الرياضة أصبحت حاضراً صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواء حديثاً أو منذ فترة طويلة. ..الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم هو عضو مجلس الشورى اللواء ركن متقاعد عبدالله السعدون: الخبرة وحسن التعامل والحزم مطلوب توفرها في كابتن الفريق والقائد العسكري * في كتابك "عشت سعيداً .. من الدراجة إلى الطائرة" أوردت قصة العمة سارة وزيجاتها المتعددة .. هل ترى نوعاً من المقاربة بين حالة العمة سارة والمنتخب السعودي؟ - أولا أشكركم على استضافتي في هذه الصفحة المهمة من جريدة الرياض العزيزة على قلبي، والتحدث من خلالها إلى شريحة غالية هم الشباب والشابات، وأشكرك بشكل شخصي على شمول أسئلتك وعلى قراءة كتابي عشت سعيداً من الدراجة إلى الطائرة، والذي منه استقيت سؤالك الأول، وإن كان هناك مقاربة بين العمة سارة والمنتخب فهو بكثرة التجارب غير الناجحة وكثرة المدربين الذين مروا على المنتخب، كما هو كثرة الأزواج بالنسبة للعمة سارة. والعمة سارة في كتابي امرأة عصامية تزوجت سبع مرات، لكنها كالمنتخب لم تنجب ولم تبق في مسار تصاعدي واحد، بل سلسلة من الصعود والهبوط. *وفق قانون ميرفي "إذا كان هناك مجال للخطأ فسيحدث لا محالة" فإن رياضتنا مجالاً خصباً للخطأ .. ما تعليقك؟ - قانون ميرفي مهم جداً في حياتنا العملية والخاصة، وهو يعني أن نأخذ بكل وسائل السلامة إذا أردنا السلامة ومنع الخطأ، والرياضة عندنا سلسلة من الأخطاء لأننا نفتقر إلى المنهج العلمي في حل المعضلات، ولم ننشأ على حب الرياضة، لذا نرتكب الأخطاء. *برأيك هل تحتاج الرياضة السعودية لخطط بديلة لتتجاوز مرحلة الفشل التي تمر بها حالياً؟ - بلا شك، نحتاج إلى تذكر هذا المثل"لا توجد طرق مختصرة" الحلول السريعة تعطي نتائج سريعة لكنها ناقصة وتنكشف حال وضعها موضع التنفيذ. نحتاج إلى الحلول العلمية التي أخذت بها الدول المتقدمة، أي الاستعانة بالمدارس والجامعات وليس الشوارع والحارات، اللاعب المتعلم أكثر عطاءً وانضباطاً. * لماذا لا نلمس مشاركات رياضية للقطاع العسكري بالقوات المسلحة كتلك النجاحات لقوى الأمن مثلاً ؟. - القوات المسلحة تزخر بالكفاءات ولديهم دوري سنوي بين مختلف القطاعات، لكن المشكلة في التواصل وفي رعاية المواهب، إهمال قيمة الرياضة متأصل في عقولنا جميعاً. *حصلت على 16 وساما، هل ستسهم عبر قبة مجلس الشورى بمقترح تمنح من خلاله وساما رياضياً، لباعكم الطويل في عملية التأهيل؟ - أعتقد أن أهم وسام يحصل عليه الإنسان هو وسام خدمة الوطن في أي مكان يوضع فيه، كل شيئ يذهب وينسى إلا العمل الذي يسعد الآخرين ويثري حياتهم، وقد تقدم زميلي اللواء محمد أبوساق بمشروع نظام للياقة البدنية للعسكريين وقمت بدراسته وآمل أن يرى النور قريباً وأهم ما فيه رفع لياقة العسكري ومحارية داء السمنة التي تنتشر بين أفراد القطاعات العسكرية. * بعد أرقام التعداد السكاني في المملكة التي تم تداولها وأثبتت أن معظم سكان السعودية من فئة الشباب، هل ترى أن ما قدم لهم حتى الآن يعد كافياً؟ - لم نقدم للشباب في مجال الرياضة إلا القليل، والكل مقصر في ذلك ومنها المدارس والجامعات، من يصدق أننا نناقش مدى جواز ممارسة الرياضة للبنات في القرن الواحد والعشرين، ولا نناقش خطر داء السمنة وهشاشة العظام. *وماذا عن الرياضة ألا تراها وسيلة سريعة التوصيل للرسائل المراد توصيلها لهؤلاء الشباب؟ - للرياضة رسائل كثيرة كالقيادة والعمل الجماعي والتعاون ورسم الخطط وتنفيذها وتعزيز روح المغامرة والقدرة على التحمل والصبر والقضاء على الفراغ بما هو مفيد وغير ذلك من الرسائل المهمة والتي لأجلها تهتم الدول بنشر الرياضة وتجعلها جزءاً مهماً من حياة أبنائها. * في رأيك ما هي الكيفية التي يتم من خلالها احتواء الشباب من خلال الرياضة؟ - الرياضة بحاجة إلى تعميم من خلال زيادة الوعي بأهميتها في القضاء على الكثير من السلبيات وامتصاص طاقات الشباب بما هو مفيد، وذلك بالإكثار من أماكن ممارسة الرياضة في المدارس أو في إنشاء الحدائق العامة الكبيرة داخل المدن والقرى. *وأين قبة مجلس الشورى عن مناقشة هموم الشباب والرياضة ؟ - مجلس الشورى يناقش تقارير رعاية الشباب ويكتب توصياته ويناقش التقارير مع مسؤولي الرئاسة لكن لا تزال العوائق كثيرة ومن أهمها عدم وضع الأولويات فيما يخص الشباب، والتي يجب أن تكون فيها الصحة على رأس القائمة. *هل ترى هناك ثمة عامل مشترك بين مدرب الطائرات ومدرب كرة القدم، عبر القيادة ووضع الخطط؟. - نعم هناك تشابه كبير بينهما، فهما يشتركان في ضرورة رفع اللياقة البدنية وتنمية المهارات ومعرفة الخصم وبث الروح القتالية بين أفراد الفريق. * هل تؤيد إقامة مرصد لنبذ التعصب كبرج المراقبة الجوية درءاً للمخاطر؟ - نريد أكثر من مرصد لنبذ التعصب والعنف، نريده في كل بيت ومدرسة وجامعة ونادٍ. التعصب يعني قصر النظر وعدم فهم الآخر، وهو يعني الجهل بقيمة الاختلاف والتعدد، التعصب والتفرقة من أكثر وسائل تدمير المجتمع ووحدة الوطن. * وهل تنصح لجنة الانضباط بالاطلاع على العقوبات العسكرية؛ لتنهل منها ما يردع بعض التجاوزات الرياضية؟ - هناك ما يكفي من العقوبات في كل نظام المهم تطبيقها على الجميع وبحزم. *وأنت المهتم في رياضة المشي، لماذا في رأيك لا تقام ندوات عنها عبر الأندية الرياضية؟ - لست مطلعاً على مايجري داخل الأندية الرياضية، لكن لا أظن أن الرياضة من أجل الصحة تقع ضمن اهتماماتهم والدليل انتشار داء السمنة والتدخين بين منسوبي الأندية أنفسهم. * أين الرياضة السعودية من مقالاتك؟ - لست خبيراً رياضياً لكنني أهتم بالرياضة من أجل الصحة البدنية والنفسية ولذا توجد الرياضة بين السطور في كتابتي عن الصحة والوسائل الوقائية، وأنادي في كل مناسبة بإنشاء الحدائق الكبيرة داخل المدن بدل المجمعات التجارية، كم في رأيك تساوي حديقة الهايد بارك في لندن وكم أسعدت من أسرة استظلت تحت أشجارها، وكم طفل لعب مع طيورها وأسعدته. الحضارة ليست مجمعات تجارية ومباني. * هل ترى ثمة أوجه تشابه بين كابتن الفريق والقائد العسكري؟ - نعم هناك تشابه بين القائد العسكري وقائد الفريق، وكلاهما بحاجة إلى الخبرة والاخلاق وحسن التعامل والحزم مع اللاعبين، وأن يكون الفوز هو المحصلة النهائية للمهمة. *وماذا عن قائد الطائرة ومهاجم كرة القدم ؟ - كلاهما بحاجة إلى أن يلعب بروح الفريق وأن يستحضر الخطط وينفذها بكل دقة وأن يرفع رأسه ليعرف ما يدور حوله. * لماذا في رأيك يستحوذ لاعب شاب لم يلامس العشرينات من عمره بعد على الشهرة؛ بينما يقبع مبدعو الأدب في زوايا تكاد لا تتسع إلا لمن يشاركونهم الميول؟ - لكل فنِّ من الفنون مشجعوه ومتابعوه، ولكل بضاعة جالب ومشترٍ. * متى نرى العالم يتحدث عن الرياضي السعودي كحالة إبداعية كما هو الحال مع الأديب والروائي والشاعر السعودي؟ - حين نفكر في الخطط بعيدة المدى عندها سنبدع وسيسمع صوتنا الآخرون. الرياضة كالعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كل جهدك. * يقول الدكتور عثمان الصيني "الناقدون السياسيون والاجتماعيون يتترسون في نقدهم خلف الحشاشين" في نظرك خلف من يتترس الناقدون الأدبيون والناقدون الرياضيون؟ - هذا سؤال بعيد عن اختصاصي قد أحيله للأستاذ عثمان الصيني والذي أعتز بفكره ومعرفته. * في نظرك هل من الممكن أن تندرج النظرة القاصرة للرياضة تحت عنوان كتاب الدكتور إبراهيم البليهي "وأد مقومات الإبداع" ؟ - الأستاذ ابراهيم البليهي سابق لعصره وسيذكره التاريخ كواحد من المفكرين العرب الذين حركوا الكثير من المياه الراكدة، ونحن نجتهد في وأد المبدعين بدءاً بالمدارس. * في ظل مسميات مثل ليبرالي- متشدد – علماني - تكفيري والمسميات المناطقية والرياضية حتى.. هل نحن بالفعل شعب مهووس بمبدأ التصنيف الذي يعزز الفكر الإقصائي؟ - مع الجهل وغياب التسامح تنتشر الكثير من الممارسات الخاطئة ومنها المسميات، وما لم ندخل على مناهج الثقافة الإسلامية في المدارس والجامعات مفردات التسامح وقبول الآخر والحوار برقي، سنظل أسرى التصنيفات المقيتة. * بين مؤيدي الرياضة النسائية ورافضيها أين تقف؟ - أنادي في كل مناسبة بضرورة ممارسة الرياضة للجميع، وقد تحتاجها المرأة أكثر من الرجل لكثرة ما تعانيه من ضغوط مختلفة وهشاشة عظام بسبب عدم التعرض للشمس، الرياضة للمرأة كالشمس للنبات بدونها تذبل وتترهل وقد تصاب بالاكتئاب، منع الرياضة تعدٍ على أبسط الحقوق. * وهل ترى بأن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ - الرياضة قناعة وأسلوب حياة من جربها لن يتركها، وهي عبادة فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، وقد مارسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أراد المزيد فليقرأ كتاب "الرياضة في الإسلام" للأستاذ تركي ناصر السديري. * أحد المفكرين السعوديين أكد على أن المبادئ لا تنشر ذاتها بل تحتاج لمن ينشرها، ومبدأ "العقل السليم في الجسم السليم" نشأنا عليه للأسف رغم خطئه فكم من شخصية عبقرية لا تمتلك جسداً سليماً !! نريد منك مبدأً رياضياً صحيحاً لنشره بين الرياضيين؟ - أعتقد أن العقل السليم بحاجة إلى الجسم السليم لزيادة فاعليته وقدرته على مواصلة العطاء، الجسم العليل عالة على العقل وعلى المجتمع إلا ما ندر، علينا أن نهتم بهما معاً، وقد نقول"العقل السليم يقود إلى الجسم السليم". * هل الخصوصية السعودية بالفعل تقف حاجزاً أمام تطور الرياضة كما قال أحد الكتاب السعوديين، ولماذا؟ - ثقافتنا غير المدركة لأهمية الرياضة هي أكبر الحواجز أمام تقدم الرياضة، نجيد وضع العقبات ولا نتقن تحقيق المنجزات. * بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ - الرياضة تأتي بعد القراءة مباشرة واستفدت منها الكثير وهذا ما أحاول نشره بين الشباب بأكثر من وسيلة ومنها التغريد في تويتر مع الصباح. أمارس رياضة المشي والسباحة ست ساعات في الاسبوع على الأقل. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ - اللون الأزرق لأنه لون السماء والأخضر لأنه لون الطبيعة والصحة ورمز هذا الوطن العظيم. * بين القمر والشمس هل هناك ثمة مكان لميولك؟ - أرنو دائماً للشمس وأجد نفسي مع النجوم. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ - كانت قبل عشرة أعوام، وكانت مكافأة لأحد أبنائي لتفوقه في الدراسة. * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ - للتدخين في الوسط الرياضي. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ - للسمنة بكل ما تحويه من أمراض * والميدالية الذهبية من يستحقها في نظرك؟ - المعوق الذي يتغلب على إعاقته وينظر للمستقبل بكل ثقة. * لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ - سأبدأ بك مقدم الحوار وأشكرك لأن نشر المعرفة من أهم وظائف الإعلام.