أوضح الدكتور فهد عبدالله السماري الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز أن الترجمة من اللغة إلى أخرى كانت وما زالت الوسيلة الأمثل التي لعبت الدور الأساس في تلاقح الثقافات وتبادل المعارف ومعرفة انجازات الأمم ماضيًا وحاضرًا. وتناول الدكتور السماري في ثنايا بحثه المقدم عن محور الترجمة في المملكة خلال انعقاد المؤتمر الدولي الثالث والذي تنظمه الجمعية العلمية السعودية للغة والترجمة تاريخ تطور الحضارة العربية الإسلامية، قائلاً: إن بداية تطورها المعرفي قد ارتكز على نقل وترجمة المساهمات المعرفية السابقة لها إلى اللغة العربية، كما أن بداية النهضة الأوروبية ارتبطت بنقل وترجمة المساهمات العلمية والفلسفية للحضارة العربية الإسلامية إلى لغاتها. وإذ اليوم نعيش في عالم جديد تسود فيه حضارة متطورة ومتغيرة في مجالات المعرفة الإنسانية كافة، فإن الترجمة قد تكون الوسيلة المهمة لمواكبة التطورات المعرفية العالمية بميادينها كافة بما فيها الدراسات التاريخية. لذلك فإن الترجمة مفيدة ومهمة جدًا لتاريخنا، ويمكن إرجاع هذه الأهمية للأسباب الآتية على سبيل التمثيل: 1- نظرًا لتعدد ما كتب عن تاريخ المملكة من معاصرين أسهموا في أعمال كثيرة في عقود سابقة لذلك فإن ترجمة هذه البحوث والمؤلفات والمقالات تسهم في توفير معلومات جديدة عن تاريخنا ومساعدة الباحثين على الاستفادة منها ونقدها. 2- نظرًا لما يكتب حول تاريخنا هو المكون لصورتنا العربية الإسلامية لدى الآخرين، فإن ترجمة ذلك ومعرفته تساعدنا على فهم تلك الصورة للتعامل مع تدعياتها بشكل علمي سليم. 3- ونظرًا لأن منطقتنا كانت محط أهتمام الآخرين لأزمان طويلة، فإن المعلومات والوثائق حول أحداث وتطورات تاريخية كثيرة في تاريخنا موجودة في هذي الدول وبلغاتها إضافة إلى الرحلات الأجنبية عن الجزيرة العربية لذلك فإن ترجمة هذه المعلومات الغير متاحة باللغة العربية تساهم كثيرًا في سد ثغرات واسعة في معرفتنا التاريخية عن منطقتنا وبلداننا. ويتابع السماري حديثه مضيفًا: لقد أدركت الدارة منذ نشأتها أهمية الترجمة ودورها الحضاري في مجال التاريخ فقامت بتنفيذ العديد من مشروعات الترجمة وذلك من منطلق حرصها على ترجمة المؤلفات والأعمال العلمية المتعلقة بمجال اهتماماتها من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية ومن اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وتتعامل الدارة اليوم مع مترجمين متخصصين ومتميزين في هذا المجال. ومن أبرز الأعمال التي تمت ترجمتها إلى اللغة العربية الكتب الأجنبية ذات العلاقة بتاريخ المملكة والجزيرة العربية وجغرافيتها وثقافتها والتي تعد مراجع مهمة لدى الباحثين والمهتمين وبترجمتها يسد نقص واضح في هذا المجال في المكتبة السعودية العربية على سبيل المثال فقد تم في خلال العام 1427 / 1428ه ترجمة أكثر من 15 عملاً علميًا تشمل كتبًا وبحوثًا وتقارير ومقالات ووثائق ومستندات إرشادية وغيرها. وفي عام 1428 / 1429 ه تم ترجمة أكثر من 20 عملاً. وهذه مجرد أمثلة إجمالية لأعمال مترجمة قامت بها الدارة إنشاء وحدة للترجمة والدراسات التاريخية في الدارة وبرنامجها وجهودها: لا يخفى على أحد أهمية الترجمة في حياتنا الاجتماعية والعلمية والثقافية ومن ذلك المجالات التاريخية أيضًا فقد لاقى تاريخ الجزيرة العربية اهتمامًا خاصًا من الدول الأوربية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بصفة خاصة لما تتميز به المنطقة من خصائص تربط بين الشرق والغرب تمخضت عن إرسال الإرساليات الاستكشافية وكثرة الرحلات العلمية في المنطقة وتزايدت معها الكتب والتقارير والبحوث المتعلقة