استمع القضاة الفرنسيون الثلاثة المكلفون التحقيق لكشف ملابسات وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في العام 2004، في اطار الادعاء ضد مجهول بتهمة الاغتيال، الى أرملته سهى، تمهيدا لمرحلة تالية حاسمة تقضي بأخذ عينات من رفاته في رام الله. وأفاد مصدر قريب من الملف أمس أن سهى عرفات التي تشتبه بتعرض زوجها الراحل للتسميم بمادة البولونيوم المشعة الفائقة السمية توجهت الى نانتير بالقرب من باريس لحضور «جلسة استماع لتثبيت» الدعوى التي تقدمت بها في 31 تموز/يوليو وتشكيل طرف مدني. وكان مصدر آخر فلسطيني قريب من الملف أعلن لوكالة (فرانس برس) الاثنين الماضي أن المحققين الفرنسيين المكلفين التحقيق حول وفاة عرفات سيتوجهون في 26 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل الى رام الله بالضفة الغربيةالمحتلة حيث ووري الثرى، لأخذ عينات من رفاته. في هذا الوقت سينكب القضاة على جمع أكبر عدد ممكن من العناصر حول أسباب تدهور الوضع الصحي المفاجئ للزعيم الراحل قبل نقله الى مستشفى بيرسي العسكري قرب باريس حيث توفي في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004. وسيطلبون الحصول على التحاليل التي أجراها معهد الفيزياء المشعة في لوزان والتي أكدت وجود «كمية غير طبيعية من البولونيوم» في عينات بيولوجية مأخوذة من أغراض خاصة بالزعيم الراحل. ويتوقع لاحقا بدء المرحلة الحاسمة القاضية بأخذ عينات من الرفات وهو ما «قد يستغرق وقتا طويلا، ربما عدة أسابيع أو حتى شهرا» بحسب المصدر الفلسطيني. وتابع المصدر نفسه ان «وصول فريق المختبر السويسري يتزامن مع قدوم المحققين الفرنسيين»، وأن «السلطة الفلسطينية ستؤمن لهذه الفرق كل التسهيلات لتحديد ملابسات وفاة الرئيس عرفات». وقالت سهى عرفات في اتصال مع وكالة (فرانس برس) من مالطا انها ادلت بشهادتها امام القضاء الفرنسي التي تثق به تماماً، وأنها أجابت على أسئلة القضاة بكل صراحة من أجل تسهيل مهمة عملهم». وتابعت «لكنني لم اوجه الاتهام الى أي أحد بل ضد مجهول وأنا أعطيت القضاء الفرنسي كل المعلومات التي لديّ وما حصل مع الشهيد ياسر عرفات». وكانت السلطة الفلسطينية وافقت على فتح قبر عرفات لأخذ عينات من رفاته، بحسب ما افاد مسؤول لجنة التحقيق الفلسطيني اللواء توفيق الطيراوي في 21 ايلول/سبتمبر. وكان ناصر القدوة ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني الراحل ورئيس «مؤسسة ياسر عرفات» أعلن قبل ذلك بيوم لوكالة (فرانس برس) معارضته أخذ عينات من الرفات، معتبراً ان البرنامج الوثائقي الذي أجرته قناة «الجزيرة» القطرية «أعطى الدليل المادي» على تعرض عرفات للتسميم من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلية. وفي حال إثبات هذا الدليل في أثناء التحقيق فستفتح مرحلة أكثر تعقيداً تقضي بتحديد المسؤوليات. وردت دولة الاحتلال الأسرائيلية على اتهام القدوة بالزعم انه «لا علاقة لها» في وفاة عرفات من دون استبعاد ان يكون «مسؤولون فلسطينيون صفّوه». -على حد ادعائها- وأنعش تحقيق «الجزيرة» الذي بُث في مطلع تموز/يوليو نظرية تسميم عرفات الذي لم يتضح قط سبب وفاته. وقامت القناة القطرية بتحليل عينات بيولوجية أخذها مختبر لوزان المتخصص من أغراض عرفات الخاصة وعثر فيها على «كمية غير طبيعية من البولونيوم». واستخدمت هذه المادة في 2006 لتسميم الجاسوس الروسي السابق اليكساندر لتفينينكو الذي تحول معارضاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.