مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملأون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زّخت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. هدفي في العليان لا أنساه.. وفي إيطاليا حولت معسكر المنتخب الى فوضى و»دنيا الرياضة» إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم لاعب نادي الرياض السابق عبدالله الضعيان * عشر سنوات منذ اعتزالك كرة القدم، أين أنت الآن؟ - أنا لازلت موجوداً في عالم كرة القدم من خلال مجال التدريب وأعمل الآن في جامعة الملك سعود كمدرب وسبق أن عملت مع الأندية والمنتخبات. * في ظل توجهك لمجال التدريب هل سعيت إلى تطوير قدراتك التدريبية خلال فترة العشر سنوات الماضية؟ البطاقة الحمراء لم تُشهر في وجهي.. ومدرب برازيلي وراء بروزي - بكل تأكيد لدي العديد من الدورات منها (A,b,c) وآخر ما حصلت عليه دورة محاضرين من الفيفا بدولة الإمارات إضافة إلى العديد من الدورات الداخلية. * ابتعادك عن نادي الرياض كلاعب هل كان بقناعة شخصية أم هنالك ظروف أجبرتك على الاعتزال؟ - كنت لاعبا محترفا في ذلك الوقت وكنت معارا من جهة عملي إلى النادي لكن نظام الإعارة تغير وأصبحت هنالك متطلبات عليك كموظف ففضلت الاعتزال والعودة إلى جهة عملي خصوصاً وأن الاحتراف في تلك الفترة لم يكن ذا مرود مادي كبير يجعلني أضحي من أجل كرة القدم، عندما قست الأمور وجدت أن وظيفتي أفضل. الضيف اثناء حديثه للزميل بدر العصيمي * من هو المدرب الذي كان له الفضل في بروزك كلاعب؟ - الحقيقة هنالك كثير من المدربين الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير ولهم دور في بروزي كلاعب منهم المشرف على قطاع الناشئين في ذلك الوقت خميس بشير وأبو مشهور -يرحمه الله- وعبدالعزيز الحمد إضافة إلى المدرب البرازيلي اسبينوزا الذي صعدني من فريق الناشئين إلى الفريق الأول. * هل تذكر أول مباراة لك مع الفريق الأول بنادي الرياض؟ - أول مباراة كانت مع الاتفاق وذلك بعد أن شاهدني المدرب اسبينوزا في مباراة ضد ناشئي الهلال وقرر تصعيدي للفريق الأول، إذ تدربت عشرة أيام وشاركت بعدها ضد الاتفاق. الضعيان - وسط - مع زملائه المدربين في إحدى المهمات * ماذا يحتاج الرياض ليعود إلى مكانه الطبيعي في دوري زين؟ - أولاً يحتاج إلى الاستقرار الإداري من خلال إدارة مستقرة تعمل لعدة سنوات، ثانياً الاهتمام بالفئات السنية والذي سينعكس مستقبلاً بشكل إيجابي على الفريق الأول من خلال تصعيد اللاعبين الجيدين والصبر عليهم وبالتالي سيكون للفريق هوية ثابتة وموجودة وليس كما يحدث الآن كل سنة يتم استقطاب لاعبين من أندية أخرى إضافة إلى إمكانية الاستفادة المادية من اللاعبين البارزين في حال حصول النادي على عروض وبالتالي تكون استفادة النادي فنية ومادية. * لكن مثل هذا المقترح يحتاج تنفيذه إلى وقت طويل؟ - العمل السريع لن يفيد الفريق وإذ صعدت سريعاً ستهبط سريعاً لأنه لا يوجد هنالك قاعدة رئيسية ترتكز عليها، أفضّل أن يعمل مسئولي النادي سنتين أو ثلاث سنوات في الدرجة الأولى وعندما يصعد الفريق سيصعد بقوه مثل أندية الفتح والوحدة والفتح والقادسية وسيضمن الفريق بقاءه فترة طويلة في الممتاز. * هل يغضبكم تواجد إداريين من أندية أخرى وأنتم كلاعبين سابقين للنادي مهمشين؟ في أعتقادي أن الوضع عادي طالما أن الرئيس يثق في أشخاص معينين وواثق من عملهم بالعكس أن من مشجعي هذا الفكر بدلاً من إحضار آخرين لا أعلم طريقة عملهم، المجال مفتوح للجميع فمثلا أنا عملت كمدرب في نادي الشباب والكابتن فؤاد أنور وقتها مدير الكرة في الرياض والتقينا في نادي الرياض أنا معي لاعبين من الشباب وهو معه لاعبين من الرياض وفي النهاية كل شخص يثبت نفسه فهو الأجدر بالمكان المتواجد فيه، فؤاد في تلك الفترة مع رئيس النادي تركي البراهيم قدما عملاً جباراً لكن لم يكتب الله للفريق الصعود للممتاز. * هل قدمت لكم دعوات كلاعبين قدامى للعمل في النادي؟ - لاعبو النادي القدماء محبين للنادي ومتى ما قدمت له فرصة للعمل لن يترددوا في تلبيتها، لكن المشكلة في عدم تقديم الدعوات للاعبين السابقين أنهم يرغبون في العمل في الفئات السنية أو الفريق الأول أو حتى في المجال الإداري مثل مدير احتراف أو منسق عام، متأكد من أنهم سيعملون بجد وإخلاص ومحبة لخدمة هذا النادي. * الفترة الماضية فقد الوسط الرياضي شخصية كبيرة بوفاة رئيس الرياض السابق الأمير فيصل بن عبدالله كيف تذكره خلال فترة رئاسته وأنت لاعب ؟ الله يرحمه ويسكنه الجنة، الأمير فيصل إذا لم ينفعك لا يضرك، وكلاعبين خلال فترة رئاسته كان الجميع يلعب بحب لهذا الرئيس لأنه ليس رئيسا فقط، كنا عائلة واحدة ونعمل على أن الفوز للجميع والخسارة على الجميع، أي مشكلة تنعكس علينا جميعاً والأمير فيصل كانت له أفضال كثيرة على نادي الرياض وعلي أنا بصفة شخصية. * ما تعليقك على من يصفك باللاعب الخشن من قبل الجماهير الرياضية؟ (يضحك) والله هذه إشاعة، أستغرب عندما يقال لي بأنك لاعب خشن أو لاعب صلب، في حياتي الرياضية كلها لم أحصل على كرت أحمر، وفي الموسم لا أتعرض للإيقاف إلا في مباراة واحدة لحصولي على ثلاث بطاقات صفراء طوال الموسم. * هل فعلاً كنت لاعبا تسعى إلى استفزاز زملائك في الفريق المنافس؟ بالعكس أنا لاعب لا أحب الاستفزاز خصوصاً مع الأندية الجماهيرية واللاعبين الذين يملكون جماهيرية لأنهم يستطيعون أن يثيروا الجماهير. * لهذا السبب حاول فهد الهريفي أن يستعرض مهاراته أمامك في نهائي كأس الملك 1414ه؟ - الهريفي لاعب كبير ومن خلال تلك الحركة كان يسعى لخدمة فريقه فقط ولا أعتقد بأن الهدف منها استفزازي لكنه كان يستفزني بالسقوط المتكرر والتمويه على الحكم فقط. * تحتفظ بالكثير من المواقف الطريفة ما هو الموقف الذي لا ينسى؟ - هنالك موقف لا ينسى وإلى الآن لم أنسه، كنت مع أحد المنتخبات في إيطاليا وكنت موهوباً في لعبة الخمسيات وبعد إنتهاء التدريب والعودة للباص ومن حسن الحظ بأني كنت امشي بجانب المترجم ومجموعة من اللاعبين فجاء شخص ايطالي معه سيارة مرسيدس ونزل وسلم علي بحرارة وقال أنا استمتعت بلعبك ومستواك وسأقدم لك هدية، فتح شنطة السيارة وقدم لي (بيرة) وقتها لم أعرف كيف أتصرف خصوصاً أن الرجل قدمها بحسن نية، المترجم أشار لي وأنجبرت على أخذها وقدمت له الشكر وذهبنا للباص فكان منظر رئيس البعثة والإداريين في حالة ذهول وهم يشاهدوني أمشي ومعي (البيرة) وأسمع ضحكات اللاعبين وعندما أخبرتهم بالأمر تفهموا الموقف وقدمت الهدية لسائق الباص وكان هذا الموقف هو سالفة المعسكر. * مباراة لا تزال في ذاكرتك؟ - مباراتنا مع النصر في نهائي كأس الملك والتي خسرناها 1-صفر، أيضاً مباراتنا مع الهلال في كأس الملك في دور الأربعة وخسرناها 1-صفر أيضاً. * وهدف تتذكره دائماً؟ - أهدافي قليلة وكلها لازلت أتذكرها منها هدف من منتصف الملعب في مرمى حارس النصر شاكر العليان، كنت أنتظر تحرك فهد الحمدان لكنه لم يتحرك وقررت التسديد على المرمى وكانت الكرة سهلة وتمشي على الأرض ومن سهولتها بعدما تجاوزت خط المرمى توقفت، أجمل هدف كان في مرمى الأهلي من خارج الصندوق من خل لعبة مقصية. * نسمع بأن اللاعبين السابقين يعانون مادياً بصراحة هل وقفت على مثل هذه الحالات؟ كثير من اللاعبين السابقين يعانون مادياً وخصوصاً الجيل الذي لعب في بداية الاحتراف بالتحديد الذين تركوا وظائفهم وأعمالهم على أساس الاحتراف وكان مرود الاحتراف في ذلك الوقت قليلا وبعد أنتهاء عقودهم تفاجأوا بأنه لم يعد لديهم دخل فأنعكس هذا الأمر عليهم وعلى عوائلهم، لذلك لابد من التدخل من قبل لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي بتثقيف اللاعبين الحاليين وإقامة دورات في التنظيم والتدريب وإدارة المنشأة حتى يكون لدى اللاعب خبرة بعد تركه المجال الرياضي. * كلمة أخيرة لقراء صحيفة الرياض؟ - أشكر صحيفتكم على تذكر اللاعبين السابقين وأشكرك على هذا اللقاء وإن شاء الله يكون الحوار مفيدا للمتابع الرياضي وأنا من عشاق هذه الصحيفة في جميع المجالات خصوصاً مقالات الكاتب فهد الأحمدي.