أوضح "د.سالم الوهابي" -أمين عام المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية (سباهي)- أن المملكة ربما تكون الأولى عربياً من حيث عدد المنشآت الصحية التي نالت شهادات الاعتماد الدولية -الأمريكية والكندية والاسترالية-، وهو ما يُعد ظاهرة جيدة وصحية ومساندة للاعتماد المحلي، بشرط أن يكون الهدف من الحصول على الشهادة وضع العاملين على طريق طويل لا نهاية له اسمه؛ "التحسين المستمر للجودة". ليس من صلاحياتنا إغلاق المنشآت المخالفة لكن لدينا إجراءات محددة لمعالجة الخلل وقال في حديثه ل"الرياض": إنه ليس من صلاحيات المجلس إغلاق المنشآت الصحية المخالفة، لكن لديهم سياسات وإجراءات محددة في حال تم إغلاق المنشآة المعتمدة من قبل الجهة المختصة -وزارة الصحة ومديريات الشؤون الصحية التابعة لها-، لافتاً إلى أن المجلس بحاجة إلى أن يُصبح هيئة مستقلة ذات صلاحيات ودور أكبر. وأكد على أن الصلاحيات المعطاة لهيئات الاعتماد في كل دول العالم تتركز في منح شهادات الاعتماد للمراكز الطبية الملتزمة بالمعايير، أو سحب تلك الشهادات في حال عدم الالتزام، مبيناً أنه لا يزال أمام المجلس الكثير مما ينبغي فعله بخصوص التواصل مع المجتمع، وكذلك مع المنشآت الصحية باختلاف أنواعها، من أجل إيصال الرسالة التي يضطلع بها والمهام والمسؤوليات الموكلة إليه، وفيما يلي نص الحوار: مهام ومسؤوليات * ما هو تقييمكم لدور المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية من حيث التواصل مع المرافق الصحية المعنية ومع الهيئات الأخرى ذات العلاقة، وكذلك دوره ومهامه؟ - لا يزال أمام المجلس المركزي الكثير مما ينبغي فعله بخصوص التواصل مع المجتمع ومع المنشآت الصحية باختلاف أنواعها، من أجل إيصال الرسالة التي يضطلع بها والمهام والمسؤوليات الموكلة إليه، مع إيضاح كيفية مساعدة تلك المنشآت في تحسين جودة وسلامة الخدمات التي تقدمها والتقليل ما أمكن من حدوث الأخطاء الطبية، إضافةً إلى الإفادة من تجارب تلك المنشآت وخبراتها بهذا الشأن، وما من شك فإن المرحلة الماضية الممتدة منذ بداية تأسيس المجلس رسمياً في أواخر عام 1426ه كانت مرحلة البناء الأولى، حيث وضع الأسس وتصميم المعايير، لذلك فإن من المتوقع أن لا يكون هناك تركيز على التواصل الخارجي مع المنشآت الصحية بحكم انشغال المسؤولين في المجلس المركزي بترتيب البيت الداخلي، بمعنى وضع القواعد والأساسات والسياسات والإجراءات الخاصة بسير العمل، ولقد دخل المجلس الآن حقبة جديدة بدأت منذ صدور قرار مجلس الخدمات الصحية في عام 1433ه والقاضي بضرورة حصول كافة المنشآت الصحية الحكومية والخاصة على اعتماد المجلس، وعليه أصبح لزاماً التركيز من الآن فصاعداً على إيصال رؤية المجلس ورسالته والمهام التي يقدمها لكافة شرائح المجتمع الصحي في المملكة. د.سالم الوهابي إعطاء الدعم * هل هناك نية لتحويل المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية إلى هيئة مستقلة ذات صلاحيات ودور أكبر؟ - المسؤولون وعلى رأسهم "د.عبدالله الربيعة" -وزير الصحة رئيس مجلس الخدمات الصحية- وكذلك "د.