بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل / رئيس تحرير صحيفة عاجل الالكترونية سلمه الله أرفق لكم دراسة شرعية اجتهدت في إخراجها وخصصتها لكم آمل منكم -بارك الله فيكم – أن تنال هذا الدراسة رضاكم وأن يكون لها نصيب في النشر في القريب العاجل والله يرعاكم عنوان الدراسة / دراسة شرعية تأصيلية بعنوان ( الحج عوارض وموانع و حلول وعلاجات ) سبب الدراسة / رسالة لمن بلغ ولم يؤدي حجة الإسلام . اسم الباحث / محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشائع . عنوان الباحث / المعهد العلمي في محافظة شقراء وباحث في مرحلة الماجستير . مرفقات البحث / استبانة مهمة توضح الأسباب الجوهرية المانعة من أداء فريضة الحج . مدة البحث / ثلاثة أشهر . الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد : فاحمد الله – عز وجل – أيها المسلم -أن مدّ في عمرك لترى تتابع الأيام والشهور ، واشكر الله أن أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنه ، فواجب علينا جمعاء الشكر والثناء للمنعم سبحانه وتعالى . ومن مظاهر تلك النعمة أن مد في أجلك ، وأسبغ عليك نعمته و عافيته لتعيش موسم الحج الذي قد أشرق ، ونوره الذي قد سطع ، وبركته التي قد حلت ، ولئن كان أهل الدنيا يستبشرون بمواسمهم ويفرحون بأرباحهم ، فهاهم وفود الحجيج يفرحون بموسم العبادة والطاعة فبدءوا يملئون الفضاء ملبين مكبرين أتوا من أقصى الأرض شرقاً وغرباً ، وبعضهم له سنوات وهو يجمع درهماً على درهم يقتطعها من قوته حتى جمع ما يعنيه على أداء هذه الفريضة العظيمة . وأنت هنا – أخي الحبيب في هذه البلاد المباركة الطاهرة قد تيسرت لك الأسباب ، وتهيأت لك السبل ، وبلغت سن الرشد ومع ذلك لازلت تؤخر وتؤجل حجة الفريضة فواجب عليك أخي المبارك أن تسارع وتبادر إلى فريضتك على الفور ، فإلى متى وأنت تسوف ؟ وإلى متى وأنت تؤجل؟ والله إن الإنسان ليحزن حينما يرى من بلغ الثلاثين والأربعين حتى قل والبسعين والثمانين ولم يؤدي فريضته وليس له عذر يعتذر به عند ربه والله إنها لطامة كبرى ومصيبة عظمى . الآيات والأحاديث والآثار الداعية و الموجبة لفريضة الحج قال الله عز وجل موجبا ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) وقال تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وقوله جل وعلا ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) وهذه الآيات كلها تؤكد فرضية الحج على المسلم مرة واحدة في عمره ، والحج ركن من أركان الإسلام الخمسة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موجبا ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إلى ذلك سبيلا ) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم حاثا ( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) رواه أحمد وأبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم مذكرا ومحذرا ( من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الضالة ، وتعرض الحاجة ) رواه أحمد وابن ماجة وحسّنه الألباني. وعن عبد الرحمن بن سابط يرفعه ( من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض جالس ، أو سلطان جائر ، أو حاجة ظاهرة ، فليمت على أي حال يهودياً أو نصرانياً ). وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ( لقد هممت أن ابعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ) رواه البيهقي وصححه ابن حجر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كان له مال يبلغه حج بيت الله أو تجب فيه الزكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت ) فقال له رجل : يا ابن عباس اتق الله ، فإنما يسأل الرجعة الكافر فقال : سأتلو عليكم بذلك قرآناً ( أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ... الآيات ) رواه الترمذي وابن جرير. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه ) . وقال الحسن : لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة ). إذاً فيجب عليك أخي بعد هذا العرض الموجز للآيات والأحاديث وأقوال السلف الحاثة على المسارعة لفريضة الحج ، والمحذرة من التباطؤا والتكاسل أن تسارع إلى أداء هذه الفريضة العظيمة فإن الأمور ميسرة وله الحمد والمنة . والدولة السعودية – شرفها الله – فبذلت كل مايمكن من أجل راحة الحجيج وطمأنينته فجاءت توسعة الجمرات ، وقطار المشاعر ، وفتح الأنفاق كما هيئت الخيام على أرقى المستويات ، فضلا عن توسعة الحرم وتجهيزه بما يخدم راحة زوار البيت ، فإذا لا يقعدنك الشيطان ويويوس لك فمن الناس من يتلبسه الشيطان بأعذار واهية فتراه يؤجل عاما بعد آخر معتذرا بشدة الحر ، أو كثرة الزحام تارة ، وبطول الطريق والتعب تارة أخرى. فلا يأخذنك التسويف ، ولا تلهينك الأماني وسل نفسك : إلى متى وأنت تؤخر الحج إلى العام القادم؟ ومن يعلم أين أنت العام القادم أفوق التراب أم تحته ؟ وتأمل في حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم و يسيرون شهوراً وليالي ليصلوا إلى البيت العتيق؟ أخي المسلم ويأيتها المسلمة : مما يحز في النفس ، ويكدر الخاطر ، ويعتصر القلب ، أن تجد البعض يضرب المسافات الطويلة شرقا وغربا للنزهة ، أو للترفيه ، أو للصيد أو نحوا من ذلك وربما كان في بعضها زحاما كما في بعض المنتزهات والملاهي ، أو مشقة جسدية ومالية كما في الصيد ونحوه وهو بذلك بشعر أنه في انبساط وراحة وعندما يدعى إلى حج الفريضة يحزن ويتضايق ويأتيك بأعذار واهية ولا شك أن خللاً ظاهراً في إيمان ذلك العبد. أيها المسلم والمسلمة : إن مما يعين ويشجع على المبادرة لتلك الفريضة أن ننظر في الأجور المترتبة على أداء هذه الفريضة فإن فضل الحج عظيم ، وأجره جزيل ، فهو يجمع بين عبادة بدنية ومادية فالأولى بالمشقة والتعب والنصب والحل والترحال ، والثانية بالنفقة التي ينفقها الحاج في ذلك قال صلى الله عليه وسلم ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) متفق عليه. وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على التزود من الطاعات والمتابعة بين الحج والعمرة فقال ( تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة ) رواه الترمذي. والحج مع كونه طهارة من الذنوب وسبب من أسباب الجنة كما مر فإنه يهدم ما كان قبله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص ( أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله ، وان الهجرة تهدم ما كان قبلها وان الحج يهدم ماكان قبله ) رواه مسلم. والحج من أفضل أعمال البر فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله ورسوله ، قيل : ثم ماذا؟ قال جهاد في سبيل الله ، قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور ) متفق عليه. قال أبو الشعثاء : نظرت في أعمال البر فإذا الصلاة تجهد البدن ، والصوم كذلك ، والصدقة تجهد المال ، والحج يجهدهما. والنفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف كما جاء عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم والحديث رواه أحمد والبيهقي وصححه السيوطي. والحاج في ذمة الله وحفظه فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاثة في ضمان الله عز وجل رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله ، ورجل خرج غازياً في سبيل الله ، ورجل