شارك محمد في نشاط صفي نظمته إدارة مدرسته، وكانت تحيط بمدخل مقر النشاط لافتات توضح أنه «هنا مقر النشاط الطلابي التوعوي»، لكن وراء ذلك أمرا آخر. فعندما دلف محمد إلى مقر النشاط فوجئ بمكان مظلم، يصدر منه صوت مخيف، وعندما سأل أحد زملائه المجاورين له عن فحوى هذه الفقرة أجابه بأنها طريقة للوعظ اختارتها إدارة التوعية الإسلامية في المدرسة لتذكير الطلاب بالموت وأهواله وأنه مصير كل إنسان. حينها أصيب الطالب محمد بذعر شديد، لازمه طوال حياته، فما زال يتذكر هذا الموقف حينا بعد آخر، فبات مشتتا ذهنيا في مدرسته لا يعقل ما يمليه عليه المدرس، ولا ينام في الليل؛ لأن الكوابيس تطارده في كل تفاصيل حياته. بات هذا المشهد يتكرر في ذهن محمد لمدة 10 سنوات، حتى صار الفزع والهلع، عنوان حياته وتفاصيلها الكاملة، ينتظر أن ينقض عليه الموت في أية لحظة، أو يتسلل إليه من نوافذ منزله، أو أن يدهمه وهو متجه إلى مدرسته. ليس محمد الطالب الوحيد الذي يعاني من تكريس ثقافة الموت، وغرسها في الأذهان قسرا، فالشواهد كثيرة ولعل آخرها واقعة مدرسة حراء الثانوية التي نفذ فيها تكفين أحد الطلاب الأحياء وحمله على النعش تمثيلا لمشهد الموت. أسئلة أخرى ما زالت تتوالى، بعد هذه الحادثة، ولعل أقربها إلى الأذهان ما مصير مدارس البنات، هل يحدث فيها أمر كهذا؟ سؤال ينبغي أن تجيب عليه المشرفات التربويات اللاتي أوكلت إليهن مهمات رصد حقول التربية ومحاضن التعليم وإصلاحها. ففي حين أكد المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم الدكتور فهد الطياش ل «عكاظ» أن الوزارة تحمل مديري عموم التعليم في المناطق مسؤولية كل ما يتعلق بالمدارس بما في ذلك التجاوزات التي تقع في الأنشطة المدرسية والمناهج، أوضح مهتمون بالمجال الدعوي أن ما أقدم عليه صاحب فكرة تكفين طالب مدرسة حراء (خميس مشيط) الأسبوع قبل الماضي أمر بعيد عن الشرع وخال من الحكمة، موضحين أن نصوص الشريعة الإسلامية جاءت بالحث على الاستخلاف في الأرض وتعميرها أكثر من التذكير بالموت. ولاحظوا أن استخدام طريقة للوعظ كهذه مخالفة للشريعة التي بينت المنهج النبوي في الدعوة .. «عكاظ» فتحت القضية للنقاش.. فإلى التفاصيل: شدد رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للدراسات الدعوية الدكتور خالد القريشي على ضرورة مراعاة الداعية لمن يخاطبهم، مبينا أن التذكير بالموت ليس مطلوبا دائما، لافتا إلى أن النصوص الشرعية التي ورد فيها الدعوة إلى عمارة الأرض والحياة والاستخلاف في الأرض أكثر من التي تذكر بالموت. وبين القريشي أن هذا لايعني ان التذكير بالموت ليس مطلوبا، لكنه ينبغي التركيز في الوقت نفسه على تربية الصغار وحثهم على عمارة الأرض بما شرع الله تعالى والاجتهاد في ذلك، موضحا أن المنافسة في مجالات الحياة الأخرى مطلوب شرعا. وتطرق رئيس الجمعية العلمية السعودية للدراسات الدعوية إلى الوسيلة بشكل مباشر، موضحا أن تمثيل الجنائز غير مشروع ووسيلة دعوية خاطئة؛ لأنه لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام. وذكر القريشي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور فقال (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة)، موضحا أن المطلوب شرعا زيارة المقابر وشهود الجنائز، أما الوعظ بهذا المشهد فهو أسلوب خاطيء. لكن القريشي يؤكد على أن هذه الحالة نادرة وليس عامة، لافتا إلى أن