يشكل الإيمان عنصرا هاما في تاريخ وثقافة الولاياتالمتحدة، حيث إن الكثيرين ممن قدموا إلى أميركا واستوطنوا ما يعرف بالولاياتالمتحدة اليوم جاؤوا إليها بحثاً عن الحرية الدينية وهربًا من الاضطهاد الديني. إن الحرية الدينية والتسامح في الولاياتالمتحدة هما أمران مهمان اليوم للولايات المتحدة كما كانا عند تأسيس بلدنا. ففي العام 1790م، كتب جورج واشنطن يقول إن الولاياتالمتحدة لن تصبغ على "التعصب أي قبول ولن تقدم للإضطهاد أي عون". إن شعبنا يؤمن إيمانًا راسخًا بأن الحرية الدينية هي حق عالمي، وهي في الواقع حق مكرس في الدستور الأميركي. لقد واجهنا، بالطبع، عبر التاريخ الأميركي كفاحاتنا الخاصة التي أدت إلى الخلافات التي كانت تفرق بي الفئة والأخرى في مجتمعنا، ومثل هذه القضايا ليست فريدة بالنسبة إلى أميركا، بل هي تشكل تحديات تواجه الإنسانية جمعاء. وعلى الرغم من أن المحافظة على السلام والانسجام بين المجموعات المختلفة تشكل تحدياً دائماً لأية دولة، فإننا نعتز بأن المسلمين الأميركيين في بلدنا يعيشون ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية، مثلهم مثل جميع أتباع الديانات والمعتقدات العديدة الأخرى في أميركا. واليوم، نجد أنفسنا في خضم موسم روحاني عظيم، وهو موسم الحج، حيث يجتمع الملايين من المسلمين القادمين من مختلف أصقاع الأرض لممارسة إحدى الفرائض الأساسية لدينهم الإسلامي، حيث إن فريضة الحج تشكل جزءا مهما من عقيدة المسلمين في كل أنحاء العالم، ومن بينهم ملايين المسلمين الأميركيين. إننا نقدر تقديرًا عميقًا الجهود الكبيرة، والتخطيط الفائق الدقة، والاستثمارات الهائلة التي تضعها الحكومة السعودية في تنظيم موسم الحج السنوي، والذي يشكل أكبر تجمع بشري سنوي في العالم. وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدل على مدى الأهمية التي توليها الحكومة السعودية لهذا الموسم وعلى رغبتها الصادقة في جعل أداء فريضة الحج آمناً، منظماً ومريحاً إلى أقصى حد ممكن بالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى أدائها. وفي الواقع، إن قدوم الآلاف من الأميركيين المسلمين إلى المملكة في كل عام لأداء فريضة الحج هو واحد من جوانب هذه العلاقة القوية التي تربط بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة. وباسم البعثة الدبلوماسية الأميركية لدى المملكة العربية السعودية، اسمحوا لي أن أعرب عن عميق امتناني إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحكومته، والشعب السعودي لحرارة ترحيبهم بالآلاف من المسلمين الأميركيين القادمين إلى المملكة في كل عام لأداء فريضة الحج. وإضافة الى كون الحج ركناً أساسياً من أركان الإسلام، فإنه يمثل عاملاً توحيدياً هاماً يجمع المسلمين من مختلف الثقافات والبلدان. وتمامًا كما يجمع الحج الناس سوية، كذلك يفعل الحوار. فقد أطلق الملك عبدالله عدداً من المبادرات لتوفير فرص للحوار بين مختلف فئات شعب المملكة العربية السعودية، وبين المسلمين أنفسهم، وبين أفراد من مختلف المجموعات الدينية حول العالم. ولا يسعني سوى الإشادة بهذه الخطوات التاريخية التي يمكن أن تساعد في تشكيل مستقبل أفضل لنا جميعا. وقد شكل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في الرياض، والمركز الدولي للملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الأديان والثقافات في فيينا، مثالين على هذه الجهود. وقد أتاحت اجتماعات الحوار السنوية وورش العمل الإقليمية التي ينظمها المركز الوطني للحوار الفرص لمشاركة سائر الطيف السعودي في محادثة واحدة. وتعمل هذه الحوارات على تعزيز التفاهم والتسامح المتبادل بين مختلف المناطق والثقافات وعبر اختلاف الأجيال. وكذلك فإن المبادئ التي تأسس عليها المركز الدولي للملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الأديان والثقافات الذي افتتح في فيينا العام الماضي هي مبادئ تنبغي الإشادة بها لاهتدائها بمبادئ أساسية مكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية التفكير وحرية الضمير وحرية الدين. إنني متفائل ببزوغ مستقبل أكثر إشراقا للأجيال القادمة من مختلف الاديان والثقافات والخلفيات حيث سيكونون قادرين على التعايش في بيئة من التسامح والاحترام المتبادل. وهنا أود أن أشكر خادم الحرمين الشريفين على إسهاماته القيمة لتحقيق هذا الهدف المشترك، متمنيا له كل النجاح في ما يتعلق بهذه المبادرات الطيبة. وبهذه المناسبة، أود أن اغتنم هذه الفرصة لأتقدم بأطيب التمنيات لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، والحكومة السعودية والشعب السعودي بمناسبة عيد الاضحى المبارك وأتمنى أن تواصل المملكة التمتع ببركة الازدهار والسلام في السنوات القادمة. * السفير الأميركي لدى المملكة