تمنيت أن اطرح مقالي هذا في حياة مؤلف المجلّد "الإشراف على تاريخ الأشراف" الشيخ عاتق بن غيث البلادي (1934-2010م) ولكي لا أبخس المؤلف حقّه فالكتاب يعدّ مرجعاً مهماً في سيرة كل من حكم الحجاز من ملوك الأشراف ومن ينتسب إليهم من أبنائهم وأبناء عمومتهم الأمراء ، ولكني مع هذا يجب أن أشير إلى أن البلادي حين ترجم لعدد من الأشراف الذين يكتبون الشعر الفصيح أورد الكثير جداً من شعرهم وأسهب في ذلك حتى أنه أورد لمن كتب عنهم سواءً لمن عاصرهم أو لم يعاصرهم ، لكنه حين يأتي على ترجمة وسيرة أحد الأشراف من يكتب الشعر النبطي يشير إلى أنه شاعر: متمكّن ، مبدع ، شهير ، اشتهر ... إلخ دون أن يذكر في كل مجّلده أي قصيدة نبطية ، وهو المعروف بمباحثه ومؤلفاته عن الموروث الشعبي. الصويان من الذين أتى البلادي على ذكرهم هو الشريف شكر الملقّب ب (أبي الفتوح) وهو الذي جاء ذكره في تاريخ المؤرخ الحضرمي عبدالرحمن بن خلدون حين جاء بذكره في السيرة الهلالية وأورد شيئاً من شعره النبطي وغيره من الهلاليين . ولن أورد شيئاً من الترجمات والسير التي ذكرت في كتاب البلادي ، إذ يمكن للقارئ أن يرجع إلى الكتاب ، ولكني سأورد من الأشعار التي لم يوردها البلادي مع اعترافه بما اعترف غيره ممن سبقه أو لحقه من شاعرية هؤلاء الأشراف الذين لم يورد لهم البلادي شيئاً من شعرهم النبطي الخالد . من هؤلاء الشريف شكر الذي ورد ورد ذكره في السيرة الهلالية كثيراً وله اشعار كثيرة فيها..وكان متزوجاً من فتاة من بني هلال تدعى الجازية بنت محمد ، وحدث بينه وبين بني هلال أمر ما سنة 453 ه فاحتالت القبيلة فأخذت الفتاة منه فأنشد ما تناقله أبناء الجزيرة العربية في الماضي من شعر الشريف شكر في الجازية الهلالية قوله : يقول الفتى شكر الشريف بن هاشم ما طربٍ الا مقتفيه فجوع ولا ضحك الا والبكا مردفن له ولا شبعه الا مقتفيها جوع ثمانين أنا صافيت بيضا غريرة لكن ملاقا آفامهن شموع خمسين مهضومات الاوساط رجح يدسن الهوى في قلب كل ولوع وثلاثين منهن تو ما قد بدى لهن صغارٍ وتو اثمارهن طلوع ولا عاضني بالجازية ام محمد عليها ثياب الطيلسان طلوع هلالية ما دقت العرن بالصفا شحم الكلى بين اليدين يموع ! ألا واسفا بالجازية ام محمد فارقتها واثر الفراق يروع بكيت عليها لين حرقت نواظري ولا نيب من امر الاله جزوع ألا يا مشحينن بدنياكم ايقنوا وراكم حصاصيد تحصد زروع وترى ما يدن الا يد الله فوقها ولا طايرات إلا وهن وقوع ولا بد عقب الدهر من وابل الحيا ومن بارق يوضي سناه لموع غلاف الكتاب ومن شعراء الأشراف النبطيين المشاهير، الشريف بركات الجودي، صاحب القصيدة التي مطلعها: يالله ياللي كل الامات ترجيك يا واحد ماخاب حي ترجاك يارب عبدك ما مشى في معاصيك ولا يمشي الا في محبتك وارضاك يامرقب بالصبح ضليت راقيك ماواحد قبلي خبرته تعلاك وليت ياذا الدهر ماكثر بلاويك الله يزودنا السلامة من اتلاك ياللي على العربان عمت شكاويك وليت يادهرالشقاء ول ماقواك واليوم ها الكانون غاد شبابيك تلعبه الارياح من كل شباك وهي القصيدة الملحمة التي يوصي فيها ابنه