خرج حاجا ) رواه أبو نعيم وصححه الألباني. والحج جهاد المرأة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال ( لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور ) قالت عائشة، فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه. وعن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ( جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة ) النسائي وحسنه الألباني. ودعوة الحاج مستجابة ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفدُ الله ، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم ) ابن ماجة وابن حبان وصححه الألباني. واليك أيضا هذا الحديث العظيم في فضل مناسك الحج عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ويمحو عنك بها سيئة وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا يباهي بهم الملائكة فيقول هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج – أي متراكم – أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك وأما حلقك رأسك ، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة ، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ) رواه الطبراني وحسنه الألباني. وفي يوم الحج يوم عظيم تقال فيه العثرة وتغفر فيه الزلة قال صلى الله عليه وسلم ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ) رواه مسلم. فيامن بلغ ولم يحج لا تحرم نفسك من تلك الأجور وعظيم الهبات فإننا جميعاً في أمس الحاجة إلى الحسنات ، ومغفرة الذنوب والسيئات فلماذا التسويف والتأجيل ومن ورائنا خطب جليل؟ ولماذا الفتور والكسل وأنت مأمور بإحسان العمل. من هنا وإتماما للفائدة فقد طرحت استبانة تشتمل على توضيح الأسباب المانعة من الحج وقد وزعت على مائتي شاب وشابة في المدارس والجامعات فجاء ملخصها على النحو الآتي : الشباب : 100 30% يعتذرون بعدم القدرة المادية. 29% لا يوجد سبب. 15% العجز والكسل. 11% الخوف والحياء. 9% عدم القدرة المادية ، العجز ، الخوف. 4% الاغترار بالشباب. 1% عدم المعرفة بأصول الحج. الشابات : 100 60% عدم وجود المحرم. 30% لا يوجد سبب. 5% عدم القدرة المادية. 5% انشغال الزوج بأمور الدنيا. علاج تلك الأسباب المانعة من أداء حج الفريضة : 30% عدم القدرة المالية : أولا : لاريب أن الذي يعتذر عن حج فريضته وقد بلغ متعللا بعدم القدرة المالية وهو غير قادرا فعلا أنه معذور شرعاً لكن لا بد أن نعي ونفهم معنى عدم الاستطاعة الواردة في قوله تعالى ( من استطاع إليه سبيلا ) وفي حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( لمن استطاع إليه سبيلا ) وأن المقصود وجود الزاد والراحلة ، وبعض الشباب مثلاً يملك سيارة فارهة غالية الثمن حرص على اقتنائها وشرائها فاستطاع إليها سبيلاً فلم أيها الشاب لا تحرص على جمع نفقة الحج كما تحرص على جمع الأموال لشراء السيارة ونحوها لقد كان سلفنا الأوائل يحرصون على جمع المال ويمكثون الأعوام تلو الأعوام من أجل أداء هذه الفريضة فحري بك المسارعة لذلك فإن الكثير ومع الأسف يبدد الريالات في الرحلات والنزهات والأكلات وشراء الكماليات ولم يدخر لذلك ما هو أهم لأداء تلك الفريضة. ثانياً : أدعوا جميع الإخوة والأخوات الذين يتعللون بهذا العذر إلى قراءة ما ورد من الآيات والأحاديث وأقوال السلف التي دلت وحثت على وجوب الحج على الفور والحذر من التكاسل والتقاعس عن أداء تلك الفريضة. ثالثاً : أدعوا الجمعيات الخيرية ، والمراكز الدعوية ، وأهل العطاء واليسار إلى تبني مثل هؤلاء الشباب العاجزين مادياً ومساعدتهم في أداء تلك الفريضة ولا شك أن الذي يجهز حاجا ليؤدي