الآن، خاصةً أنهم يملكون التقنية الحديثة التي توصلهم إلى فئات المجتمع مختلفة؟
- الدعوة إلى الله تعالى من أفضل الأعمال وأحسنها كما قال الله تعالى: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين»، وهذه الدولة المباركة أخذت على عاتقها أداء واجب الدعوة، فقد نص النظام الأساسي للحكم في مادته الثالثة والعشرين على أن «الدولة تحمي عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤدي واجب الدعوة إلى الله»، وأنشأت الدولة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وهنا على الدعاة الاجتهاد في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة وباللين والرفق، فإن الرفق ما كان في شيء إلاّ زانه، وما نزع من شيء إلاّ شانه، وينبغي أن يفيد الدعاة من وسائل التقنية الحديثة فإنها تختصر الكثير من الجهد والوقت، فعلى سبيل المثال القنوات الفضائية يستطيع الداعية أن يصل عن طريقها إلى شريحة كبيرة من الناس، والداعية لو ألقى محاضرة في مسجد فإن عدد المستفيدين منها لا يتجاوز العشرات أو المئات على أكثر تقدير، بينما لو كانت عل قناة فضائية لكان المستفيدون منها بالملايين، ومثل ذلك الشبكة العالمية «الإنترنت» وغيرها من وسائل التقنية الحديثة.
الاجتهاد الجماعي أفضل في التعامل مع «النوازل».. والتغيير إذا لم يكن للأفضل لا نسعى إليه
ضبط الفتوى
* ما توجيهكم لطلاب العلم المبتدئين الذين يتصدرون المجالس ووسائل الإعلام للفتوى والخوض في المسائل الشرعية وليس عندهم تأهيل للفتوى؟
- الفتوى توقيع عن رب العالمين، وقول على الله تعالى، وقد كان السلف الصالح يعظمون شأن الفتوى، بل كانوا يتدافعونها، وكل منهم يود أن أخاه قد كفاه، وقد صدر قبل عامين أمر ملكي بضبط الفتوى وقصرها على كبار العلماء أو من يرشحهم سماحة المفتي من طلاب العلم المؤهلين للفتيا، وينبغي لطالب العلم المبتدىء ألاّ يخوض في الفتوى حتى يتأهل، فإن الفتوى قول على الله تعالى والقول على الله بغير علم من كبائر الذنوب كما قال الله تعالى:»قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، فقرن الله تعالى القول عليه بغير علم بالشرك به الذي هو أعظم الذنوب.
إثارة وانتشار
* هناك من يقول إن المشتغلين بحثاً واجتهاداً في العلوم الشرعية في الوقت الحاضر لا يتجاوزون خانة الاتباع والتقليد، وهو ما أعاق مساحة الإبداع في العلوم الشرعية خاصةً المسائل الفقهية، إلى أي مدى تتفق مع هذا القول؟
- هذا المقولة بهذا التعميم غير صحيحة، فهناك طلاب علم مبدعون وكل يوم تقذف المطابع الجديد من الكتب في المجالات الشرعية ولا تخلو من إبداع، وهناك عناية من الكليات الشرعية في المملكة بالإبداع والبحث في القضايا والنوازل والمسائل المعاصرة، وعلى سبيل المثال؛ يوجد في قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مشروع الرسائل العلمية في النوازل في جميع أبواب الفقه، وقد أشرفت على بعض هذه الرسائل وناقشت بعضها، لكن كنظرة عامة لطلاب العلم الشرعي يمكن تصنيفهم إلى ثلاث فئات (الأولى) تعنى بضبط ما دوّنه العلماء السابقون، وليس لهم عناية بالفقه المعاصر، (الثانية) تعنى بالفقه المعاصر، وليس عندها تأصيل ولا عناية بضبط ما دونه العلماء
السابقون، أما (الثالثة) فجمعت بين التأصيل والعناية بكلام العلماء السابقين وبين العناية بالفقه المعاصر، وهؤلاء هم المؤهلون للفتيا، والذين يرجى منهم النفع لمجتمعهم وأمتهم.
