يعتقد البعض أن ازدهار انتاج النفط الصخري في الولاياتالامريكية نقمة على جميع دول الأوبك وأن صادرات السعودية إلى أمريكا ستتقلص مع ارتفاع انتاجها وهذا سيربك الأوبك وعليها أن تغير من استراتيجيتها بعد أن بدأت تفقد قوتها في الأسواق العالمية، طبعاً هذا الكلام مبالغ فية ولا يصدقه إلا من لا يفقه في صناعة النفط. لا شك أن زيادة المعروض من النفط الصخري مع تباطؤ الطلب العالمي من المفروض أن يخفض الأسعار ولكن نحن نتكلم عن سلعة متوسط تكلفتها مرتفعه وتتجاوز 65 دولارا للبرميل ومرتبطاً مباشرة بسعر غرب تكساس لبقائه على الأقل عند سعر بين 85 و 90 دولارا، وإلا خسرت تلك الشركات المنتجة للنفط الصخري وأصبحت غير قادرة على تغطية تكاليفها التشغيلية مع أن معظمها من الشركات الصغيرة. إن تكلفة النفط الصخري تعتبر متغيراً جديداً في معادلة الأسعار، مما سينظر إليه داعماً لصناعة النفط بشكل عام والأسعار بشكل خاص، حيث ان المتداولين في أسواق النفط ينظرون بكل جدية إلى مدى تأثير تكلفة انتاج النفط الصخري على سعر غرب تكساس وتضييق الفجوة بينه وبين برنت المرجعيين الأساسيين لأسعار النفط العالمية من خلال زيادة التدفقات النفطية من مخازن كوشنج في اكلاهوما المتكدسة والذي سيرفع سعر غرب تكساس. فدعونا نسمي السعر الجديد (السعر الصخري) الذي لن يسمح لأسعار غرب تكساس أن تنخفض كثيراً عن السعر المستهدف في نطاق 90 دولارا، حيث ان كمية انتاج النفط الصخري تحددها تكلفته وأسعار السوق، فكلما تراجعت الأسعار ما دون 85 دولارا كلما تراجع الانتاج تبعاً لذلك ونتج عنه خسارة فادحة للشركات المستثمرة وأدى إلى خروجها من السوق واختفاء انتاج النفط الصخري عن السوق الأمريكي. فمن الملاحظ أن انتاج النفط الصخري الأمريكي ارتفع من 111 ألف برميل يومياً في 2004 إلى 900 ألف برميل يومياً في 2012 وإلى 1.5 مليون برميل يومياً حالياً. أما سعر غرب تكساس فكان دائما أعلى من سعر برنت، على سبيل المثال، في 2004 كان سعر غرب تكساس 41.51 دولارا، بينما سعر برنت 38.26 دولارا ولم يتغير هذا الاتجاه حتى عام 2010 عندما بدأ برنت يتجاوز غرب تكساس واستمر على ذلك حتى الآن بسب الأحداث السياسة وتكدس المخزون النفطي في كوشنج. وهذا ما دفع السعودية في 2009 إلى اعتماد مؤشر ارجيس للنفط الحامض كمرجعية لبيع نفطها في خليج المكسيك. لكن في الثلاثة الأشهر الماضية تقلصت الفجوة بين السعرين إلى 4 دولارات من 23 دولارا سابقا. وقد أوضح تقرير مركز الاستشارات الأمريكي بيرا (PIRA) في الأسبوع الماضي، أنه لولا زيادة انتاج النفط الصخري الأمريكي هذا العام لواجه العالم نقصاً في الامدادات قدره 1.5 مليون برميل يومياً في الربع الثالث، وارتفاع الأسعار بشكل حاد يؤدي إلى ترشيد الطلب على النفط. كما قال التقرير ان السعودية ستسجل أعلى إنتاج لها في الربع الثالث عند 10.5 ملايين برميل يومياً والسبب الرئيسي لذلك أن العالم يحتاج إلى النفط مع التراجع الحاد في إنتاج ليبيا من 1.4 مليون برميل يومياً إلى 250 ألف برميل يومياً بعد ما أغلق المتظاهرون آبار النفط وانتشر التهريب وكذلك تراجع انتاج العراق. إن الانخفاض الحاد في أسعار النفط سيؤدي إلى خسارة مليارات الدولارات المستثمرة في النفط الصخري لجعل امريكا مستقلة عن نفط الأوبك. وهذا قد يحدث مع زيادة الإمدادات من النفط الصخري، حيث ان زيادة الامدادات بنسبة 10% في أسواق النفط العالمية أو تباطؤ الاقتصاد العالمي سيخفض أسعار النفط ولكن مازلنا نشاهد سعر غرب تكساس يحافظ على مستوى فوق 90 دولارا في السوق الامريكية. وعلينا أن نتذكر تكلفة النفط التقليدي المتدنية ما بين 8-14 دولارا للبرميل سوف تساهم في استقرار لأسعاره وكذلك مستقبله.