فريضته أنه على خير عظيم و يكتب للمساهم اجر الحج وهو قاعد في بيته بإذن الله قياساً على حديث ( من جهز غازياً فقد غزا .. ) فكيف بمن جهز حاجا ليؤدي فريضته لاشك أن الأجر كبير والفضل عظيم . ومن هنا نقدم الشكر والعرفان لجميع من يساهم ويبذل ماله ونفسه لخدمة إخوانه المسلمين فيسعى في تحجيجهم مبتغيا الأجر من الله فياله من حظ عظيم ، وتوفيق كبير ، وما مبادرات خادم الحرمين الشريفين – أمد الله في عمره ووفقه – في تحجيج إخوانه المسلمين في كل عام والتكفل بجميع نفقات حجهم إلا أكبر دليل على توفيق الله له فشكر الله صنيعه ، وبارك له في أهله وماله وعمره . ومن هنا يعلم أن الحاج إن لم تتيسر له نفقة حجه فتصدق له أحد ، أو تبرع له ، أو أهداه مايعينه على حجه فهذا أمر لابأس به ونسأل الله أن يخلف على من المعطي ، وأن يتقبل من الفاعل . رابعاً : يتعذر بعض من بلغ ولم يحج بوجود الدّين عليه وليعلم هنا أن الدين إن لم يكن حالاً فإن ذلك لا يؤثر على صحة الحج ولو حل واستأذن الدائن بالمال ليحج به فلا حرج في ذلك ومن أقترض ليحج فلا حرج في ذلك ونرجو الله أن يخلف عليه بالإضافة إلى أن هناك حملات حج بأسعار زهيدة . 29% لا يوجد سبب : علاج هذا الأمر : أن أوجه رسالة عاجلة وسريعة لذلك المفرط حقاً فأقول له : اعلم أيها الراشد البالغ بأن الأمر جد خطير وليس لك عذر تعتذر به فتسلم فلا مرض يقعدك ولا عجز يحجزك فلماذا تسوف فالموت أمامك ، والمرض يطرقك ، والأشغال تتابعك ولكن هرباً من كل ذلك استعن بالله ، وتوكل عليه ، وكن من الملبين المكبرين هذا العام استجب لأمر الله القائل ( ولله على الناس حج البيت ) والقائل جل وعلا ( وأتموا الحج والعمرة لله ) وامتثل لأمر رسولك صلى الله عليه وسلم القائل ( تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم ما يدري ما يعرض له ). أخي استغل واغتنم تلك الصحة وهذه النعمة وذاك الأمن فبادر وسارع ، وإذا علم الله منك صدق النية ، وقوة اللجأ أعانك وسددك ويسر أمرك فالأيام دول ، والدهر قلب ، الآن قل بأعلى صوتك عازما جادا : فبارك إلهي حجتي ودعائيا إليك إلهي قد أتيت ملبياً وحاشاك ربي أن ترد بكائيا قصدتك مفرطا وجئتك باكياً فيا فرحتي إن صرت عبداً مواليا كفاني فخراً أنني لك عابد وما خاب من يهفو لجودك ساعيا أتيت بلا زاد وجودك مطعمي خلاصي فؤادي من ذنوبي ملبيا إليك إلهي قد حضرت مؤملاً فلا تحرم نفسك الأجور، وعظيم الهبات فإننا جميعاً في أمس الحاجة إليها. 15% العجز والكسل : وعلاج ذلك الأمر يتلخص في أمور : 1. عليك أخي الراشد أن تتأمل حال الأجداد كيف كانوا يحجون على أقدامهم ويسيرون شهورا بزاد قليل ومال زهيد ليصلوا إلى البيت العتيق وأنت الآن تيسرت لك السبل برا وبحرا وجوا مع كل وسائل الراحة فما يعجزك؟ 2. إن الأمر جد خطير لو مت بهذا العذر وأنت لم تحج ، فهل ترضى يا عبد الله أن تقابل مولاك بهذا العذر إن عليك أن تراجع نصوص القرآن والسنة وأقوال السلف في هذا الأمر لعلها أن توقظ غفلتك ، وتعالج سهوتك. 3. أخي أنى أحذرك من الشيطان لا يقعدنك ولا يعجزنك ولا يأخذنك التسويف ولا تلهينك الأماني فالموت قريب ومن يعلم أين أنت في العام المقبل أفوق الأرض أم تحتها. 4. اعلم أخي البالغ أن من لوازم شكر نعمة الله أن تطيعه ومن طاعته المبادرة إلى حيث دعاك بقوله تعالى ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا ) فأسرع وشمر واعلم انه لا بد أن توطن نفسك على تحمل مشقة السفر ووعثائه وصعوبته وتحتسب كل ذلك في ميزان الحسنات واعلم أن أجرك على قدر مشقتك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ( أجرك على قدر نصبك ) واعلم كذلك أن سلعة الله غالية ولا تنال بالتحلي ولا بالتمني وإنما بالعمل وبذل الجهد وتحمل المكاره ابتغاء مرضاة الله. 5. هذه الشعيرة بحمد الله شعيرة ميسرة في تطبيقاتها وأحكامها ، وقد تسابق العلماء الأجلاء في بيان تلك التيسيرات ويستطيع الحاج من خلال ذلك أن يؤدي نسكه في يسر وسهولة دون زحام ومشقة ، ومن تزود بالعلم وراجع العلماء وقد ذلك واضحا جليا . 