مالك: يامالك اسمع جابتي يوم اوصيك واعرف ترى يابوك بامرك وانهاك اسمع نصيحة والد طامع فيك شفق على عرضك ودينك ودنياك اوصيك بالتقوى عسى الله يهديك لها وتدركها بتوفيق مولاك احفظ دبشك اللي عن الناس يغنيك اللي ليابان الخلل فيك يرفاك واعرف ترى مكه ولاها بن اخيك لو تشحذه خمسة ملاليم مانطاك ومنها: ومن بعد ذا لاتصحب النذل يعديك وعن صحبة الانذال حاشاك حاشاك ترى العشير النذل يخلف طواريك وانا ارجي انك ماتجي دون اباك والهقوة انك ماتجي دون اهاليك ولا اظن عود الورد يثمر بتنباك والحر مثلك يستحي يصحب الديك وان صاحبه عاعا معاعات الادياك ولا تستمع قول الطرف يوم يلفيك بالكذب يقضي حاجته كل ماجاك من نملك نمبك ولاافيه تشكيك ويلاه قد ازرى رفيقك وازراك عندك حكا فيني وعندي حكى فيك واصبحت كارهنا وحنا كرهناك وكثير ما يخلط البعض بين الشريف بركات الجودي ، والشريف بركات بن مبارك بن مطلب الحسيني الذي مدحه الشاعر محمد بن عبدالعزيز الشعيبي ابا الخيل راعي عنيزة من أرض القصيم والمسماة في قصيدة شهيرة ب(أم الفرقدا) : سارت وقد نهج الدجى واتجرهدا وانجاب جلباب الظلام الاسودا بعد صدور كتاب شيخنا الدكتور سعد الصويان "الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص" عام 2000م وبعد 11 عاماً من إسهابه في شرح الخلط ووضع التفاصيل عن الشريفين، مازال هناك من يخطئ ولا يعرف أن هناك الشريف بركات بن مبارك بن مطلب بن حيدر بن المحسن بن محمد بن فلاح المشعشعي أحد أمراء دولة المشعشعين في اقليم عربستان (خوزستان) المسماة حاليا الأهواز أو الأحواز وعاصمتهم الحويزة. الشريف بركات بن مبارك بن مطلب المشعشعي الذي له قصيدة شهيرة يعاتب فيها والده ، ومن أشهر ما كتب: عفا الله عن عين للاغضا محاربه وقلب دنيف زايد الهم شاعبه أسهر إلى نام المعافي ومدمعي قد انهل ما بين النظيرين ساكبه قد قلت لما ضاق صدري ولج بي رفيق شفيق جيدات مذاهبه دع العذل عني يانصيحي وخلني فشرواك ما يرضي هوان لصاحبه ومنها : بنيت لنا بيت من العز شامخ سل الله.. لا يهدم له الضد جانبه ولا تحسبني بعد حسناك والرضا أغيضك مدى الدنيا ولا هي بواجبه ولكن جاني منك ملفوظ كلمة على حضرة الرماق والخلق قاطبة تقول لي: (يا ثبر) وأنا غذوتك ولا ثبرٍ إلا من يفاجي قرايبه عاتبني من غير ذنب جنيته عساه يحظى بالفنا من تعاتبه ولاني غوي بك ولا بي سفاهة عزيز ولا نفسي لدنياك طالبه أراك تعاتبني ولا دست زلة وغيري ولو داس الخنا ما تعاتبه أنا اخترت بعد الدار في نازح النيا ولا قولهم: بركات قد هين واجبه وفي كل دار للرجال معيشة والأرزاق كافلها اللي جزال وهايبه وربك ولو قلت خطوبي فإنني صبي الشقا ما لان للضد جانبه عساك تذكرني إلي جاك ضيقة وجا المال يحدا جافل من معازيه ولك بأن مركاضي إلى زامت العدى وتماوجت بالخد فيها سلاهبه بيوم من الشعري تواقد به الحصا تلوذ بظلال المطايا جخادبه بيوم كداجي الليل ضافي كتامه فيه السبايا كالخواطيف لاعبه لكن القنا ما بين ذولا وبيننا كما ارشية بير طوال مجاذبه تلقى سبابا الخيل حامت دونها على رمم بين الخمسين قاطبه