* لماذا أصبح في مجتمعنا جدل حول بعض الفتاوى الشرعية؟، هل هو نتيجة لتغييب الآراء الفقهية الأخرى؟
- الشذوذ في الفتوى ليس جديداً وإنما هو موجود من قديم، لكن ربما برز في الوقت الحاضر بسبب وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت العالم كما يقال كالقرية الصغيرة، فما إن تخرج فتوى فيها غرابة أو شذوذ إلاّ وسرعان ما تنتشر عبر هذه الوسائل وتكون محل جدل، ومن الأسباب أيضاً محبة بعض الإعلاميين للإثارة، فتجد بعضهم يتتبع فتاوى أشخاص معينين ويتصيد ما يمكن أن يكون فيه غرابة ويثيرها وسرعان ما تنتشر.
اجتهاد جماعي
* كيف يكون التعامل مع النوازل والقضايا المعاصرة من الناحية الشرعية؟
- أرى أن يكون التعامل معها عبر مؤسسات الاجتهاد الجماعي ما أمكن؛ لأن الاجتهاد الجماعي أقرب للتوفيق وإصابة حكم الشارع من الاجتهاد الفردي، خاصةً في وقتنا الحاضر الذي تعقدت فيه بعض المسائل وأصبحت بحاجة إلى
نحتاج إلى سرعة إنجاز القضايا في المحاكم وتنظيم الرقية وتدوين الأحكام التعزيرية
متخصصين يصورونها للفقهاء؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والتصور قد لا يتمكن منه الفقيه إلاّ بمساعدة من أهل الاختصاص، ويوجد -ولله الحمد- في الوقت الحاضر مؤسسات علمية تعنى بالاجتهاد الجماعي ومنها المجامع الفقهية وعلى رأسها مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، وقد عقد (21) دورة فيها قضايا كثيرة ونوازل تهم المسلمين، وكذلك مجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد كذلك (21) دورة كان آخرها في الرياض قبل أيام، إضافةً إلى هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية وإن كانت تختص بالمعاملات المالية، وعلى المستوى المحلي يوجد هيئة كبار العلماء، وقد صدر عام 1432ه أمر ملكي بإنشاء مجمع فقهي في المملكة، وأقرت لائحته من مجلس الوزراء، ونرجو أن يرى النور قريباً، حيث سيكون له إسهام كبير في إثراء البحث الفقهي، خاصةً النوازل والقضايا المعاصرة في المملكة.
* ما هي السلطة الأقوى لحركة التغيير في مجتمعنا؟
- التغيير بحد ذاته ليس هدفاً يسعى إليه، فالمحافظة على ما لدينا من محاسن مطلوب، لكن التغيير إلى الأفضل هذا هو الهدف الذي ينبغي أن نسعى إليه، والجانب الأقوى لتغيير المجتمع للأفضل هو السعي إلى بناء الأجيال، عبر غرس القيم والمبادىء الفاضلة في نفوسهم، والمحافظة على الثوابت من شرعنا المطهر، ثم بغرس ثقافة الانضباط والجدية في العمل وتشجيع الإبداع ورعاية الموهوبين، وكذلك استقطاب ذوي الكفاءات الإدارية العالية والإفادة منهم في القطاعات الحيوية التي يحتاج إليها المجتمع.