بالجزيرة العربية، وبدأت تظهر معها بوادر الصراع بين الشرق والغرب. ومن هنا كان لا بد من الاهتمام بها يكتبه عنا الغربيون وما يدور في خلدهم عن مجتمعاتنا، وكذلك الاهتمام باللغة المترجمة للعربية لمعرفة ما كانوا يحملونه عنا وعن تاريخنا وحضارتنا بشكل خاص، سواء كان ذلك سلبيًا أو إيجابيًا وذلك في محاولة جادة منا لنقوم ما عندهم وما عندنا من تاريخ وانطباع ومن ثم العمل على تصويب أخطائهم وأخطائنا بشفافية وموضوعية بعيدين عن كل ألوان التحيز والتعصب ولقد شعرت دارة الملك عبدالعزيز بأهمية الترجمة ودورها الفاعل في خدمة تاريخ المملكة والجزيرة العربية، فعملت ودأبت على أنشاء (وحدة للترجمة والدراسات التاريخية) إلى أن صدرت موافقة مجلس الإدارة في اجتماعه الرابع عشر المنعقد مساء يوم 2/3/1423ه على إنشاء وحدة متخصصة للترجمة التاريخية بدارة الملك عبدالعزيز، يشكل لها لجنة علمية من أساتذة التاريخ واللغات تقوم بتنفيذ الترجمات التي يتم اختيارها ومراجعة ما يرد الدارة من مترجمات ومتابعة ما يصدر من الأعمال المترجمة التي تخدم اهتمامات الدارة حيث تم تصميم استمارة لرصد العناوين المترجمة، أو قيد الترجمة داخل الدارة وخارجها التي تهتم بتاريخ المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية لتكون نواة لمركز معلومات عن الكتب المترجمة، حيث تقوم الوحدة بإنشاء قاعدة معلومات يتم فيها رصد بيانات وافية عن كل عمل مترجم أو قيد الترجمة. ويمضي السماري في حديثه معددًا أهداف وحدة الترجمة والمتمثلة في: 1- التشجيع على ترجمة الأصول والمراجع التاريخية القديمة من لغتها الأصلية إلى اللغة العربية. 2- ترجمة المعلومات المنشورة عن الجزيرة العربية في دوائر معارف الدول الأجنبية. 3- ترجمة البحوث التاريخية المتعلقة بالجزيرة العربية من لغاتها الأصلية. 4- ترجمة الرسائل العلمية المتعلقة بتاريخ الجزيرة العربية والممنوحة من الجامعات الأجنبية (ماجستير دكتوراة). 5- نشر الأعمال المترجمة تباعًا. 6- عقد لقاء سنوي أو نصف سنوي يتعلق بالترجمة وخدمة التاريخ. 7- نشر موضوعات متكاملة يتم اختيارها من الوثائق الأجنبية لمساعدة الباحثين في الحصول على مادة علمية موثقة ومتكاملة في هذه الموضوعات. 8- الحصول على تبادل ثقافي وعملي مع الدول الأجنبية ولو في المستقبل. وحوله تقيمه لتجربة الدارة يضيف السماري بقوله: واجهت الدارة العديد من المشكلات أثناء تنفيذها لأعمال الترجمة ومن أبرز تلك المشكلات ما يأتي: 1- ضعف بعض الترجمات التي تتم من قبل بعض الأكاديميين أو غير الأكاديميين، وذلك بسبب عدم قدرتهم على الترجمة العلمية. 2- ضعف التحرير للمادة المترجمة وسيطرة الترجمة الحرفية التي لا تحقق الفهم الحقيقي للنصوص المترجمة. 3- ضعف الجانب اللغوي لدى بعض المترجمين خاصة ما يتعلق باللغة العربية. 4- عدم قدرة بعض المترجمين على فهم بيئة النص المترجم وموضوعاته؛ ممّا يقود إلى نصوص مترجمة غير متفقة مع الأصل. 5- عدم أمانة بعض المترجمين في نقل النصوص من الأصل المترجم. كما واجهت الدارة بعض العقبات في مشروعها الخاص بقاعدة المعلومات لرصد الأعمال المترجمة والأعمال التي هي قيد الترجمة والأعمال التي ينوي ترجمتها، والهدف من هذا الرصد يتمثل في تحقيق التنسيق وتلافي التكرار والأزدواجية في العمل إلا أن هذا الرصد لم يحظ بالتعاون من الجهات العلمية التي تم الاتصال بها وتزويدها بالاستمارة الخاصة بهذا المشروع لذا لم تتمكن الدارة من تحقيق هذا المشروع وتتطلع الدارة إلى قيام الجمعية السعودية للغات والترجمة بتحقيق هذه الرصد وتأسيس قاعدة بيانات عن هذه الأعمال المتعلقة بالترجمة والمرتبطة بالمملكة العربية السعودية.