التعميم بالشكل الذي تناقلته وسائل الإعلام فيه نوع من التحامل والتضخيم، موضحا أن غالبية الأساتذة والمعلمين لم يستخدموا هذه الوسيلة، بل فعلوا الأساليب التي تحث على المنافسة في الأنشطة والبرامج، داعيا إلى إبراز هذه الجوانب دون التركيز على الجوانب السلبية. فقدان الحكمة وشن الباحث الشرعي الدكتور رضوان الرضوان هجوما لاذعا على مستخدمي هذه الطرق في الوعظ، موضحا أن "هؤلاء الناس لما فقدوا الحكمة فعلوا هذا الأمر"، مشيرا إلى أنه "لا بد لطالب العلم أن يتحلى بالحكمة التي أمر الله بها في قوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)". وأضاف: لما نقص العلم الشرعي لدى هؤلاء فقدوا الحكمة المستمدة من الكتاب والسنة وأتوا بالعجائب وهذا أمر طبيعي، مؤكدا أن الدين لم يأت بترهيب الناس وتخويفهم، معتبرا أن ما حصل في مدرسة حراء ليس من الدين في شيء؛ لأن الحكمة وضع الشيء في محله. وزاد الرضوان "من أدب الدعوة اختيار الزمان المناسب والكلام والفعل والطريقة المناسبة، وهذا معروف لدى الفقهاء، أما أن يجتهد كل أحد بإرادته فهذا لا ينبغي. وأوضح الرضوان أن أهل العلم رأوا عدم جواز تمثيل الجنازة، مشيرا إلى أن المخطئين يقولون "الغاية تبرر الوسيلة"، مبينا أن هذا طريق الجماعات التي تنقصها الحكمة ولا تتبع المنهج السلفي في دعوتها. النظرة المعتمة أما عضو هيئة التدريس في كلية المعلمين وأستاذ التربية الدكتور خالد بن عبد الرحمن الشايع فأكد أنه لو استشير في موضوع كهذا لمنعه، خصوصا أنه حينما يكون في بداية اليوم، موضحا أنه "لا ينبغي النظر إلى الحياة بنظرة معتمة". وأضاف: لا بد من استشراف المستقبل ونشر التفاؤل، فيكون الوعظ في مناسبات معينة، ولا بد للداعية أن يكون حاذقا في وعظه، مبينا "لا نعرف عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه تحدث عن القبر في مناسبات عامة إلا عندما كان في المقبرة، وورد ذلك في حديث البراء بن عازب الشهير. وطالب الشايع علماء الحديث بأن يأتوا بحديث واحد يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم غير مناسبة فرائحية إلى موعظة فيها تذكير بالموت، موضحا "لايمكن أن نجد حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وعندما دفن أحد أصحابه ذكرهم بالموت". وأوضح أستاذ التربية أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعوا أصحابه في المناسبات إلى إظهار فرحهم واستبشارهم، كما في حديث عائشة رضي الله عنها لما كانت راجعة من عرس فقال لها: يا عائشة، إن الأنصار فيهم غزل، فما قلت؟ قالت: دعونا بالبركة، قال: أفلا قلتم: أتيناكم أتيناكم.. فحيونا نحييكم. كما أمر في العيد بإبراز مظاهر الفرح كرقص الصغيرات ولعب الحبشة في المسجد وتدربهم على السلاح والرماية وغير ذلك من الصور التي فيها فرح. وعاد الشايع مؤكدا "أما التعليم فلا يحسن أن يستفتح بمثل هذه الموعظة بل قد يكون ذلك في درس للجنائز شريطة مراعاة العمر المناسب". وأرجع الشايع السبب في ما حصل إلى غياب الرؤية التربوية لدى قطاعات وزارة التربية التي أدت إلى مثل هذه الإجتهادات، فهي إما ان تقفل هذا الباب تماما أو تغيبه، والواجب الوسط. لا يصح شرعا الداعية في فرع وزارة الشؤون الإسلامية في منطقة الرياض الدكتور عبد الله الرسي قال لا يصلح ذلك شرعا؛ فلم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أو السلف الصالح قول يؤيد هذا الفعل، مستشهدا