تطوير القضاء
* مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء والدعم الكبير الذي حظي به، هل أنتم راضون عمّا وصل إليه الآن من تطوير؟، ما مقترحاتكم؟
- القضاء في الإسلام على مدار (14) قرناً مضت كان مزدهراً، وبُني على قواعد واضحة يسير عليها القضاة، كما كان يتسم بالبساطة، ولكن في الوقت الحاضر تداخلت بعض الأمور الإدارية مع الأمور القضائية، أضف إلى ذلك كثرة الناس وتشعب القضايا، وهذا أدى إلى تأخر البت في كثير من القضايا، وقد أدركت الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- أهمية العناية بمرفق القضاء فرصدت سبعة مليارات ريال، حيث يعمل «د.محمد العيسى» -وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء- هو ومساعدوه في المجلس وفي الوزارة بجهود كبيرة في سبيل الارتقاء بهذا المرفق المهم، وقد اجتمعت معه على هامش اجتماعات هيئة كبار العلماء، وذكرت له بعض المقترحات، ورأيت منه حماساً كبيراً وذكر لي أنه لم يأخذ إجازة منذ (20) عاماً، فأسأل الله تعالى أن يبارك في الجهود ويسدد الخطى، وقبل أيام أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- المراسيم الملكية اللازمة بالموافقة على أنظمة المرافعات الشرعية، ولا شك أن هذه الأنظمة تسهم في الارتقاء بمرفق القضاء، كما نطمح إلى أن يكون القضاء لدينا في المملكة أفضل قضاء؛ لأن لديه خاصية لا توجد في أي قضاء في العالم، وهو اعتماده على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وقد نصت المادة (46) من النظام الأساسي للحكم على أن «القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية»، ونصت المادة (48) على أن «تُطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دلَّ عليه الكتاب والسنة، وما يُصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة»، وإذا كانت معظم الشركات الكبرى تنص في عقودها على أنه عند الاختلاف فيرجع إلى القضاء الانجليزي، فإني أطمح إلى أن يأتي اليوم الذي تنص فيه هذه الشركات على أن المرجع عند الاختلاف هو القضاء في المملكة، وأطمح إلى أن نعيد للقضاء تألقه وتميزه وألاّ تستغرق القضايا المنظور فيها لا أقول في جلسة أو جلستين كما كان عليه الأمر في العصور السابقة، فربما أكون مفرطاً في التفاؤل، لكن إلى مدة ليست بالطويلة، هذا حلم وطموح وليس مستحيلاً مع وجود الإرادة الصادقة والعزيمة.
تدوين الأحكام
* مشروع تدوين الأحكام القضائية مثل العقوبات التعزيرية، يُعد انطلاقة تاريخية لتطوير أنظمة القضاء، ما وجهة نظركم في ذلك؟
- تدوين الأحكام القضائية للقضاة من حيث الأصل لا إشكال فيه، فالقضاء لدينا في المملكة يعتمد على «المذهب الحنبلي» -في الجملة-، وكتب المذهب هي نوع تدوين للأحكام الفقهية، لكن الجدل القائم ليس في التدوين، وإنما في الإلزام به؛ لأنه يفضي إلى أن القاضي يحكم بخلاف ما يعتقد، والذي يظهر أنه لا إشكال في تدوين الأحكام القضائية ولا في الإلزام بها، لكن يجعل مجالاً للقاضي الذي له وجهة نظر مخالفة للمدون في إبدائها وتسبيبها؛ لأنه مهما كان عليه التدوين من العناية فلن يحيط بجميع القضايا، وحتى لا يفضي ذلك إلى إلزام القاضي بخلاف ما يعتقد ويرفع حكم القاضي في حال المخالفة للمدون للمحكمة العليا لإقراره أو عدم إقراره، وأظن أن نسبة من يكون له وجهة نظر من القضاة مخالفة للمدون لن تكون كبيرة، وأرى أن تدوين الأحكام القضائية خاصةً العقوبات التعزيرية مهم جداً، بل يُعد نقلة كبيرة في مرفق القضاء، والمحكمة العليا قد عهد إليها منذ سنوات بإصدار المبادىء القضائية لكن حسب علمي لم يصدر شيء من ذلك حتى الآن.
