مثلت حائل مصدراً من مصادر الأدب العربي والشعر الفصيح والعامي لكثرة شعرائها وعرفت قديماً عدداً من أشهر شعراء العرب من طيء وأسد وغيرهما منهم زيد الخيل الطائي، علقمة الفحل التيميمي، وعبيد بن الأبرص الأسدي، واشتهر من القصائد الجاهلية في بلاد الجبلين القصيدتان البائيتان لعلقمة وأمرئ القيس ونالتا حظاً وافراً من الانتشار. كما ارتبطت أسماء المواقع الجغرافية في منطقة حائل بالشعر ارتباطاً كبيراً فهناك عدد كبير من هذه المواقع التي حفظ الشعر اسماءها، وحفرت لنفسها موقعاً في التاريخ والشعر أكثر من غيرها من مواقع البلدان، وقد قال امرؤ القيس عن حائل: تبيت لبوني بالقرية أمناً وأسرحها غباً باكتاف حائل كما قال قيس بن جروة الطائي عن جبال أجا ورمان: ومن أجا حولي رمان كأنها قنابل خيل من كميت ومن ورد وهكذا فعشق أبناء حائل للشعر يسرى في تاريخهم كما يسري في دمائهم، من هنا تولدت هذه المحاولة المغامرة لنفخ جذوة الشعر، وايقاظ روح القصيدة في عزيمة وصدق، وكان لنا هذا اللقاء مع أحد الرجال الذين بذلوا كل الجهد المخلص لتحقيق هذا المشروع الثقافي، وتحويل حلم عشاق الكلمة الشاعرة إلى واقع ولقاء وانجاز حلم ثقافي تقاعست عنه مؤسسات عديدة ليتحول حلم محبي الكلمات الجميلة الى حقيقة.. رجل الأعمال الحائلي مشاري المشاري.. الرجل الذي حمل مسؤولية خروج هذا المشروع للنور ومدير عام مجموعة الروشن التجارية والذي خاض غمار مغامرة مهرجان حائل الأول للشعر الخليجي. ٭ كيف كانت البداية؟ - بدأت فكرة المهرجان بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد ين عبدالعزيز اللذين لفتا انتباه أبناء المنطقة سواء من المثقفين أو رجال الأعمال إلى واجب الاهتمام بالسياحة الداخلية والحرص عليها ودعمها باعتبارها صناعة هامة تساهم في تنمية المجتمع ودعم اقتصاده بشكل رئيسي، فتكونت لدينا قناعة بأهية المشاركة في أنشطة تنشيط السياحة في المنطقة، وجاءت الفرصة حين أقامت الهيئة العليا للسياحة بقيادة أمير السياحة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان ونائبه صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالله ورشة عمل لشرح برنامج دعم الفعاليات فتولدت لدينا فكرة إقامة مهرجان للشعر لخليجي لما لهذا اللون من عشاق بمنطقة حائل والمملكة عموماً. ٭ ولماذا مهرجان للشعر؟ - الشعر موروث العرب القديم منذ العصور الجاهلية، وهو أبرز السمات المميزة لسكان الجزيرة العربية عموماً والشعر الشعبي من اهتمامات الشباب والشيوخ علي حد سواء، فأحببنا ان نربط الماضي بالحاضر وأن نهيئ الفرصة لعشاق الشعر الخليجي في المنطقة وجذب محبيه من جميع مناطق المملكة والخليج في لقاء واحد يجمع باقة جميلة منها ونأمل من الله التوفيق لأسعاد فئة كبيرة من المجتمع بهذه الفعالية. ٭ وهل تعتقد أن منطقة حائل هي الأصلح لهذا المهرجان مقارنة بباقي مناطق المملكة؟ - لا تختلف حائل كثيراً عن باقي مناطق المملكة من أي ناحية وإن وجدت اختلافات نسبية في طبيعة النشاط الاقتصادي وهذا منطقي وطبيعي وموجود من مكان لآخر، لكن لحائل ميزة هامة وهي أن كثير من الأسر والعائلات في دول مجلس التعاون الخليجي لها علاقات قرابة ونسب بأصولها القبلية في منطقة حائل. ونحن نفخر هنا في حائل أن منطقتنا من الأماكن المرغوبة سياحياً من أخوتنا هؤلاء الذين يشرفوننا بزيارتهم لنا بأعداد كبيرة على مدار العام، وهذا أحد الأسباب التي شجعتنا على إقامة المهرجان. ٭ وأين سيقام مهرجان حائل الأول للشعر الخليجي؟ - سوف يقام بمشيئة الله في القاعة الكبرى بمركز معارض الروشن وهو صرح يعتبر من وجهة نظرنا واحداً من أهم البنى التحتية في المنطقة بحاجة فقط لاستثماره الاستثمار الصحيح، والاستفادة من مميزاته، فمساحته 6000م مفتوحة بلا قواطع، وهذه ميزة كبرى يعرف قيمتها المتخصصون، ومكيف تكييفاً مركزياً، وبه عدد كبير من دورات المياه وملحق به مستودع مساحته 1000م2 ومؤمن بجميع وسائل الأمن والسلامة، ومكاتب مساندة للشرطة، والدفاع المدني، ومكتب لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصالات معدة لإقامة الندوات والمحاضرات والاجتماعات وسبق أن أقيم بالمركز محاضرات دينية، وبرامج للترفيه عن المعاقين، واستضاف برنامج كلية المجتمع (اختبار قياس) ونرحب بجميع من لديه برامج هادفة لخدمة المجتمع. ٭ من من الشعراء سوف يشارك في المهرجان؟ - المشاركون مبدعون من الشعراء الخليجيين الكبار يمثلون شريحة من هذا المجتمع الخليجي وهم تواقون لاسعاد وادخال السرور إلى نفوس الناس كان تجاوبهم وقبولهم لدعوتتنا محل تقديرنا، ومن الأسماء المشاركة في مهرجان هذا العام عضو مجلس الأمة الكويتي سابقاً الشاعر طلال السعيد ونجله بندر والشاعر السعودي المخضرم ناصر القحطاني، والشاعران الإماراتيان سيف السعدي وعلي السبعان والشاعر القطري محمد بن فطيس المري، ومن حائل الشاعر هادي الجنفاوي والعديد من الأسماء الأخرى البارزة في مجال الشعر والتي لا تسعفني الذاكرة الآن بها للأسف. ٭ ما هو دور الهيئة العليا للسياحة الذي سبق وأشرتم إليه؟ - قامت الهيئة العليا لليساحة بدور شديد الفعالية، وكانت السند بعد الله في خروج الفكرة إلى حيز الواقع، وقاموا بدور ذي شقين شق معنوي بالتشجيع والتحفيز وشق مادي بامدادنا بالخبرة وبعض الامكانيات وكانت الانطلاقة من فرع الهيئة بحائل حيث شجعونا على المبادرة ومن حبنا للمغامرة في كل ما هو جديد تولدت لدينا الفكرة وبدأنا بتنفيذها فقمنا بتعبئة النماذج وفتحنا معهم حواراً أثمر بفضل الله بعدما اقتنعوا في الهيئة بجديتنا وقدرتنا على العمل، وللأمانة فقد وجدنا من جميع العاملين بالهيئة سواء بحائل أو بالمركز الرئيسي في الرياض كل تجاوب، حتى أنهم لم يحملونا عناء الاتصال بل كانوا هم من يبادر بالاتصال والتوجيه، فكان لنا سبق توقيع أول عقد بالمملكة مع الهيئة لدعم الفعاليات انطلاقاً من مبدأ الشراكة الذي أوضحته الهيئة منذ البداية، وكان هذا مريحاً ومطمئناً لنا لأنه منحنا الثقة في أنفسنا من ناحية كشركاء وأعطانا الاطمئنان لأننا نعمل مع شريك يمثل الخبرة والحماية في نفس الوقت. ٭ أنت رجل أعمال، ورجال الأعمال معنيون بالدرجة الأولى بالربح والخسارة ماذا دفعكم إلى هذا العمل الثقافي؟ - كون المهرجان عملاً ثقافياً فهذا يشرفنا، ونحن نعتقد أن مفهوم الربح فقط مفهوم اقتصادي قاصر، وأن النشاط الاقتصادي جزء من نشاط اجتماعي متكامل، ومن واجب المواطن الصالح تاجراً كان أو من أي فئة أخرى أن يقدم جهداً من جهوده لخدمة مجتمعه ونحن في مجموعة الروشن التجارية ندرك ذلك، وكان لنا سبق المبادرة من منطلق رغبتنا في إفادة أبناء منطقتنا بخدمات غير تقليدية، وتقديم ولو جزء يسير لهم تعبيراً عن الانتماء والاحساس بالجميل، فتبرعنا للأنشطة الخيرية بليال مجانية لإقامة أعراس ذوي الاحتياجات الخاصة، واحتضنا بالمجان ما يقارب السبعين في المائة من احتفالات الدوائر الحكومية، ونحن الآن بصدد إقامة دورات تدريبية لكافة أفراد المجتمع عن التعاون والعمل المنظم والجماعي في مجالات صناعة السياحة، وإن شاء الله سوف نحقق الهدف بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة، وسوف نظل حريصين على استضافة كل ما فيه نفع عام للوطن والمواطن بصفة عامة ولحائل وأهلها بصفة خاصة. ٭ كرجل أعمال كيف ترى مستقبل السياحة بالمنطقة؟ - اعتقد أن منطقة حائل سوف تشهد بمشيئة الله نقلة نوعية في مجالات سياحية معينة اعتباراً من هذه السنة ستكون طفرة في تاريخ صناعة السياحة بحائل، والسبب في ذلك اختلاف الطروف وتحولها تحولاً ايجابياً، لأننا كنا نفتقد في السنوات الماضية إلى المرجعية، والجهة ذات الصلاحية التي نرجع إليها، أما هذه السنة فبتوجيه كريم من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز أمير المنطقة لسمو الأمير عبدالله بن خالد نائب رئيس الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل لتولي سموه المهرجان السياحي، وقد فاجأنا بحماسه منقطع النظير لتنشيط العمل في هذا المجال، وللأمانة فإن الله سبحانه قد قيض لنا هذا الأمير الشاب المتقد حماساً حتى يخرج مهرجان صيف حائل 26 للنور هذه السنة، فهو من حمل على عاتقه مسؤولية تنظيم المهرجان، وهو من سخر كل الجهود لتجاوز الصعاب مع العلم أن فترة تكليفه لم تتجاوز الشهر فله مني ومن جميع العاملين بمجال السياحة وأهالي حائل الشكر والتقدير على جرأته وتحمله المسؤولية. ٭ وماذا تقدمون أنتم للأنشطة السياحية بالمنطقة؟ - نحن ولله الحمد أسسنا لبنية تحتية جيدة في مجال الخدمات من خلال تأسيس مركز الروشن للمعارض والمؤتمرات، وصالة الروشن للاحتفالات، ونعمل الآن على استكمال إنشاء مركز حائل للمعارض ومنتجع الروشن السياحي بقرية عقدة والتي نرجو من الجهات المسؤولة دعم إيصال الخدمات الضرورية لها. ٭ ولماذا قرية عقدة بالذات؟ - عقدة قرية ملاصقة لمدينة حائل ومن أجمل المواقع، وتحمل مفاجآت سارة للزائر الذي يأتي إلى مدينة تحاصره مبانيها المتراصة، وفجأة يدخل عقدة فيجد نفسه قد انتقل بقدرة قادر بين جبال وبساتين وتربة حمراء فريدة من نوعها، كأنه انتقل من عالم حقيقي إلى فردوس من فراديس الخيال، وقرية عقدة بأكملها تعتبر منتجعاً سياحياً، إلا أنها للأسف نواقصها كثيرة كشبكة المياه، وخدمات الهاتف الجوال، والإنارة والسفلتة وأن تخطط عمرانياً حتى لا تتحول إلى منطقة عشوائية يبني فيها من يرغب دون نظام أو تخطيط فيفسد جمالها الطبيعي، ونحافظ علي جمالها الرباني بجمال هندسة المخلوق، أتمنى الاهتمام بهذا الجزء الغالي من المنطقة، وتوصيل كافة الخدمات إليها فلو تحقق هذا المطلب فسوف تكون عقدة موقعاً للسياحة فريد من نوعه على مستوى الشرق الأوسط. ٭ ماذا لديكم غير مهرجان الشعر الخليجي؟ - لا أريد استباق الأحداث إلا أننا نعتزم بمشيئة الله تقديم أربع فعاليات في هذه السنة، وبنهايتها سوف نخطط لما سوف نقوم به بالسنة القادمة بإذن الله، كما انوع أننا سوف نقدم عدداً من الأنشطة والفعاليات خلال إجازات الأعياد والعطل الأسبوعية على مدار السنة، وخلال عطلة الربيع بعون تعالى. ٭ ألا ترى أن تبنيكم لمهرجان الشعر الخليجي تجاوز على المؤسسات الثقافية في المنطقة؟ - نحن لا ننافس أحداً، ولا نتعدى على أي مجال لأي جهة، الساحة مفتوحة للجميع ليقدموا تجاربهم، وكافة الجهات المعنية من مؤسسات الدولة لا تضع أي قيود على أى نشاط يساهم في خدمة المجتمع أياً من كان من يقوم به، وهي تجربة بالنسبة لنا، نأمل من الله أن يوفقنا من خلالها في إسعاد أكبر شريحة من المجتمع ممن يتذوقون الشعر. ٭ إضافة تود قولها؟ - أود أن أقول شكراً لكفاة من مدوا إلينا يد العون، وأقول لشيوخ وشباب حائل وضيوفها إن هذا الجهد إنما بُذل من أجلكم، ولإسعادكم، فشرفونا بتواجدكم الذي سوف يحدد نجاح المهرجان، ومن المؤكد أن نجاح مهرجان حائل للشعر الخليجي الأول أن تحقيق بمشيئة الله سوف يكون انطلاقة لنا لإقامة مهرجانات متنوعة أخر.. والأفكار كثيرة، والناس هنا عشاق لكل جديد ومتميز، وسنبذل قصارى جهدنا لاسعادهم وأرضائهم والله هو الموافق.