سجل الباحثون والمدونون للتاريخ الوطني للمملكة العربية السعودية الفخر والثناء والاحترام لشخصية الوالد والقائد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ومسيرته في خدمة وطنه وأمته سائرا على نهج المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله في تعزيز بناء دولة المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية الصحية وغيرها يدا بيد مع أخوته البررة وأبناء الشعب السعودي الكريم . وقد عبر مهتمون بالتدوين التاريخي للمملكة عن دور بارز للملك خالد رحمه الله في مواصلة العلاقة الإنسانية الأبوية التي ربطت قادة المملكة دوما بشعبها في إطار لحمة وطنية . وتحدث في هذا الإطار العديد منهم بمناسبة ندوة في الرياض عن الملك خالد بن عبدالعزيز ومعرض مصاحب يرعاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز. فقال معالي أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري تتسم العلاقة بين ملوك المملكة العربية السعودية والشعب السعودي دائماً باللحمة والمكاشفة من خلال الباب المفتوح بين الملك وهموم وقضايا المواطن الذي فتحه على مصراعيه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ضمن منهجه في الحكم ، فلم يعد نفسه رحمه الله إلا جزءاً من المواطنين فكان يختلط بهم بما يتوجب الاختلاط ويشاركهم الرأي من خلال العلماء وطلاب العلم والوزراء والمستشارين ، وورّث هذه السياسة المقتبسة من قيم الإسلام العظيمة إلى أبنائه ومنهم من تولى الحكم فتجلت في أعمق صورها ، هذا بالحديث العام لكن تفاصيل أصغر تدخل تحت هذا الإطار الحميمي منها التبادل بين الوطن والملك والمواطن في صناعة قائمة من العطاءات التي عززت مفهوم الدولة الحديثة ، من هنا ظهرت أهمية عقد ندوات ملكية عن أبناء الملك عبدالعزيز الذين تولوا الحكم في البلاد وليس لمجرد العقد والتنظيم بل لتوثيق مسيرة النماء والتطور الذي مر بها الإنسان السعودي من خلال تأثيرات المنجز الحضاري المرئي الملموس وغير الملموس على بنائه كونه العامل الأكبر لقيام الدولة السعودية الحديثة ووفق تعاليم العقيدة الإسلامية الصحيحة. وأضاف حين تنظم دارة الملك عبدالعزيز الندوة العلمية لتاريخ الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود الذي تولى الحكم خلال الفترة 1395ه 1402ه ( 1975 1982م) فهي تحمل تجربة تنظيم ندوتين ملكيتين سابقتين الأولى عن تاريخ الملك سعود بن عبد العزيز والثانية عن تاريخ الملك فيصل بن عبدالعزيز وكلاهما حقق مسعى الدارة في إصابة هدف خدمة التاريخ السعودي المشرق من خلال المراسيم الملكية وتطور الخدمات وتوسعها والإضافات الإنشائية من الجهات الحكومية وغير الحكومية التي قد لا تستوعب من البعض في حينها إلا أن قراءة وإضاءة تداعياتها من خلال حركة البحث في الوقت الحاضر سندرك مدى عمقها الحضاري وبعدها التنموي الإستراتيجي ، فضلاً عن توسع ثوابت أصيلة في سياسة الحكم مثل خدمة الإسلام والمسلمين ورفع مستوى الخدمات في الحرمين الشريفين والوقوف مع القضايا العربية والإسلامية العادلة لتزداد في صورة تراكمية ما قدمته الدولة السعودية على مر التاريخ في هذا الجانب المهم . وبين معالي أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري أن المعاصرين لفترة حكم الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله هم لابد أنهم في عقدهم الثالث على الأقل وهؤلاء