مواقع التواصل
* تعليقكم على ما يجري عبر وسائل التواصل الاجتماعي من إساءات وتجريح لبعض المسؤولين وبعض الرموز في المجتمع؟
- المسلم له عند الله عز وجل حرمة عظيمة، سواء كان من المسؤولين أم من غيرهم، وقد عظّم النبي صلى الله عليه وسلم شأن حقوق العباد في أعظم اجتماع في عهده عليه الصلاة والسلام في «خطبة عرفة»، وقد حج معه قرابة (100) ألف، وافتتح خطبته العظيمة بقوله: «أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد»، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حرمة دم المسلم وعرضه وماله كحرمة اليوم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام، وليس هناك دين من الأديان عظم شأن مسؤولية الكلمة مثل دين الإسلام، حتى أنه جعل الدخول في دين الإسلام بالنطق بكلمة التوحيد ويصبح بعدها مسلماً، ويدخل الإنسان عقد الزوجية بأن يقول الولي: «زوجتك»، ويقول الراغب في الزواج: «قبلت»، وينعقد عقد النكاح بهذه الكلمة وتصبح هذه المرأة التي كانت أجنبية عنه قبل هذه الكلمة هي زوجته -مع توفر الشروط الأخرى-، وقد يخرج من عقد النكاح بكلمة الطلاق وهكذا، فالإنسان في دين الإسلام مسؤول عن كل كلمة ينطق بها مسؤولية كاملة في الدنيا والآخرة، وقد قرّر العلماء أن الكتابة تأخذ حكم النطق وعندهم قاعدة مشهورة وهي أن «الخطاب كالجواب»، لهذا لو أن رجلاً كتب كلمة الطلاق وأرسلها لزوجته ناوياً طلاقها وقع الطلاق ولو لم يتلفظ بذلك، وعليه فما يكتبه المسلم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مسؤول عنه مسؤولية كاملة في الدنيا والآخرة، وأعجب من بعض الناس الذين عندهم حرص على كثير من الطاعات، لكنهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يتورعون عن الوقوع في أعراض الناس والسب والقذف والشتم وسوء الظن، وأسوأ من ذلك من يعمل وسماً -هاشتاق- باسم شخص معين ثم يكتب فيه الصالح والطالح، والذي ينشئ هذا الوسم يكون عليه من الوزر مثل أوزار من وقع في عرض ذلك الشخص الذي كتب الوسم باسمه، لكونه هو المتسبب في ذلك، ومن المقرر في الشريعة الإسلامية أن من تسبب في إيقاع الناس في معصية فإنه يكون عليه من الإثم مثل آثام من وقع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه»، ومع هذا التشديد من الشريعة الإسلامية بشأن مسؤولية الكلمة إلاّ أن من يدخل مواقع وسائل التواصل الاجتماعي يحزن على واقع كثير من المسلمين عندما يرى التجريح والسب والقذف بأسماء مستعارة وتارة بأسمائهم الصريحة، وأرى أنه ينبغي تفعيل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية للحد من هذا العبث الذي لا يليق بالمجتمع الإسلامي.
تارك الزكاة
* تارك الزكاة بُخلاً قال البعض عنه إنه كافر، ما رأيكم من الناحية الشرعية؟
- من ترك الزكاة بُخلاً لا شك أنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، لكن اختلف الفقهاء في كفره، وأكثرهم على أنه لا يكفر، وهذا هو القول الراجح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي منها حقها، إلاّ إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيُكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار» -رواه مسلم-، ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسل توعد مانع الزكاة ثم قال: «فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار»، ولو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة.
