قرار تأنيث الوظائف في المؤسسات الحكومية والخاصة أصبح يشغل بال السعوديات ويشكل دافعاً ملحاً لهن نحو العمل، ومن بين التخصصات الجامعية التي تجد إقبالاً متزايداً من قبل الطالبات، وحاجة في سوق العمل؛ وظائف الترجمة، حيث يمثل هذا التخصص من أولويات التوظيف المتاحة للمرأة. وقالت الأستاذة نوال علي أبا الخيل الرئيسة السابقة للقسم النسائي بوزارة الخارجية لقد تقاعدت عن العمل قبل عدة أشهر بعد أن عملت 22 عاما قضيتها في وزارة الخارجية كأول امرأة سعودية يتم تعينيها في وزارة الخارجية كمترجمة، وبعد مرور السنوات ازدادت أعداد الموظفات فترأست ادارة القسم النسائي في الوزارة، وأسهمت جوانب عدة في نجاحي كمترجمة وأهمها الحصيلة الثقافية، فهي مفتاح الترجمة العالمية، فالتخصص العلمي للترجمة لا يصنع مترجما محترفا، وإنما من المهم صياغة المعنى الأقرب في اللغة وتسمية الأسماء بمسمياتها الصحيحة والمحددة بأسلوب لغوي يتناسب مع طبيعة الخطابات أو التقارير، مؤكدة على أن وظيفة المترجم هي من أنسب الوظائف التي تناسب المرأة، حيث تستطيع أن تعمل في أي وزارة على المستوى الحكومي ومن السهل فتح مكاتب ترجمة نسائية في القطاع الخاص. إيمان المانع مترجمة تعمل في المؤسسة العامة للتقاعد تقول ان الترجمة نوعان منها المكتوبة والشفهية، مشيرة إلى أن إقبال المرأة السعودية على تخصصات الترجمة ظاهرة طبيعية لما لهذا التخصص من اتساع في قاعدة التوظيف وأهمية التواصل العالمي بيننا وبين العالم، كما يعتبر من أرقى وأجمل الوظائف المتاحة والتي تتناسب مع المرأة السعودية، حيث من الممكن أن تعمل المترجمة في أي مكان يتاح لها التوظيف كما يمكن تأنيث الوظائف وافتتاح أقسام نسائية للترجمة في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية من خلال مكاتب وأماكن مستقلة بدون اختلاط، فهي وظيفة مرنة جداً لا تقف عن حدود المكان، مشيرة إلى ان المترجم لابد أن يكون مثقفا في المقام الأول وواسع الاطلاع وملما بكافة الجوانب الفنية والإدارية والقانونية في المجال الذي يعمل فيه حتى يقترب للمعنى المكتوب عنده. وقالت إن خريجي الترجمة لا ينقصهم إلا التأهيل الوظيفي وخاصة أن خريج الترجمة يتم توظيفه على المرتبة السابعة، حيث يختصر 4 سنوات بالنسبة إلى التخصصات الأخرى، موضحة أن معاناة خريجي الترجمة في تخصصهم هي في عدم وجود التأهيل والتدريب العملي فمشاريع تخرج الطلاب في السنة النهائية في جامعة الملك سعود مثلاً تعتمد على ترجمة كتاب يختاره الخريج ومعه يحدد درجة تخرجه العلمية وهذا لا يدل على كفاءة ومهارات الخريج في الترجمة، ومن المفترض من قسم الترجمة في الجامعة أن يلحق الخريج في السنة النهائية إلى سوق العمل، حيث يتم تأهيله وتدريبية على ممارسة الترجمة الفعلية قبل التخرج بدل أن يترجم كتابا. مها العبداللطيف مترجمة منذ خمس سنوات في الهيئة العليا للسياحة تقول عملنا في القسم النسائي مكتبي ويوجد في القسم عدد من المترجمات نعمل على الترجمة التحريرية في كتابة التقارير الرسمية والدراسات المتعلقة بعمل الهيئة، كما يشمل تحرير الإعلانات وصيغة البروشورات السياحية، داعية إلى اتساع قاعدة التوظيف في سوق العمل للخريجين من خلال ادراج توظيفهم في مختلف القطاعات. هدى الحليس وكيلة قسم الترجمة بجامعة الملك سعود تقول هناك إقبال كبير من الطالبات السعوديات على أقسام الترجمة واللغات ويدرس الآن في الجامعة حوالي 2000 طالبة في قسمي الانجليزي والفرنسي والازدياد السنوي كبير نظراً إلى مستوى الوعي لدى الطالبات على التخصص الذي يوفر ويتيح الوظائف لهن في أي مكان. واقع خريجات الترجمة الباحثة الدكتورة ريما الجرف اختصاصية في مجال اللغات والترجمة في جامعة الملك سعود قامت بعمل دراسة على 130 خريجة من خريجات الترجمة كشفت فيها ان نسبة الخريجات العاملات في مجال الترجمة لا يتعدى سوى 10% حيث يتجه 75% من الخريجات إلى قطاع التعليم، مما يعني أن سنوات الدراسة المبذولة في تخصص الترجمة تحولت معها إلى معلمة للغة الانجليزية في مدارس تعليم البنات، و5% يذهبن إلى إكمال دراساتهن العليا و10% يبقين في المنزل بعد التخرج و10% اخترن الترجمة وعملن في المستشفيات، والبقية في القطاعات مثل الوزارات والسفارات والبنوك. وتناولت الدكتورة الجرف في دراستها ثلاثة عوامل مؤثرة على عمل المرأة في الترجمة وهي: عامل الطلب من شروط وسياسات العمل، وعامل العرض من حيث الكفاءة المتوفرة لدى الخريجات، وعامل المؤثرات الاجتماعية المتمثلة في رأي الأهل عن عمل المرأة في مجال الترجمة، وكانت نتائج البحث هي أن 77% من أرباب العمل يفضلون المترجمين الرجال على النساء لأنهم أكثر تحملا لساعات العمل الطويلة، وبالنسبة للعرض فإن نسبة 84% من الخريجات غير مؤهلات بشكل مناسب لسوق العمل وان الدراسة لم تساعدهن بشكل كاف في التعامل مع الترجمة وخاصة في مجال الترجمة الشفهية، وأما المؤثرات الاجتماعية فتشير إلى أن ما نسبته 39% لا يعملن في الترجمة لان الأهل قد منعوهن من ممارسة هذه المهنة وشجعوهن على التدريس أو البقاء في المنزل، و84% يوافقون على عمل الترجمة ويرفضون العمل في المستشفيات أو الشركات بسبب ساعات العمل الطويلة أو الخوف من الاختلاط.