إن العين التي أراك فيها هي نافذة سحرية تستطلع فيك غموض فتون الأعالي في ذراك البعيدة ,فلا تغلقيها حين لا أناديك بجميلة الجميلات.. لست إزهار حشائش تنام أطراف أوراقها في آسن المياه , ولكنك نخلة شامخة الاتساق يحتاج إدراك اكتناز استداراتها والبعيد البعيد من المذاق الألذ في عذوبتها إلى كبرياء رجولة.. مشرئبة الى أعلى.. تستطلع اتقاد النجوم بين تمايل تلك الأذرع الخضراء.. المرفرفة في تلك الأعالي كآلاف من أجنحة العصافير.. إن بداوة الربط بين النخلة والمرأة تجعلني ألقي جانبا كل تلك الصفات لكل واحدة ترى أنها جميلة الجميلات.. مرصوفة في متناول عيني أي شخص يصوب نظراته الى الأمام أو الأسفل كي يستعرض ألبومات عن المواصفات الأجمل للأنف.. وأخرى عن الشفتين,, وثالثة عن البشرة.. ورابعة عن القوام.. و. و. الخ.. إن صفحات الألبوم باردة ولا تختلف بين مكان وآخر إلا بما هي عليه ألوان الأزياء من اختلاف.. الجمال في تكوينك لست أراه عبر نافذة الرؤية جامد التشكيل بمواصفات محددة سلفا , ولا هو اصطناع مزوق التشكيل يضيع تماما بمياه الاغتسال , ولكنه "ثقافة" إيحاء وبهاء فطرية تحتاج الى "ثقافة" استيعاب وتذوق تتسلق بهما شاعرية خاصة تلك الأعالي , فتحلق في فضاء سماوات متعددة أبعاد الجمال.. أيتها النخلة الرائعة الشموخ عند قدميك تنساب المياه.. تنمو الأعشاب.. تشرئب بالزهو أزهار الشجيرات , تتناوب العبور حولك جسور الليمون والجاردينيا, وتتثاقل خطوات الرجال جيئة وذهابا مثلما هي مشاوير الفراشات إلى حيث لا يتجاوز الأمر في التذوق قامة الشجيرات , لكنه محظوظ جدا من يدرك أن في علوك البعيد يتواجد سحر جمال المذاقات الأرقى فيأخذه رحيل حالم.. تحسس دافئ.. إلى حيث فتونك ونقاء السماء.. من يفعل ذلك..؟.. ليس الكل.. بل القليل جدا .. إن حبك رحلة إمتاع الى حيث يتواجد ذلك الفتون الأرقى.. رحلة تتدرج في صعود حالم عبر ما في سماواتك من قدرة جذب شهية تأخذ بيدي تماما مثلما تترفق يد أمومة حانية بخطوات طفل حديث القدرة على نقل قدميه إلى حيث تغريه عذوبة امتصاص المزيد من سمار الشيكولاتة الذي تتخلله نكهة جوز الهند.. بعد ذلك فإن التعرف على كل ما حول أعاليك من أبعاد هو "ثقافة" روح تذك ر بذلك الاستغراق الطوعي الكلي الذي يفرض وقار الصمت على شفاه كهنة المعابد فيما تقطع الروح مسافات واسعة من التوغل في كل شفافيات تلك الأبعاد التي تضيء الداخل الإنساني.. تأخذه من مظاهر واقعه المادي المعتاد إلى عوالم بعيدة من تلك الشفافيات التي لا تلبث أن تنحسر غلالاتها واحدة إثر الأخرى مثلما تنداح غلالات الحرير في ترفق وحفيف خافت عن الإبهار في نفاذ نداءات مسام البشرة ووميض بروق آكام تلك الأبعاد قبل ان تنزلق حبات المطر على سهوب الرمال.. إن العودة إلى الواقع لن تكون هي الأخرى إلا أحلاما جميلة وصور خيالات أنيقة الشاعرية عندما أتوقف بين وقت وآخر متأملا ذلك التموج المتوالي لقوائم سعف القمة وهو ينداح بين الفينة والأخرى عن وميض آخر للنجوم في تلك السموات الأعلى.. إن اللغة متصلة الحوار مع كل شيء في ذلك التكوين الرائع والرحلة ليست أمدا محدود المسافة ولكنها هي الأخرى اتصال يتوالى نديا شفافا مثلما هو تدفق ينابيع الإمداد لعذوبة الأنهار..