إسقاط الجنين
* هل يجوز إسقاط الجنين قبل (120) يوماً من الحمل في حالة كونه معوقاً أو مشوّهاً خُلقياًّ بناء على تقرير الأطباء؟
- دل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح...» -متفق عليه-، على أن الروح تنفخ بعد (120) يوماً، وعليه فهو قبل ذلك ليس بإنسان؛ لأن الإنسان مكون من جسد وروح وهو لم تنفخ فيه الروح بعد، بل لازال نطفة أو علقة أو مضغة، ويترتب على هذا أنه بعد (120) يوماً لا يجوز إسقاط الجنين حتى ولو كان مشوهاً أو معوقاً؛ لأنه أصبح إنساناً له حرمته فلا يجوز التعدي عليه بإسقاطه ولو كان معوقاً أو مشوهاً، بل إن إسقاطه في هذه الحال بمثابة القتل له، أمّا قبل (120) يوماً فإن كان في طور النطفة الأربعين فلا بأس بإسقاطه؛ لأنه في الحقيقة إسقاط للنطفة كما نص على ذلك فقهاء الحنابل، وبعد الأربعين إلى (120) لابد من أن يكون هناك سبب معتبر شرعاً لإسقاطه.
علاج الرقية
* الرقية الشرعية عبر المسجل أو الهاتف أعن طريق القنوات التلفزيونية، ما حكمها؟
- الأصل في طلب الرقية الشرعية الجواز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للنفر من الصحابة الذين أخذوا عوضاً على الرقية (قطيعاً من الغنم): «خذوه واضربوا لي معكم بسهم»، والقرآن العظيم مبارك وفيه شفاء للأمراض الحسية أو المعنوية، كما قال الله تعالى: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ»، وهناك بعض الأمراض التي لا يمكن علاجها عن طريق المستشفيات كالأمراض بسبب العين أو السحر ونحوهما، وإنما تعالج عن طريق الرقية الشرعية، وأدعو إلى تنظيم الرقية في المملكة، وأن يعهد تنظيمها إلى وزارة الشؤون الإسلامية أو هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان يوجد لدى الهيئات قسم لمعالجة أخطاء بعض الرقاة ، لكن ليس هذا هو الذي أقصده، وإنما أقصد أن يكون هناك عناية بالرقية والرقاة من جهة إصدار تصاريح للمؤهلين ومتابعتهم والإشراف عليهم ومحاسبة من تقع منه تجاوزات، أما الرقية عن طريق الهاتف أو القنوات التلفزيونية فهذا من التوسع الذي لا ينبغي، والغالب أن المقصود منه الحصول على المال، والرقية عمل صالح لنفع المسلمين، فهي وإن كان يجوز أخذ العوض عليها كما دل لذلك الحديث السابق، إلاّ أنه ينبغي عدم التوسع في ذلك، بحيث تتخذ وسيلة للتجارة وطلب التكسب.
تنبيه السائقين عن كاميرا ساهر!
علّق الشيخ "د.سعد الخثلان" عما أثير له في فتوى سابقة حول أن "تنبيه السائقين بعضهم لبعض عن وجود (كاميرات) ساهر على الطرق يدخل في باب التعاون على البر والتقوى".
وقال إن الفتوى نُقلت بشكل غير دقيق، فلم أقل ما ذكرتم بهذا النص، وإنما قلت: "إن تنبيه السائقين بعضهم لبعض إلى تخفيف السرعة سواء عند وجود كاميرات ساهر أو عند عدم وجودها من التعاون على البر والتقوى"، وهذا لا يخالف فيه أحد، فالسرعة هي أحد الأسباب الرئيسة للحوادث المرورية.
وأضاف لقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الأخيرة (21)التي أقيمت في الرياض قراراً جاء فيه: "إنه يحرم على قائد المركبة السرعة الكبيرة المفرطة"، مشيراً إلى أنه ينبغي للمرور تكثيف "كاميرات" ساهر، ووضع علامات بوجودها، كما هو موجود في بقية دول العالم، حتى في بعض الدول الخليجية القريبة توضع لافتات تنبه إلى وجود كاميرات رصد السرعة؛ لأن الهدف من هذه "الكاميرات" هو الحد من تجاوز السرعة، وهذا الهدف يتحقق بتكثيف "الكاميرات" مع وضع تنبيهات على وجودها.
مخرجات التعليم دون المستوى المأمول..!