مدعوون مفضلون للندوة حيث سيتذكرون مع أورق العمل المعروضة شيئاً من تقدم مجتمعنا السعودي وتطوره ، والذي شهد طفرة اقتصادية وزراعية في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله الذي لم يذخر على وطنه ومواطنه من أسباب التقدم والرفاهية فازدهرت بسبب انفراج ضائقات سياسية دولية أدت إلى انعكاسات اقتصادية ومالية واسعة كان نصيب الدول النفطية الحجم الأكبر، حتى قيل على المستوى الشعبي وبمبالغة هي طبيعة الأقوال الشعبية غير المقيّسة: ( من لم يغتن في عهد الملك خالد لن يغتن أبداً ) فبالرغم أن صاحب القول لم يعايش بعد العهد التالي لفترة حكم الملك خالد بن عبدالعزيز إلا أنه من شدة النماء والرفاهية التي عاشها الوطن تصور كمواطن أن ذلك أقصى شيء يمكن الوصول له. وشرح كيف ان التعليم في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز شهد طفرة في جودة أضلاعه الثلاث الكتاب والكادر التعليمي والبيئة المدرسية ، كما كان التوسع في القطاع الزراعي مدعاة إيجابية لإنشاء مؤسسة صوامع الغلال وطواحن الدقيق التي كان لها دور رئيسي في تنمية الدخل القومي ، كما أنشئت في عهده الهيئة الملكية للجبيل وينبع التي أصبحت تسهم في تطوير السواعد والعقول السعودية فضلاً عن دعم الاقتصاد السعودي . وقال نحن فخورين في دارة الملك عبدالعزيز بتنظيم هذه الندوة ، فدارة الملك عبدالعزيز التي أخذت على عاتقها حمل اسم المؤسس طيب الله ثراه عرفاناً بدوره التاريخي في تأسيس دولة حديثة على أسس وقواعد إسلامية لابد أن تستقصي ضمن هذا العرفان الامتداد لمنهجه رحمه الله في سيرة أبنائه ممن تولوا الحكم وانطلقوا من هذا المنهج إلى التوسع في بناء الإنسان السعودي وتأهيله من خلال المستويات التعليمية والاقتصادية والثقافية للقيام بدور أكبر في نسيجه العربي والإسلامي والدولي وبكل جدارة. فيما وصف نائب الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي الندوة بأنها " ندوة ملكية برؤية شعبية " وقال إن المرحلة التاريخية التي كان الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله ملكاً كانت تمثل انفراجاً بين المسلمين والغرب بعد احتدام متصاعد بينهما ، إلا أن قضية القدس بقيت القضية العالقة في علاقتهما السياسية، وفي تلك الفترة أصبح البترول سلعة اقتصادية بعد أن كان سلعة سياسية تتدخل في رسم السياسات بين الطرفين ، على المستوى المحلي السعودي كانت ما يسميها الراصدون الاقتصاديون الطفرة الاقتصادية الهائلة نتيجة هذا الانفراج الدولي والتحول في النظرة إلى النفط بالرغم من أزمات عرضية ومؤقتة مر بها العالم، الطفرة الاقتصادية السعودية تركت ظلالها على الوضع الاجتماعي والثقافي والصناعي، وقفز المجتمع السعودي من الانحصار في النظرة الداخلية وتحسس مكوناته الحضارية إلى النظرة الخارجية للتمددات التجارية والاقتصادية في العالم المتطور ومحاكاتها. وقال كانت الصناعة قائدة وموجهة للمجتمع ومؤسساته ولعل من المنعطفات المهمة في هذا الجانب إنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع التي تعد الآن مؤسسة عابرة للقارات وكانت وعاء متخصصاً لتوظيف آلاف السعوديين وترسيخ تقاليد عملية وصناعية داخل المجتمع نجني ثمارها في الوقت الحالي. وأضاف هذه المرحلة الكثيفة والواسعة هي موضوع الندوة الملكية الثالثة عن تاريخ الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله التي تنظمها