مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملؤون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زّخت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. ايفو طلب انضمامي لمنتخب الناشئين وأبعدت بمؤامرة و"دنيا الرياضة" إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم لاعب منتخب الناشئين وقائد الشعلة السابق ماجد الطفيل. * إلى أين اتجه ماجد الطفيل بعد اعتزال الكرة؟ - بعد الاعتزال اتجهت إلى التدريب بعد نصيحة أكثر من مدرب رأى أني مشروع مدرب قادر على قيادة أي فريق بعد اكتساب الخبرة. * بالعودة إلى بداياتك سبق وأن تدربت في نادي الكوكب وتلقيت عرضا من الهلال ولكنك سجلت في الشعلة؟ - قبل الإجابة أنا شعلاوي صميم ومن عائلة شعلاوية ولكن طموحي في ذلك الوقت كان كبيراً بالوصول إلى أندية كبيرة فالكوكب في ذلك الوقت كان في الدوري الممتاز والشعلة في الدرجة الثانية وهي فرصة لتقديم نفسي بشكل اقرب إلى أعين المدربين والأندية الجماهيرية وما حصل أني تدربت معهم مع المدرب الهولندي جاري بلك واتفقت على التسجيل بمبلغ 70 الف ريال مع رفض شديد من قبل والدي لتسجيلي في الأندية بشكل عام ولم تتم إجراءات التسجيل، وبعد ذلك بأشهر تدربت مع الهلال على يد المدرب بروشتش الذي أوصى بتسجيلي بأي طريقة ولكن لصغر سني وبعد المسافة تم الرفض وقد تشرفت بمكالمة الأمير بندر بن محمد ومحاولة إقناع والدي بتوفير كافة المدرب الوطني لايعتمد على التدريب كمهنة أساسية المتطلبات ولكن الرفض كان هو الجواب الأول والأخير وتسجيلي في الشعلة حصل بعد قناعة وقد تكون متأخرة من والدي بالتسجيل في النادي رغم وصول عروض كثيرة من أندية الهلال والنصر والأهلي ولكن تسجيلي في الشعلة كان هو الخيار الأول وهو ماحصل ولله الحمد والذي بعده أصبحت احد ابناء النادي المؤثرين في مسيرته. * كان انضمامك لمنتخب الناشئين بعد تسجيلك في النادي مباشرة كيف حدث ذلك؟ - انضمامي لمنتخب الناشئين جاء بعد تسجيلي بأربعة أشهر فقط وكان في ذلك الوقت المدرب هو البرازيلي ايفو ومن كان له الفضل بعد الله هو المدرب محمد الخراشي فقد كان مدرباً للمنتخب قبل ذلك الوقت واحد المدربين الكشافين للمواهب فحضر للخرج وطلب انضمامي للمنتخب بالإضافة إلى انه قدم للمدرب ايفو معلومات عني رغم تواجد الشعلة في دوري الأولى وعدم وجود نقل عشقي للكرة لم يجعلني اندم على دخولي المجال الرياضي تلفزيوني إلا أني استطعت أن افرض نفسي على تشكيلة منتخب الناشئين. - شاركت مع المنتخب في تصفيات كأس العالم 89 ولكن لم تكمل مشوارك لماذا؟ شاركت مع المنتخب في تصفيات كأس آسيا في الكويت والنهائيات في تايلند وحققنا الكأس في ذلك الوقت وقدمت مستوىً مميزاً أشاد به مدرب الفريق فقد كنت العب في الوسط الأيمن والأيسر وكان المدرب يعتمد في أحيان كثيرة على تواجدي في الميدان ولكن للأسف أبعدت من القائمة النهائية بمؤامرة بهدف إبقاء لاعبين من أندية كبيرة على حسابي وكان العذر الوحيد أنني من الشعلة ونادي مغمور ولن يفيد استمراره في قائمة المنتخب ورغم ذلك كان مدرب المنتخب يستدعيني دائماً في أوقات الراحة ويشيد بعطائي ويعطيني إشارة إلى أنني احد العناصر التي سترافقه إلى اسكتلندا ولكن ومع إعلان الأسماء تفاجأت بأنني لست من ضمنهم وكان الغضب واضحاً على المدرب لعدم تواجد اسمي حيث إن هناك أسماء غادرت مع البعثة وهي لم تلعب مباراة واحدة ولم أحاول الاستفسار والحمد لله على كل حال. * ماهي ابرز انجازاتك مع ناديك؟ - ابرز انجازاتي مع النادي هو الصعود لدوري الدرجة الأولى ومن ثم الدوري الممتاز عام 1417، 1421 واستمرارنا ثلاثة مواسم ضمن دوري الكبار وكمدرب هو تولي الإشراف على درجة الشباب بالنادي وتحقيق بطولة الخرج أكثر من موسم والوصول إلى دور الثمانية ضمن بطولة المملكة والإشراف على الفريق الأول والصعود به من دوري الثانية إلى الأولى وانقاذ الفريق من الهبوط موسمين متتاليين. * بعد الاعتزال اتجهت للتدريب فإلى أي مدى وصلت في هذا المجال ومن هو المدرب الذي اثر في مسيرتك التدريبية؟ - للعلم اتجهت للتدريب رغم انه تبقى في عقدي كلاعب سنة ولكن فضلت الاعتزال وفتح المجال لغيري من اللاعبين لخدمة النادي ورغم دخولي مجال التدريب إلا أني لم أصل إلى درجة أرى فيها أني حققت شيئاً مميزاً فلازلت في البداية واطمح للمزيد، أما عن المدرب الذي أثر بي كثيرا فأنا أحب الاطلاع كثيراً على تجارب المدربين العالميين والاستفادة منهم. * في وقت مضى استلمت الشعلة موسمين في دوري الأولى وكان ذلك في نهاية كل موسم وأنقذت الفريق من الهبوط مرتين متتاليتين مثل هذا الأمر ألا يكرس في نظرك مفهوم أن المدرب الوطني مدرب طوارئ فقط؟ - للأسف هذا هو الواقع وهي ثقافة قديمة استمرت إلى الوقت الحاضر فقد كان اللاعب بعد الاعتزال يتجه للتدريب دون الاستفادة من الدورات التدريبية والاطلاع على تجارب الآخرين والاحتكاك بالمدربين لكن الآن تغير الوضع فالبرامج التدريبية متاحة للمتجهين إلى هذا المجال بالإضافة إلى حضور خبرات دولية إلى السعودية في تعاون جداً رائع من القيادة الرياضية مع بعض الدول المتقدمة في التدريب كما من المفترض أن يتغير المفهوم الحالي عن المدرب الوطني الكفء فهو وبدون مجاملة أفضل من نصف المدربين الأجانب الذين يحضرون إلى معظم أنديتنا ويجب منحه الفرصة والوقت بشكل أكبر في الوقت الحالي ليقدم نفسه ويثبت انه الأكفأ والأجدر. * وهل تلقيت عروضاً تدريبيةً من أندية غير الشعلة ؟ - نعم تلقيت عروضا عدة في فترة ماضية وكان هناك اتفاق وشيك مع الأنصار العام الماضي ولكن ظروف الأخير أجلت الاتفاق وكذلك فريق ضمك ولكن كنت وقتها مرتبطاً بعقد مع الشعلة ولم أوافق لهذا السبب بالإضافة إلى بعض العروض غير الرسمية. * هل المدرب الوطني يعتمد على تدريب ناديه فقط أو الأندية في منطقته حسب مانرى الآن؟ - المدرب السعودي في الوقت الحالي لايعتمد على التدريب كمهنة أساسية وإنما ثانوية فيكون المدرب موظفا حكوميا ويمارس التدريب في الأوقات الأخرى وهذا مايجعله يمانع في التدريب خارج نطاق عمله أو عائلته ولو حصل أن تكون مهنة أساسية لرأينا العكس كما أن المدرب الوطني في الوقت الحالي مكانه في فريقه غير ثابت ولمجرد الخسارة في أكثر من مباراة يبعد ويستقطب الأجنبي كمسكن. * أين موقعك من الأجهزة الفنية في نادي الشعلة هذا الموسم بجميع درجاتها ؟ - أتمنى توجيه هذا السؤال إلى إدارة النادي * كونك مدرباً محترفاً ماذا لو طلب منك العمل في النادي هل تقبل ؟ - الشعلة أهم مايشغلني في الوقت الحالي فأنا ابن من أبنائه ولا استطيع ان ارفض له أي طلب لأن عشقي له اكبر من أي انتماء آخر. * وكيف ترى مستوى الشعلة هذا الموسم في دوري "زين" وحظوظ الفريق في البقاء ؟ - الحديث يطول عن الفريق ولا أود الخوض في أي حديث عن النادي في الوقت الحالي وأتمنى لهم كل التوفيق والنجاح والبقاء في دوري المحترفين مواسم عديدة. * عاصرت أجيالاً كثيرة في نادي الشعلة لكن ذلك الجيل الذهبي اختفى بعد الخروج من النادي لماذا يحدث ذلك؟ - هناك أجيال مرت ولن يمر على النادي مثلها ولكن النجوم في ذلك الوقت كان اغلبهم من خارج المحافظة بالإضافة إلى أن ظروف الحياة تغيرت وأصبح الكل مشغولا بمستقبله كما أن عودة أي لاعب لابد أن يوافقها دعوة من إدارة النادي للاستفادة من خبراته أو دعم الفريق في مبارياته. * وأين تعمل الآن ؟ - انا مدرب محترف واعمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب كمدرب وطني محترف بالإضافة إلى أعمالي الخاصة. * وما الذي أضافته لك كرة القدم ؟ - كرة القدم أضافت لي الشيء الكثير ومنها محبة الناس والعلاقات الطيبة والاستفادة من دروس الحياة في هذا المجال بشكل واسع. * وهل ندمت على دخولك المجال الرياضي ؟ - على العكس فلم أفكر يوماً على الإطلاق بالندم لكوني محبا وعاشقا للرياضة وخصوصاً كرة القدم وأنا مولع بها ولا استطيع الابتعاد عنها والدليل على ذلك أنني لعبت 20 عاما وواصلت العمل الرياضي كمدرب محترف. * لعبت في وقت اختفت فيه لغة المال فماذا تقول للاعبي الجيل الحالي الذين وافقوا سطوته؟ - قد تستغرب لو قلت لك إني لا أتصور أن يكون هناك لاعب يحب كرة القدم ويعشقها من اجل المال وانا ضد مثل هذا العمل وهو أن اللاعب يلعب من اجل المادة فالرياضة حب وشغف للنادي المنتمي له ومع دخول المال للرياضة انتهى زمن التضحية من اجل الفريق. * وهل ترى أن أرقام العقود الاحترافية الفلكية تسببت في غياب المنجز السعودي؟ أولاً هذا رزقهم وبارك الله لهم في ذلك ولكن دائماً لغة المال تغير الاطباع والأنفس وأصبحنا في وقت غالبية اللاعبين يفاخرون فيه بما يحصلون عليه فما بالك بلاعب يتحقق له كل طموحاته في يوم وليلة !! بلاشك لا يوجد سقف للطموح يبنيه اللاعب لتحقيقه، ومن المتعارف عليه أن المنجزات في السابق تحققت بفضل الله ثم بحب العمل والإخلاص وحب الشعار والتضحية من اجله دون النظر إلى المقابل المادي، وأتمنى أن تتغير النظرة في ذلك وان نعود إلى سابق عهدنا تضحية من اجل الشعار ثم التفكير بالمقابل. * وماهي الرسالة التي كنت تحملها عندما كنت لاعباً، وهل ترى بأنك أوصلتها؟ - بما أني أمضيت مايقارب ال20 عاما سعيت لأن تكون الرسالة التي احملها هي نموذج الالتزام التام بكل قواعد اللعب النظيف وللاعب المخلص والوفي والمضحي لناديه والمحافظ على الأخلاق والآداب العامة داخل الملعب وخارجه لنعكس صورة حسنة عمن يود الدخول لمثل هذا المجال بشكل أفضل. * كلمة أخيره تود إضافتها ؟ - أود أن أقدم عظيم الشكر والامتنان لصحيفة "الرياض" وتحديداً "دنيا الرياضة" على هذه الزاوية والتي تحاور لاعبين كانوا نجوماً في وسطنا الرياضي ولازالوا نجوما في نظر محبي الماضي المجيد. شكراً لكل القائمين وللجهود المبذولة في خدمة الرياضة.