اتوجه في البداية الى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد والى كافة الأسرة المالكة والشعب السعودي والأمتين العربية والاسلامية والى المجتمع الدولي بخالص التعازي والمواسات في وفاة الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- بعد حياة حافلة بالعمل الوطني والاقليمي والعالمي في شتى مجالات خدمة الانسان سياسياً واجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وامنياً. وللمغفور له منا خالص الدعوات بأن يتغمده المولى عز وجل بغفرانه ويجعل مثواه الجنة ويلهم ذويه وكافة الاسرة المالكة والشعب السعودي الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون. يأتي غياب الملك فهد لنتذكر انه قد كان له -يرحمه الله- موروث حضاري عظيم في عالمنا اليوم وتأثير ملموس في شؤون حياة كل فرد سعودي من كل الاجيال الراهنة حيث مكانة الملك من الدولة ومشاركاته في بنائها وتوطيد اركانها منذ صغر سنه مروراً بكل الوظائف والمسؤوليات التي تولاها وكان لها الاثر البالغ في تشكيل واقع المجتمع السعودي اليوم. وحيث قفزت المملكة في تنميتها وتطورت مؤسساتها خلال العقود الماضية في عهد الملك فهد بشكل مشهود فإن تلك القفزات والتنمية قد تزامنت مع تحديات محلية واقليمية وعالمية بدءاً بتأثيرات تصاعد الحرب الباردة ومروراً باضطرابات انتهاء الحرب الباردة وماتبعها من تحديات واحداث اقليمية كانت المملكة بحكم مكانتها العالمية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً في محيط هذه التغيرات والتحديات الى يومنا هذا. وكان الملك فهد برؤيته السياسية وحنكته المشهودة وشجاعته قد اثبت قوة موقف المملكة وهيبتها باعتباره -يرحمه الله- زعيماً عالمياً عملاقاً في حكمته وبعد نظره وهدوء سياسته وثقته بالله سبحانه وتعالى ثم بحسن توجيهه لقوى الدولة السعودية وقيادتها باتنصار وأمن وسلام وسط عالم كان يموج بالاحداث والمتغيرات التي عصفت بالكثير من الشعوب والأنظمة. واستمر الشعب السعودي في أمن واستقرار وتطور يعكس حنكة زعيمه ومكانته في ميزان القوى السياسية اقليمياً وعالمياً ناهيك عن ثقة وولاء الشعب السعودي ووقوفه خلف قائده وقيادته. وللملك فهد -يرحمه الله- في مسيرة حياته منجزات لا تحصى في مؤسسات الدولة والمجتمع السعودي في التعليم وفي الأمن وفي نظام المناطق وتطويرها ونظام الدولة ونظام مجلس الشورى وكثير من انظمة البلاد التي قفزت بموجبها المملكة وتحقق لها من المكاسب ماتحقق اليوم من مكانة ومستويات لاتخطئها العين واصبحت محط انظار المجتمع الدولي في هذا المجال ناهيك عن خدمته واعماله البارزة والجليلة في خدمة الحرمين الشريفين وتطوير المقدسات والمشاعر في بنيتها التحتية وفي تكوينها الحديث الذي حقق لكافة المسلمين من زوار الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة الراحة واليسر وحسن الاقامة. والملك فهد على مستوى دول الخليج والدول العربية من خلال علاقاته ومكانته الشخصية قد شكل زعامة عربية بما ينظر اليه -رحمه الله- من خلال شخصيته المحترمة وثقله السياسي ورؤيته الحكيمة الأمرالذي جعل تلك المكانة العربية لشخصيته الفذة والثقة الاسلامية في خدمته للحرمين الشريفين وشؤون الاسلام والمسلمين فكان لتلك العوامل الهامة في زعامة الملك فهد سبب في تعزيز مكانة المملكة في علاقاتها الخارجية وكسب المزيد من الثقة المتبادلة بين المملكة وكل دول العالم مما اكسب المملكة مزيداً من الاحترام الشعبي والرسمي على مستوى المجتمع الدولي كافة. ورغم الحزن الشديد لانتقال الملك فهد وعمق فقدانه في وجدان مجتمعه ومحبيه في المملكة وخارجها الا ان السياسة الحكيمة للمملكة بثباتها وثقتها ورسوخ مؤسستها سوف تستمر بإذن الله تعالى في نفس النهج في سياستها المحلية والاقليمية والعالمية. وندعو الله سبحانه وتعالى للمملكة ولشعبها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الاستمرار في نهجها القويم -الذي أسسه مؤسس البلاد الراحل الملك عبدالعزيز-، الذي يحظى -حفظه الله- بثقة شعبية سعودية وقومية عربية ومكانة اسلامية وعالمية بارزة وندعو الله لبلادنا بمزيد من العزة والسؤدد في حاضرها المستقر ومستقبلها الزاهر ان شاء الله تعالى.. وانا لله وانا اليه راجعون. * عضو مجلس الشورى السعودي- نائب رئيس اللجنة الأمنية بمجلس الشورى