سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخريف: إنشاء الأندية يتطلب «حب الخشوم».. والبنية التحتية الرياضية غير مهيأة للخصخصة أكد أن أسلوب الإدارة في رعاية الشباب مادة علمية تدرس في الترهل الإداري
الرياضة أصبحت حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا بالوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد، وضيفنا اليوم هو الكاتب الصحفي وعميد البحث العلمي المشرف على مركز الدراسات السكانية بجامعة الملك سعود الأستاذ الدكتور رشود الخريف: * طالبت في مقال سابق بإنشاء وزارة للبيئة هل تتفق أيضا مع من يطالب بوزارة مماثلة للرياضة والشباب؟ - نعم لقد طالبت كثيراً بالالتفات للبيئة التي تشهد تدهوراً مثيراً ينبغي أن يحظى بالاهتمام ويحتل الأولوية وإعداد الشباب وتمكينهم خصوصاً وتنمية الإنسان عموماً مطلب مهم وشرط رئيس لتحقيق أهداف التنمية ورفع مستوى تنافسية بلادنا على المستوى الدولي. فالشباب عدة المستقبل، وإعدادهم تعليمياً وصحياً استثمار حقيقي يفوق التنمية الاقتصادية أهمية. ومن الناحية الديموغرافية، فإن الشباب في بلادنا يمثلون نسبة كبيرة، خصوصا مع التحولات الديموغرافية الأخيرة التي يُطلق عليها "النافذة الديموغرافية" وأقصد ب "النافذة الديموغرافية" أن السعودية تمر بتحول تشهد فيه معدلات الإنجاب انخفاضاً تدريجياً يقابله زيادة في نسبة الشباب والسكان في قوة العمل، ومع التقدير لجهود الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلا أنها لم تقدم إلا القليل لخدمة الشباب ولا توجد لديها إستراتيجية أو أولويات، لذا أرى أن الحاجة ملحة لوزارة خاصة بالشباب أسوة بكثير من دول العالم يمكن أن تعمل على تمكين الشباب ليعتمدوا على أنفسهم ويتحملوا مسؤولياتهم تجاه المجتمع ومواجهة التحديات في الحاضر والمستقبل وتعزيز الانتماء والمواطنة المسؤولة وبناء القدرات للمشاركة والقيادة الفاعلة. * وجهت لوما لرعاية الشباب بالالتفات للشباب الذين لا يجدون أندية رياضية كافية تستوعب مواهبهم وأوقاتهم الطويلة ولكن لماذا لم تتطرق لدور رجال الأعمال في إنشاء أندية الأحياء والمراكز الرياضية؟ - خدمة الشباب تتطلب تضافر جهود الجهات ذات العلاقة، ولكن لا بد من وجود جهة تنسق هذه الجهود وتخطط للأنشطة التي تخدم فئة الشباب مع وزارة العمل لتوظيف الشباب الذين يمثلون ثلاثة أرباع المتعطلين عن العمل، وعلى الرغم من وجاهة فكرة مراكز أو أندية الأحياء، فإنها لم تحظ بالاهتمام الكافي من قبل أمانات المدن أو وزارة الشؤون الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب لا تدعم إنشاء الأندية بسهولة، لقد وضعت عراقيل وإجراءات معقدة، مما يجعل إنشاء ناد للشباب في مدينة صغيرة أو قرية مرهون بمطالبات طويلة و"حب خشوم"! * لك من الاهتمامات والدراسات الكثير بحكم التخصص في مجال التنمية السكانية والقوى العاملة ونمو المدن هل تتفق مع أهمية التوسع في بناء المدن الرياضية؟ وهل سيؤثر ذلك في مستويات الجودة؟ - بالتأكيد، هناك حاجة ملحة لتشجيع إنشاء النوادي الرياضية والثقافية في المدن الصغيرة والقرى، وهناك مناطق ومحافظات تفتقر إلى المدن الرياضية، وأعرف أن بعض المدن الصغيرة والمتوسطة اضطرت إلى الاعتماد على جهود الأهالي وتبرعاتهم لبناء منشآت وملاعب رياضية، ولكنهم لم يستطيعوا استكمال تلك المنشآت نتيجة قلة مواردهم المالية، فبقيت في مهب الرياح لاعوام طويلة واعتقد أن إنجازات الرئاسة العامة لرعاية الشباب لا تتناسب مع عمرها المديد، فلم تحاول يوماً قط أن تصل إلى الناشئة في المدن الصغيرة والقرى، ما نتج عنه عدم شعورهم بالانتماء إليها، وهي تعاني من غياب الإستراتيجية التي تحدد الأولويات وترسم خارطة الطريق لخدمة الشباب وأعتقد أنها تتبنى أسلوب إدارة يستحق أن يكون مادة علمية في كليات الإدارة لفهم المعنى الحقيقي للترهل الإداري في المؤسسات العامة! * ما رأيك في مشاريع خصخصة الأندية والمؤسسات الرياضية وهل تراها حلما سيطول انتظاره؟ - لا أعتقد أن البنية التحتية للرياضة في السعودية مهيأة لخصخصة الأندية والمؤسسات الرياضية في الوقت الحاضر، فكيف نتوقع أن تنجح الأندية في الخصخصة، في حين أن كثيراً من الشركات المساهمة تعاني من سوء الإدارة وتدني الشفافية وغياب الحوكمة وسوء بيئة العمل؟! * قلت يوما ما: "لم يعد التفحيط ظاهرة تحدث في أماكن محدودة، بل انتشرت هذه الممارسة (ولا أسميها رياضة) لمختلف أرجاء الوطن. لا شك أن التساهل في تطبيق الأنظمة وفراغ الشباب دون وجود برامج مشوقة ومتنوعة لفئاتهم، وغياب دور الأب أو الأسرة، تُعد من الأسباب الرئيسة"! هل من حلول جذرية لهذه الظاهرة؟ - التفحيط ظاهرة تستدعي وقفة جادة من الجهات المسؤولة. ولا أعتقد أن مسألة الحد منها أمر مستحيل، الأمر يتطلب وجود خطة واضحة ومعلنة تشتمل على عقوبات رادعة للحد من التفحيط، بشرط أن يكون التطبيق صارماً وعادلاً وبعيداً عن الشفاعات والتدخلات الشخصية، ولكن الجهود في هذا السبيل – مع الأسف - تشابه أسابيع المرور وأسابيع الشجرة التي تهتم بالأمور فترة محدودة ثم يقل الاهتمام بها أو يختفي بعد انتهاء هذه الفعاليات ثم ان وزارة التربية لم تسهم بالشكل المأمول في الحد من التفحيط، بل إن إحدى المدارس في الرياض دعت أحد المفحطين وقام بممارسة التفحيط في الفناء الداخلي للمدرسة، مما يعكس تدني الوعي بخطورة هذا السلوك لدى بعض المعلمين ومديري المدارس. * تذوقت طعم الشهرة والتزاماتها مع الجمهور والمجتمع، كيف يمكن أن تكون شهرة لاعبي الكرة طريقا لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ - أتمنى أن تُستثمر شهرة لاعبي كرة القدم لخدمة القضايا الوطنية وعلى رأسها قضايا الشباب، واحترام الوقت والأنظمة، والالتزام بأخلاقيات العمل، والتوعية بخطورة المخدرات والإدمان وأن يسعى اللاعبون من خلال القدوة الحسنة لتنمية الحس الوطني لزيادة احترام الممتلكات العامة والمحافظات على البيئة من أجل استفادة الجيل الحالي والأجيال القادمة، وحتى أكون صادقاً معك، أشعر أن إسهام لاعبي كرة القدم المشاهير في هذه المجالات محدود جداً. * تبدو من المؤيدين لإقرار الحصص الرياضية في مدارس البنات ألا ترى أن واقع البيئة المدرسية وضعف تجهيزاتها الرياضية في مدارس البنين سيتكرر كذلك في مدارس البنات؟ - اعتقد أن الرياضة ضرورية لكل إنسان بصرف النظر عن جنسه، فكما يُقال: "العقل السليم في الجسم السليم"، والرياضة مهمة للسعوديين على وجه الخصوص، بعد أن أصبحت السمنة احدى المشكلات الصحية الكبرى، والسعودية ثالث دول العالم في قلة الحركة والكسل، أي لا تسبقها إلا مالطا وسوازيلاند، كما انها ثالث دولة في السمنة، وينتج عن ذلك كثير من الأمراض منها السكري. ولا يقتصر الأمر على الرياضة للبنات، ولكني أقر بإخفاق وزارة التعليم في الاهتمام بحصة الرياضة بشكل عام، فهي لا تؤخذ بجدية في أغلب المدارس، ويعتبرها الكثيرون فسحة للطلاب لممارسة اللعب بعشوائية دون تدريب أو توجيه بالأساليب الصحيحة لممارسة الألعاب الرياضية المختلفة. لهذا السبب وغيره أعزو إخفاقنا "المتكرر" في المجال الرياضي وعدم قدرة المجتمع السعودي على الرغم من كثرة عدد سكانه من إنتاج مواهب متجددة في المجال الرياضي ومن هذا المنطلق، أطالب بتوفير البيئة المناسبة والتجهيزات الضرورية الرياضية في مدارس البنين والبنات على حد سواء، ورفع مستوى الاهتمام بحصة الرياضة. ويؤسفني أن أسمع أن بعض المديرين والمديرات يفضلون سجن الطلاب داخل مبنى المدرسة ومنعهم من الخروج في فناء المدرسة لعدم رغبتهم في بذل أي جهد في مراقبة الطلاب وتوجيههم التوجيه الصحيح. * وأنت أحد الزائرين لمعرض الكتاب هذا العام هل لمست قصورا متواصلا في توفر الكتب التي تبحر في عالم الرياضة والشباب وبماذا تعزو ذلك؟ - بصراحة لم أبحث عن الكتب في مجال الرياضة، وقد سعدت كثيراً بزيارة معرض الكتاب الذي تميز هذا العام بالتنظيم الرائع والجو العائلي المريح، ما يعكس الجهد الكبير الذي بذلته وزارة الثقافة والاعلام في الإعداد لهذه المناسبة المهمة لقد كان عرساً ثقافياً مميزاً ومناسبة رائعة وفاعلاً مفيداً وترفيها ممتعا، والتعريف بالمؤسسات والهيئات المهمة مثل "الحوار الوطني" وجمعية حقوق الإنسان وغيرها، وتكريم للرائدات السعوديات في مجالات قضايا المرأة والأدب والعمل الخيري وخدمة المجتمع والفن التشكيلي والتربية والإدارة والتربية، وكذلك تكريم الفائزين العشرة بجائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب. * مواقع التواصل الاجتماعي قربت الجماهير كثيرا من المشاهير فهل كشفت هذه المواقع تناقضات المشاهير وتقلب آرائهم؟ - مواقع التواصل الاجتماعي نعمة لا تقدر بثمن للتعبير عن الرأي بحرية والتواصل مع العالم دون حدود وحواجز اجتماعية أو سياسية فقد مكنت كثيراً من الناس أن يبث الرسائل ويستلم ردود الفعل دون تكلفة مادية. لذلك قربت الجماهير من المشاهير وكشفت ضحالة وسخافة بعضهم وفي المقابل أبرزت نبل بعضهم الآخر وأظهرت جوانب حياتهم الإنسانية المشرقة. * كتبت العديد من المقالات الصحفية هل تتفق مع من يردد أن مساحة الحرية والجرأة في الصحافة الرياضية أكثر منها في أي مجال آخر؟ - بالتأكيد مساحة الحرية في المجال الرياضي أوسع مقارنة بغيره، وأعتقد أن المجال الرياضي في حاجة إلى مزيد من الحرية والشفافية وهناك حاجة إلى إصلاح المؤسسات الرياضية. * كيف صارت لغة المال والإهمال طاغية على الإبداع والإخلاص عند بعض اللاعبين السعوديين؟ - لا أعرف كثيراً عما يدور وراء الكواليس في عالم الرياضة، ولكن بوجه عام لا أتوقع أن يحدث الإبداع من دون وجود حوافز مادية ومعنوية، ومع ذلك لا ينبغي أن لا يكون المال هو الهدف الأساس، ولدي إيمان بأن تعزيز الإبداع في أي مجال يتطلب وجود حوافز مشجعة تعتمد على القدرات والإنجازات، وليس على العلاقات والمحسوبيات! * هناك الكثير من التصنيفات الغارقة في الإقصاء الثقافي والرياضي لماذا أصبح المجتمع مكبلا بها؟ - هل تريد أن أقولها بصراحة تامة؟! نعم.. تُعد التصنيفات والإقصاء الثقافي والاجتماعي والرياضي آفة يعاني منها المجتمع، بل هي – في رأيي - من معوقات التقدم والإصلاح. هناك من يرغب أن يشكّل الناس في قوالب محددة، تعكس فهمه الضيق للدين أو القيم الاجتماعية، وبالتالي لا يتقبل الاختلاف والتنوع الذي هو سنة الحياة وعلاوة على ذلك، أصبح مفهوم "الشللية" شائعاً في الرياضة والثقافة والخدمات الصحية في بلادنا، بدلاً من السعي لتوسيع الفرص وتشجيع مشاركة جميع أبناء الوطن في اللجان والفعاليات والمنظمات والأنشطة. * بعض الحوارات الرياضية بين بعض النقاد الرياضيين تحيطها لغة التعصب وتلفها لعبة الميول هل باتت الجماهير أكثر وعيا منهم؟ - "الله يكون في عون الرياضيين".. ما يحدث في الرياضة يعكس ثقافة الحوار الشائعة في المجتمع فنحن في حاجة إلى تطوير أسلوب الحوار وفهم معنى الموضوعية في النقد. فغياب النقد الموضوعي ولغة التعصب والميول هي من المشكلات التي يعاني منها الوسط الرياضي. ولكني متفائل كثيراً بأن الانفتاح الإعلامي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي سيسهم في تنمية ثقافة الحوار، والبعد عن التعصب، وتطوير أسلوب النقد والحوار القائم على الموضوعية! * قلت ذات مقال "العشق للإدارة لا يلازمه إبداع في التفكير الاستراتيجي أو اعتماد على التخطيط المدروس أو احترام للعقول، بل يلهث وراء المصالح الشخصية، ويتبنى الحلول الآنية والقرارات المرتجلة كلما طرأت الأزمات؛ مما يهدر الوقت ويضيع الأموال" هل ينطبق ذلك على بعض إدارات الأندية وقراراتها الارتجالية المتسرعة؟ - بكل تأكيد هناك أشخاص يعشقون الإدارة والأضواء دون قدرة على الإسهام أو تقديم المفيد من خلال مناصبهم الإدارية لذلك يكونون عالة على المنصب ومعطلين للإبداع والإنجاز. لذا أنادي بتحسين أساليب اختيار القيادات الإدارية في مجال الرياضة وغيره، ولا ينبغي أن يعتمد اختيار القيادات الرياضية على العلاقات والمحسوبيات، بل لا بد من تطوير أساليب البحث عن القيادات من خلال لجان مؤهلة ومعايير معلنة. * تقلدت مناصب قيادية وأكاديمية متعددة، لو طلب منك تقلد منصب رئيس ناد رياضي هل ستختار ناديا معينا؟ وما الذي ستحتاجه لتحقيق النجاح في مهمتك الجديدة؟ * من المؤكد سأختار النادي الذي يمتلك مقومات النجاح مثل البنية التحتية والموارد المتاحة، وأحتاج الصلاحيات اللازمة لإعادة هيكلة النادي على أساس العمل المؤسسي والشفافية والانفتاح للجميع، وسأعمل على إشراك منسوبي النادي في صنع القرارات المصيرية، وسأحاول أن يسهم النادي في بناء القيم النبيلة.