تصنف طرق المملكة للأسف على أنها من أخطر الطرقات في العالم، حيث تزايدت نسبة معدلات الوفاة على الطرق والشوارع السعودية وذلك بسبب اللامبالاة في تجاوز اشارات المرور والتهور في القيادة والتفحيط، حتى أضحى السير في بعض الطرقات مدعاة للقلق وعدم الأمان. ومن اجل الحد من هذا التهور ولجعل طرق المملكة أكثر آماناً، أدخلت الادارة العامة للمرور نظام (ساهر) مراقبة السرعة على الطرقات. وجه كثير من النقد السلبي إلى نظام ساهر. ولهذا تأتي هذه المقالة المختصرة لتسلط الضوء على الجانب المشرق من نظام ساهر، رغم أن لديّ شخصياً سلسلة من الانتقادات للنظام رصدتها في مقالة سابقة لي نشرت في هذه الجريدة بتاريخ 16 صفر 1432 ه (العدد 15550). تستند هذه المقالة على عدد من الدراسات الغربية التي تشير إلى أن وجود كاميرات مراقبة السرعة على الطرقات له فوائد جمة منها: 1- حفظ الارواح: تعد الحوادث المرورية احد اهم مصادر الوفيات في المملكة وخاصة للذين اعمارهم اقل من 30 سنة. فمن المعلوم أن نسبة من يتعرضون للموت بسب اصطدام السيارة بسرعة 50 كم في الساعة تساوي 50%، وتزداد النسبة إلى 90% في حالة أن السرعة اصبحت 65 كم في الساعة. أي أن من تكون سرعتهم فوق 65كم/ساعة ويتعرضون لحادث مروري، فإن احتمالية وفاتهم تصل إلى 90%. وبالتالي، فان كاميرات مراقبة السرعة، إذا ما وضعت في مواقع إستراتيجية، فإنها حتماً ستقلل من الحوادث. 2- الفوائد الاقتصادية: لا يمكن النظر إلى الدخل الذي يأتي من كاميرات ساهر بأنه ربح أو ذو فائدة اقتصادية، بل الحقيقة أن الفائدة الاقتصادية الكبرى هي تلك التي يجنيها المجتمع من تقليل الحوادث والوفيات. إذ تخسر المملكة من جراء حوادث الطرق مبالغ تصل إلى 25 ملياراً لعلاج المصابين من الحوادث المرورية. ومن المتوقع أن ترتفع الخسائر لتصل إلى 55 مليار ريال على أقل تقدير في عام 2020. إلا أن نظام ساهر قلل من الحوادث وحافظ بعد الله على الأرواح، فبحسب الاحصاءات الرسمية حقق ساهر انخفاضا في عدد الوفيات بنسبة 38% وتراجع عدد الإصابات بنسبة 9% ونقصت أعداد الحوادث بمعدل 21%. كل هذا يدعونا إلى التفاؤل وأن ننظر بايجابية إلى نظام ساهر. 3- كاميرات ساهر عين على كل متهاون. يجب عدم النظر إلى كاميرات ساهر على أنها مصدر جباية، ذلك لأنها ليست فرضاً أو ضريبة يجب دفعها. إذا قاد الشخص سيارته بأمان وتقيد بحدود السرعة المفروضة، فإنه حتماً لن يدفع مثقال هللة. أما الناس عديمو الاكتراث أو الذين لا يهمهم دفع الجزاءات، ويقودون مركباتهم بجنون، فحتماً سوف يدفعون قيمة مخالفات السرعة. 4- ساهر صديق للبيئة: ألا تعلم عزيزي السائق أن السرعة المنخفضة تعني قلة في حرق الوقود. وهذا بدوره سوف يقلل من كمية كربون عوادم السيارات؛ مما يعني حفاظاً على البيئة. علاوة على أن السرعة الزائدة تصيب الأذن بالأذى وتحدث ما يعرف باسم التلوث السمعي وتخلق حالة من الرعب للسكان الآمنين. كلمة أخيرة لابد من قولها: يجب حتماً ان توجه المبالغ التي يتم جمعها من ساهر إلى التثقيف المروري وتحسين الحركة المرورية. وفّق الله الجميع لخدمة وطننا المعطاء، وللجميع مودتي. *أستاذ جغرافية النقل- جامعة الملك سعود