في نصف ساعة مقتطعة من وقت راحتهن تكدس في الغرفة الصغيرة جدا المخصصة للراحة عدد من طبيبات الامتياز السعوديات الغاضبات، كن متوترات ويشعرن ان احلامهن تتسرب من بين ايديهن بعدما اثبت القرار الاخير بتخفيض رواتبهن بنسبة 45٪ ان المسؤولين في المجلس الاعلى للتعليم لا يشعرون بهن، فالقرار تجاهل اوضاعهن بل اوضاع كل من في حكمهن من اطباء وممرضات. احباط وتذمر فهذه الدكتورة الهام القحطاني تقول: لقد ترك فينا هذا القرار الاثر الشديد من الاحباط وساد معه بيننا الهرج والمرج حول عدم توفيق متخذ هذا القرار بتقليص المكافأة التي يتقاضاها طبيب الامتياز في فترة سنة التدريب من 10700 الى 6000 ريال، لقد غاب عن عقل وفكر متخذ هذا القرار ان طبيب الامتياز يؤدي ساعات عمل يبذل فيها جهدا لا يقل عن زميله المقيم، بالاضافة الى ساعات المناوبة التي تلي ساعات الدوام الرسمي ثم يستمر في العمل لليوم التالي بدون اجازة، اضافة الى الجهد العملي ايضا يقوم بالتحضير والمتابعة في المراجع الطبية والتحاليل المخبرية ليؤكد معلومات تشخيصه الطبي لكثير من الحالات المرضية، وطبيب الامتياز في هذه الفترة يحدد طموحه حول خدمة المرضى وتحديد تخصصه وبالتالي يطمح الى مواصلة دراسته ولا يقف عند درجة البكالوريوس . وتضيف الدكتورة الهام: لقد جاء هذا القرار مخيبا لامال الجميع، بل انه لا يخدم الوطن ولا المصلحة العامة، ثم ان اطباء الامتياز على مستوى المملكة لا يزيدون عن 500 طبيب في كل فترة ومن هنا لم يكن هناك توفير من شأنه ان يخدم الخزينة، لقد حطم هذا القرار طموحنا، بل انه معول هدم لاهم المرافق وابرز التخصصات، فاذا كانت الرياضة يصرف عليها بدون تحفظ ولا تحديد فلماذا يجتهد متخذ هذا القرار في الاضرار بهذه الفئة التي بذلت جهدها ووقتها وشبابها في خدمة اهم قطاع في الدولة وهو القطاع الصحي؟ ان هذا القرار قد اضر بنا وسبب حالة شديدة من التذمر وعدم الرضى، بل خلق اجواء من البلبلة وعدم التفكير في المواصلة وتحقيق الطموحات. نحن وهم وتمضي الدكتورة القحطاني قائلة: الكثير منا بدأ يفكر في البحث عن عمل في الخارج حيث يتحقق لاطباء التدريب كل الامكانات المادية والمعنوية مثل دولة الامارات التي يستلم فيها الطبيب المتدرب اربعة عشر الف درهم في الشهر ويصل بدل السكن له مائة واربعة وعشرين الفا في العام كما يحصل الطبيب المتدرب هناك على بدل كتب ومراجع طبية مجانية ويتسنى له حضور المؤتمرات والندوات الطبية المتخصصة بدون مقابل، اننا نهيب بقائد مسيرتنا وبولي عهده الامين حمايتنا من الاجتهادات غير الصائبة والمضرة بالوطن وابنائه. وتنهي الدكتورة الهام حديثها قائلة: مملكتنا بحمد الله ميسورة الحال، ولا يوجد مبرر لانقاص هذه المكافأة التي ننتظرها بفارغ الصبر طوال سنوات دراستنا التي تزيد على سبع سنوات بشكل مضن يفوق كل تصور وتعرضنا لضغوط نفسية ومالية واسرية فهل يكون هذا هو التقدير؟ ان هذا القرار هو ازمة حقيقية نحن والوطن في غنى عنها. لا اجازات ولا تقدير وتشاركها الدكتورة حنان الرأي وتضيف «الا يعلم متخذ القرار ان الاطباء تنازلوا عن حياتهم الاجتماعية حين قرروا سد النقص في الاطباء السعوديين في بلادنا، الا يدرك نظرة المجتمع لنا وتأخر سن الزواج لدينا بل وحتى عدم الزواج احيانا كثيرة، الا يعرف ان اجازاتنا هي الاقصر في كل اجازات موظفي الدولة وان الدراسة التي استمرت سبع سنوات اعقبها عمل مباشر بعد التخرج بعشرة ايام فقط، حتى اجازات الاعياد لا نأخذها.. نعمل في اليوم ثماني ساعات رسمية ونلحقها بساعات عمل اضافية ومناوبات يمكن ان نستمر في العمل 36 ساعة بلا انقطاع.. لم نكن نتذمر كنا نعمل ونعمل لان الراتب كان جيدا وكنا نحاول به ان نسد كافة النوافذ المفتوحة فنحن الذين نتولى دفع ثمن حضورنا للمؤتمرات والدورات ونحن الذين ندفع ثمن اختبارات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وامتحانات التوظيف، ونحن الذين ندفع نفقات مواصلاتنا وبعضنا ليس من الرياض ويتكفل بنفقات اقامته هنا. عمل كثير وتتداخل معهن الطبيبة ايمان قائلة: عندما ارتفع سعر برميل البترول توقعنا زيادة ولم نتخيل نقصا وليس اي نقص بل 45٪ من الراتب لماذا؟ بل العجيب ان البيرقراطية تصيب كل المعاملات بالسلحفائية ما عدا قرار تخفيض رواتبنا الذي سار كالصاروخ في التنفيذ .. اننا درسنا سبع سنوات وفي الوقت الذي سبقنا فيه زملاؤنا في كافة الكليات الاخرى في التوظف والاستقرار الاسري كنا لا نزال طلابا الا تحتسب هذه السنوات من الشقاء والعمل المضني والجهد الدؤوب.. وهل تعلمون ان اطباء الامتياز يقومون بعملهم وعمل التمريض من سحب دم وتعليق محاليل وغير ذلك بل واحيانا عمل السعي بين المكاتب وحمل النتائج وصور الاشعة وتسليمها الى الاطباء المقيمين.. ؟ سخافات المراجعين وتضيف الدكتورة سارة لمداخلات زميلاتها: بل اننا ايضا نتعرض في مناوباتنا الى سخافات المراجعين الذين قد لا يتوانون عن توجيه العبارات القاسية لنا او معاملتنا بما لا يليق.. ان المال هو عصب الحياة ونحن لا نطالب بصدقة اننا نطالب بحق، ونطالب بعدم خنق طموحنا واحلامنا ورغبتنا الصادقة في تقديم افضل واجل الخدمات لبلادنا ولكن بالمقابل لا نقبل ان تهضم حقوقنا وتنتقص اقدارنا. وتضيف طبيبة اخرى: «المعلمة تعمل حتى الثانية عشرة ظهرا وتحصل على اجازات طويلة طوال العام ولا تنفق على نواح علمية متعلقة بالوظيفة مثلما نعمل وتتقاضى الستة آلاف فهل سيتبع هذا القرار بتخفيض عدد ساعات العمل ورفع باقي المصاريف عن كواهلنا واعطائنا اجازات طويلة؟ اذا فعلوا هذا الامر فلن نغضب وسنوافق على هذا القرار ولكن اذا بقي الوضع على ما هو عليه فلابد من اعادة نظر في القرار بل لابد من الغائه. وتضيف: من العجيب ان لاعبي الكرة ونجوم الفن يحظون بكل التكريم ويأخذون انصبة كاملة وكبيرة من المغريات والرواتب والجوائز في حين اننا درسنا وتعبنا وعانينا ومازلنا نعاني دون جدوى.. بعضنا امهات توقفن عن الانجاب بسبب عدم قدرتهن على متابعة الاولاد ورعايتهم وكثيرات منا لم يتزوجن. هذا القرار يقلل من اقبال الشباب على دراسة الطب ويزيد من فجوة السعودة في هذا المجال الحيوي فلصالح من اتخذ هذا القرار ولماذا الآن ؟؟؟. كما