بقول الله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). واعتبر الرسي أن اصطحاب الطلاب لزيارة المقابر ليتعرفوا على كيفية تغسيل الأموات في نشاط خارجي أو يطلعوا على كيفية تكفين الأموات لكان صحيحا فالرسول صلى الله عليه وسلم قال (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة). بواقي الصحوة ورأى عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة أن ما حصل دليل على وجود بواق للصحوة في مدارسنا، موضحا "عندما قرأت التعليقات على الخبر المنشور أدركت أنه من المظاهر التي أثر بها أهل الصحوة في عقول الشباب وجعلوهم يكرهون الحياة والدنيا ويبحثون على أقرب طريق يوصلهم للآخرة والموت وأسهل الطرق إلى الجنة والحور العين، حتى وإن كان ذلك بالإنخراط في الأعمال الإرهابية وترك الأسر، وكنت أظن أن هذه المظاهر اختفت مع انتهاء الصحوة". واعتبر آل زلفة أن هيلة القصير التي كانت تهدف إلى دعم القاعدة نموذجا لما يحصل في مدارس البنات كعوالم مغلقة لا يدرى ما بداخلها "فهي واحدة من تبعات تلك الفترة التي ملئت أدمغتهم بأفكار ومفاهيم كارهة للحياة والذهاب لميادين الموت وترك الأسر، وكراهية أسرهم الذين منعوهم من ذلك"، مبينا أن " بعض الأسر تأثرت بالصحوة فصارت تفرح إن قيل لها أن أحد أبنائها زاهد في الحياة وملتزم". وأضاف: إن بعض المدرسين مازال يحمل هذا الفكر، أما مدير تلك المدرسة الذي أمر الطلاب بتكفين الطالب فهو يقول إن الموت هو الطريق الوحيد للنجاة من الدنيا الواهية. وزاد " أتمنى أن تظهر نتائج التحقيق الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم في أقرب وقت، مطالبا في الوقت ذاته "أن يبعد حاملوا هذا الفكر عن جهاز التعليم وهم كثيرون في مدارسنا وجامعاتنا وكلياتنا ومعاهدنا". وأوضح آل زلفة "لم نسمع رأي أحد من أولياء أمور الطلاب في هذه القضية؛ لأنهم خافوا على أنفسهم من أن يوصفوا ويتهموا بالزندقة وكأن الحياة صارت في عيون أولئك مسبة". ممارسات متطرفة وتساءلت الكاتبة في صحيفة الوطن حليمة مظفر "هل ما زالت هذه الممارسات المتطرفة والملوثة بسموم الموت والتخويف والإرهاب؛ تُمارس في مدارسنا أمام أعين طلابنا وطالباتنا إلى الآن؟"، مشيرة إلى أن ما نشر بشأن التحقيق مع مدير المدرسة يؤكد هذه الممارسات. ورأت مظفر أن ما حصل يمثل مشهدا خطيرا في أبعاده النفسية على الطلاب؛ حين يبدؤون يومهم صباحا بمشاهدة زميل لهم حيٌ يُرزق؛ يتمُ تكفينه؛ ويحمله زملاؤه على نعش يشيعون جنازته بينهم وهم وقوف في الطابور المدرسي. وأضافت: ظننتُ أن مثل هذه الممارسات انتهى زمنها؛ منذُ إعلان وزارة التربية والتعليم الإصلاح في إداراتها ومدارسها؛ وقد ابتلينا بها لسنوات طويلة؛ وكنتُ يوما ضحية لها في المرحلة المتوسطة؛ وأذكر جيدا ذلك اليوم حين أحضرت مديرتنا وبعض معلمات مواد الدين لا سامحهن الله مغسلة لنساء الموتى؛ كي تعطينا محاضرة حول القبر وعذابه وما شاهدته من مساوئ الفتيات في أعمارنا من الموتى؛ ثم ختمت محاضرتها "المفزعة" بتعليمنا نحن الصغيرات كيف نكفن أمهاتنا أو أخواتنا إذا فجعنا بموتهن؛ وكم كان ذلك اليوم حزينا قاسيا لا ينسى أثره؛ فقد أغمي على الكثير من الطالبات؛ فيما أخريات شهقن بالبكاء والخوف؛ أما أنا وجدتُ نفسي مدفوعة إلى كوابيس "الموت" كل ليلة؛ ودفعتني لتدين شكلي وغلو فكري؛ ارتديتُ معه عباءة من فوق الرأس لم أعرف كيف أرتديها؛ مع قفازات وجوارب سوداء بقيتُ بداخلها فترة حتى تجاوزت أزمة وبلاء ثقافة الموت التي يتلبسها الفاشلون. والمأساة أن هذا النشاط المدرسي "المفجع" بات يصادفنا في كل مرحلة خلال معظم سنوات دراستنا. وتساءلت مظفر "من قال إن الدفع بالتدين يقوم على إحباط ثقافة الحياة؟ هل ندفع الناس للخوف من الموت والقبر كي يصلوا ويتدينوا ويجتنبوا المنكرات؟ أم الأولى أن ندفعهم إلى حبّ الله تعالى كي يرجوا مرضاته ويبتغوا رحمته فتنهض عبادتهم من جوهر إيماني لا من تدين شكلي يزول بزوال السبب؟ موضحة أن العبادات المفروضة والتعاملات والسلوكيات في مجملها تدفع إلى تعمير الأرض وإحيائها لا إلى انتظار قبر في بطنها. ودعت الكاتبة وزارة التربية والتعليم إلى مراقبة مدارس البنات والبنين لحمايتهم من السلوكيات غير التربوية، كما دعت أولياء الأمور إلى التبليغ عن مثل هذه التصرفات، مؤملة أن ينتهي التحقيق الذي وجه إليه أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز مع المدير والمعلم إلى عقوبة صارمة لا يقبل معها أبدا تبرير حسن النوايا. أولياء الأمور من جانبه أجمع أولياء الأمور على رفضهم التام لأن تستخدم مع أبنائهم الأساليب التي تعتمد على التخويف والتذكر بالعواقب الأخروية في الأماكن التعليمة، التي من شأنها أن تجعله أسير للأوهام والأمور التي ربما منه معقداً نفسياً، فقال: عبد الحفيظ أحمد " يجب أن تستخدم أساليب الترغيب بالأمور الجميلة والحسنة، التي سيحصل عليها الطالب إذا سار على عدد من الأمور أو قام بفعل الأمور الدينية على الوجه الصحيح، ولكن إذا ذكرنها بالعذاب قبل النعيم فإنه سوف يتجه لأن يكره الدين، وكذلك يكره الذين يقومون على تلقينه تلك الأمور". وأضافت دانه عصاصة بأنها ترفض كل تلك الأساليب التي من شأنها أن تؤدي إلى تعقيد الحياة في وجوده أبنائها وبناتها، فقالت:"أعتقد بأن الذين يستخدمون تلك الأساليب قد عانوا منها في وقت، وكذلك معقدين نفسياً، وأيضاً نقص في الخبرة التعليمية، وكذلك ربما هذا الأمر سيؤدي لأن يكرهون كل من حولهم ومعهم الأب والأم". وأوضحت نادية الجسار إلى أنها ترفض كل تلك التعاملات جملة وتفصيلاً، وكل من يتعامل بتلك الطريقة يعبر عن نقص في الثقافة الدينية لديهم، وعليهم أن يسعوا إلى اكتسابها بالشكل الصحيح، حتى يستطيعوا أن يربوا الأجيال بالشكل المناسب. قصص واقعية وتروي الطالبة بالمرحلة المتوسطة أسماء المهدي قصتها مع قصص الترهيب قائلة " قبل ثمان سنوات كنت في الصف الرابع الابتدائي عندما قامت المعلمة بإعطائنا درساً عن كيفية غسل الميت وتكفينه ودفنه ، وكنت وقتها في الصف الرابع الإبتدائي" ، مضيفة " جمعتنا المعلمة في وسط الصف لأنها اردات ان ترينا صوراً مصغرة لدفن الميت وكيفية الصلاة عليه وان وقوف الامام في الصلاة على الانثى يختلف عن الذكر وكيف يغسل الميت وبماذا"، وتابعت "لا استطيع أن أصف شعوري بالتحديد ، ولكن الذي اذكره هو أني شعرت بشعور الإتعاظ و الخشوع الذي يحس به الشخص عند ذكر الموت ومن ضمن الحاضرين فتاة في الصف الثاني الإبتدائي ، وقد نالت نصيباها من الخوف والذعر". من جانبها رفضت خديجة الرشيد مديرة احد المدارس إستخدام كل سلوكيات الترهيب والتخويف مضيفة " انا كمربيه ضد فكرة أو أسلوب استخدام العنف اللفظي خاصة في الزمن الحالي، هذا الأسلوب كان مستخدم زمان، الآن مرفوض تماما لأن لكل فعل ردة فعل ولا يمكن حاليا لإنجاح أي أمر إلا استخدام أسلوب الحوار