الدارة ضمن الندوات الملكية التي اضطلعت بها دارة الملك عبدالعزيز وبتوجيه ورعاية من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز .. وبلا شك فإن هذه المرحلة غزيرة في تغيراتها الداخلية والخارجية ما يعني أن هذه الندوة التي تعقد في رحاب دارة الملك عبدالعزيز ستكون غنية بالمقابل في مادتها العلمية ، وستكون مهوى لكثير من السعوديين والسعوديات من منهم في العقد الثالث حيث جايلوا هذه الفترة وعاشوا تلك النقلة نحو مجتمع صناعي ونحو توسع إعلامي ومرونة ثقافية تمهد لمرئيات المرحلة التي نستطيع أن نقول عنها أنها استثمرت مكونات البنية التحتية الموجودة في المجتمع السعودي الاستثمار الأمثل مع إضافات مهمة لمقدراتها بمسارات أخرى. ورأى في تنظيم الدارة لهذه الندوة مشاركة للمجتمع معها في قراءة تلك الفترة التاريخية الخصبة من خلال عهد الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله والقرارات الصادرة في عهده على الأصعدة كافة وعلى رأسها خدمة الإسلام والمسلمين والتي أظهرت فيه تلك الفترة اهتماماً متواصلاً لما قبلها من فترات سابقة ومنها الشأن الدعوي ورفع درجة الخدمات المقدمة للحرمين الشريفين وأبرزها التوسعة الكبيرة في عهد جلالته. وقال هذه الندوة التي يشارك فيها باحثون ومؤرخون وباحثات من العالم هي أحد القنوات التي تجتذب من خلالها دارة الملك عبدالعزيز فئات المجتمع المختلفة إلى دائرتها لتوسيع المشاركة معها من قبل المواطن والمؤسسة التعليمية والعلمية في خدمة تاريخ الجزيرة العربية بصفة عامة وتاريخ المملكة العربية السعودية بصفة خاصة ، ودعوة لمزيد من الباحثين والباحثات للتداخل مع دارة الملك عبدالعزيز في مشروعات علمية مشتركة تؤسس على نظرة الدارة ومنهجيتها في هذا الجانب . فأهلا بكم في رحاب ندوتنا الثالثة التي لابد أنها ستضيف رصيداً ليس بالقليل إلى المكتبة التاريخية السعودية وستضيء عن قرب جوانب جديدة من تاريخ المملكة العربية السعودية المشرق.فيما هنأ مدير عام المركز الوطني للوثائق والمحفوظات عبدالله بن سعود بن خضير دارة الملك عبدالعزيز على هذه الندوة مشيدا بعقدها سلسلة من الندوات العلمية عن تاريخ ملوك المملكة العربية السعودية حيث تغطي هذه الندوات جوانب مهمة من تاريخهم الشخصي والرسمي الذي من الواجب رصده وإبرازه بما يتمثل في الأمور التالية: 1-تاريخ ميلاد الملك خالد ونشأته، والصفات التي يتحلى بها، والنشاطات التي قام بها على المستوى الشخصي، وهذه أمور مهمة يجب توثيقها وتدوينها حتى لا نضيع مع مرور الأيام ويغيب عنا من يحفظ هذه المعلومات فنفقد بذلك مصدراً مهما من مصادرنا التاريخية التي تحوي الكثير من المعلومات عن هؤلاء القادة، والظروف التي عاصروها، وإسهاماتهم فيها، وتفاعلهم معها. 2-الأعمال الرسمية التي أسندت إليه قبل توليه لأمور الحكم، والدور الذي قام به من خلال هذه الأعمال، وما أسهم به من الجهود وما ترتب عليها من نتائج. 3-فترت حكمه وما تم فيها من إنجازات للدولة، حيث يتم من خلال هذه الفترة الربط المتصل بين ما تم في عهده وما تم قبل عهده، لتترابط سلسلة الإنجازات التي قامت بها الدولة- مع إيضاح الدور البارز له في الأمر و التوجيه بالقيام بما تم في عهده من أعمال، وما تحقق في عهد من إنجازات.