ثمة أغنيتان ساذجتان خلدتا مهنة الطب ومهنة الصيدلة.. أو ان الدكتور والصيدلي هما من خلدا الأغنيتين.. وكلمات الأغنيتين بسيطة جدا وأعتبرهما ضمن الكلمات الدارجة على ألسنة الناس.. ومن المؤكد ان من يقرأني الآن سيعرف انني أقصد: دكتور إلحقني الماغص جوه فبطني.. وصيدلي ياصيدلي.. ماعلينا.. فالأغنية الأولى (دكتور إلحقني) قديمة.. من أيام الأبيض والأسود.. وأول من غناها على ما أعتقد هو سمير غانم في فيلم كوميدي قديم.. أما صيدلي.. يا صيدلي يا صيدلي.. فهي أغنية لبنانية.. لأن المغني يقول فيها: بَدي دوا إلها وبَدا دوا إلي.. وبعد تلك المقدمة أو التوطئة.. أدخل في صلب الموضوع وهو تفرد الصيدلي بدون طبيب في تلبية احتياجات المريض في الكشف والعلاج.. ومن لا يصدقني فليذهب لإحدى الصيدليات الخاصة ويجلس ليستمع إلى ما يدور بين الصيدلي ومراجعيه من المرضى والمريضات.. قبل فتح الدرج وإدخال (قاسمة الله) من رزق.. خلال عشر دقائق فقط.. وهو وقت لا يكفي لشرح شكوى مرضية من مريض واحد لطبيب في العيادة.. وفحص ووصف دواء.. إلا ان الصيدلي يستطيع فعل ذلك.. فخلال عشر الدقائق بإمكانه (الصيدلي) الاستماع لعدة مرضى ووصف الدواء لكل شاكِ منهم.. ألم تقل الأغنية (بَدي دوا إلها.. وبَده دوا إلي) وما يصرف بعدها من أدوية وسموم.. تشرح الكثير عن علاقة المريض بالطبيب (المهمش) والصيدلي الذي أصبح الكل في الكل.. على أرض الواقع.. وقبل إرسال سوانح اليوم استمعت إلى حوار (عبر الهاتف) في منزلي بين صيدلي وأهل بيتي.. وهو حوار يتكرر في كل بيت عند الحاجة لعلاج أو دواء من الصيدلي.. جاء فيه التالي: لو سمحت يا دكتور عط السواق نفس الكبسولات أم 500مجم اللي شريناها قبل فترة.. نسيت اسمها.. لكن السواق يحمل معه نفس الكرتون الفاضي.. أعطه كمية تكفي لثلاثة أيام.. مع شراب أموكسيل وتحاميل لخفض حرارة رضيع وأعواد قطنية للأذنين.. وحبيبات بريدنيسيلون أم 5مجم وسيريلاك وبامبرز.. والحساب خذه من السواق.. ترى معه 500 ريال.. عطني السواق أكلمه يا دكتور.. فأخذ السواق سماعة الهاتف من الصيدلي وهو يقول إس فيه ماما.. لتقول له المدام: ادفع حساب الصيدلي وتعني ورقة ال500 ريال.. وخذ الباقي.. ولا تنسَ على دربك تجيب غتر وثياب بابا من المغسلة.. وخبز صامولي بريال.. وصيدلي يا صيدلي.. يا صيدلي.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية بوزارة الداخلية