والإقناع مدعما بالحب بهذا نصل إلى ما نريد"، وتابعت "انا ارفض تماما من موقعي التربوي استخدام أسلوب العنف اللفظي ولو حصل من إحدى المعلمات هذا الأمر سوف اتخذ الإجراء المناسب فورا فهذه أمانه يسألنا الله عنها، وعن تجربه بل تجارب والله بالحب قدنا أجيال". الصحة النفسية وحول الأثر النفسي لإستخدام هذه الأساليب بين أستاذ الصحة النفسية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور حمزة المالكي إلى أن ذكر أمور الموت، والعذاب، والقبر، تؤثر كثيراً في الصغار والكبار وربما تنتج عنها العديد من التأثيرات النفسية والاجتماعية مستقبلاً،وأرجع المالكي إستخدام البعض لهذا الأسلوب بسبب معاناة سابقة أو فشلهم في استخدام أسس التربية الصحيحة، إضافة لعجز في المربي أو المربية، وعن وجود البدائل المناسبة. من جهته أكد المستشار الأسري الدكتور خالد باحاذق أن هناك نتائج كثيرة تنتج من الترهيب والتخويف ومنها الشعور بالاضطهاد السابق يؤدي إلى قضية الاكتئاب، ونجده ينظر إلى الحياة بنظرة بسوداوية، وكذلك يعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، مضيفا "المشكلة لدى الأطفال أنه لا يوجد هناك فرق بين ما يسمى الخيال والحقيقة ونجدهم يجسدوا كل كلمة نقولها لهم، وعند سن البلوغ نجدهم يجسدوا الكلمات التي نحن نتحدث بها، وعملية التخويف بالنيران هذه ليس وسيلة ونجدهم يقولوا كيف أنتم علمتمونا "بسم الله الرحمن الرحيم" طيب الرحمن الرحيم، لأنهم جسدوا تلك الكلمات وهي ما يسمى بهيكلية اللغة هذا ربنا الرحمان الرحيم كيف يعذب الناس، يوجد هناك تناقض فتبقى هناك مشكلة، فينبغي نحن بحديثنا مع الأبناء، نشوقهم للمفاهيم الدينية، لأن مسألة التخويف يجلعهم يكرهون الله، وحتى الصحابة عندما دخلوا الإسلام لم يدخلوه خوفاً من النار، ولكن دخلوهم عندما حبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، ووجدوا راحة أنفسهم في الإسلام، ولكن الأساس أن المربي هو الذي يحب الآخرين، هذه أعلى درجة، ولكن الدرجة الأعلى منها أن الناس الذين نربيهم يجب أن يكونوا يحبونا، فعملية التخويف تبعدهم عن مشاعر الحب، ويجعلهم يبتعدوا عنا، وخاصة أن الأبناء إذا كبروا خصوصاً إذا وصلوا لسن السابعة أو الثامنة عشر نجد هناك تمرد كبير نحو كل شيء، تمرد تجاه تربية الأبناء، وتمرد للدين، وهذه وجدناها، ويبدوا يناقشوا ويقولوا نحن عشنا حياتنا بالقوة وأنا لم أكن أريد تلك الحياة، فإذا أتمرد". تصيد الأخطاء وأضاف باحاذق "ينبغي لنا أن ننتبه لمسألة التخويف للأبناء بقدر ما نحاول نحببهم إلى الجنة ونجدهم في بعض الأحيان يسألونا هل الجنة فيها بسكليته، وبدلاً من أن ننفي نقول لهم تعرف يا ابني في الجنة في كل شيء، وعملية التخويف تجعله يخاف من كل مما حوله، ونجد الذين عاشوا في هذه الأمور يخافون من اتخاذ أمور حياتهم ونجد حياتهم يعيشونها في خوف دائم، أما في الطرف الأخر نجد الذين لم يعانوا منه يعيشون حياتهم في أفضل حال". وألمح إلى أنه يجب علينا تصيد الأمور الإيجابية لدى أبنائنا ومدحها، ومساعدته على معرفة ذاته، وأن نفهم جيداً وبالشكل الصحيح، وعدم المبادرة للتفهم يكون باباً للبعض ليسلك التخويف والترهيب كوسيلة، وللأسف أصبحت الثقافة في مجتمعنا أنه إذا أردنا الانتباه لابد من عمل خطأ ، وهذه الثقافة لا تربي الأبناء ويجعلهم يقومون بعمل الأخطاء لأنهم يجدون الانتباه والاهتمام عندما يقومون بعملها.