أوضح الشيخ "د.سعد الخثلان" أن مخرجات التعليم لا تزال دون المستوى المأمول، ففي التعليم العام لازال بعض المعلمين يطلب من الطالب أن يكون مستمعاً من الصباح إلى الظهر، أي أنهم يسيرون على الطريقة التقليدية يلقي المعلم والطلاب مجرد مستمعين.
وقال:"بل أعجب من هذا أن بعض معلمي المرحلة الابتدائية يعاقب الطلاب على أدنى حركة في الفصل، مع أن الطلاب في هذه لمرحلة لابد من حركتهم بحكم سنهم، وإجبارهم على الصمت والسكون قرابة خمس ساعات يومياً ينعكس أثره سلباً على نفسياتهم وعلى تحصيلهم الدراسي، الذي ينبغي الإفادة من طرق التعليم الحديثة والسعي لتأهيل المعلمين لتطبيقها".
وأضاف لقد كُلّفت قبل أعوام بالمشاركة في إلقاء دروس في دورة شرعية في إحدى الدول الغربية، وتجولت على بعض مدارس الجالية الإسلامية، فذكروا لي أن الطلاب يحبون الدراسة ويكرهون الإجازة؛ لأن المدرسة قد هُيئ فيها ما يحبه الطالب.
واشار إلى أن الواقع عندنا على العكس تماماً، لذا نرى تشوق الطلاب للإجازة عند نزول الأمطار أو وجود غبار ونحوه، أما في التعليم العالي فهو أفضل في مخرجاته من التعليم العام في الجملة، وإن كان دون المستوى المأمول، ولا تزال ثقافة الانضباط في المجتمع ضعيفة، إذ نرى أثرها على الطلاب عامةً في جميع مراحل التعليم.
تصنيفات «ليبرالي»، «إخواني»، «سلفي».. لا تليق
تأسف الشيخ "د.سعد الخثلان" حول ما يثار في المجتمع من تصنيف الناس ب"ليبرالي"، "إخواني"، "سلفي"، موضحاً أنها موجودة في المجتمعات الإسلامية عامةً، وهذا من تحريش الشيطان بين المسلمين الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إن الشيطان قد آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، لكن في التحريش بينهم" -رواه مسلم-.
وقال إن الشريعة قد أمرت باجتماع الكلمة ووحدة الصف، وحذّرت من التفرق والاختلاف، وأمرت بالأخذ على من يريد تفريق كلمة المسلمين وشق عصاهم، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه" -رواه مسلم-، مع أن القتل في الشريعة ليس بالأمر الهين بل أمره عظيم جداًّ، لكن لما كانت المفسدة المترتبة على تفريق جماعة المسلمين وشق عصاهم عظيمة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من أراد ذلك، وإن كنا لا ننكر وجود منافقين في المجتمع، فإن ذلك لم يسلم منه مجتمع من المجتمعات الإسلامية قديماً وحديثاً، حتى في عصر صدر الإسلام قد كان المنافقون موجودين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الذي ننكره التسرع في قذف الناس بماهم منه بريئون، فقد يصنف شخص ويوصف بما هو منه بريء، وبما لا يرتضيه وهذا لا يجوز شرعاً.
وحول عبارات التخوين والإفساد عندما يُطرح مشروع جديد في مجال ما، أوضح فضيلته أن أي مشروع جديد يطرح لابد أن يوجد من لا يتقبله؛ لأن هناك من الناس من يحارب أي شيء لمجرد أنه جديد ويريد الاستمرار على ما ألفه الناس، ومن الناس من يقابل الجديد بشيء من الحذر وسوء الظن، وطرح مشروعات التطوير والإصلاح يجب أن تكون خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، فإذا كانت لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية وكان فيها مصلحة عامة للمجتمع، فينبغي ألاّ يلتفت لتثبيط المثبطين وإرجاف المرجفين، وفي المقابل ينبغي عند طرح شيء جديد شرحه وتهيئة الناس لتقبله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.