عرفت البشرية الرحلة باعتبارها فعلاً إنسانياً في كل المراحل، وبإشكال مختلفة، حامِلةً تجارب وخبرات اختلط فيها اليومي بالمتخيل بتلوينات وإرشادات دالة. وللرحلات أغراض ودوافع مختلفة، وقسم الباحثون أهداف الرحلات إلى سبعة أقسام، أحدها «الدوافع الدينية « كأن يرتحل الإنسان بجسدهِ إلى الأماكن المقدسة تلبية لنداء الرحمن. ولا شك أن أي مسلم يتطلع إلى القيام برحلة الرحلات إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لأداء الفريضة ولو مرة في العمر، كما يتطلع المسلمون إلى زيارة المدينةالمنورة للصلاة في المسجد النبوي الشريف والتشرف بالسلام على صاحبه عليه أفضل الصلاة والسلام. الحاجة آمنة عبدالرحيم ولم تُقصد مدن في العالم كما قصدت المدينتين المقدستين: مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة ، قصدهما الملايين من البشر من كل أرجاء البسيطة، يحجون ويزورون ، ثم إلى بلادهم يعودون سعداء مطمئنون. والتقت (الرياض) بعدد من هؤلاء المسلمين الذين قاموا برحلات حج، ودونوا مشاهداتهم ومشاعرهم منذ لحظة تحركهم من منازلهم وحتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة. الحجة الأولى وتقول الحاجة آمنة عبد الرحيم «اتيت من صعيد مصر، وهذه المرة الأولى التي أحج فيها، وأرجو من الله أن يتقبلها، فبالرغم من صعوبة الطريق ووعورته إلا أنني وبمجرد دخولي الى الأرض الطاهرة زال كل التعب والعنان، فأنا أتيت مع زوجي واثنين من ابنائي من مصر عن طريق البر، لأن البر أرخص في النفقات ودخل زوجي قليل، ورغبتنا كبيرة في أن نحج الى بيت الله ونسقط فرضنا، لذلك أتينا إلى هنا بالبر وهي مسافة طويلة لا أعلم كم بالضبط، وتعرض زوجي لوعكة صحية قوية أثناء الطريق فهو يعاني من كبر السن ولنا أكثر من 18 سنة نجمع نفقات حجتنا نحن وأبناؤنا وتمت بفضل الله وها نحن الآن في صعيد عرفة الطاهرة». تعب ومشقة أما رحلة الحاج حبيب الله، لم تكن أكثر سهولة من سابقتها، وسردها لنا قائلاً: «لقد أتيت من بلاد روسيا وأنا أعيش في بلاد يعاني فيها المسلمون فهم قلة في تلك البلاد، وبالرغم من ذلك استطعت وبفضل من الله أن أوفر مبلغاً من المال يعادل ربع راتبي على مدى 10 أعوام حتى استطعت الانضمام إلى ركب هذه الحملة القادمة من روسيا، وحملت معي بعض الأمتعة التي اعتقد أنني سأجني المال لدعم حجتي عند بيعها في أرض الحرمين مهد الرسالة، فهي بضاعه يندر وجودها في هذه البلد الطبية مثل بعض أنواع الألبسة والأدوات الكهربائية والأجهزة»، مؤكدا أن رؤيته للكعبة المشرفة أزال عنه كل تعب ومشقة رحلته إلى الأراضي المقدسة. متعة رغم المشقة ويؤكد الحاج عثمان علي أنه متعة الوصول إلى الأراضي المقدسة تذهب عن النفوس أي مشقة واجهتها خلال الرحلة، وقال «أتيت من أقصى شمال السودان، وحضرت إلى الخرطوم لاستكمال إجراءات السفر بواسطة ابني الذي يعمل ضابطا في الشرطة، وحقيقة لم تواجهني أي صعوبات سواء في الاجراءات أو الرحلة إلى مكةالمكرمة، حيث وصلنا إلى مدينة جدة عن طريق مطار الملك عبدالعزيز الدولي، ومنها توجهنا إلى سكن البعثة السودانية، ومنها توجهنا إلى مكةالمكرمة، ونحن حالياً في البلاد الطاهرة وفي أفضل البقاع الطاهرة، وهذه الروحانية الإيمانية التي نشعر بها حالياً كفيلة بأن تجعلنا ننسى أي مشقة واجهتنا، ونحمد الله كثيراً الذي سهل لنا حج بيت الله الحرام، ونشكر الحكومة السعودية على التسهيلات التي قدمتها لراحة ضيوف الرحمن».