توافدت جموع من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر يوم امس إلى مسجد نمرة لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110 ) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن. وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، حيث ألقى سماحة مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ خطبة عرفة - قبل الصلاة - استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر. ودعا سماحته في خطبته المسلمين إلى تقوى الله عز وجل حق التقوى. وقال :» تقوى الله تهديكم إلى سبيل الهدى والرشاد وتجنبكم العذاب يوم الحساب، أمة الإسلام إن رأس تقوى الله توحيده فوحدوا الله في أقوالكم وأعمالكم واخلصوا له الدين لتنالوا الفلاح في الدنيا وجنة النعيم في الدار الآخرة. وبيَّن أن التوحيد يعد جوهرة الدين الإسلامي ولبه والأساس الذي بني عليه وأول أركانه وأفضلها ولأجله خلق الله الخليقة كلها. وقال مفتي : واخبرنا جل وعلا أنه بعث الرسل بهذا الدين , قال الله عز وجل : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) , وهذا الدين الذي بعث الله به الرسل مبني على أن الله واحد في ربوبيته وملكه لا شريك له وواحد في أسمائه وصفاته لانظير له وواحد في ألوهيته فلا ند له ولا معبود سواه « . وأضاف : أيها المسلمون ، يجب على المسلم أن يسبغ حياته كلها بتوحيد الله بأقواله وأفعاله وتصرفاته وكل أحواله قال الله جل وعلا ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شريك له ) ، فيوحد الله في ركوعه وسجوده وفي ذبحه ونذره وفي رجائه وخوفه وفي دعائه ورغبته ورهبته وفي استغاثته واستعانته، كما يوحد الله في طلب النفع ودفع الضر لعلمه أن القادر عليه رب العالمين قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ , إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) . وأكد سماحته أن المؤمن الحق يحافظ على التوحيد ويحافظ عليه من أن يطرأ عليها ما ينقضه أو يبطله أو ينقض ثوابه، داعيا المؤمن إلى تجتنب الشرك بالله بجميع صوره. مئات الآلاف من الحجاج يؤدون صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً وقال سماحته « إن المسلم أيضا يجتنب القبور وسكانها بالدعاء والرجاء لعلمه أن هؤلاء لا يسمعون دعاء من دعاهم، قال سبحانه « وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ « وقال « وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ «، مؤكدا أن المؤمن الحق يزين توحيده بالأعمال الصالحة. وبين سماحته أنه يجب على المسلم تزيين أعماله بالصلاة والزكاة والصوم والحج والبر والصلة والدعاء وقراء ة القرآن والتخلق بالأخلاق الفاضلة من الصدق والأمانة والوفاء بالعقود والبعد عن الجرائم والأخلاق الرذيلة، مؤكدا أن حياة المسلم الذي زين توحيده بالأعمال الصالحة تتميز بالعديد من الخصائص مثل إتزان فكره وعقيدته ونظره السليم إلى ما حوله، ونفسه مطمئنة وصدره منشرح وإرادته متينة يتقبل أحداث الدنيا صابراً على البلاء شاكرا في الرخاء، ومن خصائصه إلى جانب أنه لا يخشى عقبة في سيره إلى الله وحمل رسالة الإسلام والدعوة إلى الله، فهو يستعين بالله ويصبر على ما قدره الله وقضاه عليه بالدعوة إلى الله، ومن خصائصه أنه يمد يد العون مع أخوانه المسلمين ويتعاون معهم على البر والتقوى وكل ما يعود على الأمة بالخير والصلاح , مستشهدا بقول الله تعالى « وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ «. وتابع سماحته بقوله « ومن خصائصه أيضا أنه ذو عدل وإنصاف ومسامحة ولو مع أعدائه، يقول الله عز وجل « وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى «، ومن خصائصه أنه ينظر إلى الحياة نظرة تفاؤل ويعلم أنها دار عمل يزرع فيها ويتزود لأخرته، قال تعالى « وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى «. جموع الحجيج امتلأت بهم جنبات المسجد