تعالت أصوات المتضررين من أخطاء التحكيم الفادحة وارتفعت حدة الانتقادات وموجات الغضب من الاخفاق المبكر لعدد من الحكام مع بداية الموسم الكروي الجديد، في ظل غياب الحكم الاجنبي، وهو ما ألقى بظلاله القاتم على مستقبل التحكيم المحلي وسط فشل أسماء كان رئيس لجنة الحكام عمر المهنا يعول عليها كثيرا من النجاح. نستعرض قائمة أسماء حكام اليوم فلا نجد من يقنعنا بمستواه المتطور وقلة أخطائه باستثناء الحكم الدولي مرعي عواجي، أما البقيه فلايزالون يكررون أخطاءهم القاتلة ويجنون على فرق ولاعبين بقرارات مجحفة. وحين نستعرض قائمتهم ايضا لا نجد بينهم لاعبين سابقين عرفوا على الساحة المحلية وكان لهم تاريخ كروي مع أنديتهم ولهذا فالبون شاسع بين حكامنا في الزمن الجميل وحكام اليوم من حيث المستوى المتطور وقوة الشخصية والهيبة في الملعب كحكم يقود أعتى المباريات بكفاءة عالية ويدير صراعا تنافسيا قويا بين عتاولة لاعبي الماضي في ملاعبهم الترابية. كان غالبية حكام الأمس لاعبين سابقين وبعد اعتزالهم استقطبهم سلك التحكيم فنجحوا وبرزوا كحكام خدموا الكره السعودية وامتد نجاحهم الى المحافل الدولية وسر نجاحهم الأول لكونهم لاعبين سابقين يعرفون الأجواء التنافسية وكيفية التعامل مع نفسية اللاعب وظروف المباراة بجانب الأسلوب الأمثل في تهدئته وتوجيهه ومراعاة الضغوط النفسية التي تدفعه أحياناً الى ارتكاب بعض السلوكيات الخاطئة كردة فعل للصراع الذي يعانيه، وكانوا يجيدون تقدير حجم الأخطاء وبالذات مخالفات الألعاب الخشنة التي مرت عليهم عندما كانوا لاعبين ويعرفون ما يستوجب منها الإنذار أو الطرد. ويذكر التاريخ على لسان المؤرخ الرياضي الدكتور أمين ساعاتي في كتابه "تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية" أن أول مجموعة حكام سعوديين أوجدتهم إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية في عهد رائد الرياضة الأول الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - كانوا من اللاعبين السابقين حيث اتفقت مع الاتحاد المصري لكرة القدم عام 1375ه على ابتعاث عدد من اللاعبين المتقاعدين لتنظيم دورة لتخريج حكام سعوديين مؤهلين تأهيلاً قانونياً وشرعت الإدارة في طلب فرق الدرجة الاولى إلى ترشيح لاعبين من كل فريق على ان تقوم الشؤون في اجراء تصفية بينهم وتختار لاعبا واحدا من كل فريق لتبعثه الى مصر وتلحقه بتلك الدورة وقد تم ابتعاث الحكام: عبدالله كعكي (الوحدة)، يحيى رواص(الاتحاد)، عبدالله الغمري (الثغر)، محمد طرابلسي (الشبيبة السعودية)، أحمد ألطف (أهلي مكه)، ثم التحق بالبعثة على حسابه الخاص لاعب الاتحاد أحمد فتيحي وعادوا الى المملكة وتسلموا جهاز التحكيم. وتوالت أجيال الحكام السعوديين من اللاعبين السابقين في الثمانينيات الهجرية مثل عبدالرحمن الموزان (الأهلي) وغازي كيال (الاتحاد) وحسن مجلجل (الأهلي) ومحمد خياط (الوحدة) وأمين ساعاتي (الاتحاد) وخليفة الرميح (الاتفاق) بجانب عبدالرحمن الدهام وناصر بن نفيسة وعبدالله عياش وهاشم سردار وابراهيم الحلبي ومحمد المرزوق وفهد الدهمش وصالح غلام. ثم جاء جيل مثيب الجعيد وعبدالله الرزقان وعبدالرحمن المعثم وفلاج الشنار وعبدالله الناصر وابراهيم الدهمش وحمد الحميميدي إضافة إلى جيل الحكم عبدالرحمن الزيد. لذلك لا نتفاءل كثيراً بما نراه اليوم من كم كبير من الحكام الذين لا تاريخ لهم كلاعبين سابقين وبالتالي لا نتوقع نجاحهم كحكام ويبقى الأمل الوحيد في عودة الحكم الأجنبي لملاعبنا وغربلة لجنة الحكام برئيس جديد والإستعانه بخبرة الأب الروحي للحكام الاستاذ عبدالرحمن الدهام في اعادة بناء قاعدة صلبة للحكام السعوديين يتم استقطابهم من اللاعبين المعتزلين إذا ما اردنا المحافظة على ما بقي من متعة كروية لمبارياتنا.