كان الزميل الدكتور حمزة المزيني مُحقاً في إثارة قضيّة غرس مفاهيم الموت في الأرواح الغضّة لصغارنا من بنات وأولاد في تجمعاتهم التي يفترض أن تكون مناهل للعلم والمعرفة الأمر الذي قد يدفعهم لعدم الاقبال على الحياة والعمل والإنتاج إنما الاندفاع نحو الموت بأي شكل إذا كان في ذلك الخلاص من شرور وآثام هذه الحياة التي صورها البعض من المعلمين والوعاظ والخطباء بصورة شديدة القتامة والسوداوية فأطّروها ببراويز الخطايا والذنوب وعرضوها على أنها نشاط جالب للعقوبة والعذاب في اليوم الآخر واقترحوا الحل الوحيد للخلاص والنجاة من الحياة بجعل الموت هادم اللذات (كما يصفونه) نصب الأعين في كل لحظة وكأن الكائنات الإنسانية قد ارتكبت خطيئة في وجودها..!!! مع أن الموت كما يعرف الجميع هو الحقيقة الكبرى التي لا يختلف عليها اثنان بل الأمر المختلف هو حين يُعمّر الإنسان أو تتجاوز سنين عمره المعقول زمنياً فيما خبره الناس وعرفوه إذاً لماذا هذا التخويف من الحقيقة التي ينتظرها كل كائن حي إن آجلاً أو عاجلاً..؟ لماذا هذا الحماس لقضية الموت إذا كان القصد تقديم المشروع الإنساني بكل انتقاداته وانعكاساته وعلاقاته..؟؟ بمعنى آخر لو كان القصد الوعي الصحيح لما بعد الموت فلماذا تُقدّم ثقافته بهكذا صورة حيث تبدو صورة اليوم الآخر في كل الأحوال مرعبة مع أن هذا غير صحيح فلم تُبشر بهذه الصورة الأديان السماوية ولم تقدمها للناس بهذا الشكل فما الذي حدث..؟؟ لقد اعتقدنا بأن المجتمع بعد أن عرف الوسائل التي تخلق بيئة الغلو في الدين وانكشف المخبوء وتهاوت الحجج سيقاطع كل نشاط يُمكن أن يؤجج هذا الشعور أو يدعو إليه هذا إن لم يحاول إبلاغ الجهات المختصة بالتدخل لوقفه من باب المناصحة، ولكن الذي حدث عكس ذلك تماماً فمازالت هناك طائفة تعرض ثقافة سوداوية بل تفرضها في مناشط شبابية الهدف منها احتواء عقولهم بطريقة أقرب ما تكون لفكرة (الصدمة والرعب) وبهذا يُمكن شل تفكير الإنسان والسيطرة عليه بما يُسمى اللعب في الوقت (بدل الضائع) أي وقت الصدمة النفسية، لا أقول هذا الكلام من فراغ أيها السادة فقد تلقيت مهاتفة قبل زمن ممن أثق به يقول بكل انكسار هل سمعت بما يحدث في حائل..؟؟ وحين أجبت بالنفي ناشدني اقتناء جريدة الاقتصادية وقراءة ما ورد فيها وخصوصاً المانشيت القائل (حائل.. خسف ليلي في تل أبيب.. ومشاهد مأساوية للتفحيط) وحين فعلت داخلني نفس حُزن صاحبي إذ لم أكن أصدق أن يحدث هذا في المجتمع الحائلي المعروف بالتسامح والوسطية بل والعقلانية، فمن الذي سمح في إعادة الحياة لمشروع مقبور (مشروع ثقافة الموت)..؟؟ أترككم مع التفاصيل لتحكموا بأنفسكم فقد (قسّم أربعة شباب من حائل مساحة لا تتجاوز 98 متراً مربعاً للمخيم الذي كان شعاره «حقيقة لا خيال» إلى ثلاثة أجنحة، تصور جميع جوانب الخير والشر في حياة الفرد ويضم الجناح الأول «البداية» عروضاً مرئية لمشاهد مأساوية مروعة للتفحيط وضحاياه، إضافة إلى كوارث الطيران ، ومشهد لخسف ليلي في تل أبيب...!! ثم تتواصل التفاصيل حيث تبيّن مجالس أهل الشرّ التي تحتوي على دخّان الشيشة والمعسّل وقصّات الشعر..!! الشذوذ الجنسي، والإنترنت..!!! أجهزة استقبال الفضائيات، المشروبات الروحية، أعياد الحب، والمخدرات .. إلخ)... ثم يقول الخبر إن الجريدة (أي الاقتصادية) قد وقفت على حال عدد من الشباب الذين أصيبوا بموجات من البكاء عند وصولهم لمرحلة القبر حتى إن أحد الشباب وهو مدمن مشروبات كحولية (حسب وصف الجريدة) امتنع عن الدخول ومشاهدة القبر فما كان من المسؤول عن المخيم إلا إقناعه بالدخول مع زملائه ولم تمض لحظات من دخوله حتى انخرط في بكاء شديد وأعلن توبته..!!! ما هذا ولمصلحة من يحدث هذا..؟؟ وكيف سُمح بهكذا سلوك..؟؟ إدخال الشباب إلى القبر وتخويفهم وصدمتهم هل هي ممارسة تربوية سليمة..؟؟ وأين..؟؟ في نشاط رسمي تشرف عليه اللجنة الثقافية في (خيرية حائل)..!! ألا يحتاج مثل هذا النوع من الأنشطة إلى إشراف كامل من أجهزة متخصصة تُحاسب عند خروجها على النص..؟؟ إنني أسأل كغيري عن هذا الذي يحدث..؟؟