في مقالاتنا السابقة تطرقنا إلى عدة مدارس واتجاهات وحركات فنية وحان الوقت للتعرف على تصنيف هذه المسميات: لماذا سميت بهذه الأسماء وما هو المصطلح الصحيح لها بلغتنا العربية وأيضاً ما الفرق بين اتجاه وحركة ومدرسة؟ فمثلاً عندما تطرقنا إلى الحركة الوحشية " Fauvism" علمنا من كتب التاريخ الواقعة التي حكى عنها الفنان ماتيس الذي يعد من رواد جماعة الوحشيين أنه عندما عرضوا لوحاتهم الوحشية التي اتسمت بالألوان الجريئة والشطط التكنيكي والمعالجات الحادة لأول مرة في "صالون الخريف" بفرنسا كان بين لوحاتهم منحوتة تمثل طفلاً بريئاً للنحات "دوناتيللو" وعندما شاهد المعرض الناقد المعروف "فوكسيل" نادى على النحات بقوله: تعال يا دوناتيللو بعيداً عن هؤلاء الوحشيين ومن هنا ولد اسم هذه الحركة. وكذا الحال عندما ذكرنا في أحد المقالات السابقة عن مدرسة تمردت على الفن الكلاسيكي والأسلوب الأكاديمي الصارم وتدعى مدرسة "الباربيزون".. والباربيزون قرية قريبة من غابة في جنوبفرنسا ذهب إليها الفنانون بعيداً عن المدينة لرسم الطبيعة الخلابة من حقول وأنهار وغابات وانطباع حياة الريفيين بالقرية.. فهل مصطلح "مدرسة" ينطبق على هذه الجماعة من الفنانين وهل يصح التعبير في كثير من المسميات الأخرى قديماً وحديثاً والتي طرأت على الفنون البصرية بشتى أنواعها خلال النصف قرن الماضي ولا تزال تتوالى وتتسارع بتلاحق مستمر خلال السنوات القليلة الماضية؟ وإضافة إلى هذه المسميات هناك مصطلحات عديدة تخص الفنون التشكيلية منها المسميات العلمية المنهجية كإيقاع لوني "color rhythm" أو انسجام لوني "color harmony" وغيرها, هذا بالإضافة إلى المصطلحات التي تعد جديدة والتي تخص شتى أنواع الفنون البصرية المعاصرة الحديث منها وما بعد الحديث. من هنا بدت الحاجة ملحة لتوفر معجم متخصص لمصطلحات الفنون البصرية الذي تترقب الساحة الفنية بجميع أفرعها الإبداعية أول إصدار له كموسوعة عربية تضمن جميع المصطلحات الفنية وهذا الإصدار يعتبر أول معجم موسوعي عربي في تاريخ الفنون والمتوقع إصداره خلال العام الميلادي الحالي. أخذ هذا الإصدار جهود اثنين وستين عاماً لدراسته والعمل عليه من قبل "لجنة ألفاظ الحضارة" بمجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية التي تعمل على إنهاء مادته في شهر يونيو الجاري وخصصت لجنة متخصصة في الفنون التشكيلية مكونة من: د. محمد الربيعي، د. ياسر منجي، صلاح المليجي، د. صلاح فضل، د. محمود المنياوي، د. الشاعر فاروق شوشة، د. فتوح أحمد، د. حسنين ربيع، د. حماسة عبداللطيف. وقد أشار الدكتور ياسر منجي عضو هيئة التدريس بقسم الجرافيك، بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة إلى أن المعجم سيتضمن معظم المصطلحات الفنية المعروفة وأسماء المدارس والتيارات الفنية قديماً وحديثاً وصولاً إلى المعاصر منها، بالإضافة إلى مصطلحات التقنيات، والأداءات، والأساليب الفنية، ومصطلحات الخامات، وأنواع الفنون البصرية، ومصطلحات علم الجمال، والنقد، والتذوق الفني المشهورة، كما سيتضمن باباً خاصاً للتعريف بأهم الفنانين على امتداد تاريخ الفن؛ العرب منهم والغربيون. وستذكر الموسوعة اسم كل مصطلح باللغة العربية، وبجواره اسمه الأجنبي بلغته الأصلية مكتوباً بحروف لاتينية، وبأسفل منهما التعريف والشرح لمعناه ومفهومه، ومعظم هذه الشروح مطولة وتغلب عليها الصفة الموسوعية، حيث تشتمل على تواريخ لكافة الجوانب التي تغطي كل مصطلح. إن هذا العمل المعرفي هو إثراء للحركة البحثية والفنية فبالإضافة إلى كونه موسوعة علمية شاملة بما يخص الفنون البصرية وما سبق ذكره منها فإنه يتضمن التعريف أيضاً بشتى أفرع الفنون الجميلة الأخرى كفن العمارة، والنحت, والتصوير، وفنون الحفر، والطباعة، وفنون الإعلان: والكتاب، وفنون الميديا، والنسيج، والزجاج، والرسوم المتحركة وغيرها من المجالات الأخرى مما سيكون له عظيم الأثر في تطوير الاصطلاح الفني العربي ونشر الوعي بين أفراد المجتمع لأهمية الفنون ومجالاتها المتعددة, فلنا أن نتخيل بأن العامة من الجمهور عند زيارتهم للمعارض وهم يراجعون هذا المعجم قبل اقتناء عمل فني لمعرفة الاتجاه أو الأسلوب المستخدم والأدوات والتقنيات وطريقة بنائه, فمما لاشك فيه أنه سيساهم في رقي الذائقة البصرية لديهم وتقدير ما تطلبه مراحل العملية الإبداعية. كما سيساهم بشكل كبير في تنمية خبرات طلبة وطالبات أقسام التربية ورفع مستوى تذوقهم، وثقافتهم، ووعيهم، والبحوث التي تخص المراحل العلمية المتقدمة والتي تطلب التعمق في تاريخ الفن والنقد والتذوق. الحركة المستقبلية للفنان ألبرتو بوتشيني مدرسة البابيزون لوحة للفنان كونستان ترويون لوحة «جماعة الفارس الأزرق» للفنان فرانز مارك