11% الخوف والحياء: أقول لهؤلاء: بالله عليكم مما تخافون ؟ وعلى أي شي تخافون ؟ ولم الحياء ؟ من أداء هذه العبادة والتي لا تجب عليك في العمر إلا مرة واحدة ، اعلم أخي رعاك الله أن أيام الحج قليلة لا تتجاوز أسبوعا لمن هم في أقصى البلاد وأربعة أيام لأهل مكة وما حولها تلك وربي نعمة عظيمة وغنيمة باردة فلا تخف ولا تحزن فالدروب ميسرة ، والطرق معبدة ، والأمن ضارب أطنابه ، ورعد العيش لا حد له ، فتوكل على الله وأحسن ظنك به وأما حياؤك من لبس لباس الإحرام وخلع ملابسك الداخلية فذلك وربي من الحياء المذموم وهو من تلبيس إبليس فلا يخدعنك . ثم تأمل معي أخي البالغ هذا الحديث العظيم ليهدأ روعك ، ويسكن خوفك فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري . قال الأزهري : هي كلمة جامعة لما يريد الرجل من المرأة. والفسوق : المعاصي ومعني : كيوم ولدته أمه ، أي بلا ذنب. قال ابن حجر : وظاهرة غفران الصغائر والكبائر والتبعات. ثم اعلم أن هذا الخوف الذي يخالجك ويسكن حشيشتك سيزول وسيطير بمجرد أن تطأ أقدامك تلك الأراضي المقدسة والأماكن المباركة وسيتبدد خوفك راحة وأمناً وسعادة واستقرارا. إن الخوف الحقيقي هو يوم تتطاير الصحف ، وترتجف القلوب ، وتتقلب الأفئدة ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ، ولكن المؤمن تفرحه أعماله الطيبة يوم لا ينفع مال ولا بنون. 9% جمعوا بين عدم القدرة المالية + العجز + الخوف : ويجاب على هؤلاء بالإجابات السابقة ويزاد على ذلك أن نعرف أن الحج على الفور لا على التراخي قال الشنقيطي رحمه الله : أظهر القولين عندي ، وأليقهما بعظمة خالق السماوات والأرض هو أن وجوب أوامره – جل وعلا – أن الحج على الفور لا على التراخي للنصوص الدالة على الأمر بالمبادرة وللخوف من مباغتة الموت كقوله ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) وقوله تعالى ( وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم ) والنص السابق يدل بجلاء على وجوب المبادرة . 4% الاغترار بالشباب : إن الشيطان يعد ويمني وما يعد وما يمني إلا غرورا فعليك أخي وأختي البالغين الراشدين أن تقفا طويلاً متأملين ممتثلينً حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القائل \" اغتنم خمساً قبل خمس ومنها ( شبابك قبل هرمك ) واعلم أن شبابك سيرحل ، وربما ترحل قبل رحيله وعافيتك ستزول ، فحينها ستعض أصابع الندم حين لاينفع الندم . وكم من شاب وشابه فقدناهم وهما في مقتبل العمر تعددت الأسباب والموت واحد فهل تتعظ بغيرك ؟ وتستيقظ من رقدتك ؟ . لقد نظر الإمام أحمد رحمه الله إلى المرآة فرأى الشيب قد خط في عارضيه فبكى ثم قال كأن الشباب شيء كان في يدي فسقط منها فانتبه أنت حتى لا تقول ربي ارجعون لعلي اعمل صالحاً فيما تركت .. حينها تندم على تفريطك واغترارك ولآت ساعة مندم. 1% عدم القدرة البدنية : ينبغي أن يعلم أن الذي يعذر عن الحج لعدم القدرة البدنية : هو العجز الذي لا يستطيع من خلاله المشي أو الركوب ولهذا ينبغي أن يعلم كذلك أن الأمور تيسرت بحمد الله فمن لم يستطع أن يطوف ماشياً فإنه يطاف به محمولاً والسعي كذلك يسعى به راكباً ، والرخص ظاهرة واضحة ، ووسائل النقل بحمد الله بين المشاعر متيسرة ولعل من أبرز القفزات الحضارية لتيسير