ودعت الساحة الرياضية يوم الاحد الفائت واحداً من ألمع ادارييها الذين عرفوا بالخلق الرفيع والاستقامة والاخلاص في العمل بجانب القدرة الادارية القيادية. الأستاذ فهد بن ناصر الدهمش ( 67سنة) الذي خدم الحركة الرياضية السعودية بكل صدق وتضحية على مدى نصف قرن وفي اكثر من موقع رياضي بصورة متصلة طيلة خمسة عقود امضاها الفقيد "رحمه الله" لاعباً بفريق أهلي الرياض (الرياض حالياً) في بداياته الكروية عام 1379ه ثم انتقاله في نفس العام الى صفوف فريق شباب الرياض البلدي (الشباب حالياً) ليضع بصمته التاريخية الاولى بين خشبات المرمى الشبابي حارساً أميناً يرهب المهاجمين بقامته العملاقة وببسالته في الذود عن عرين (شيخ الاندية) وعاش معه فرحة اول انجاز يحققه الشباب في تاريخه كأس جلالة الملك سعود - طيب الله ثراه - على مستوى المنطقة الوسطى امام فريق الهلال بثلاثية احرزها النجمان محمد بن عاتق وصالح عدني (رحمه الله) هدفين وذلك عصر يوم 1380/8/29ه ويومها قدم (الدهمش) مباراة لا تنسى بشهاداة المؤرخ الرياضي الكبير د. امين الساعاتي في كتابه تاريخ الحركة الرياضية السعودية. وبعد اعتزاله المبكر عام 1385ه اتجه الى سلك التحكيم وأثبت جدارته في هذا الميدان ونجح بقدراته الادارية الفائقة في تكوين شخصية مرموقة للحكم الدولي السعودي على الساحة الخارجية بجانب المحلية بقيادته لعشرات المباريات الساخنة بكل نزاهه وحنكه الى بر الامان خلال مسيرته التحكيمية التي امتدت لنحو 16عاماً. فضلاً عن تبوئه رئاسة لجنة الحكام عام 1413ه وادار دفتها بنجاح لافت مع نائبه البارع ورفيق صباه الحكم الدولي السابق الأستاذ عبدالرحمن الموزان والأثنان يعدان من رموز العطاء الوطني في ساحة التحكيم. على الصعيد الاداري ارتبط اسم فهد ناصر الدهمش بالجيل الذهبي للصقور الخضر على ارض سنغافورة بين عامي 83- 1984م حيث كان (ابو خالد) اول مدير يتأهل معه المنتخب لاول نهائي اولمبياد في لوس انجلوس اضافة الى احراز المنتخب تحت ادارته لاول كأس للامم الآسيوية - الثامنة - عام 1984وشكل الدهمش مع المدرب الزياني ثنائي تفوق متناغما تفاعل معه اللاعبون وبذلوا جهوداً مضاعفة وقدموا تضحيات توجت بتلك الانجازات الخالدة للصقور فضلاً تأكيده نجاحه السابق (رحمه الله) بشرف تاريخي ارتبط باسمه كأول مدير يتأهل معه المنتخب الى نهائيات كأس العالم لاول مرة (1994) في الولاياتالمتحدة بجانب حصول المنتخب على كأس دورة الخليج للمرة الاولى ايضاً في نفس العام 1994م اي بعد (24) عاماً من انطلاقها الاولى في البحرين. وامتدت خدمات الفقيد فهد الدهمش الجليلة للرياضة السعودية بتوليه العديد من المهام في الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومنها التصاق اسمه بمسيرة بيوت الشباب منذ بدايتها وتوليه ادارة بيت الرياض منذ ثلاثة عقود وحتى وفاته بجانب اختياره اميناً عاماً للجمعية العربية السعودية لبيوت الشباب وتوسع دائرة خدماته الى الاتحاد العربي الذي كان مواظباً في حضوره لاجتماعاته متحاملاً على مرضه حتى آخر يوم في حياته حيث عاد من آخر اجتماع في القاهرة مساء الجمعة الماضية كآخر مرحلة رياضية في حياته لقى بعدها ب(36) ساعة وجه ربه الكريم. وهكذا رحل العصامي (فهد ناصر الدهمش) رحمه الله عن هذه الدنيا الفانية بعد ان امضى نصف قرن من الزمن في خدمة الحركة الرياضية كان خلالها الفقيد مثالاً يحتذى به في عطائه واخلاصه واخلاقه ونزاهته وتضحياته. رحل وقد ترك اسمه يلوح شامخاً بقامته العملاقة في افق الذاكرة ردحاً من الزمن كنموذج رائع.. سيظل باقياً في الوجدان تغمده الله بواسع رحمته.