تتقزم الكلمات وهي تقترب من مقام أي عظيم خشية ألا تفيه حقه فكيف بها اذا كان هذا العظيم قائد امة ورائد زعامة وصانع تاريخ اجمع العالم كله على تمتعه بصفات القائد الاستثنائي في مرحلة استثنائية فكان احد صناعها الاساسيين وواحد من الذين شهدوا التغيرات العالمية الحديثة والخطيرة فاستطاع ان يوجد لشعبه ووطنه وامته مكاناً ومكانة بين شعوب الارض في هذه الاجواء العالمية الخطيرة وان يقود مركبها الى بر الامان في خضم امواج المد والجزر ورياح التغيير العاتية. وبوقفة امام محطات تاريخية في حياة الرجال نجد ان الملك فهد مؤسس الدولة السعودية الحديثة باقتصادها وتعليمها وعسكريتها وثقافتها وسياستها وانسانها المسلم المتوازن بأصالته وحداثته ما هو إلا امتداد مبارك لقافلة المجد والخير والسلام التي اسسها الامام محمد بن سعود ثم جددها الامام عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه دولة متواصلة عمرها يزيد على 250 عاماً. ذلكم هو الفهد وما اصعب الكلمات في رثائه وهو الذي كان السند والمفزع الذي لا يخذل قاصده فرداً كان أم جماعة او شعباً. وتظل حقائق التاريخ اصدق وابلغ تعبير عن عظمة الرجال لأن الزبد سيذهب جفاءاً واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض وماذا عسانا ان نقول في رجل حمل هم امته وعاش قضيتها في فلسطين منذ ان وعى حقيقة النكبة فكان نصيراً لها ومدافعاً عنها في مختلف مواقع المسؤولية التي تقلدها ولم ولن ينسى العالم صوت العقل الذي اطلقه الفهد في مبادرة السلام التي تبناها مؤتمر فاس معلناً بشجاعة منقطعة النظير ان العرب والمسلمين دعاة سلام وامة صنعت وتصنع السلام وادرك ببصيرته ورؤيته الثاقبة ان ذلك هو الحل ويستفيق المكابرون والمزايدون بعد فوات الاوان ليقول لهم: امرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد ولقد كان الفهد تغمده الله بواسع رحمته مؤسس النهضة العقارية والعمرانية الحديثة منذ ان كان ولياً للعهد في عهد الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله رحمة واسعة - واستمر ذلك في فترة توليه الملك فكان العقل المخطط والراعي الداعم للطفرة العقارية والعمرانية والتنموية الاولى والثانية في السبعينات والتسعينات. ولئن كان الفهد رحمه الله المؤسس فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ووفقه لم يكن بمنأى عن هذه النهضة فقد كان السند الداعم والعضد الامين للملك فهد في جميع توجهاته. فعزاؤنا لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعزه الله وسمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الامين - حفظه الله - والى اصحاب السمو الملكي ابناء الفقيد الكرام والاسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي والامة العربية والاسلامية. ولا نملك امام قضاء الله وقدره إلا ان نرفع اكف الضراعة والابتهال الى الله ان يجعل عزاءنا في عظيم مصابنا رحمة منه ورضوانا على روح عبده فهد ابن عبدالعزيز وان يجزيه خيراً عن كل ما قدمه للاسلام والمسلمين وخدمة بيته الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم وخدمة القرآن الكريم والدعوة الى الدين الحق. ويتسع المقال في شمولية العظمة الممتدة في اسرة آل سعود الكرام من لدن الراحل المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الى الذين حملوا الراية من انجاله المؤمنين الشجعان الحكماء بعده وكانوا خير خلف لخير سلف كابر عن كابر حتى وصل الامر الى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي بعد تقديم البيعة له نقول ان ايادينا الممدودة بالبيعة ولاء وحباً تعرف جيداً من تبايع. هذا الذي تعرف الاعداء وقفته والكف تعرف من بايعت والقلم فالفارس العربي معروف لدى شعبه وامته بوفائه وتفانيه في خدمة الامة وحنكته السياسية وقوته في الحق مع لين جانبه في رعاية شعبه ولقد دلت كلماته في اليوم الاول لتلقيه البيعة على عظمة الرجل الذي بدأ بالتأكيد على ثقل المسؤولية وعظمة الامانة بمنطق افتقده عصرنا وأعاد الينا ذكريات السلف العظيم من هذه الامة الذين تحملوا المسؤولية من واقع النهوض بالامانة وليس لدوافع انتهازية وعن ادراك لعظمة هذه الامانة ودور الامة في عون ودعم حاملها وهو ما اعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي هو الآخر ليس بجديد على ميادين الشجاعة والعطاء والبناء في صنع النهضة التي تشهدها المملكة الى جانب المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبدالعزيز وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز متعه الله بطول العمر وحسن العمل. وعوداً على بدء اقول: ان الكلمات اعجز ما تكون ان ترتقي الى الحد الادنى لتعبر عما يجيش في النفوس من مشاعر الألم الممتزجة بالأمل ألم الفراق وامل استكمال المسيرة واستمرارها. فقد عوضنا المولى عن فقيدنا العظيم بخلف عظماء سلالة المؤسس العظيم وستظل الملحمة الكبرى ماضية لتحقق للامة مراد ربها في ارضه يتحقق لها وعده بالتمكين. فرحمة من الله على فقيد الامة الكبير وعهد الولاء والسمع والطاعة في المنشط والمكره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وفيهما كل العزاء لامة فجعت بعظيمها وزعيمها فصبرت واحتسبت ليعوضها الله خيراً. اذا مات منا سيد قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول فحمداً لله على كل حال فله ما اعطى وما اخذ وما ابقى.