العبادة على الحاج ماقدمته الدولة _ أعزها الله – في هذا الموسم بإطلاق المشروع العملاق ( قطار المشاعر) والذي يخدم الحجاج ويسهل تنقلهم بين المشاعر في يسر وسهولة فإذا لا تفرط أيها المسلم الحبيب في أداء فرضك وتعتذر بأعذار واهية إلا إذا كنت معذوراً شرعا. 1% عدم المعرفة بأصول الحج : الأمور بحمد الله قد تيسرت في هذه الأزمنة، وصارت أحكام الحج مبثوثة معروفة عبر وسائل الإعلام المختلقة المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة ، فمن كان حريصاً على معرفة أحكام الحج وجدها. كذلك تيسرت بحمد الله السبل فصار هناك حملات للحج تصطحب معها العلماء ، وطلبة العلم لتوضح للحاج مايشكل عليه وتجيب على تساؤله وقد نجحت وزارة الشؤون الإسلامية – مشكورة – حين وضعت نقاط متعددة في المشاعر وفي كل نقطة طالب علم يوضح للناس ما أشكل عليهم في أمر حجهم . بالإضافة إلى مايبث من المحاضرات والندوات والخطب عبر الوسائل المختلفة والتي تلقى وتذاع قبل الحج وهذه كفيلة لتوضح للناس مايجهلونه من أحكام الحج وهذه الأمور مجتمعة تجعل الإنسان غير معذور بالجهل . أما فيما يتعلق باستبانة النساء فجاءت على النحو الآتي : 60% عدم وجود المحرم : لا شك في أن عدم وجود المحرم من الأسباب الشرعية في عدم القدرة و الاستطاعة ، ولهذا يحرم على المرأة السفر من غير محرم ولو كان السفر لتلك العبادة وفي هذا صيانة للمرأة وحفظا لحقوقها لحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( لاتسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم ) وفي رواية \" لا يحل لامرأة مسلمة تسافر ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها\" وفي رواية \"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم \". وفي رواية \"مسيرة يوم وليلة\" وفي رواية \"لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم\". هذه روايات مسلم. وفي رواية لأبي داود \"ولا تسافر بريدا\" والبريد مسيرة نصف يوم . والمحرم لا بد أن يكون : عاقلاً بالغاً , فالمجنون والصغير لا يكفي أن يكون محرماً للمرأة . ونجيب على هذا الإشكال بما يلي : لاريب أن الكثير من الأخوات لديهن محارم ولكنهم - هداهم الله – يتكاسلون عن الذهاب بهن إلى تلك البقاع معتذرين بأعذار أكثرها واهية وهنا أوجه رسالة إلى أولياء البنات اللواتي يرغبن في أداء فرضهن ، بأن يتقوا الله فيهن ، وان يبادروا إلى تحجيجهن ، ولا ينتظروا وصول الخاطب والزوج لتحجيجها لأنها قد تموت قبل زواجها ، أو ربما يتكاسل الزوج نفسه في تحجيجها . فأرجو منك حفظ الله ورعاك المسارعة إلى الخير واعلم أنك مأجور مثاب ( ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ) ( يعني في قضاء حاجته ) ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) ثم أيها الأب الرحيم : الست تقطع المسافات الطويلة من أجلة راحة ابنتك فإذا مرضت سعيت في كل طريق لعلاجها ، وإذا رغبت في ملابس لأفراحها سعيت في خدمتها والسفر بها ومعها أو ليس الحج أهم من هذا كله . فائدة شرعية ((المرأة البالغة لو ماتت قبل أن تحج حجة الفريضة لعدم وجود المحرم فهي معذورة لعدم الاستطاعة )) . 5% عدم القدرة المادية : يجاب على ذلك الاعتذار بنفس الإجابة السابقة لكن يستبدل مثال السيارة للرجال ، بما تشتريه المرأة من فساتين وملابس ومكاييج وكماليات وجولات وغير ذلك وتدفع لهذا مبالغ باهضة فلماذا تعتذر عن ذلك ولا تعتذر عن شرائها تلك الكماليات . 