وإذا كان توثيق أعمال ملوك المملكة من خلال الوثائق الصادرة هو أمر في غاية الأهمية لإبراز نشاطات الدولة وإنجازاتها، وتكامل المعلومات عنها في المجالات التاريخية والسياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية والعلمية وغيرها، إلا أن من الأمور التوثيقية الصعبة ما يتعلق بالأمور الشخصية أو التوجيهات الشفوية لهؤلاء الملوك في ظل عدم تدوين النشاطات التي يقومون بها على المستوى الشخصي والرسمي، وذلك في ظل غياب ما يسمى بالمذكرات اليومية سواء من قبل هذه الشخصيات أو من قبل الأشخاص الملازمين لهم، مما يؤدي إلى ضياع هذه التوجيهات الشفوية أو الأعمال والنشاطات الميدانية التي لا يتم توثيقها، ولذا كان من الأمور المهمة الرجوع إلى الأشخاص ذوي الاتصال الدائم بهم الذين يتلقون توجيهاتهم وأوامرهم المباشرة من المسئولين أو المرافقين لهم على الدوام كالإخوان والأبناء، لأنهم بكل تأكيد يعرفون ما لا يعرفه غيرهم. وهذه الموضوعات من الأمور التي سيتصدى لها الباحثون.و قال عبدالله بن خضير إذا عدنا إلى تاريخ الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله بصفته الشخصية التي خصصت لها هذه الندوة، فإن من أبرز الأعمال الرسمية التي كلفه بها الملك عبدالعزيز رحمهما الله هو القيام بعمل النيابة العامة في مكةالمكرمة رغم حداثة سنة، وذلك أثناء توجه الملك فيصل رحمه الله لقيادة الجيش السعودي في حرب اليمن.وأضاف لا شك أن تاريخ الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله مليء بجلائل الأعمال، حيث إستفاض عن جلالته رحمه الله صلاح السيرة والسريرة وحب الخير والخوف من الله وعمل كل ما يقرب إليه سبحانه وتعالى. على أن أعمال جلالته الخيرية رحمه الله لا يمكن معرفة الكثير عنها، لأنها تتم في الخفاء لأنه كان يقصد بها وجه الله وحده دون سواه، وما نرجوه من الله سبحانه وتعالى هو أن يجعل ما قدم من أعمال الخير والبر في ميزان حسناته يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. أما أمين مكتبة الملك فهد الوطنية عضو مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز على بن سليمان الصوينع فقال دأبت دارة الملك عبدالعزيز على إقامة سلسلة من الندوات الملكية التي تحتفي بدراسة سير ملوك المملكة العربية السعودية وإنجازاتهم المتعددة الجوانب، مما يلقي الضوء على تاريخ المملكة ويرصد القفزات التنموية التي ساهم بها كل ملك من قادة البلاد منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه.وأبرز أهمية الندوة العلمية عن تاريخ الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - ضمن هذا السياق، فهو أحد القادة الذين يكن لهم الشعب السعودي المحبة والإجلال ويتذكرونه بالخير مع انطلاقة الرخاء والازدهار الاقتصادي، وكان للملك خالد بن عبدالعزيز إنجازات مشهودة في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما سيتم مراجعته ومناقشته ضمن محاور الندوة العلمية التي ستأتي ثمارها ضمن الأعمال البحثية المعمقة على هيئة موسوعة أو عمل مرجعي تتولى دارة الملك عبدالعزيز طباعته ونشره، خدمة للباحثين وتاريخ المملكة العربية السعودية. ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز تأتي تتويجاً لجهود الدارة وقيامها بتبني الندوات التاريخية والمشروعات البحثية في تاريخ المملكة يسهم في إنعاش الدراسات التاريخية بالاستفادة من الرصيد الوثائقي لدى الدارة وغيرها من المكتبات والأرشيفات القديمة، مما يخدم التاريخ المحلي ويعزز الثقافة الوطنية لبلادنا الغالية.