مرض الصرع من الأمراض التي زادت نسبة الإصابة به في السنوات الأخيرة نتيجة لانتشار بعض العادات السيئة بين المراهقين والشباب مثل السهر المتواصل وإدمان اللعب بالالعاب الالكترونية والكمبيوتر. يصاب اربعون شخصا من كل مئة ألف نسمة بالنوبات الصرعية، ولا يوجد زيادة في الاصابة بالمرض حسب العرق او الاثنية. وهذا المرض يعتمد في تشخيصه على التاريخ المرضي بشكل اساسي وكغيره من الأمراض ففي البدء، أحيانا لا يستطيع الطبيب أن يشخص الحالة بشكل صحيح، بل ربما شخصت حالات التشنج الهيستيري كأحد أنواع الصرع أو العكس!. في دراسة طبية للدكتور سشيبر Scheepers ومجموعته على مجموعة تتكون من 214 مريضا تم تشخيصهم بأنهم مصابين بمرض الصرع، وجد سشيبر أن 49 مريضا أي ما نسبته 23% تم تشخيصهم بشكل خاطئ تماما، و26 مريضا (12%) كان التشخيص غير مؤكد. وفي دراسة أخرى وجد أن 30% من مرضى الصرع الذين يتم احالتهم من عيادات الاعصاب العامة إلى مراكز علاج الصرع المتخصصة كحالات مرضية لا تستجيب للدواء، وبعد استكمال الفحوصات يتبين أنهم لا يعانون من مرض الصرع نهائيا. لنستطلع بعض التعريفات حتى نتمكن من فهم هذا المرض بشكل جيد: هذه التعريفات للمصطلحات التالية تأتي من الرابطة الدولية لمكافحة الصرع (ILAE) نوبة الصرع: هي حالة سريرية تصدر عن عملية تفريغ كهربائي للخلايا العصبية غير طبيعية ومفرطة، تؤدي إلى أعراض سريرية مفاجئة ويمكن أن تشمل اختلال في الوعي أو اضطراب في الجهاز الحركي أو الجهاز الحسي أو اعتلال في الجهاز العصبي اللارادي أو اضطراب نفسي يتم ملاحظتها من قبل المريض أو مشاهد حاضر للنوبة. مرض الصرع: يقال للمريض أنه مصاب بمرض الصرع عند تحقق حدوث نوبتي صرع أو أكثر، يكون حدوثها دون سبب محدد معروف. ويجب أن تكون الفترة الزمنية الفاصلة بين النوبتين أكثر من 24 ساعة. ففي الدراسات الوبائية تعد النوبة الصرعية المستمرة (status epilepticus) نوبة صرعية واحدة. كما أن التشنجات الحرارية عند الأطفال، والنوبات الصرعية التي تصيب المواليد حديثي الولادة – العمر اربعة اسابيع أو أقل – مستثناة ولا تدخل ضمن هذا التعريف. التشنجات الصرعية تنقسم إلى نوعين إما مجهولة السبب أو عرضية. التشنجات الصرعية مجهولة السبب (cryptogenic): هي التي لا يوجد لها سبب واضح، حيث نجد عند عدد كبير من المصابين تاريخ عائلي قوي والسبب جيني بحت. التشنجات الصرعية العرضية (symptomatic): هي التشنجات الناتجة عن اعتلال في المخ ناتج عن أحد الأسباب: 1- إصابة قديمة كحادث سيارة أو سقوط من مكان عال. خاصة إذا صحبها فقدان للوعي لمدة تزيد عن ثلاثين دقيقة، أو فقدان مؤقت للذاكرة يستمر أكثر من ثلاثين دقيقة، أو وجود تغير واضح في التكوين النسيجي للدماغ يمكن رؤيته بواسطة الأشعة الطبقية المحورية أو الأشعة المغناطيسية. 2- التهاب جرثومي، فيروسي أو بكتيري أو درني أو غيره. 3- شذوذ خلقي (congenital anomaly) وخاصة ما يصيب قشرة المخ. 4- أورام الدماغ. 5- السكتة الدماغية سواء كانت جلطة أو نزيف دماغي. 6- التعرض لبعض السموم. 7- اعتلال أيضي (metabolic insult) مثال انخفاض في مستويات بعض الاملاح مثل الصوديوم أو الكالسيوم أو انخفاض السكر في الدم. 8- حدوث مضاعفات للطفل في فترة الحمل أو الولادة أو خلال الشهر الأول بعد الولادة. 9- التشنجات الحرارية. 10- الأمراض العصبية التنكسية (neurodegenerative diseases). 