30% لا يوجد سبب : وهذا الاعتذار كذلك يجاب عليه بما أجيب عنه سابقا في حق الرجال ولا شك أن هذا أمر خطير ، ومزلق مؤلم أن يؤخر الإنسان حج الفريضة وليس له عذر يسنده ، أو سبب يقعده فهو لو مات على تلك الحال فهو على خطر من الإثم والنار . أجارنا الله وإياكم جميعا منها _ 5% انشغال الزوج: هنا نقول إذا كان انشغال الزوج عن تحجيج زوجته بأمر يعذر به شرعاً كمرض لا يستطيع من خلاله الذهاب بها ، فينبغي أن يتبرع أحد إخوان البنت ، أو أحد محارمها بالذهاب بها وهو مأجور على ذلك ، أما إذا كان مانع الزوج من الذهاب بزوجته أمرا من أمور الدنيا فإنه يحرم عليه حينئذ وينبغي عليه أن يتقي الله في تلك المرأة الضعيفة فإنها أمانة في رقبته سيسأل عنها يوم القيامة ، وينبغي عموماً على الأولياء أن يتقوا الله في أولادهم وأن يعينوهم على أداء عباداتهم وفرائضهم فهم أمانة في أعناقهم ، فكما أنهم يحرصون عليهم في أمور دنياهم فينبغي عليهم أن يحرصوا عليهم في أمور أخراهم ويسعوا إلى تخليصهم ونجاتهم من النار . ( مصارحات ومكاشفات من الاستبيانات ) جميعاً يقولون والله نخشى أن نموت قبل أداء الفريضة ونعترف بالتقصير فنسأل الله العفو والإعانة. يقول أحد الإخوة : نحن ننفق في الرحلات البرية ، والسياحية الداخلية أموالا تفوق بكثير نفقة الحج ومع ذلك نعتذر بأعذار واهية . ويقول أحد الإخوة : نقول الحج فيه مشقة وتعب والواقع أن هذا تخذيل من الشيطان فالمشقة تصيبنا في الرحلات البرية بداية من الاستعداد للخروج وجمع مصاريف الرحلة ثم مشقة السفر والبحث عن الصيد فضلا عما يواجهنا من الأخطار ولكن هو التسويف أحد الإخوة العاجزين : عن الحج تحرجنا في إعطائه تلك الاستبانة لأنه معذور بسبب إعاقته فما كان منه إلا أن دوى بها صريحة بين الشباب الأقوياء الذين لم يؤدوا فرضهم لقد أديت فريضتي بكل يسر وسهولة والحمد لله ومع انه يجوز لي أن استنيب من يحج عني ولكن حججت بنفسي تلك هي الهمة العالية. ويقول أحد المشاركين في الاستبانة : هذه الاستبانة فتحت لنا أفاقا جديدة في مراجعة أنفسنا والنظر في تقصيرنا . ويقول أحد المشاركين كذلك : نأسى على أنفسنا ونحن نرى عبر وسائل الإعلام المرئية من يأتون من أدغال أفريقيا وغيرها من أقاصي البلاد يبذلون كل غال ورخيص ، ويجمعون كل ما لديهم بل ويستدينون من أجل الوصول إلى تلك البقاع لأداء فريضة الحج ونحن تيسرت لنا السبل فنفرط ونؤجل !! أحزن عندما أرى تلك المرأة الكبيرة الطاعنة وذاك الشيخ الهرم ينتقلون بين المشاعر يؤدون حجهم ونحن أقوياء أصحاء قعدنا ! يقول أحد الإخوة : زارني أحد الإخوة من الباكستان في منزلي ، ومنزلي يبعد عن مكة قرابة 700 كيلو متر ، فكأن الأخ الباكستاني تقال المسافة فقال لي مهنئا : ماشاء الله عليكم أهنئكم بقرب مكة منكم وبالطبع أنتكم تصلون الجمعة كل أسبوع في الحرم ، فقال له صاحبنا هذا إذا أديت فريضة الحج . فصعق الرجل ووقف مستغرباً وقال لم تؤدي فريضة الحج وأنت هنا والمسافة قريبة قال له نعم . فوعظه أخونا الباكستاني ونصحه. فقلت في نفسي كيف لو رأى أخونا الباكستاني رجالاً في مكة نفسها بلغوا من العمر عتياً ولم يؤدوا فريضة الحج. وقد حصل لي موقف مع أحد سائقي الأجرة في مكة فقد سألته كم مرة أديت فريضة الحج وهذا السائق قد خط الشيب في عارضيه ، وجاءه النذير و بلغ الستين فقال لي بعظمة لسانه ( لسا بدري ) يعني لم يؤدي فريضته وليس له عذر يبح له التأخير . أليس هذا هو الحرمان بعينه _ نسأل الله العفو والعافية - وختاماً.. أشكر جميع الإخوة والأخوات الذين ساهموا معي في نتائج هذه الدراسة وأخص بالشكر الأخ العزيز / عزام بن عمران الفنتوخ والذي قام بترتيب الاستبيانات وطباعتها فجزاه الله عني خير الجزاء ، وأسأل الله جل وعلا أن يبارك في أوقات الجميع ، وأن يعينهم على أداء فرضهم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.