ترتبط دول العالم فيما بينها بشبكة واسعة من العلاقات تشمل مجالات مختلفة. هذا الواقع يحتم وجود بيئة تواصلية مناسبة بين الدول لانجاز الأعمال المشتركة وتطوير العلاقات الثنائية، وهنا يأتي الدور المهم للترجمة الذي تطلع به منذ آلاف السنين ولا تزال الحاجة ماسة لها خصوصا في وقتنا هذا الذي يشهد تواصلا مكثفا بين دول العالم الناطقة بلغات مختلفة. يحتم هذا الواقع إعداد مترجمين في مختلف اللغات لتلبية الحاجات المختلفة لهذا البلد أو ذاك. فالمملكة، على سبيل المثال، دولة مهمة على الساحة الدولية وتربطها علاقات سياسية وتجارية وثقافية ودينية مع أغلب دول العالم، ولهذا لا بد من توعية المجتمع بأهمية تعلم اللغات المختلفة، وعدم التركيز فقط في اللغة الإنجليزية التي وصلنا إلى حد التشبع في عدد المتحدثين بها. لهذا السبب أتت هذه المقالة لتركز في أهمية تعلم اللغات الأخرى للحاجة الماسة لها وللآفاق الرحبة التي تحتويها. كما ذكرنا أنفا، فان المملكة ترتبط بعلاقات واسعة مع مختلف دول العالم ولهذا لابد من وجود مترجمين من أبناء المملكة يقومون بعملية الترجمة والتواصل وهو أمر مهم وحساس. أجدها فرصة أن أوجه رسالة إلى الطلاب بأن يقبلوا على دراسة اللغات المختلفة. فعلى سبيل المثال: اللغة الروسية لغة مهمة على المستوى الدولي وهي إحدى اللغات المعتمدة في مجلس الأمن وهيئة الأممالمتحدة، يتحدث بها أكثر من 36۰ مليون نسمة، وتستخدم في أكثر من 12 دولة. فضلا عن ذلك، فهي لغة الشعر والأدب، هي اللغة التي كتبت بها روائع الأدب العالمي: كتب بها بوشكن وليرمنتف وتشيخف وتلستوي ودستايفسكي وغيرهم من الأدباء الروس المتميزين. يهمنا هنا، أن جل بل كل الدول الناطقة بالروسية ترتبط بعلاقات وطيدة مع المملكة في مختلف المجالات الأمر الذي يتطلب وجود متخصصين في اللغة الروسية. وهناك لغات أخرى مهمة والحاجة إليها ماسة ولتعلمها، ما يميز كلية اللغات والترجمة في جامعة الملك سعود هو احتضانها هذه اللغات المهمة والنادرة: كالصينية والاسبانية والروسية واليابانية وغيرها. أوجه رسالة أخرى إلى القطاعات الحكومية ذات العلاقة: كوزارة الإعلام ووكالة الأنباء ووزارة الحج ووزارة الشئون الإسلامية، والقطاعات الخاصة كذلك: الصحف على سبيل المثال، وأدعوهم إلى الاستفادة من المتخصصين في هذه اللغات المهمة والنادرة واستقطابهم وتطوير مهاراتهم، فهناك فرص ومجالات واسعة للاستفادة من خريجي هذه التخصصات المهمة. كما وأدعوهم إلى أن يحذوا حذو وزارة الخارجية التي تعد مثالا رائعا لاستقطاب الكفاءات الوطنية من أصحاب التخصصات اللغوية المختلفة، أود أن أختم بامرا مهم: يجب على القطاعات المشغلة لأصحاب التخصصات اللغوية آنفة الذكر أن تأخذ بعين الاعتبار نقطة مهمة وهي أن خريجي هذه التخصصات ينقصم الجانب التطبيقي إلى حد كبير لأنهم يدرسون لغات نادرة الاستخدام، وكما هو معروف فان التطبيق اللغوي يعد أحد أهم جوانب التعليم اللغوي، ولهذا لابد أن تتعامل القطاعات المختلفة مع الخريجين بشيء من الصبر ولا بد من تطوير مهاراتهم اللغوية والترجمية بإلحاقهم، على سبيل المثال، بدورات في اللغة والترجمة في البلد الأصلي للغة. وهذا الأمر مشاهد وممارس في أغلب التخصصات، فيتدرب الموظف وهو على رأس العمل بما يتناسب مع أولويات القطاع واحتياجاته.