11- الأمراض الناتجة عن الاختلال في الجهاز المناعي. التشنجات الصرعية العرضية بدورها تنقسم إلى حادة وهي ما تحدث خلال الاسبوع الأول من تاريخ حدوث الاعتلال أو عرضية بعيدة وهي التشنجات التي تحدث بعد تاريخ الاعتلال بعد مضي الأسبوع الأول. هذا التقسيم يهمنا لأنه بواسطته نحدد هل نبدأ العلاج أم لا كما سنوضح لاحقا؟ الحالات المرضية التي تشابه في أعراضها النوبات الصرعية: 1- حالات الإغماء والتي تنتج عن نقص تروية الدم الذي يغذي الدماغ بالجلوكوز والأكسجين اللازمين لإنتاج الطاقة. 2- نوبات تشنج غير صرعية تسببها اضطرابات نفسية وهي كثير ما نجدها عند النساء في مقتبل العمر. 3- اضطراب أو اعتلال حركي (movement disorders)، مثال تشنجات شق الوجه. 4- اضطرابات النوم. 5- السكتة الدماغية. 6- الشقيقة أو الصداع النصفي. 7- نوبات الذعر. 8- التمارض، وهي الادعاء الكاذب بوجود التشنجات الصرعية وكثيرا ما نجد هذا عند المجندين والعسكر. 9- نوبات الدوار. 10- فقدان الذاكرة العام والعابر. الفحوصات التي يجب عملها لمريض الصرع: جميع الفحوصات المخبرية شاملة تحليل كريات الدم، ووظائف الكبد كقاعدة بيانات لنتبين فيما بعد وجود أي مضاعفات لأدوية الصرع. وعمل فحص لمستوى أملاح الصوديوم والكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم بالدم. عمل الأشعة الطبقية المحورية للدماغ كخطوة أولى قد يعقبها عمل أشعة الرنين المغناطيسية لاستيضاح وجود أي اعتلال تكويني نسيجي يمكن علاجه جراحيا. عمل الرسم الكهربائي للدماغ، ويفضل القيام بهذا الفحص خلال الساعات الاربع وعشرين الأولى بعد النوبة. يوجد الرسم الروتيني ويجرى في أي وقت وهناك الرسم الكهربائي للدماغ بعد الحرمان من النوم والأخير يعطى نتائج إيجابية أفضل ويقصد بالحرمان من النوم هو إعطاء تعليمات للمريض بالسهر وأن لا ينام سوى أربع ساعات فقط في الليل قبل اجراء الفحص في الصباح. الرسم الكهربائي الروتيني يعطي نتائج إيجابية بنسبة 29% من مرضى الصرع، أي أن ثلثي مرضى الصرع تكون نتيجة التخطيط سليمة بينما الرسم الكهربائي للمحروم من النوم يعطي نتيجة إيجابية بنسبة 48% من مرضى الصرع. وهنا ننبه إلى خطأ شائع عند كثير من الناس، إذ يظنون أن التخطيط إذا كان سليما فهذا ينفي وجود مرض الصرع ولا داعي لاستخدام الدواء، وهذا غير صحيح أبدا وخطير إذ أن التأخر في بدء العلاج يؤدي إلى أضرار في نسيج قشرة الدماغ يصبح المرض بسببها بعد مشيئة الله غير قابل للاستجابة للدواء ولا يمكن التحكم به. متى نبدأ العلاج: لا نبدأ العلاج إلا في حال تكرار النوبات الصرعية أكثر من مرة واحدة، إلا أن هناك عوامل خطر تزيد من احتمالية تكرار النوبة وهذا ما يستدعي البدء في العلاج حتى ولو كانت مرة واحدة فقط وهذه العوامل هي ما يلي: 1- العمر: أقل من ستة عشر سنة. 2- النوبات الصرعية العرضية البعيدة والتي شرحناها آنفا. 3- النوبات التشنجية والتي تحدث أثناء النوم. 4- وجود تاريخ مرضي سابق كإصابة بالتشنجات الحرارية مثلا. 5- وجود تاريخ عائلي لمرض الصرع. 6- التشنجات الجزئية والتي تصيب جزء من الجسم. 7- وجود عجز عصبي اثناء الفحص السريري، وهذا يوضح أهمية فحص المريض من قبل اختصاصي الامراض العصبية. 8- وجود اضطراب أو ما يسمى بؤرة صرعية في الرسم الكهربائي للدماغ. 9- وجود اعتلال تكويني للدماغ خلال الفحص الاشعاعي المغناطيسي أو الطبقي المحوري. * استشاري أمراض الأعصاب والصرع تتزايد حالاته ارتفاع الحرارة فد يكون محفزاً للنوبات الدكتور عيسى بن ابراهيم آل عيسى *