احدث قرار تخفيض مكافآت العاملين في المجال الصحي ردود افعال قوية وبقدر ما احتج الاطباء والطبيبات على هذا القرار فإن فئة اخرى عزيزة ونادرة لديها ايضا ما تقوله، انها الممرضات السعوديات اللواتي استجبن لنداء الدولة في ضرورة تغطية النقص الهائل منهن في مستشفياتنا ودخلن هذا التخصص على امل ان يفدن بلادهن ويستفدن بوظائف تنتظرهن ومستشفيات تحتاج اليهن فعليا، ثم جاء القرار القاضي بخفض مكافآت المتدربات منهن الى اكثر من النصف من 5400 ريال الى 2500 ريال فقط، لكي يصيبهم بصدمة وحالة ارتداد وربما ندم كبير لا خاسر فيه الا قطاع التمريض الذي لن يجد بعد ذلك كثيرات يرغبن في الانضمام اليه لتغطية العجز في المستشفيات.. «الرياض» التقت عددا من الممرضات او بالاحرى اللواتي على وشك التخرج من بكالوريوس التمريض. عمل بلا مقابل فهذه طالبة بكالوريوس التمريض خلود الحربي تقول: نحن نتشارك مع اطباء الامتياز في عملنا ونتشارك معهم ايضا في مصيبتنا بل اعتقد اننا نفوقهم حزنا فقد خفضت مكافآتهم 45٪ فقط في حين ان التخفيض الذي لحق بنا وصل الى 60٪، نحن نعمل 12 ساعة في اليوم بلا كلل او ملل واحيانا تصل الى 14 ساعة يوميا فلا يبقى في يومنا وقت لبيوتنا ومعظمنا يلجأ الى استقدام خادمة لتراعي المنزل واحتياجاته ونحن غائبات.. ومعظم اللواتي يعملن في التمريض من السعوديات يحملن الدبلوم فقط اما نحن فإننا من حملة البكالوريوس اي ان تخصصنا اصبح معتبرا وبدلا من زيادة مكافآتنا على اساس ما نبذل قاموا بتخفيضها هذا التخفيض المجحف المذل، لماذا؟ وما الهدف ؟ ألا يكفي اننا ندرس في مبنى سيئ واننا نعاني من قلة الاساتذة طوال العام والامكانيات المتواضعة التي لا ترقى لاحتياجاتنا التعليمية المطلوبة. نتائج مبكرة كما شاركتنا الرأي الممرضة ابتسام الجحلان وهي طالبة بكالوريوس ايضا ودرست السنتين الاوائل في جدة وبقية السنوات في الرياض بعد زواجها تقول: بدون مبالغة فعلا فعلا هذا القرار ان صح يظلمنا للغاية وسوف يترتب عليه عدم اقبال الفتيات على هذا التخصص ولقد بدأت الاثار مبكرا فقبل قليل كانت تكلمني والدة احدى خريجات الثانوية العامة تسألني ان كانت تلحق ابنتها بكلية التمريض وعندما علمت بشأن التخفيض تراجعت فورا وقررت عدم الحاقها بالكلية.. انني اتصور ضرورة وجود هيئة تدافع عن اهل التمريض. فزع واحتجاج من جانبها قالت زينب محمد الجعفري طالبة البكالوريوس: «هذا القرار ظالم وأنا ارفضه تماما، نحن نعمل في كل الاقسام ونظل مع المريض طوال الوقت ونتحمل مسئوليته كاملة وتلقينا تدريبا عاليا في اكبر المستشفيات ومجالنا تحتاجه بلادنا جدا فلماذا ينقصون رواتبنا ؟ وتشاركهن ايضا الممرضة ل .ز قائلة: لقد افزعني هذا القرار وأصابني بالرعب وعدم الاطمئنان، فهو قرار ظالم فالكثير منا يصرف على اسرة ويحتاج الى راتبه كاملا ونحن نتحمل الكثير حتى نكف انفسنا واهلينا فلماذا علينا ان نتحمل ايضا قرار التخفيض ونقبل به، انني اشارك زميلاتي الرفض وأرفع صوتي معهم لولي العهد ان ينظر في هذا الامر ويرحمنا من القرارات التي لا تراعي ظروفنا.