هذه ليست دعوة لتغيير أسماء معالم من البلد، فأغلبها يكثر ترداده ولن نستطيع تغييره مهما حاولنا. وربما أن لها نغمة صوتية محبوبة نظرا لطبيعة بلادنا، فهي - أي بلادنا - تعشق النمط القديم بنية وتركيبا ونطقا. وإن أتينا إلى تصوير الأصوات الكلامية وملاءمتها مع الأماكن الموصوفة، فسنجد أن مفردات مثيرة لأسماء أماكن جغرافية ثقيلة بعض الشيء على اللسان والسمع. فمفرد "خَرْم" كأقرب مثال اشتق منه لفظ "الخرما" و"الخرمة" و"خريم"، و"خريمان" ولا يعرف أحد ممن اختار تلك التسميات، لكن - مع ذلك - فالناس لا يكرهونها، لكونها تربطهم بالبر والصحراء وفطرة الطبيعة في أجزاء كثيرة منها مثل "روضة خريم". نتذكرها مع المطر والربيع. في العاصمة الرياض عُرف معلم يقع في منطقة الملز ب "أبو مخروق"، والبعض قال "جبل أبو مخروق" لكن الخرق لم يُفارقه. وفي السبعينيات من القرن الميلادي الماضي كثُر الغربيون في العاصمة، وبعضهم اختار منطقة الملز مقرّا لسكنه. وكلمة أبو مخروق معلم جيّد للوصف الجغرافي والتوجيه ومعرفة العناوين والطرق والسبل. وعبارة "أبو مخروق" بدت صعبة النطق على الغربيين وغيرهم فأعطوا المنطقة أو الجبل اسما من عندهم، ورغم أنه مكوّن من مقطعين لفظيين إلا أنهم اختاروه وشاع الاسم بينهم. لقد سمّوا الجبل "عين الجمل" (كاملز آي). (Camel's Eye).. لأن الفتحة للناظر إليها من شارع صلاح الدين تبدو كعين جمل. مثلما سمّوا شارع عمر ابن الخطاب (شارع القبة القرمزية) Pink Dome Street ) ) لأن فيه قبة غريبة اللون فوق مبنى حكومي كان معهدا للتدريب. ولدينا في جزيرة العرب أماكن صار الناس لا يكادون يذكرونها إلا باسمها الأول، وفي بعض الأحيان نجد المدينة الواحدة قد تحمل عدة أسماء فيجري تغليب اسم واحد على ما سواه مثل أم القرى ومكة، وبغداد ودار السلام، والمدينة وطيبة.. وغيرها.