محمد بن حمزة خشيم" -رئيس المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية- يعملون على تحقيق هذه الرؤية، كونها ستعطي المجلس كثير من الدعم والقوة، وهو بالضبط ما نحتاجه الآن بعد اتساع نطاق عمل المجلس ليشمل كافة المرافق الصحية في المملكة التي تُعد بالآلاف، كما أن وجود هيئة مستقلة حيادية هو من ضمن متطلبات الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية (الاسكوا) التي تعتمد هيئات الاعتماد ومنحها الاعتراف، لكن كما تعلم فإن التحول إلى هيئة مستقلة أمر لا يحدده المجلس المركزي بمفرده، وإنما لابد من أخذ موافقة الجهات المعنية، وعندما يتحقق هذا فإنه لا شيء يمنع من ذلك التحول. منح «كل الفرص» نحو «تطبيق المعايير» دون إختلال.. وسنبدأ زيارات تقييم ل«مراكز الرعاية» ظاهرة جيدة * لماذا اعتماد المنشآت الصحية في المملكة دولياً محدود؟، وهل يعود السبب إلى عدم توافر المواصفات أم اهمال لمعايير الجودة وسلامة المرضى؟ - إذا كنت تقصد قلة عدد المنشآت الصحية السعودية المعتمدة من قبل هيئات اعتماد دولية فإن المملكة ربما تكون الأولى عربياً من حيث عدد المنشآت الصحية التي نالت شهادات الاعتماد الدولية -الأمريكية والكندية والاسترالية-، وهذا برأيي ظاهرة جيدة وصحية ومساندة للاعتماد المحلي، بشرط أن يكون الهدف من الحصول على شهادة الاعتماد وضع العاملين على طريق طويل لا نهاية له اسمه: "التحسين المستمر للجودة"، وبدء العمل على تحقيق ذلك، وليس الركون إلى الراحة باعتبار أن المهمة انتهت بالحصول على الشهادة، وهذا مع الأسف هو لسان حال عديد من المستشفيات والمراكز الطبية التي تعد أن العمل انتهى بحصولها على الاعتماد سواء كان محلياً أو عالمياً. إجراءات محددة * في كل يوم نسمع عن إغلاق منشأة صحية لمخالفتها الأنظمة الصحية، ما دور المجلس في هذه الإجراءات؟ - ليس من صلاحيات المجلس المركزي إغلاق المنشآت الصحية المخالفة بحكم عدم الاختصاص، لكن لدينا سياسات وإجراءات محددة في حال تم إغلاق المنشأة المعتمدة مسبقاً من طرف المجلس من قبل الجهة المختصة وهي وزارة الصحة ومديريات الشؤون الصحية التابعة لها في كافة مناطق المملكة، وتقضي هذه السياسات بضرورة التحقق من أسباب الإغلاق عن طريق الطلب من المنشأة إرسال تقرير مفصل نطُلق عليه: "التحليل الجذري للأسباب"، ومن ثم وضع الخطة التصحيحية التي سيتم تطبيقها لإصلاح السبب المؤدي إلى الإغلاق وضمان عدم تكراره مستقبلاً، ثم يُرسل المجلس فريق من المقيمين المختصين المعتمدين لديه لإجراء زيارة تقييمية مركزة الغرض، منها الكشف عن المعايير التي تم الإخلال بها، وربما كانت السبب في حدوث أخطاء ومخالفات أدت إلى الإغلاق، مع مساعدة المنشأت الصحية في إعداد تقرير التحليل الجذري للأسباب بطريقة صحيحة وفعالة، وفي حالات معينة يتم الرفع إلى مجلس الأمناء بتوصية مفادها ضرورة تعليق شهادة الاعتماد حتى تتمكن المنشآت الصحية من تصحيح أوضاعها، مع ضمان سلامة المرضى فيها، ومعاودة نشاطها رسمياً، وعندها يعاد منح الشهادة وفق ضوابط وشروط معينة. معايير جودة * هل يُوجد للمجلس سلطات تنفيذية لملاحقة المنشآت المخالفة أو متابعة تطبيق المواصفات والمعايير الوطنية والدولية؟ - المجلس يضع معايير الجودة وسلامة المرضى ويمنح شهادات الاعتماد للمنشآت الصحية التي تثبت تطبيقها والتزامها بتلك المعايير، وكذلك تتمكن من اجتياز عملية التقييم الميداني، وبالعودة إلى السؤال، فإن الصلاحيات المعطاة لهيئات الاعتماد في كل دول العالم ومنها المملكة تتركز في صلاحية منح شهادات الاعتماد للمراكز الطبية الملتزمة بالمعايير أو سحبها أو تعليقها في حال عدم الالتزام بالمعايير، ومعروف مدى الخسارة الفادحة التي يتكبدها المستشفى في حال خسارته للاعتماد، وما يعنيه ذلك لدى المجتمع والسلطات