لماذا نلهث دائماً راكضين وراء كل ما هو سلبي ومحزن ومؤسف، ولماذا لا يكون لدينا نوع من التوازن المحمود الذي يعطي كل ذي حق حقه ؟ إنه تساؤل يطرح أمام كل إعلامي، وأمام كل مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي (تويتر - فيس بوك - يوتيوب... الخ). ولكي تتضح الصورة وتكون الأمثلة أكثر قدرة على البرهان. دعونا نلقي نظرة موضوعية على بعض ما ينشر ويقال ويعرض في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة. الإعلامي، أو البرنامج، أو صاحب الموقع الذي نذر نفسه لتتبع كل ما هو سلبي نجده يسعى جاهداً لاجترار أكبر عدد من المتابعين ولو كان على حساب قلب الحقائق وإبراز المغالطات. إن تحدثنا عن تويتر وتكلمنا بلغة الأرقام عن التفاعلات التي تخص بلادنا أو مواطنينا وجدنا أن التغريدات أو (الهاشتاقات #) التي تدعو إلى السلبية والنقد غير المنضبط هي الأكثر تداولاً وقراءة، والشواهد على ذلك كثيرة حتى أن صدى بعضها تجاوز الحدود وحققت أرقاماً قياسية فرح بها كل حاقد وكاره لنا وازداد موقفه سلبا تجاه بلادنا. (اليوتيوب) هو الآخر يسهم مستخدموه، وهم نسبة عالية في المملكة، في تمرير مقاطع صوتية أو فيلمية كثير منها يحتوى على سخرية أو موقف سلبي تجاه مسؤول، أو منشأة، أو حتى مواطن. إن تكلم شخص معارض، أو شب حريق عارض، أو تم تسريب وثيقة سرية خاصة، أو غير ذلك وجدت الرسالة تأخذ طريقها في وسائل التواصل وتسري سريان النار في الهشيم. دعونا ننظر إلى الجانب الآخر وهو الأكثر إهمالاً ورعاية. إنه الجانب الإيجابي. أنتهى موسم الحج وكانت هناك نجاحات شهد بها الجميع، وانتهى جزء مهم من مرحلة توسعة المطاف قبل موعدها مما أسهم في تيسير حركة الطائفين، ولكن أين الرسائل الإيجابية (كمّاً وكيفا). أين (الهاشتاقات #) التي تقول (# حج - ناجح - بكل - المقاييس) أو التي تقول (# توسعة - المطاف - تسبق - الزمن). لو تم تبني مثل هذه الرسائل والحماس لها لعرف الآخرون عنا الكثير من الإيجابيات التي تنعم بها بلادنا ولله الحمد. تتبعت أحد هذه الهاشتاقات التي تحدثت عن الحج إيجابيا فوجدت أن من تفاعل معها لا يتجاوز عددهم 25 مغردا. مثال آخر: في كل يوم، بل في كل ساعة تُجرى أعداد كبيرة من العمليات الجراحية الناجحة في مختلف مستشفيات المملكة ولا نجد من ينوه عن ذلك بموضوعية، ولكن ما إن يقع خطأ طبي حتى تخرج السيوف من أغمادها وتغرس في جسد كيان صحي كبير في المملكة، على الرغم من أن الأخطاء الطبية ليست قصرا على المملكة وإنما تحدث في دول العالم المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا. نحتاج وقفة تأمل، ونحتاج إلى أن نعيد النظر في منهجيتنا في كل ما هو محيط بنا. لا أقول اسكتوا عن الخطأ والنقد البنّاء، ولكن افعلوه في حدود المعقول، ولا ندع الآخرين يعرفون عنا كل سلبي من جرّاء ما تكتبه أقلامنا وتتناوله وسائل ووسائط إعلامنا.