الحمد لله، لله الأمر من قبل ومن بعد، ولله ما اعطى ولله ما أخذ لإن توفي خادم الحرمين الشريفين جسداً فقد بقي روحاً وذكرى مسيرة معطرة بجلائل الأعمال والمنجزات وبازدهار في الاقتصاد وتطور في مجالات الخدمات العامة ومكانة عالمية للمملكة وتوسعة في الحرمين الشريفين لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. رحمك الله يا فهد بن عبدالعزيز وستبقى هذه الدولة الفتية إن شاء الله في ريعان شبابها ومجدها ما قامت على ثوابتها التي أرساها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه وغفر له - الذي حدد دستورها بشريعة الإسلام وجعل المواطن محورها والإسلام حدودها وسياجها فهذه المسيرة الخيرة تسعى دائما لمساعدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وبناء المساجد ورعاية الفقراء والمحتاجين واليتامى وطلبة العلم في كل مكان. اشرقت شمس عبدالعزيز فظهر الخير كالينابيع من الأرض واشرق ابناؤه بأعمالهم الجليلة فأشرقت مسيرة التطور والتنمية العالمية للشعب السعودي الذي انتشر في انحاء المعمورة طلباً للعلم فأصبح الطلبة السعوديون الذين شربوا من مناهل العلم في كل مكان يتبؤون المراكز العلمية المرموقة يؤخذ برأيهم ويعلو شأنهم في كثير من المجالات، وما مجال الطب والعمليات الجراحية المعقدة الا نبراس في حاضر هذه الدولة وما مسيرة التعليم في عهد الملك عبدالعزيز الذي حرص عليه وطوره من مدارس الكتاتيب وتوطين البادية وما إنشاء المدارس في 52 هجرة حتى عام 1369ه / 1950م الا نموذج للفكر القيادي لجلالته. ثم ازدانت هذه المسيرة بإنشاء جلالته مديرية المعارف في 1/9/1344 وتضاعفت الأعداد وما ان حل عام 1373ه حتى كان هناك 226 مدرسة وفي 1969م تم فتح كلية الشريعة في مكةالمكرمة وما هذا إلا النواة الأولى لنهضة مثمرة تبني رعايتها والاهتمام بها وتطويرها الملك سعود والملك فيصل والملك خالد - رحمهم الله - اما الفهد - يرحمه الله - فقد كان رجل التعليم الأول في تاريخ هذه الدولة حين تولى اول وزارة للمعارف عام 1373ه فإيمانه الدائم وفكره الذي تبناه رحمه الله بأن الإنسان هو الثروة الدائمة لمجتمعه ووطنه فالمال يأتي ويذهب اما الإنسان فهو الذي تقوم عليه مهمة تطوير المجتمع والوطن فكان التعليم محل اهتمامه ورعايته قبل ان يتسلم مقاليد الحكم فكان يفتخر بعلاقته بالتعليم وبمنجزات التعليم وخطط التعليم المستقبلية فقد قال رحمه الله في إحدى كلماته (بالنسبة لي لست بغريب على رجال العلم وعلى طلبة العلم، فكان من افضل ايامي التي سوف اعتز بها واعتززت بها في الماضي وسوف اعتز بها في الحاضر وفي المستقبل هو انه شرفني الله فقمت بأعمال وزارة المعارف والتي شكلت في المملكة العربية السعودية ومعها تقلدت مناصب اخرى، لكنني اجد في الواقع ان العلم ورجال العلم هم الذين اشعر بأنهم حولي وأنا كذلك حولهم لإيماني الكامل بأن العلم هو الشيء الأساسي الذي تعتمد عليه الأمم) رحمك الله يا فهد بن عبدالعزيز لم تبخل علينا برعايتك واهتمامك في العلم اسوة بمجالات الدولة المختلفة كنت تشعر بنا فهيأت لنا الابتعاث حتى وصلت الأرقام الى ما يزيد على ثلاثة عشر ألف مبتعث في عام 1983م في الولاياتالمتحدة فقط والتعليم في الداخل تضاعف من ناحية الكيفية والكمية عدة مرات لا يتسع المجال لرصدها وذكرها ولم تمت اسكنك الله فسيح جناته إلا ولدينا اربعة عشرة جامعة حكومية موزعة جغرافياً على معظم مناطق المملكة اضافة الى فروع اخرى لها فيما تبقى من مدن المملكة ومحافظاتها ولا يزال الابتعاث قائماً الى جانب مشاركة واعده من القطاع الخاص في هذه المسيرة المباركة. رحمك الله وجعل قبرك بفضل الله وكرمه روضة من رياض الجنة. ولنا في تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولاية الأمر في بلادنا الكريمة حسن العزاء وجميل الوفاء لهذه الدولة ومؤسسها الملك عبدالعزيز وشعبها الكريم النبيل والأمل في استمرار التقدم والتطور والرقي والوصول الى مصاف الدول المتقدمة في مجالات الحياة المختلفة. ٭ مدير عام التعليم الجامعي بوزارة التعليم العالي