الصحية التشريعية من فقدان الثقة بسلامة خدمات الرعاية الصحية التي يقدمها، والمجلس المركزي هنا ملتزم بإعطاء المنشآت الصحية جميع الفرص التي يمكن أن تؤدي إلى النجاح في تطبيق معايير الاعتماد، وملتزم بمساندتها في ذلك حتى النهاية، وفي نفس الوقت فإن سياسات المجلس تنص على أن المنشآت التي لن تتمكن بعد كل هذا من الوفاء بمعاييرالجودة والسلامة فإنها تشكل بالفعل خطراً على حياة المرضى، وبالتالي سوف يتم إحالة موضوع استمرارها في تقديم الخدمة أو إغلاقها إلى وزارة الصحة ومجلس الخدمات الصحية وهي الجهات المخولة صلاحية البت في مثل تلك الحالات. مراكز صحية * على الرغم من تأكيدكم في أكثر من لقاء على أهمية الرعاية الصحية الأولية، إلاّ أن المراكز الصحية تظل محل شكوى من المواطن الذي يفضل الذهاب إلى القطاع الخاص، بنظركم هل تُطبق هذه المراكز معايير الجودة؟ - مراكز الرعاية الصحية الأولية تتجاوز الألفي مركز في كافة أنحاء المملكة، وكثير منها يقع في مناطق بعيدة غير مأهولة بالسكان، ولقد أنشأتها الدولة لتوفير الرعاية الصحية الأساسية للمواطنين قرب أماكن سكناهم، وبالنظر إلى المساحة الجغرافية الكبيرة التي تنتشر عليها، وكذلك صعوبة توفير الأطباء والكادر التمريضي المؤهل للعمل فيها، ونظراً لعزوف الاستشاريين والممارسين المؤهلين تأهيلاً عالياً عن العمل فيها، فقد كان هناك صعوبة للحصول على مستويات عالية من الجودة والسلامة، يضاف إلى هذا أن المجلس المركزي لم يبدأ حتى الآن رسمياً بإجراء التقييم الفعلي لتلك المراكز، حيث تم في الفترات الماضية وضع المعايير وتدريب العاملين فيها، وسوف نبدأ في إجراء زيارات التقييم في القريب العاجل، وأتوقع أن يحصل بعدها ارتفاع تدريجي في مستوى الخدمات الصحية التي تقدمها، وإن كان الأمر يحتاج إلى بعض الوقت نظراً للعدد الكبير والعوامل الجغرافية سالفة الذكر. ترجمة عملية * أعلن المجلس عن حوالي (880) معيارا وطنيا للمستشفيات، وعدد كبير من معايير الجودة في المراكز الطبية الخاصة، ألا ترون أن هذا العدد مبالغ فيه؟ - بالعكس، فقد تعلمنا من تجاربنا السابقة مع المستشفيات أن تطبيق المعايير ليس بالعملية الصعبة طالما كان هناك إرادة حقيقية لدى إدارة المستشفى والقياديين فيه لتحقيق ذلك، والسبب بسيط وهو أن المعايير ما هي إلاّ ترجمة عملية لكيفية الممارسات الطبية بشكلها الصحيح الآمن، وهذا منطقياً ليس بالأمر الصعب، كونه هو الأمر الطبيعي وما عداه هو الخروج عن القاعدة، وبالنسبة للمُقيّمين الذين نعتمد عليهم في التحقق من تطبيق المعايير، فقد تعلمنا من التجارب السابقة كذلك أن العبرة ليست بعدد المعايير، لكن بقدرة المقيّم على التحقق من تطبيقها خلال الفترة الزمنية المحددة للزيارة، وهذا يعتمد على مهاراته وتدريبه ومدى تمكنه من فهم المعايير واستيعاب روح النص فيها -إن جاز التعبير- بدون التركيز على الحروف والكلمات والمعنى الظاهري لها. عمل مشترك * مقارنة بدول العالم أين تضعون المملكة وتصنيفها من حيث الإمكانات والأداء والنظام الصحي والكوادر الصحية؟ - لا يمكنني الإجابة عن هذا السؤال بحيادية تامة وذلك كون الإجابة مرتبطة بالحصول على كثير من البيانات والمؤشرات العلمية الخاصة بالمملكة ودول العالم الأخرى، وأشير هنا إلى ترتيب المملكة في تصنيف منظمة الصحة العالمية قبل عقد مضى وشمل (191) دولة عضوا في المنظمة، ونالت المرتبة (26) باستخدام معايير معينة أهمها عمر الفرد ومدى استجابة النظام الصحي للحاجات الصحية لأفراد المجتمع، وكذلك توافر الموارد البشرية والمالية وغير ذلك، ورغم أنني أشك كثيراً في مدى صحة ذلك التصنيف وافتقاده إلى الدقة والمنهجية العلمية ويشاركني الرأي في ذلك الكثير من المختصين، والدليل هو أن المنظمة لم تكرر التجربة منذ ذلك الوقت حسب علمي، إلاّ أنه يمكننا القول إن المملكة تحتل مرتبة متقدمة بالمقارنة بالدول العربية ودول الشرق الأوسط عموماً، ومرتبة أقل بالتأكيد قياساً إلى دول منظمة التنمية والتعاون الأوروبي ودول أمريكا الشمالية، وهنا لابد من ضرورة العمل الجماعي المشترك بين كل القياديين في القطاع الصحي لبلورة منهج واضح يحدد طريقة بناء النظام الصحي في المملكة، وعلاقة الأطراف المختلفة فيه ببعضها -مقدم الخدمة وممول الخدمة ومتلقي الخدمة ومنظم الخدمة- مع بناء نظام معلومات صحية متطور يرفده ويسانده نظام بيانات صحية متكامل قائم على المسوحات والأبحاث الميدانية. عملنا مستمر بعد «شهادة الاعتماد» أوضح «د.سالم الوهابي» أن عمل المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية يستمر حتى بعد حصول المنشأة على شهادة الاعتماد، مؤكداً على أن المهم هو الاستمرار والالتزام بالمعايير، مع الثبات على ذلك مهما طالت المدة. وقال إن منح المجلس شهادته لأي مرفق صحي هو الاعتراف بأنه يقدم خدمات صحية آمنة، مؤكداً على أنه يظل على تواصل مستمر مع المنشآت الصحية حتى تنتهي الدورة الاعتمادية، وهي فترة صلاحية الشهادة المقررة بثلاث سنوات. وأضاف أن التواصل يظل من خلال الزيارات الاستشارية، وكذلك عن طريق كتابة تقرير التقييم الذاتي بعد مرور نصف فترة صلاحية الشهادة أي سنة ونصف تحديداً، علاوةً على الإبلاغ الإجباري عن الأحداث الجسيمة التي تقع في المنشآت المعتمدة حتى يتمكن المجلس المركزي من مساعدتها في إجراء التحليل الجذري للأسباب، إلى جانب وضع الخطة التصحيحية التي تمنع تكرار الخطأ، مشيراً إلى أن عمل المجلس هو عمل مستمر لا ينتهي، بل يبدأ من جديد مع بداية كل دورة اعتمادية للمنشآت الصحية أي كل ثلاث سنوات. معايير الجودة والسلامة تقضي على الأخطاء الطبية أكد "د.سالم الوهابي" على أن أول وأهم خطوات المجلس للحد من الأخطاء الطبية وضع معايير الجودة وسلامة المرضى، التي تُعد عملية علمية مضنية وطويلة ومعقدة، تتظافر فيها الخبرات المختلفة وكذلك عديد من الجهات ذات العلاقة بتلك المعايير. وقال إن المجلس المركزي وضع حتى الآن المعايير الوطنية للمستشفيات، والمعايير الوطنية لمراكز الرعاية الصحية الأولية، وكذلك المعايير الوطنية للمراكز الطبية الخاصة، إضافةً إلى المعايير الوطنية للمختبرات الإقليمية والمرجعية، وهو الآن بصدد وضع المعايير الخاصة بالرعاية الصحية المنزلية، ومعايير مراكز طب الأسنان، ومستشفيات الصحة النفسية. وأضاف أن المجلس يُساند المنشآت الصحية في تحسين مستويات الجودة وسلامة المرضى من خلال الدورات التدريبية التي تم عقدها في السابق، وسوف يتم التوسع بها في الفترة المقبلة لتشمل المناطق الرئيسة في المملكة، وهي دورات تتعلق بشرح المعايير الوطنية، إلى جانب دورات متخصصة في مواضيع هامة تندرج تحت مظلة جودة وسلامة الرعاية الصحية. وأشار إلى أن المجلس يعمل زيارات استشارية تعليمية للمنشآت الصحية التي تحتاج إلى مثل تلك الاستشارات، علاوةً على البدء في تجميع الأخطاء الجسيمة التي تحدث ودراستها بغية استخلاص الدروس، حتى لا يتكرر حدوث الخطأ في مكان آخر. بوكس1